بعد فتوى "السيستاني".. ظهور الميليشيات.. الحرب الطائفية تهدد العراق
السبت 14/يونيو/2014 - 08:24 م
طباعة


داعش وجبهة النصرة
فى الوقت الذي كانت تتجه الأنظار صوب سوريا وليبيا وما تشهدهما من معارك ضد الجماعات المتطرفة، أمثال "داعش" و"جبهة النصرة"، وغيرهما من الجماعات الراديكالية المسلحة، قفز إلى المشهد- بين ليلة وضحاها - مستجدات الأوضاع في العراق، عقب توغل تنظيم "داعش" بسيطرته على المدن العراقية الواحدة تلو الأخرى، في غياب مريب من القوات العراقية، التي لم تجيد إلا الانسحاب المتواصل أمام عناصر "داعش"، التي لم تبذل أدنى جهد في تحقيق مكاسب إستراتيجية لم تكن في الحُسبان، ما نتج عنه خروج الجيش العراقي من المعادلة في وقت قياسي، يعيد إلى الأذهان مشهد سقوط بغداد أمام القوات الأمريكية، منذ ما يزيد عن العشر سنوات.
مفاجأة "داعش" واهتراء الجيش العراقي :

علي غيدان وعبود كنبر
بدون سابق إنذار أو وجود معطيات على الأرض، من شأنها التنبؤ بما آلت إليه الأوضاع في العراق، تحركات الميليشيات المسلحة لتنظيم "داعش" من أقصى الشمال العراقي متوغلة تجاه العاصمة العراقية "بغداد"، ولم تتوارد أية أنباء عن وقوع مواجهات أو اشتباكات مسلحة، بينها وبين القوات العراقية من الجيش أو الشرطة، إلا أن التقارير الصحفية أكدت على أن سيطرة "داعش" على مدينة الموصل، لم يكن ناتجًا عن تفوق التنظيم عسكريًا على القوات النظامية للجيش والشرطة العراقية، إنما جاء بناءً على أوامر عليا من الفريق أول ركن علي غيدان قائد القوات البرية والفريق الركن عبود كنبر قائد العمليات المشتركة بانسحاب قواتهما،وعدم التصدي لمليشيات "داعش"!!!
ومن جانبها أكدت مصادر سياسية عراقية على أن هذين القائدين طالبا الجنود، بضرورة إخلاء المقار الأمنية من دون تحديد المكان، وطالبوهم بترك المعدات والأسلحة والمغادرة سريعًا، واعتبرت المصادر أن ما قاما به كنبر وغيدان يرتقي للخيانة العظمى، حيث طالبا بانسحاب 30 ألف جندي مسلحين بأحدث الأسلحة ومدربين بشكل جيد، أمام ما لا يزيد عن 1000 عنصر من "داعش"، ثم هربوا إلى العاصمة العراقية في مروحية تابعة للجيش العراقي.
وعلى الجانب الآخر نجد أن تقدم "داعش" لم يتوقف عند "الموصل" بل تمدد إلى تكريت حتى وصل الآن إلى أبواب العاصمة "بغداد"، بعد أن تكرر مشهد انسحاب القوات العراقية أمام داعش، في مدينة المقدادية وهي في طريقها إلى مدينة "بعقوبة" عاصمة محافظة "ديالي"، والتي تبعد عشرات الكيلو مترات من "بغداد".
جيش الطريقة النقشبندية يطفو على السطح

عزة إبراهيم الدوري
في تطور متسارع للأوضاع في العراق، خرج جيش الطريقة النقشبندية الموالي لعزة إبراهيم الدوري، نائب رئيس مجلس قيادة الثورة فترة حكم صدام حسين، والموصوف بالرجل الثاني بعده، معلناً عن أن ما تشهده العراق هو ثورة شعبية ضد دولة نورى المالكي، رئيس الوزراء العراقي، متهماً الجيش العراقي بأنه ميليشيات شيعية تخوض حرب تطهير عرقي ضد السُنة، وهو ما أكدته رغد صدام حسين، ابنة الحاكم العراقي الراحل، بعد أن أصدرت تصريحات صحفية تشيد خلالها بدور الدوري فيما تشهده الساحة العراقية.
فقد خرج وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري معلناً في تصريحات صحفية، أن جيش الطريقة النقشيندية، قد قام بالتنسيق مع الدولة الإسلامية في الشام والعراق "داعش"، بمشاركة بعض الفصائل المتشددة والقيادات البعثية التابعة للجيش العراقي السابق الموالي لصدام حسين، مبرراً بذلك انسحاب الجيش العراقي الحالي أمام الهجمات التي تعرض لها المدن والمحافظات العراقية، وهو ما تضارب مع ما أكدته تقارير أخرى أفاد خلالها شهود عيان، أن المجموعات التي شاركت في الهجوم على "الموصل ونينوي وتكريت وديبالي" تتبع تنظيم "داعش".
وهو ما اعتبره محللون مراوغه سياسية من الحكومة العراقية، حيث رجح المحللون أن انضمام النقشبندية إلى القتال ضد الجيش العراقي، إن حدث فإنه لم يكن خلال سيطرة داعش على الموصل وتكريت ونينوي، حيث إن "داعش" فاجأت الجميع بهجومها الغير متوقع.
فتوى السيستاني بحمل السلاح تعجل بالحرب الأهلية

السيستاني وعبد المهدي الكربلائي
فى واقعه هي الأولى من نوعها لمرجعية دينية شيعية، دخل المرجع الشيعي الأكبر والأشهر في العراق "علي السيستاني"، على خطّ المعارك الدائرة في العراق، حين دعا "العراقيين إلى حمل السلاح ومقاتلة الإرهابيين"، في إشارة إلى المسلّحين الذي يزحفون من الأنحاء الشمالية للعراق، معتبراً أن "من يموت من أجل بلده يكون شهيداً".
ودعا السيستاني عبر وكيله- ممثل عنه- الشيخ عبد المهدي الكربلائي، خلال خطبة الجمعة في كربلاء، قائلاً: إن "على المواطنين الذين يتمكنون من حمل السلاح ومقاتلة الإرهابيين دفاعاً عن بلدهم وشعبهم ومقدساتهم، التطوع والانخراط بالقوات الأمنية لتحقيق هذا الغرض المقدس".
ورأى أن "الإرهابيين لا يستهدفون السيطرة على بعض المحافظات، بل صرحوا بأنهم يستهدفون جميع المحافظات، ولا سيما بغداد وكربلاء والنجف، ومن هنا فإن مسئولية التصدّي لهم ومقاتلتهم، هي مسئولية الجميع ولا تختص بطائفة دون أخرى أو بطرف دون آخر". وأعلن أن "من يضحي منكم في سبيل الدفاع عن بلده وأهله وأعراضه فإنه يكون شهيداً".
واعتبر خبراء في الشأن الشيعي أن فتوى المرجع الشيعي السيد علي السيستاني بحمل السلاح، تأتي بسلبيات غير محمودة العواقب أكثر من كونها فتوى في الصالح العام، حيث أكدوا على أن الميليشيات الشيعية المسلحة مثل "جيش المهدي التابع للتيار الصدري" وغيره من الميليشيات التي طالبت الحكومة العراقية ضمها إلى الجيش الوطني؛ لاعتبارها أن تلك الميلشيات تتبع عقائدياً ومرجعياً النظام الإيراني ما يهدد مصالحها في العراق.
وأشار الخبراء إلى أن دعوة السيستاني، تشعل حربا ذات صبغة طائفية في العراق، خاصة وأن الميليشيات الشيعية المسلحة لها رصيد من الكُره لدى السنة العراقيين؛ لما شهدته من نزعات مسلحة بعد الغزو الأمريكي على العراق، خاصة بعد واقعة استهداف مرقد "الإمام حسن العسكري" الإمام الحادي عشر عند الشيعة الاثني عشرية، والذي تسبب في اشتعال نزاعات طائفية مسلحة راح ضحيتها أكثر من 3000 آلاف شخص، وقد شاركت تلك الميليشيات في هذه الصراعات الطائفية.
وأكد الخبراء على أن فتوى السيستاني بفتح باب التطوع في الجيش العراقي ضد الجماعات المسلحة، جاء تنسيقياً للسماح لعناصر الميليشيات، أن يدخلوا مع الجيش باعتبارهم متطوعين جددا، لكنهم في الحقيقة ميليشيات ذات هيكلية معروفة وتقاتل بعقيدة طائفية.