هيلاري كلينتون: فى " خيارات صعبة" مرسي حاكم الصدفة وقع فى غرام "الكرسي"
الخميس 12/يونيو/2014 - 11:10 م
طباعة
حسام الحداد
الكتاب: خيارات صعبة
المؤلفة: هيلاري كلينتون
الناشر: سايمون آند شوستر
تاريخ النشر: 2014
عدد الصفحات : 632 صفحة
كشفت هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة في مذكراتها بعنوان "خيارات صعبة" Hard Choices ، إنها سئمت من الثقافة السياسية في مصر والتي تحركها نظرية المؤامرة.
تصف كلينتون في الكتاب باستفاضة مفاوضاتها الناجحة، بحسب وصفه، مع الرئيس الأسبق محمد مرسي للتوسط من أجل وقف إطلاق النار في غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، نوفمبر 2012، والتي تؤكد أنها كانت "محفوفة بالمخاطر"
كما تحدثت هيلاري عن صدمتها مما سمعته من مرسى يوما ما اذ تكتب :" في أحد لقاءاتي الأولى مع الرئيس المصري الجديد محمد مرسى سألته "ماذا ستفعل لكى تمنع القاعدة ومتطرفين آخرين من زعزعة استقرار مصر وتحديدا سيناء؟ فكانت اجابته: " لماذا سيفعلون ذلك؟ نحن لدينا الآن حكومة اسلامية" وترى هيلاري ان اجابته محيرة "واذا كان يتوقع تضامنا من الارهابيين فهو اما كان ساذج جدا أو شرير مخيفا" فتبين له هيلارى "لا يهمني ما هى مواقفك، انهم سوف يطاردونك، وأنت عليك أن تحمى بلدك وحكومتك"، وبالتأكيد هذه اللقطة من هيلاري عن مرسى سوف تثير الكثير من التساؤلات والانتقادات حول ما كان يجرى في مصر في عهد الاخوان.
أشارت كلينتون إلى مرسي بقولها ": "مرسى كان سياسيا غير عاديا، والتاريخ أخذه من الغرفة الخلفية للكرسي الكبير"، ثم تشير الى صعوبة الأمور وتعقيداتها فتذكر أن مرسى كان "يحاول أن يتعلم كيف يحكم من اللاشئ وفى محيط صعب للغاية. وأن مرسى بالتأكيد عشق سلطة موقعه الجديد وأنه شارك فى رقصة السياسة ( حتى استهلكته فيما بعد)." وتضيف: " لقد ارتحت أن أرى ذلك فى حالة غزة على الأقل، يبدو أنه كان مهتما أن يكون صانعا لصفقة أكثر من أن يكون غوغائيا، وقد التقينا فى مكتبه مع مجموعة صغيرة من مستشاريه وبدأنا نمر سطرا وراء سطر عبر مضمون الوثيقة التى أتيت بها من رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نيتانياهو.
أوضحت كلينتون أن أوباما كان يريد بالنسبة لمصر فى بداية ثورة 25 يناير طريقا نحو الديمقراطية الا أنه كان يتخوف أيضا من فوضى الانهيار المفاجئ للنظام. وحرصت كلينتون على أن تشير أكثر من مرة الى أن المظاهرات والحشود فى ميدان التحرير مهما كان حجمها كانت غالبا دون قيادات وفى المقابل كان الاخوان يمثلون التنظيم والعمل بقيادة. وقالت أيضا فى الكتاب :"كنت أعرف أن مبارك بقى طويلا جدا وصنع قليلا جدا، ولكن ما بعد التخلص منه فان الناس فى التحرير يبدو أنهم لم تكن لديهم خطة، ونحن الذين فضلنا موقف "الانتقال المنظم" كان لدينا قلق بأن القوى المنظمة فقط ما بعد مبارك كانتا الاخوان المسلمين والمؤسسة العسكرية.
وتوقفت هيلارى أيضا أمام حكم الاخوان وماذا حدث فى مصر فى أيامهم فقالت: "مع الأسف فان الشهور والسنوات التى تلت أثبتت أن مخاوفي المبكرة حول مصاعب الانتقالات الديمقراطية كانت مبنية على أسس. فالإخوان المسلمون وحدت سلطتها ولكنها فشلت فى الحكم بشكل شفاف وشامل للكل. والرئيس مرسى تصادم كثيرا مع السلطة القضائية وسعى لتهميش معارضيه السياسيين بدلا من اقامة توافق وطنى واسع، كما أنه فعل القليل لتحسين الاقتصاد وسمح باستمرار اضطهاد الأقليات ومنهم الأقباط المسيحيين، لكن مرسى فاجأ بعض المشككين فى التمسك باتفاقية السلام مع اسرائيل وفى مساعدتي بأن أتفاوض حول وقف لإطلاق النار فى غزة فى نوفمبر 2012.
ويتناول الكتاب تجربة الأعوام الأربعة التي أمضتها كلينتون في منصب وزيرة الخارجية، عندما تعاونت مع أوباما على الانسحاب من حربين، وإصلاح التحالف الذي تعرض للتصدع أثناء فترة رئاسة بوش، إلى جانب التعامل مع التهديدات القادمة من إيران وكوريا الشمالية، والثورات التي اجتاحت الشرق الأوسط.
وناقشت كلينتون في الكتاب الخلافات في وجهات النظر مع أوباما حول تسليح المعارضة السورية، مشيرة إلى أنها احترمت قراراته.
كما أعربت عن إعجابها بالمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، وكتبت كلينتون في كتابها "خلال الفترة التي قضيتها وزيرة للخارجية، زاد إعجابي بهذه المرأة الحازمة الذكية الصادقة التي لم تخف عني مطلقا ما تفكر فيه".
يأتى ظهور الكتاب بينما تزداد الأسئلة والتكهنات في وسائل الإعلام الأميركية حول ما إن كانت كلينتون تعتزم الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة، غير أن المؤلفة لا تقدم إجابة حاسمة وتؤثر بدلا من ذلك ترك الباب مفتوحاً على جميع الخيارات. لكن أغلب الظن أن كلينتون ربما اتخذت قرارها بالترشح على الأرجح، وذلك بالنظر إلى أن الكتاب يشير في أكثر من مناسبة إلى ما يؤكد حسن تقديرها وسداد رأيها فيما يتعلق بقضايا الأمن القومي والسياسية الخارجية الأميركية، وهو ما يوحي بمحاولة لتبييض وجهها وتلميع صورتها استعداداً لاستحقاق مهم على ما يبدو. هذا الاعتقاد يعززه حرص المؤلفة بين دفتي الكتاب على تحاشي الهجوم على أي شخصية أو استعدائها، وهو حرص لا يكون عادة إلا لدى من ينوي خوض غمار الانتخابات.
من جانبه اعتبر إريك تراجر زميل في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى أن هيلاري كلينتون ركزت في مذكراتها على أبرز ما حققته من انتصارات، وتجنبت الحديث عن اخفاقاتها، كما انها عندما حاولت الحوار مع القوى المدنية غير الإسلامية في مصر، أغرقت في نظريات المؤامرة الوحشية والمعادية للولايات المتحدة، والتي تركت انطباعًا دائمًا ومدمرًا للغاية.
وأوضح "تراجر" أنه رغم رفضها لفكرة الثورة، إلا أنها تعاونت بعد ذلك مع الرئيس "محمد مرسي" ومع نظام الإخوان المسلمين الذي تبنى الاستبداد المتزايد كمنهج له خلال سنة في الحكم.
ونقل إريك تراجر رؤية كلينتون ، حيث كانت تري أن أمريكا قادرة علي التعامل مع أي نظام أو رئيس للحفاظ علي المصالح الأمريكية ولكنها في الوقت نفسه تري أنه ليس هناك سبب مقنع للاعتقاد بأن ما تصفه كلينتون بـ"الحكم العسكري الذي استعاد زمام الحكم في مصر سيدوم أطول مما دام تحت حكم مبارك، كذلك تري كلينتون أنه من أجل الحفاظ علي هذا النظام، يجب أن يكون أكثر تعددية مما يؤدي به لأن يكون أكثر ديمقراطية.
واعتبر تراجر أن كلينتون متشائمة من ظهور الديمقراطية في مصر في وقت قريب ولكنها تؤكد استمرار مساعي أمريكا الحثيثة لتسهيل الطريق للديمقراطية في مصر.