"أطفال الخلافة".. أصحاب العشر سنوات تحت قبضة "داعش"

السبت 11/أبريل/2015 - 03:32 م
طباعة أطفال الخلافة.. أصحاب
 
انتشرت خلال الأيام الماضية على موقع "يوتيوب" فيديوهات تظهر مراهقين وأطفالا يتدربون على استخدام الأسلحة، ويشاركون في حرب الشوارع والعصابات، وذلك في خطوة ليست بغريبة على أن يقوم بها التنظيم الوحشي "داعش"، الذي بدأ يستقطب الأطفال أصحاب العشر سنوات وأقل، حتى يدخلوا في بؤرة الإرهاب الداعشي.

بداية استقطاب الأطفال

بداية استقطاب الأطفال
لم تقتصر "داعش" على استقطاب الشباب من العشرينيات، ولكنها تحولت إلى الأطفال الأبرياء، وذكرت تقارير إخبارية سورية، أن أعداد القتلى والمصابين المرتفعة وحالات الفرار باتجاه الأراضي التركية دفعت تنظيم داعش الإرهابي للقيام بحملة جديدة لتجنيد عناصر في صفوفه من أبناء مدينة الرقة شمال شرق سوريا، والتي تعتبر المعقل الرئيس للتنظيم في الأراضي السورية.
ويحاول "داعش" كسب ولاء الأطفال بكافة الطرق، من خلال تلقينهم أيديولوجيته التي يحاول فرضها في المناطق الخاضعة لسيطرته، ويحرص في معسكرات التدريب على تأمين الملبس والمسكن ووجبات الطعام.
وتشير ممارسات تنظيم "داعش" في المناطق التي تُسيطر عليها إلى استهدافها المباشر لجيل الأطفال، وحرصها على بث أفكارها في عقولهم، عن طريق سيطرتها على المدارس، وتنظيمها لبرامج خاصة لاستقطابهم.
كما تُشير التسجيلات التي تقوم "داعش" وأفرادها ببثها على الإنترنت إلى حرص التنظيم على حضور الأطفال ومشاركتهم في مشاهد العنف، وحالات الإعدام الوحشية التي تقوم بها.
وقالت وكالة خطوة الإخبارية المعارضة: إن الحملة تركزت هذه المرة على من هم دون سن الـ 16 عاما، وذلك من خلال تكثيف الحملات الإعلانية التي يسوقها التنظيم بشوارع المدينة، والتي تدعو الشباب للانضمام، وتغريهم بمختلف الوسائل.

تدريب الأطفال على يد أبي كنانة

تدريب الأطفال على
حسب مصادر فإن الحملة التي يقوم بها التنظيم مؤخراً يشرف عليها مهاجر يحمل الجنسية المصرية ويدعى "أبو كنانة المصري"، فيما تحدث المصدر أن أعداد المنتسبين ممن هم دون سن الـ 16عاما وصلت خلال شهر مارس الفائت إلى 200 طفل يتلقون تدريبات حالياً في معسكرات التنظيم؛ ليتم الزج بهم في جبهات القتال حال انتهاء مدة المعسكر.
وتؤكد دراسة حديثة إلى أن توافد المهاجرين الأجانب للانضمام لصفوف التنظيم قد لاقى مؤخراً تراجعاً كبيراً نتيجة القيود والإجراءات المشددة التي فرضتها تركيا مؤخراً على حدودها مع سوريا، وعلى مطاراتها سواء في المدن الحدودية أو في إسطنبول، وذلك عقب عبور ثلاث فتيات قاصرات يحملن الجنسية البريطانية تركيا إلى سوريا، للانضمام إلى صفوف "داعش".
ويعتمد "داعش" في استقطاب الأطفال على الأساليب التحريضية التي تدفعهم إلى الانضمام، ويقدم "داعش" للأطفال عددا من أساليب الترفيه الذي حرموا منه منذ الصغر؛ ما يدفعهم إلى الاندماج بسهولة وسط التنظيم، بالإضافة إلى أن التنظيم الإرهابي يقوم ببث روح القتال لدى الأطفال عن طريق عقد مؤتمرات لهم، وغرز طريقة القتال لديهم؛ ما يجعل الأطفال يتفاعلون مع هذه الأساليب بحكم طفولتهم وعدم وعيهم بما يحدث.
وسواء في المدارس أو المساجد، يستهدف التنظيم الأطفال الذين يتعدى عمرهم 10 سنوات؛ شرط عدم الكشف عن هويته، وكانت بثت وسائل الإعلام التابعة لـ"داعش" مقطع فيديو لحفل تخرج عدد من الأولاد يظهرون لاحقا في الشريط نفسه يحملون الأسلحة.

استغلال الأطفال

استغلال الأطفال
حسب رواية أحد الشباب، قال: إن قيادات "داعش" كانوا يعلمون الأطفال الصلاة بالضرب والعصي والرفس عقابا، ويقول: كانوا يأخذونهم منذ الصباح الباكر للمدرسة حتى يصلوا جماعة خلف رجل دين "أخرق كان قذرا وملابسه قذرة جدا، وتفوح منه رائحة كريهة".
وذكر تقرير"Business Insider"، أن أكثر من 30 طفلا كانوا يقاتلون في صفوف داعش، لقوا حتفهم في المعارك الطاحنة التي استمرت طوال شهر ضد القوات الكردية في مدينة كوباني. 
وكانت ذكرت صحيفة "إندبندنت البريطانية"، في تقرير سابق لها، أن مواقع مناصرة لداعش نشرت في سبتمبر 2014 صورا لطفل زعم أنه أصغر مقاتل أجنبي يقتل في معركة، ولم يكن يتعدى العاشرة من العمر، وراح أنصار "داعش" يتناقلون صور الطفل متباهين بأنه أصغر شهيد، كما نشرت الصحيفة مقابلة أخرى في فبراير الماضي، مع مراهق يبلغ 17 عاما من العمر، اعتقل قبل أن يتمكن من تنفيذ هجوم انتحاري في العراق.
وقال الشاب الذي بدا نادما على تصرفاته: إن كثيرا من المهاجمين الانتحاريين كانوا أصغر سنا منه، وتراوحت أعمارهم بين 13 و15 سنة.
كما تم رصد مقاتلين من الأطفال أيضا في محافظة حلب السورية، وفقا لوكالة الصحافة الفرنسية.
من جانبه أشار أنطوني ماكدونالد، رئيس قسم حماية الأطفال في منظمة اليونيسيف، إلى أن موقف المنظمة بالنسبة لأي مجموعة مسلحة هو الرفض التام لتوريط الأطفال بنشاطات ترتبط بالحرب، ويشمل ذلك استخدام أو تجنيد الأطفال، وكلمة استخدام لا يقصد بها فحسب إشراك الأطفال في المعارك، بل أيضا استعمالهم لنقل المياه وغيرها من الأمور فضلا عن تزويج الفتيات القاصرات والاستغلال الجنسي.

أطفال الخلافة

أطفال الخلافة
لم تقتصر فظائع "داعش" على استخدام الأطفال، لتنفيذ العمليات الانتحارية أو القتال فحسب، بل جعلهم التنظيم أيضا جلادين.
كشفت فورين بوليسي الأمريكية أن تنظيم "داعش" وضع نظاما صارما لتجنيد الأطفال وتلقينهم أفكار التنظيم المتطرفة وتعليمهم فنون القتال.
وقال أحد المقالات الذي نشرته بعنوان "أطفال الخلافة" في أكتوبر 2014: إن التنظيم الإرهابي يعد لحرب طويلة الأمد ضد الغرب على أمل أن يستمر هؤلاء الأطفال المدربون في محاربة الغرب السنوات القادمة، وعلى الرغم من عدم وجود أرقام محددة لعدد هؤلاء الأطفال المجندين إلا أن روايات اللاجئين والأدلة التي تمكنت الأمم المتحدة وجماعات حقوق الإنسان والصحفيين من جمعها- تشير إلى أن عملية تجنيد الأطفال وتدريبهم عسكريا أصبحت واسعة الانتشار.
وكانت ذكرت لجنة حقوق الطفل التابعة للأمم المتحدة، مارس الماضي، أن تنظيم "داعش" يبيع الأطفال العراقيين المخطوفين، ويقتل آخرين، بينهم من يقتلون صلبا أو يتم حرقهم أحياء.
اللجنة أوضحت أن التنظيم كثيرا ما يستخدم الصبية الذين تقل أعمارهم عن 18 عاما كانتحاريين أو صناع قنابل أو مرشدين أو دروع بشرية؛ لحماية المنشآت ضد الضربات الجوية التي تقودها الولايات المتحدة.

بداية انضامهم على يد "أبي مصعب الزرقاوي"

بداية انضامهم على
قالت ريناتي وينتر الخبيرة باللجنة في إفادة صحفية "نشعر بقلق بالغ بحق جراء تعذيب وقتل هؤلاء الأطفال خاصة من ينتمون للأقليات... نطاق المشكلة كبير".
وأضافت: "لدينا تقارير عن أطفال خاصة من يعانون من إعاقة ذهنية يجري استخدامهم كمهاجمين انتحاريين، وعلى الأرجح دون أن يعوا ذلك، كان هناك تسجيل فيديو بث على الإنترنت يظهر أطفالا في سن صغيرة للغاية تقريبا ثماني سنوات أو أصغر يجري تدريبهم؛ لكي يصبحوا جنودا".
وأدانت لجنة حقوق الطفل "القتل الممنهج للأطفال من أقليات دينية وعرقية على يد تنظيم "داعش" بما في ذلك عدد من حالات الإعدام الجماعي لصبية، وكذلك تقارير عن قطع رءوس وصلب أطفال وحرق أطفال أحياء".
وتشير كافة الشواهد إلى أن التحاق الأطفال بالجماعات الإرهابية ليس شيئا جديدا في العراق، فهذا التقليد كان سائدا في زمن "أبو مصعب الزرقاوي" زعيم القاعدة في العراق المنظمة الأم التي انبثق منها "داعش".
ووفقا لدراسة منظمة الأمم المتحدة، يستخدم تنظيم "داعش" المؤسسات التعليمية كمراكز لتلقين أفكاره وعقائده، ويقوم "داعش" منذ عام 2013، باستعمال مدرسة البثري في الباب حلب كمنشأة تدريب عسكري للفتيان ما دون 18 عاما، وأن مخيم الشريعة الخاص باليافعين الواقع بالقرب من مدينة طبقة في الرقة يدرب نحو 350 طفلا ما بين 5 و16 سنة ليتولوا مهام قتالية. 

3 أساليب لتجنيد الأطفال

3 أساليب لتجنيد الأطفال
أشارت الدراسة إلى أن 153 طفلا كرديا ما بين 14 و16 سنة تم اختطافهم في 29 مايو 2014، واحتجزوا في مدرسة في مدينة منبج في حلب، وجرى تلقينهم بشكل يومي طوال 5 أشهر الفكر الجهادي العسكري، وكان يعاقب بالضرب المبرح كل من يعارض منهم هذه الأفكار.
وحسب مقربين من التنظيم، فيعتمد "داعش" على 3 أساليب مختلفة لتجنيد الأطفال، ففي بعض الأحيان يتم تلقين الأطفال وتشريبهم الفكر الداعشي، وفي أحيان أخرى يتخلى الأهل عن أطفالهم مقابل مبلغ زهيد، محاولين الخروج من يأسهم وفقرهم، وأخيرا عمليات الخطف التي ينفذها التنظيم.
وحسب خبراء فإنه على الرغم من صعوبة تحديد إلى أي مدى يصل استغلال "داعش" للأطفال في الأراضي التي يحكم سيطرته عليها، فإن هذه الممارسات بالتأكيد موجودة، وسيكون لها تأثير كارثي على المدى الطويل على الأجيال الصاعدة في العراق وسوريا، وإن الخطورة الأساسية سيجعل القضاء على "داعش" مستقبلاً أمراً مستحيلا.

شارك