فرنسا بين : دعمها للجماعات الراديكالية في سوريا ومواجهتها داخل أراضيها...!!

السبت 31/مايو/2014 - 08:58 م
طباعة فرنسا بين : دعمها
 
تحاول فرنسا حالياً المحافظة على وقوفها في وجه النظام السوري، في الوقت نفسه الذي تستنفر خلاله كل قوتها للوقوف في وجه الشباب الفرنسي الذي يتجه للمشاركة في الحرب الدائرة بسوريا.
ويتضح لنا تصدي فرنسا لمشروع قرار إحالة سوريا إلى المحكمة الجنائية الدولية، بالتزامن مع إجراءات لملاحقة شبكات تجنيد الفرنسيين للقتال ضمن الجماعات الإرهابية في سوريا، بل تدخل في صلب تربية وتكوين الفرد ورصد أي متغيرات في سلوكياته، فضلاً عن الرقابة المشددة على الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي.
ويتحدث الكاتب والباحث الفرنسي اللبناني رينيه نبعة عن سياسة فرنسية وصفها بالـ"ملتوية" اتبعتها وزارة الخارجية الفرنسية من خلال "لوران فابيوس"، الذي لا يجد حرجاً في محاباة "الإرهابيين"؛ حيث التقى مؤخراً عبد الحكيم بلحاج من أجل ترتيبات سياسية محتملة في ليبيا، في وقت ظل بلحاج ملاحقاً لعشر سنوات من قبل الناتو في سياق "الحرب على الإرهاب". 
ومثال آخر على هذه السياسة يورده "نبعة" وهو أنه خلال إطلاق سراح الرهائن الفرنسيين الذين اختطفوا لقرابة عام على يد الجماعات المسلحة في سوريا، فضل فابيوس أن يركز في خطابه على الترويج لفرضية استخدام "غاز الكلور" في المعارك الدائرة في سوريا دون أي إشارة أو تلميح لسلوك الجماعات المسلحة.
وإذا كانت فرنسا تنأى بنفسها عن التحرك ضد هذه الجماعات الإرهابية في سوريا من خلال المحافل الدولية، فإنها تبدو ناشطة على خط منع تمدد خطرها إلى داخل حدودها من خلال من انضم إليها من مقاتلين فرنسيين وغربيين.
فرنسا بين : دعمها
ويجري الحديث في فرنسا اليوم حول خطة حكومية كانت قد وضعت الشهر الماضي في سياق إستراتيجية، تقوم على العمل الاستخباراتي والرقابة والوقاية من "الإسلام الراديكالي" تتألف من أربعة أجزاء:
أولاً: سن قانون جديد يتيح منع "الجهاديين" سواء من الكبار أو الصغار من مغادرة الأراضي الفرنسية. 
ويمنح القانون الحق للأهالي في أن يطلبوا من السلطات الأمنية منع أبنائهم أو بناتهم القاصرين من الخروج من فرنسا، في حال وجود مؤشرات تدل على نزعات "جهادية" لديهم.
ثانياً: تشديد الحرب على "الخلايا ذات النزعات الجهادية" وطرد الضالعين فيها، ووضع اليد على ممتلكات المؤسسات أو الجمعيات الضالعة في هذه الأعمال. 
وفي هذا السياق تسعى الحكومة الفرنسية إلى تشديد الرقابة على شبكة الإنترنت؛ نظراً للدور الذي تلعبه في تجنيد المقاتلين الأجانب لا سيما المراهقين.
ثالثاً: التعاون الدولي بين باريس والدول الأخرى التي تشاركها الهاجس نفسه أو تلك التي تستخدم أراضيها لنقل المقاتلين الأجانب إلى سوريا.
رابعاً: مساعدة العائلات التي تجد نفسها عاجزة عن مواجهة انحراف أبنائها، عبر استحداث "مكتب وطني للاستماع والإرشاد"، وظيفته مد يد العون للعائلات والمساعدة على إعادة تأهيل ودمج الأفراد الذين ترصد لديهم "ميول وتوجهات جهادية" في المجتمع.
وبحسب "رينيه" فإن فعالية هذه الخطة ضد "الجهاديين"على المستوى الداخلي ستكون نسبية، فمن جهة ستجد باريس نفسها في وضع حرج وغير مستقر إزاء "جهاديين" هم نظريًّا حلفاؤها وتتشارك وإياهم الهدف نفسه. 
ومن جهة أخرى تبرز الدوافع الكامنة وراء ظاهرة مشاركة المقاتلين الأجانب إلى جانب الجماعات المسلحة في سوريا، فالإعلام الرسمي الفرنسي هو ما شجع على محاربة النظام السوري وقتاله. 
وخلال 3 سنوات من عمر الأزمة السورية وجه الغرب الرأي العام باتجاه ما يريد دون أن يأتي على ذكر "تدفق الجهاديين"، فقد كان المراد ربح الحرب دون الالتفات إلى الوسائل المستخدمة يضاف إلى ذلك الشعور القوي بالإحباط الناجم عن الحياة اليومية الصعبة في بلد يعاني من أزمة اقتصادية، وتفاقمت فيه الإسلاموفوبيا السائدة بشكل لافت ما عزز هذه الرغبة في القتال في سوريا.
ويقول نبعة: لن تكون محاولاتها للخروج من هذا المأزق سهلة، لكنها ستبقى تحاول. والجديد هذه المحاولات التي ستجري بين 9 إلى 20 يونيو المقبل حيث تعتزم الحكومة الفرنسية إقامة مجموعة ندوات، يحاضر فيها متخصصون في مكافحة الإرهاب وممثلون عن جمعيات متخصصة بالجماعات المتطرفة، وأخرى تُعْنَى بحقوق الطفل.
وتبحث الحكومة الفرنسية عن تلميع صورتها واستعادة ثقة مواطنيها التي فقدتها في السنوات الأخيرة داخليًّا، وأمجاد ضائعة لا تزال تبحث عنها خارجيًّا.

شارك