مع استمرار قصف "عاصفة الحزم".. الشعب اليمني يدفع الثمن
الثلاثاء 14/أبريل/2015 - 03:25 م
طباعة

إن المتابع للشأن اليمني هذه الأيام لا بد أن يشفق على هذا الشعب الذي يعاني الفقر والبطالة من ناحية، ومن ناحية أخرى تسلط جماعات وتنظيمات اتخذت العنف طريقا لها لتحقيق أهدافها السياسية، بغض النظر عما يعانيه شعبها من آثار هذا العنف.
لقد تصاعدت الأزمة الاقتصادية والإنسانية في اليمن منذ سيطرة الحوثيين على العاصمة صنعاء في 21 سبتمبر 2014 وتوسع نطاق سيطرتهم على عدة محافظات يمنية أخرى، بالتعاون مع القوات الموالية للرئيس المخلوع علي عبد الله صالح.
ويعاني اليمنيون من تردي الأوضاع الإنسانية والمعيشية في ظل الحروب التي تشنها ميليشيات الحوثيين، وما نتج عن ذلك من هروب الاستثمار ورءوس الأموال، هذا بجانب إغلاق السفارات والبعثات الدبلوماسية والمنظمات الإقليمية، وتوقف النشاط السياحي بشكل كامل، كذلك إغلاق المدارس والجامعات والمعاهد الفنية، وتعطيل الوظائف الحكومية، وانقطاع الكهرباء لساعات طويلة، إضافة إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية، بالتزامن مع أزمة خانقة في المشتقات البترولية لم تشهد مثلها البلاد.

فبالرغم من إعلان زعيم المتمردين الحوثيين عبد الملك الحوثي أثناء قيام ميليشيات جماعته بمحاصرة العاصمة صنعاء أن هذا التحرك كان بهدف الضغط على حكومة الوفاق الوطني، قبل أن تستقيل لإلغاء قرار رفع الدعم عن المشتقات النفطية، والمعروف في الأوساط اليمنية بـ "الجرعة" الذي تم بموجب قرار حكومي قضى بتحديد سعر "صفيحة البترول" سعة 20 لترا، بقيمة 4 آلاف ريال يمني، غير أن ميليشيات الحوثيين، وبالتعاون مع قوات موالية لعلي عبد الله صالح استغلت الحالة الاقتصادية والإنسانية للشعب لتمرير مشروعها الذي يوصف بالتآمري والانقلاب على شرعية الدولة، ومصادرة المبادرة الخليجية والتنكر لمخرجات مؤتمر الحوار الوطني

فسيطرت بميليشياتها على صنعاء وقامت بعمليات نهب واسعة لمعسكرات الجيش، وصفت بهمجية فاضحة على مؤسسات الدولة حد الوصول إلى محاصرة الرئيس ورئيس الحكومة والوزراء والمسئولين، وأطلقت العنان لما سمته باللجان الثورية لإدارة كل شئون الدولة .
ﻭبدأت بعد ذلك بشن عمليات عسكرية توسعية في العديد من المحافظات نتج عن ذلك تفاقم للأوضاع الإنسانية والمعيشية، وانهيار كلي للاقتصاد اليمني، تعطلت بموجبه الحركة في عموم المدن والمحافظات اليمنية، وفي ظل تحكم الحوثيين بالمشتقات البترولية يقف اليمنيون في طوابير طويلة وغير مسبوقة لانتظار النفط في عموم المدن والمحافظات التي تخضع لسيطرتهم، وتتجاوز فترات الانتظار من 3 إلى 4 أيام من أجل الحصول على 40 لترا مشتقات بترولية، كما تم تحديدها من قبل الحوثيين كحد أقصى يحصل عليه المواطنون. ويرجع الكثيرون من المراقبين والمحليين والخبراء أسباب أزمة مشتقات البترول إلى عملية سقوط الدولة بيد ميليشيات مسلحة تتعامل إزاء مقدرات الدولة بعقلية العصابة التي تحاول فرض عقوبات جماعية على شعب كامل أعلن رفضه لها في كل مناسبة، ﻭيفسر ذلك توفرها لدى مسلحيهم ووكلائهم في السوق السوداء لبيعها بأسعار باهظة ﻻ يقوى المواطن اليمني عليها.
الموقف السياسي

وفي تطور جديد للوضع السياسي فقد علق الحوثيون قرار "الرئيس" اليمني عبد ربه منصور هادي تعيين رئيس وزرائه السابق خالد بحاح نائبا للرئيس. وقال محمد عبد السلام، المتحدث باسم الحركة الحوثية، إنهم لن يعترفوا بأي قرار يتخذه هادي، مؤكدا على أن أي شيء يتعلق بالوضع السياسي في اليمن يجب أن يتحدد من خلال حوار داخل البلاد.
ولم تحرز وساطة سابقة بإشراف الأمم المتحدة بين أطراف الصراع اليمني أي تقدم، وذلك قبل أن تزداد حدة المواجهات.

ويصر هادي على أنه رئيس شرعي، بعدما تراجع عن استقالته من المنصب، فيما يريد الحوثيون أن يتولى مجلس رئاسي إدارة شئون البلاد.
وفسر مراقبون قرار تعيين بحاح "“نائبا للرئيس" بأنها محاولة لتعزيز موقف هادي في صراعه مع الحوثيين الذين يسيطرون على العاصمة صنعاء منذ سبتمبر الماضي. وكانت حكومة بحاح قد رفضت تكليف الحوثيين لها في فبراير2015 تسيير الأعمال حتى تشكيل حكومة جديدة. ووضع بحاح رهن إقامة جبرية من جانب الحوثيين لأسابيع انتهت منتصف الشهر الماضي. ويزور بحاح حاليا السعودية، التي لاذ بها هادي بعدما ضيق الحوثيون الخناق عليه في معقله الأخير بمدينة عدن الجنوبية.
وفي تطور خطير اليوم الثلاثاء 14 أبريل 2015 قالت مصادر: إن الحوثيين اقتحموا قبل قليل منزل نائب الرئيس اليمني ورئيس الحكومة خالد بحاح في صنعاء، ونهبوا محتوياته، بعدما أعلن الرئيس هادي قرارا بتعيين بحاح نائبا له، وقد أدى اليمين الدستوري بالأمس في مقر السفارة اليمنية بالرياض، في حين تقدمه بعض المبادرات لحل الأزمة اليمنية ليكون رئيسا لليمن.
الموقف العسكري

هناك مصادر معلومات صحفية كثيرة أكدت إعلان عشرات الحوثيين استسلامهم في مدينة خور مكسر بعدن. كما أوردت مواقع محلية أن حوالي 115 مقاتلا حوثيا مختبئين بمبنى السفارة الروسية قد أعلنوا استسلامهم وبدءوا بالخروج من المبنى إلى مسجد أبي ذر القريب منه بعد أن صدح المسجد بالنداء بأن من دخل هذا المسجد فهو آمن. ووافقت اللجان الشعبية على طلب الاستسلام، وأعطت الأمان للمقاتلين الحوثيين للتوجه إلى المسجد المذكور وتسليم أسلحتهم. وفي هذه الأثناء ما زالت المقاومة الجنوبية تتلقى المزيد من الدعم اللوجستي والمادي من قبل تحالف عاصفة الحزم، ووصلت مجموعة متطورة من الأسلحة والعتاد العسكري للجان المقاومة الشعبية لا سيما بمنطقة سيلة بله في جنوب البلاد.
كما أفاد سكان بمحافظة الحديدة، غربي اليمن، بأن المسلحين الحوثيين انسحبوا اليوم الثلاثاء، من مديريتي الزيدية والقناوص، بالمحافظة، دون أي مواجهات معهم، وقال سكان في اتصالات: إن «المسلحين الحوثيين انسحبوا من مديريتي الزيدية والقناوص، بمحافظة الحديدة، وأخلوا مقري المجمع الحكومي فيهما، بشكل مفاجئ، ودون أي مواجهات معهم».
وأضافوا أن «الحوثيين غادروا المديريتين واتجهوا إلى محافظة صعدة، حيث معقلهم في الشمال»، في وقت لم يتسن الحصول فيه على تعقيب فوري من قبل جماعة «أنصار الله»، المعروفة بالحوثي، حول هذا الشأن.
وكان الحوثيون اقتحموا مناطق بمحافظة الحديدة مباشرة بعد سيطرتهم على العاصمة صنعاء في سبتمبر الماضي. ويتزامن ذلك مع استمرار طيران تحالف «عاصفة الحزم» بقيادة السعودية، لليوم العشرين على التوالي، في قصف مواقع الحوثيين، والرئيس اليمني السابق، على عبدالله صالح، في أنحاء متفرقة بالبلاد.
الحوثيون وصواريخ سكود

فيما أكد العميد ركن أحمد حسن عسيري المتحدث باسم عملية "عاصفة الحزم" ضد الحوثيين في اليمن أن الحكومة اليمنية الشرعية، بعد عودتها، ستجد كميات من الذخائر توازي ما تم استهدافه من قبل الطائرات المشاركة في العملية. وقال في تصريحات صحفية أمس الاثنين 13 أبريل 2015: "التنسيق مع الحكومة اليمنية الشرعية يتواصل على مدار الساعة في الجانبين السياسي والعسكري؛ لأن هدف العملية ترسيخ الشرعية اليمنية، ودعمها حتى تستطيع إدارة عمليات بلادها".
وعن كمية السلاح الموجودة باليمن، قال: "أؤكد أن الحكومة اليمنية الشرعية ستعود إن شاء الله، وستجد كميات توازي ما تم استهدافه وتفجيره.. ولدينا معلومات مؤكدة بأن الذخائر توضع داخل المباني السكنية، ولا أستبعد أن كمياتها قد توازي ما تم استهدافه أو أكثر، فقد جعلوا المواطن اليمني درعا بشريا لأعمالهم".
وكشف أن الأسلحة التي استهدفت في اليمن مختلفة تماما عن أسلحة الجيش اليمني، وقال: "لك أن تتصور ميليشيا تمتلك صواريخ سكود، لا سيما أن هناك دولا لا تمتلك صواريخ سكود، أيضا ميليشيا تدرب أشخاصا يمنيين ذوي 17 عاما على كيفية الإقلاع بالطائرة".
كما كشف أن القوات الجوية الأمريكية لها حاليا طائرة تزود بالوقود موجودة في مسرح العمليات بالشق اليمني، وتسهم في تزويد طائرات التحالف بالوقود.
وعن الأنباء التي وردت بشأن تواجد القوات المصرية على أراضي جزيرة ميون اليمنية بباب المندب، قال: "العمل العسكري يتطلب الدقة، وكون موقع ميون في البحر، فقد تكون البحرية المصرية قامت بعملية استطلاع على أرض جزيرة ميون، ومن ثم عادوا لتقييم عملية العمل الجوي، وهذا عمل روتيني".
وعن كيفية تحديد أهداف الضربات الجوية قال: "العمل الاستخباراتي على مدار الساعة، وطائرات قوات التحالف موجودة ترصد جميع المكالمات والتحركات، وتأتينا معلومات من الأرض من جميع الأطراف.. والتحالف يعي دوره ومسئوليته، لا سيما أن هناك أهدافا داخل المساكن".
وعن أبرز نتائج الجانب البحري في العملية قال: "ليس هناك عمليات بحرية بالمفهوم القتالي. الجانب البحري هو مراقبة وحظر للموانئ البحرية لمنع إمداد الحوثيين، مثل تفتيش السفن البحرية، أو منع سفينة من الاقتراب لخطورة الموقع في حال توفر معلومات عن ذلك".
ونفى قيام وزير الخارجية اليمني السابق أبو بكر القربي بمغادرة اليمن عبر مطار صنعاء، وقال: "لم يسمح لشخص بهذا الاسم بالمغادرة من مطار صنعاء، وحاليا مطار صنعاء لا توجد به طائرات!".
الحوثيون يهددون السعودية

وفي سياق متصل هاجم الناطق باسم القوات الموالية لجماعة الحوثي، العميد الركن شرف غالب لقمان، السعودية، بحدة قائلا إنها «لم تجرؤ على مواجهتهم بشكل منفرد بل قامت بحشد عشر دول»، مهددًا بأن «الرد قادم، ونحن من سيحدد زمن ومكان ذلك الرد».
وأوضح لقمان، خلال مؤتمر صحفي، أمس الاثنين بالعاصمة صنعاء، أن «2571 مدنيًا بينهم 381 طفلاً وطفلة و214 امرأة سقطوا منذ بدء العدوان على اليمن» في 26 مارس الماضي فيما «بلغ عدد الجرحى 3897».
وأشار إلى أن طائرات التحالف استهدفت 334 تجمعًا سكانياً و2265 منزلاً منها 91 منزلا تم تدميرها على ساكنيها، في حين بلغ عدد النازحين 40 ألف أسرة. وركز لقمان، في ثالث مؤتمراته الصحفية، على إحصاء الضحايا المدنيين فقط، من دون ذكر لأي قتلى من مسلحي الحوثي أو الدمار الذي لحق بمعسكراتهم ومخازن السلاح التابعة لهم في عدد من المحافظات.
وسبق أن نفي المتحدث باسم «عاصفة الحزم» العميد أحمد عسيري مرارا استهداف المدنيين، متهما الحوثيين بتعمد استهداف الأماكن المدنية وتحميل المسئولية لقوات التحالف.
وقالت وزارة الدفاع السعودية، السبت: إن 3 من قواتها قتلوا، وأصيب اثنان آخران، في قصف بقذيفة هاون أطلقتها «الميليشيات» الحوثية على الحدود الجنوبية للمملكة. ويرتفع بذلك عدد القتلى السعوديين منذ إطلاق عملية «عاصفة الحزم» في 26 مارس الماضي إلى 6، مقابل مقتل 500 من عناصر جماعة الحوثي، بحسب وزارة الدفاع السعودية، خلال المواجهات الحدودية بين الجانبين.