صعود وسقوط "الإخوان".. جديد مجلة آفاق سياسية
الخميس 12/يونيو/2014 - 11:37 م
طباعة


في عددها السادس "يونيه 2014"، ضمت مجلة "آفاق سياسية" الصادرة عن المركز العربي للبحوث والدراسات، عددًا من القراءات والرؤى والدراسات حول الواقع السياسي الحالي دوليًا وإقليميًا، عبر مجموعةٍ من العناوين هي "أسئلة الثورة مستمرة"، "ثورات الربيع العربي بين العدالة الانتقالية والجودة: الحالة المصرية نموذجًا"، "التنافس الدولي في آسيا الوسطى"، "مستقبل الدولة الليبية في ظل الجماعات المسلحة"، "الإرهاب الإلكتروني في ظل الثورة التكنولوجية وتطبيقاته في العالم العربي"، و"الملف الأبرز "صعود وسقوط المشروع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين"
تحت عنوان "أسئلة الثورة مستمرة".. قدم رئيس تحرير "آفاق سياسية" المفكر السياسي وأستاذ علم الاجتماع "السيد يسين" افتتاحية هذا العدد من المجلة، وتناول فيه عددًا من الأسئلة على رأسها: كيف استطاعت جماهير الشعب التونسي أن تفاجئ العالم كله بهذه الهبَة الجماهيرية التي اقتلعت أحد أشد النظم السياسية السلطوية العربية قمعًا من جذوره؟ وهل انتقلنا مرة أخرى من "مناخات الإصلاح السياسي" التي سادت في العقود الأخيرة إلى مناخ "الثورة" الذي هيمن على العالم العربي في الخمسينيات والستينيات؟ ومتى تتحول هذه الهبة الشعبية الجبارة إلى ثورة حقيقية يتزعمها قادة شعبيون حقيقيون؟
سجلت هذه الأسئلة الاستراتيجية المهمة قبل اندلاع الهبة الجماهيرية المصرية في 25 يناير 2011، والواقع أنها تصدق على كل الهبات الجماهيرية التي وقعت في تونس ومصر وليبيا.
لتقرر الدراسة أن الهبات الجماهيرية العربية تحدت النظريات السائدة في علم السياسة منذ زمن، وأهمها على الإطلاق صلابة النظم السلطوية العربية وصعوبة إسقاطها، بالإضافة إلى أنها فتحت الباب أمام مجالات بحثية جديدة لم يسبق الخوض في جنباتها".
ولعل هذا هو الذي جعل المشرفين على هذا المشروع البحثي يطرحون سؤالاً رئيسياً على عينة مختارة من كبار الباحثين في شئون الشرق الأوسط، وهو ما الاسئلة البحثية الجديدة التي أصبح طرحها مهمة عاجلة؟ وكيف يمكن لهذه الأسئلة البحثية أن تدخل في خضم الجدل الدائر في الوقت الراهن في علم السياسة؟
والواقع أن تحليل الإجابات المتنوعة عن هذا السؤال الرئيسي يمكن أن يمنحنا استبصارات عميقة عن جذور ثورات الربيع العربي، ولحظات اندلاعها، وتشكلها الثوري، وتحولاتها، ومآلها في النهاية.
ونستطيع بعد مرور أكثر من ثلاث سنوات على ثورات الربيع العربي أن نقرر أن الأسئلة السابقة، إن كانت مشروعة في زمانها، إلا أن التحولات الكبرى بل والانقلابات السياسية في المراحل الانتقالية في كل من تونس ومصر وليبيا، أصبحت تطرح أسئلة جديدة تمام الجدة، قد يكون بالنسبة لتونس قدرة حزب النهضة على التوافق السياسي مع الأحزاب العلمانية والليبرالية، وقد يكون بالنسبة لمصر طبيعة العلاقة بين المدنيين والعسكريين، هذه المشكلة التقليدية في كل النظم السياسية المعاصرة، وخصوصاً بعد دعم القوات المسلحة المصرية بقيادة المشير السيسي للانقلاب الشعبي على حكم الإخوان المسلمين في 30 يونيه.
"صعود وسقوط مشروع الإخوان
وفي دراسةٍ هي الأبرز في هذا العدد بعنوان "صعود وسقوط المشروع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين" تناول "أحمد بان" المشوار الطويل الذي خاضته الجماعة منذ نشأتها، مرورًا بمنطلقاتها والأفكار، من أجل الوصول إلى الحكم، وكيف صعدت إليه ثم سقطت بسبب ضحالة أفكارها وعدم قدرتها على الاستمرار في التوافق مع القوى السياسية والمجتمعية من خلال الافكار التي نشرها البنا، والتي حاول فيها بث وهم أن أتباعه قذف الله في قلوبهم أنه مبعوث العناية الإلهية، وأنهم من يجسدون حقيقة الدين، وهو ما جعل الجماعة تسقط من البداية من خلال النظام الخاص، وهو الميليشيا العسكرية الموازية للتنظيم الأكبر الذي كشف عن وجهه بقيامه بإعطاء الأوامر والتعليمات إلى الرئيس المعزول محمد مرسي والذي لم يسمع لصيحات التنبيه ضد نظامه، واعتقدت الجماعة أنها امتلكت عرش مصر، ولكن الشعب المصري استيقظ ليلقي قاداتها في غيابات السجون، لأنها حاولت فرض نموذج للحكم لم يقبله الشعب بالشكل الذي تأكد لديه أن الجماعة حكمت ومارست السياسة من خلال شكل من أشكال التُقية.
الجيش المصري الحر
وفي سياق مرتبط، قدم "شريف شعبان مبروك" دراسته "الجيش المصري الحر بين الواقع والخيال"، مشيرًا إلى أن تشكيل الجيش السوري الحر في سوريا قد قام في الأساس على مجموعة صغيرة من الجنود المنشقين والمؤيدين للثورة السورية، وكانت مهمته في بداية الثورة السورية دفاعية فقط، حيث يتعين على جنوده حماية المتظاهرين، وردع نظام الأسد في سوريا. نجد على النقيض من ذلك، أن هناك محاولات لإنشاء "الجيش المصري الحر"، على غرار "الجيش السوري الحر"، يتم تدريبه وإعداده في ليبيا بهدف نشر الفوضى في مصر، وأن هذه المحاولات تجرى بمشاركة الإخوان المسلمين وتنظيم القاعدة تحت رعاية قطرية – تركية – إيرانية، حيث يتم التخطيط لاستهداف المنشآت الحيوية بما في ذلك مطار القاهرة الدولي واقتحام السجون لإطلاق سراح الإخوان المعتقلين ونشر الفوضى.
فمنذ 30 يونيه 2013، وجماعة الإخوان تحمل على عاتقها الحرب بالوكالة ضد كل المؤسسات العسكرية والشرطية في مصر، فالإخوان اليوم يمثلون الطابور الخامس المدعوم من أمريكا وتركيا وقطر لإجهاد الجيش المصري، القوى العسكرية الوحيدة الباقية في المنطقة العربية، خاصة بعد انهيار الجيوش العربية في دول العراق وسوريا واليمن وليبيا، ولم يتبق إلا جيش مصر هو المستهدف الوحيد لعملية التصفية، والتي تبدأ بعده مراحل أولها، كما تكشف الأوراق السرية لقيادات الإخوان، التي تم ضبطها مع التنظيمات الإرهابية، تشويه صورة قيادات الجيش المصري، ثم بدأت الخطة الثانية لتكسير عظام الجيش من خلال استخدام عملاء الإخوان ممن يطلقون على أنفسهم "أنصار بيت المقدس"، وهم مجموعة من الإرهابيين التابعين لميليشيات خيرت الشاطر التي ظل يمولهم أثناء وجود محمد مرسي في قصر الاتحادية، حيث تم استخدامهم الآن ضد الجيش المصري.
إن اتساع نطاق هذا النوع من الإرهاب، من حيث الدول التي تتعرض له، خلال الفترة المقبلة، يتطلب استراتيجيات معقدة في مكافحته، تكون من ناحية، ذات طابع "غير أمني"، تستهدف مركز الثقل الرئيسي لهذا النوع من الإرهاب، كما يتطلب من ناحية ثانية، إجراءات جماعية، بين الدول التي تواجه هذا النوع من الإرهاب، تكفل تتبعه عبر الحدود، فقد اتبعت عدد من الدول العربية أخيراً استراتيجية السيطرة الاجتماعية على الإرهاب، من خلال وضع أطر قانونية تقلص شرعية الأيديولوجيات التي عادة ما يستند إليها الإرهاب من هذا النوع، ولكن يظل التحدي الرئيسي، أن هذا النوع عادة ما يصعب التنبؤ بظهوره في الدولة، أو توقع انتشاره فيها على نطاق واسع.
العدالة الانتقالية وثورات الربيع العربي
وتناول "هاني خميس"، في دراسته "واقع ثورات الربيع العربي بين العدالة الانتقالية والجودة الاجتماعية: الحالة المصرية نموذجا" قيام ثورة 25 يناير من أجل المطالبة بالعيش والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية، وربما تجسد تلك المطالب مجموعة من الحقوق الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي يجب تحقيقها من قبل النظام السياسي في مرحلة ما بعد مبارك، والتي نطلق عليها العدالة الانتقالية، التي تتمثل في مجموعة من الآليات ومنها رفع دعاوى قضائية وإجراء محاكمات قانونية، وإنشاء لجان لجمع المعلومات وتقصي الحقائق.
وأن العدالة الانتقالية كانت تتركز حول مظاهر انتهاكات حقوق الإنسان السياسية والمدنية، ومن ثم إغفال وتجاهل للحقوق الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، مما أصبح يشكل عائقاً أمام برامج وآليات العدالة الانتقالية.
وإغفال البعد التنموي من خلال تجاهل مظاهر انتهاكات حقوق الانسان الاجتماعية داخل آليات العدالة، طرح مشكلات أسهمت في إعادة النظر في العلاقة بينها وبين التنمية.
لتختتم الدراسة بالتأكيد على ان استراتيجية العدالة الانتقالية، تهدف في مجملها إلى مساعدة المجتمعات الانتقالية على الخروج من أزمتها وضمان عدم تكرار الانتهاكات التي حدثت في الماضي.
وأن أهمية إدماج التنمية داخل العدالة الانتقالية، إنما تبدو من خلال اشتراك كليهما في هدف مشترك يتمثل في تحسين العلاقات والبناءات من أجل دعم وتعزيز رفاهية جميع أفراد المجتمع.
ولذلك يجب أن تهدف العدالة الانتقالية في مجملها إلى تحقيق الاستقرار السياسي والاجتماعي، وضرورة دعم الدولة لها في إرساء القانون، من خلال إعادة النظر في معدلات الإنفاق وإصلاح مؤسسات القضاء، والقضاء على جميع أشكال الفساد في المجتمع.
روسيا وحلم منزلة القوى العظمى
وفي دراستها "استراتيجية روسيا لتوظيف الغاز الطبيعي للتأهل إلى منزلة القوى العظمى"، توضح "بسمة ماجد حمزة"، أن التغير السياسي في هيكلة القوى العلنية أبرز ملامح صعود قوى ودول تساندها روسيا، وأن تنامي الدور الروسي وسعيه لعالم متعدد الأقطاب يستند إلى قوة حقيقية يمكن أن تدعمه في المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية، وعلى رأسها استغلال الإمكانيات الاقتصادية الكبيرة بما تملكه من احتياطيات ومصادر كبيرة للغاز لتحقيق ذلك والقضاء على تطلعات الجماعات السياسية المسلحة وخاصة في الشيشان.
التنافس الدولي في آسيا الوسطى
وتقدم "حنان أبو سكين"، في دراستها "التنافس الدولي في آسيا الوسطى" لما يشكله هذا التنافس من أهمية خاصة في استقطاب دول العالم على هذه المنطقة الحيوية، من خلال الاستثمار في المشاريع الكبيرة، وقد ساعد الفراغ الاستراتيجي الذي أحدثه غياب الاتحاد السوفيتي بعد انهياره، دولًا عديدة للعب دور فاعل في منطقة آسيا الوسطى، فيما أطلق عليه بعض المحللون "اللعبة الكبرى الجديدة"، للسيطرة وبسط النفوذ، وهو ما قد يسمح بفرص أوسع للتنافس في هذه المنطقة الاستراتيجية الحيوية في العالم على مستويي القوى الكبرى، والقوى الإقليمية بالمنطقة مثل إيران وتركيا.
ليبيا والجماعات المسلحة
كما ضمت مجلة آفاق سياسية في عددها الأخير، دراسة جادة حول "المستقبل الغامض لدولة ليبيا في ظل تنامي خريطة الجماعات المسلحة"، والتي خلقتها الثورة الليبية بعدما تحولت من النمط السلمي إلى المسلح، والذي أثر بشكل كبير في إطالة أمد الثورة منذ اندلاعها في 17 فبراير 2011، ومقتل القذافي والذي أدى إلى ظهور جماعات مسلحة تحمل الفكر الجهادي، وتنطلق من خلال أيديولوجيات متنوعة سلفية وإخوانية وقاعدية، ما أثُر على العملية الديمقراطية برمتها، وجعل الشعب الليبي يحمل السلاح، حتى أصبح الدمار والقتل بمثابة المشاهد العادية في حياة المواطن الليبي، وهو ما يطرح سيناريوهات عدة، في ظل تنامي خطر هذه الجماعات المسلحة، ويخلق حالة من الغموض حول مستقبل الدولة الليبية.
ويأتي على رأس هذه السيناريوهات أن التحول إلى الديمقراطية أصبح أمرًا صعبًا، في ظل هذه الحالة المعقدة، ويتمثل السيناريو الثاني في إمكانية إقامة نظام فيدرالي في ليبيا على غرار التجربة اليمنية، في حالة استمرار الصراع بين شرق ليبيا الممثل في برقا، وغربها المتمثل في طرابلس، ليبقى السيناريو الكارثي وهو التفكك وتقسم ليبيا إلى مناطق شرقية وغربية، وانتشار القبلية بداخلها.
الإرهاب الإلكتروني في العالم العربي
فيما تناولت دراسة "الإرهاب الإلكتروني في ظل الثورة التكنولوجية وتطبيقاته في العالم العربي" ظهور مصطلح "الإرهاب الإلكتروني" أو عقب الطفرة الكبيرة التي حققتها تكنولوجيا المعلومات، واستخدامات الحواسب الآلية والإنترنت تحديداً في إدارة معظم الأنشطة الحياتية، وهو الأمر الذي دعا 30 دولة إلى التوقيع على "الاتفاقية الدولية الأولى لمكافحة الإجرام عبر الإنترنت" في بودابست، عام 2001، والذي يُعد – وبحق – من أخطر أنواع الجرائم التي ترتكب عبر شبكة الإنترنت، ويتضح هذا جلياً من خلال النظر إلى فداحة الخسائر التي يُمكن أن تسببها عملية ناجحة واحدة تندرج تحت مفهومه.
وتناولت الدراسة تعريف الارهاب الإلكتروني الذي يعد نوعًا من أنواع التخويف أو التهديد للجماعات والأفراد عبر الوسائل الالكترونية، وأن خطورته تكمن في صورة استخدام السلاح ضد الأفراد من خلال العمل الإرهابي، وأنه يهدف إلى الاخلال بالنظام العام وزعزعة استقرار المجتمع، وان من خصائصه انه يتميز بالثبات ويرتكب من قبل شخص ذو دراية به.
ولذلك فمن الضروري ـ بحسب الدراسة ـ أن تتم مواجهة هذا النوع من الإرهاب من خلال تزويد مستخدمي الإنترنت بخدمة الإبلاغ عن النشاط الإرهابي، ودعم وتعزيز النشاط الأُسري والتربوي لمنع هذا النوع من الإرهاب الإلكتروني.