زيارة روحاني بين طموح إيران وإحراج النور السلفي وصدمة "الإرهابية"

السبت 07/يونيو/2014 - 05:38 م
طباعة زيارة روحاني بين
 
حسن روحانى
حسن روحانى
أثارت الدعوة التي وجهتها الخارجية المصرية للرئيس الإيراني حسن روحاني، لحضور حفل تنصيب الرئيس المصري المنتخب عبد الفتاح السيسي- جدلا واسعا على الساحة السياسة خاصة تيارات الإسلام السياسي، والتي صدعت في الماضي القريب رافضة لأي وجه من أوجه التعاون أو التقارب المصري الإيراني، من منطلق أيديولوجي بحت تطل منه الطائفية، حتى تطورت الأوضاع لتدخل طريق التصفية الجسدية لبعض الشيعة المصريين، وكان يقود التيار السلفي وعلى رأسه حزب "النور" جبهة الرفض، منظما عشرات المؤتمرات التوعوية لخطورة التواجد الإيراني والشيعي على أرض مصر.
وعلى الجانب الآخر كانت جماعة الإخوان تعلن في الملأ رفضها التعاون مع إيران، مبررة الرفض بموقف طهران المساند للنظام السوري، إضافة للتخالف المذهبي بين السنة والشيعة حسب ادعائها، إلا أن الواقع أظهر التعاون السري الوثيق بين الطرفين، والذي ظهر جليا في الموقف الإيراني من ثورة 30 يونيو في الفترة الأولى.

النور بين مأزق الأيديولوجية وطموحه السياسي:

يونس مخيون
يونس مخيون
رحب حزب النور بزيارة "روحاني" في موقف مخالف لكل التوقعات التي أعقبت توجيه الدعوة للرئيس الإيراني، بحضور حفل ترسيم السيسي رئيسا لمصر، واعتبر قيادات في الحزب أن العلاقات المصرية الإيرانية مقبولة، في حالة أن تكون داخل الإطار السياسي والدبلوماسي، ولم يُبْد النور موقفه في حالة 
إن تطورت إلى دخول السياحة الإيرانية، وحبذا الصمت عن موقفه من العلاقات المستقبلية بين القاهرة وطهران، معتبرا أن أي تعليق على شيء لم يحدث على أرض الواقع هو إرهاصات لن تزيد الأمور إلا تعقيدا.
في حين اعتبر عدد من رموز الكيانات السلفية أن موقف النور "سقطة" عقائدية، قد تكون المسمار الأخير في نعش الدعوة السلفية وحزبها السياسي "النور"، وذهب رأيهم إلى أن النور كشف عن حقيقة أيديولوجيته، والتي تراعي المكاسب السياسية وترتفع بها عن التمسك بالعقيدة- على حد قولهم- فخرجت الكيانات السلفية التي أسهمت الدعوة السلفية بقدر كبير في تأسيسها وتقديم الدعم اللوجستي لها، بهدف مجابهة أي تواصل بين القاهرة وطهران والتصدي له بكافة السبل، والتي نشطت بقوة وظهرت على ساحة الأحداث بالتزامن مع دخول السياحة الإيرانية مصر، فترة حكم المعزول؛ الأمر الذي وصل إلى مهاجمة منزل القائم بالأعمال الإيرانية "مجتبى أماني" ومحاولة حرق منزله، والتهديد بقتل السائحين الإيرانيين، رافضة لموقف الحزب السلفي الذي طالما ما نادى بضرورة الابتعاد عن إيران.
لقد لعب النور دورا بارزا في تعبئة الرأي العام ضد طهران ورفض أي تقارب على أي مستويات بينها وبين القاهرة، ومارس نشاطات تعبوية على مدار 3 سنوات ماضية؛ من أجل ترسيخ تلك المفاهيم لدى القواعد الشعبية التي يستهدفها، منطلقا من قاعدة الاختلاف المذهبي بين السنة والشيعة، وهو ما اعتبره متابعون سببا كبيرا في مأزق التناقض الذي يعانيه النور السلفي، بعد ترحيبه بزيارة الرئيس الإيراني حسن روحاني، فالنور الآن يواجه طموحه السياسي من جهة وأيديولوجيته التي أكسبته قاعدة من المؤيدين من جهة أخرى.
واعتبر مراقبون أن حزب النور السلفي وُضِعَ بين شقي الرحى؛ إما يرفض دعوة الرئاسة بحضور حفل التنصيب، وتعتبر أولى خطوات الصدام مع النظام الحاكم الجديد، وهو أمر لا يسعى النور إليه، خاصة وأن المؤشرات التحليلية المتخصصة تقول بأن النور فقد الغالبية العظمى من مؤيديه بسبب موقفه من عزل مرسي، وبالتالي في حالة صدامه مع النظام الجديد قد يفقد آخر أمل له بأن يبقى على الساحة السياسية؛ بسبب شعبية نظام الرئيس السيسي على الأرض- أو أن يقبل الدعوة في حضور الرئيس الإيراني أو من يمثله، وبذلك يكون اعترافا سياسيا بالوجود الإيراني ضمن الدول المراد التواصل معها على صعيد السياسة الخارجية المصرية، وبحكم أن الحزب يمارس العمل السياسي فهو مجبر على تحسين العلاقات مع طهران لتتفق سياسته مع السياسة العامة للدولة، التي يسعى إلى أن يكون جزءا منها، ويسعى لتحقيق أهدافها في الداخل والخارج.

ارتباط النور بالموقف السعودي في التعامل مع إيران:

الملك عبدالله  وحسن
الملك عبدالله وحسن روحاني
يرى مراقبون أن موقف حزب النور السلفي لا يمكن أن يخرج من تلقاء الحزب بدون الرجوع إلى المرجعية الرئيسية، وهي المملكة العربية السعودية، والتي يعتبرها المراقبون الداعم الأكبر للحزب والتيار السلفي في مصر والعالم العربي، ويشير المراقبون إلى التغيير الذي تشهده العلاقات الإيرانية السعودية، وكذلك أغلب دول الخليج مثل الكويت والإمارات العربية المتحدة.
من هنا يأتي رأي يقول بأن المملكة كانت تستخدم التيار السلفي في مصر كورقة ضغط على النظام الإيراني، من خلال الوقوف كحجر عثرة وتعطيل أي مساع تقوم بها طهران على سبيل التقارب مع الدولة المصرية، تخوفا من أن ينعكس التقارب على موقف السعودية من إيران، حيث ترى المملكة- حسب آراء محللين مختصين في الشأن السياسي بالشرق الأوسط- أن ابتعاد القاهرة عن طهران هو ضمانة حقيقية لأمنها القومي، إدراكا منها للقوة الفعلية التي تمارسها مصر، بداية من القوة الناعمة وحتى القوة العسكرية، وتعتبر الرياض أن القاهرة هي حائط الصد أمام التمدد الإيراني، والذي تخشاه دول الخليج.
لذا فإن المراقبين ربطوا بين تدهور العلاقات الإيرانية السعودية ورفض التيار السلفي في مصر، وتحديدا الدعوة السلفية أَيَّ تواجد إيراني في مصر، ومع تحسن العلاقات بين  البلدين، فإن الموقف انعكس على سياسة حزب النور، حيث رحب بدعوة الرئيس الإيراني حسن روحاني لحضور مراسم تنصيب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي رئيسا للجمهورية.

الإخوان يتصيدون موقف النور:

الإخوان يتصيدون موقف
الإخوان يتصيدون موقف النور
وجد التنظيم الإخواني الإرهابي الفرصة سانحة لشن حرب ضروس على حزب النور السلفي والدعوة السلفية، بعد إعلانه الترحيب بزيارة روحاني على المستوى السياسي؛ ما أعطى الفرصة لمؤيدي الجماعة وأعضائها، لفتح باب المزايدة على حزب النور السلفي، فقد شن أعضاء الجماعة حربا إعلامية وصحفية من خلال منابر تابعة لهم، والتي فسروا خلالها موقف النور بالمنافق والمنبطح والمحلل للنظام الحالي، وأخذوا في تذكير النور بمواقفه التي اتخذها خلال فترة حكم المعزول، من التقارب الإيراني المصري والذي لم يتخط كونه سياحة عادية.
واستمرارا لحرب تكسير العظام بين الطرفين، أبرزت بعض صفحات المواقع الإخبارية التابعة للنور السلفي، حقيقة العلاقة بين جماعة الإخوان الإرهابية وبين إيران، فبرغم "الشو الإعلامي" الذي قدمه المعزول محمد مرسي خلال حضور مؤتمر القمة الإسلامية في طهران، وترضيه على صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم، على اعتبار موقف الشيعة الاثني عشرية السلبي منهم، وهو ما اعتبره مؤيدو الجماعة بطولة وتحديا للدولة الإيرانية، ومن بعده ما حدث في مؤتمر دعم الشعب السوري في القاعة المغطاة باستاد القاهرة، والذي شن خلالها هجمة شرسة على مؤيدي الرئيس السوري بشار الأسد وعلى رأسهم إيران وحزب الله، إلا أن 30 يونيو كشفت حقيقة العلاقة بين طهران وتنظيم الإخوان، فمنذ اللحظة الأولى من عزل محمد مرسي، أطلقت الجمهورية الإسلامية تصريحات نارية، تصف ما تشهده مصر بالانقلاب العسكري، وتعلن تأييدها لجماعة الإخوان، وتتدخل بشكل سافر في الشأن الداخلي المصري.

مراقبون: دعوة روحاني صدمة للإخوان:

السيسي
السيسي
اعتبر مراقبون أن الدولة المصرية تمارس أرقى أساليب الحصار الإستراتيجي على جماعة الإخوان، حيث تسعى لضم كل القوى المساندة للجماعة في معسكرها المناهض للتنظيم الإرهابي، وعلى رأسهم إيران التي دعمت التنظيم إعلاميا وفتحت قنوات اتصال معهم خارج مصر وداخلها؛ ما اضطر وزارة الخارجية المصرية استدعاء القائم بالأعمال الإيرانية في مصر "مجتبى أماني" وإبلاغه ضرورة الالتزام بالعمل الدبلوماسي وعدم الخروج عنه، بعدما رصدت الأجهزة الأمنية المصرية، اجتماع 4 أشخاص يحملون جوازات سفر دبلوماسية إيرانية بعدد من القيادات الإخوانية في مصر.
ويشير المراقبون إلى أن دعوة الخارجية المصرية للرئيس الإيراني كانت بمثابة مفاجأة لجميع الأطراف المحلية والدولية، والتي من شأنها أن تضع النظام الإيراني في موقف الاختيار، بين فتح قنوات اتصال مع الرئيس الجديد وهو ما يستوجب تقليص العلاقات مع الجانب الإخواني بالضرورة- أو الاستمرارفي دعم الجماعة الإرهابية، وبالتالي خسارة العلاقات الرسمية بين البلدان، وهو ما سيزيد اتساع الفجوة بين الشعب المصري ودولة إيران، وهو أصعب انعكاس قد تشهده العلاقات بين الطرفين.
ويرى محللون أن الدعوة تعتبر فرصة لإظهار حسن نية النظام الإيراني، الذي يتحين أي فرصة للتقارب مع القاهرة، وهو ما اعتبره المحللون أكبر طموحات إيران، ويؤكد المحللون أن روحاني لن يضيع تلك الفرصة، حيث يرغب في أن يكتب ضمن إنجازاته الشخصية "عودة العلاقات مع القاهرة خلال فترة حكمه"، بعد انقطاع وفتور دام لقرابة الثلاثة عقود، إضافة إلى الطموح الإيراني في فتح علاقات متوازنة مع دول المنطقة وعلى رأسها مصر؛ ما يحقق لها قوة إستراتيجية تمكنها من خوض المفاوضات مع القوى الغربية، مستندة إلى الدعم الإقليمي المتمثل في الدول العربية والإسلامية. 

شارك