مبادرة إيران لحل أزمة اليمن.. مناورة أم اعتراف بالأمر الواقع؟
الخميس 16/أبريل/2015 - 03:56 م
طباعة

في خطورة اعتبرها مراقبون بداية لتغير لهجتها العدائية تجاه قضايا المنطقة، بعد القرار الأممي الحازم ضد الحوثيين وحلفائهم في اليمن، تعهّد وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، خلال مؤتمر عقده في لشبونة أمس، باستخدام بلاده كل نفوذها في المنطقة واليمن للوصول إلى حل سياسي بين البلدين.
إيران، وبحسب تصريحات ظريف غيّرت لهجتها التصعيدية التي وصلت إلى ذروتها مع خطاب المرشد الأعلى الإيراني خامنئي قبل أيام، وقال: إن الحرب التي بدأتها المملكة العربية السعودية في اليمن ستنقلب عليها، وفي حين برر البعض تلك التصريحات بأنها محاولة من قبل طهران كسر العزلة المفروضة عليها من قبل المجتمع الدولي، قال آخرون: إن مبادرة طهران ليست إلا مجرد مناورة لتعزيز نفوذ ميليشيا الحوثي بعدما أفقدتها الطلعات الجوية لمقاتلات (عاصفة الحزم) السيطرة على العديد من المناطق.
ما عزز من افتراضية أن المبادرة الإيرانية مناورة لكسب مزيد من الوقت يساعد الحوثي على التقاط أنفاسه، فضلاً عن مده بالسلاح، هو رفض جماعة (الحوثيين) قرار مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة، الذي يفرض حظراً للأسلحة عليها وعلى القوات الموالية للرئيس السابق علي عبدالله صالح، وإصرارها على القتال.

اللافت هو تغير الموقف الروسي من الأزمة، بعدما امتنع عن التصويت على القرار العربي بشأن اليمن، وهو ما يعتبر صفعة في وجه إيران التي كانت تعتمد على روسيا في عرقلة القرارات الأممية الخاصة بالأزمة، حيث يبدو أن هناك اتفاقا ضمنيا بين المملكة العربية السعودية وروسيا على الأوضاع في اليمن، برعاية مصر الحليف الأقوى لروسيا حالياً في المنطقة بعد شبه انهيار الحليف السوري للروس في المنطقة.
فيما قال خبراء: إن الامتناع الروسي جزء من صفقة مالية ربما تتقاضاها روسيا قريباً، على غرار الصفقة التي أبرمت بين الطرفين إبان حرب الخليج تسعينات القرن الماضي، حيث قال رئيس البنك المركزي السوفيتي الأسبق: "بناء على تعليمات جورباتشوف قمت بالتوجه إلى السعودية للاتفاق على استلام أربعة مليارات دولار مقابل تخلي السوفيت عن دعم العراق في حرب تحرير الكويت".
المبادرة الإيرانية

وفي حين يأمل الكثيرون من أن تلقى المبادرة الإيرانية صدى رغم التشكك فيها، رفضت الحكومة اليمنية المبادرة وقالت إنه لا حديث عن حل سياسي إلا بعد تسليم الحوثي وقوات علي عبد الله صالح سلاحهم.
وزير خارجية إيران محمد جواد ظريف، قال إن بلاده طرحت خطة من أربع مراحل؛ من أجل الوصول إلى حل سلمي للأزمة اليمنية، وذلك خلال محادثاته في إسلام آباد مع كبار المسئولين الباكستانيين، وأضاف: "نحن قوة رئيسية في المنطقة، ولدينا علاقات بكل الجماعات في مختلف الدول، وسنستخدم هذا لجمع الكل على طاولة المفاوضات، وأن جهود إحلال السلام يجب أن تبدأ بمقدمة سليمة، وهي أننا بحاجة إلى إنهاء القصف وسفك الدماء، ومنع تنظيم القاعدة من الاستفادة من الوضع البغيض".
كان وزير الخارجية الإيراني التقى رئيس وزراء باكستان محمد نواز شريف، الخميس الماضي، كما التقى مساء أمس (الأربعاء) مستشار رئيس وزراء باكستان في شئون الأمن القومي والعلاقات الخارجية، كما التقى ظريف أيضا رئيس مجلس الشيوخ رضا رباني، وكذلك قائد الجيش راحيل شريف ورئيس مجلس النواب اياز صادق، وقال ظريف: إن على باكستان وإيران العمل سويًّا لإيجاد حل سياسي لأزمة اليمن، مشيرًا إلى أنه نقل بنود الخطة لقادة أتراك وعمانيين، فضلاً عن مضيفيه الباكستانيين.
وعن تفاصيل المبادرة ذات البنود الأربعة، قال ظريف: إن الخطة تشمل الوقف الفوري لإطلاق النار، وتقديم المساعدات الإنسانية للشعب اليمني وبدء الحوار الوطني اليمني- اليمني، وتشكيل حكومة الائتلاف الوطني، ودعا ظريف إلى ضرورة بلورة الحوار اليمني- اليمني، ومسئولية جميع الدول للعمل على عودة الأمن والاستقرار إلى هذا البلد.

وتعتمد إيران كذلك على دولة عمان في إمكانية الوصول إلى حل للزمة، حيث وصل وزير الخارجية الإيراني عصر أمس إلى العاصمة العمانية (مسقط)، التي زارها لبضع ساعات، حيث تركزت محادثاته مع وزير الخارجية العماني يوسف بن علوي بن عبدالله على الأزمة اليمنية.
وكان وزير الخارجية الإيراني رحب في أعقاب زيارته الخاطفة لمسقط بالدور الذي تقوم به سلطنة عمان في القضايا الإقليمية المهمة، ومن ضمنها المتعلقة بأزمة اليمن، وأكد دعم الجمهورية الإسلامية الإيرانية لهذا الدور، معلنًا استعداد طهران للتعاون مع مسقط في هذا السياق.
يذكر أن سلطنة عمان هي الدولة الخليجية التي لم تشارك في (عاصفة الحزم)، التي تقودها السعودية لإعادة شرعية هادي في اليمن، وكان السلطان قابوس- سلطان عمان- تلقى قبل أيام اتصالين هاتفيين من الرئيس الأمريكي باراك أوباما ورئيس الحكومة البريطانية ديفيد كاميرون تركز الحديث فيهما عن أوضاع اليمن، ودعم الجهود العمانية للوصول إلى حل سلمي.
رفض المبادرة

من جانبه، دعا نائب الرئيس اليمني خالد بحاح، اليوم (الخميس)، من الرياض، قوات الجيش اليمني الموالية للرئيس السابق علي عبد الله صالح والمتحالفة مع المتمردين الحوثيين، إلى الالتحاق بالشرعية، وقال بحاح، وهو أيضا رئيس وزراء معترف به دوليا لليمن: "أوجه ندائي إلى كل أبناء القوات المسلحة والأمن أن يكونوا في ركب مؤسسة الدولة الشرعية ويحموا الوطن، وأن يراجع كل ضابط ومسئول نفسه بالعودة إلى جادة الصواب".
وأكد بحاح أنه سيقود حكومة مصغرة من الرياض، وستكون الأوضاع الإنسانية الأولوية القصوى بالنسبة لحكومته، التي شكلت لجنة وطنية للإغاثة للاهتمام بهذا الجانب، وقال بحاح في مؤتمره الصحافي: "الشعب اليمني بدأ يعاني من أوضاع إنسانية صعبة؛ الأمر الذي يستدعي تدخلا دوليا وإقليميا عاجلا لتوفير مثل هذه المتطلبات للمواطنين.. قبل أن تتفاقم الأزمة وتصل إلى مستوى الكارثة الإنسانية المحققة". مضيفا: "نود التأكيد على أن أولوية الحكومة القصوى هي معالجة الجوانب الإنسانية الطارئة التي يعاني منها الشعب اليمني دون تمييز، ولهذا قررنا أن تكون أولى خطواتنا إنشاء لجنة عليا للإغاثة والتنسيق".
في غضون ذلك، وفي إطار تأكيد البعض أن المبادرة الإيرانية مناورة، في محاولة منها للملمة صفوف جماعة الحوثي، أكدت مصادر يمنية مطلعة أن حزب الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، بات يعاني من انشقاقات وتصدعات كبيرة بسبب الحرب غير المبررة التي يشارك فيها الحزب وقياداته ضد الجنوب، وأيضا بسبب انكشاف خيوط علاقته بتنظيم القاعدة وغيره من الحركات الإرهابية.

ودللت المصادر التي تحدثت إلى (الشرق الأوسط)، على هذا التصدع باستقالة الشيخ سلطان البركاني، رئيس الكتلة البرلمانية لحزب المؤتمر الشعبي العام، عضو الأمانة العامة للحزب (المكتب السياسي)، ونائب رئيس حزب المؤتمر، الدكتور أحمد عبيد بن دغر. وكان البركاني قد توجه إلى العاصمة السعودية وأعلن في بيان له: "إنني أؤكد وقوفي مع الشرعية الدستورية المتمثلة بالأخ الرئيس عبد ربه منصور هادي، كما أؤكد تمسكي بمبدأ الحوار والسلم كخيار لا مناص منه لتجنيب وطننا الحروب".
كما أكد سفير خادم الحرمين لدى الولايات المتحدة، عادل الجبير، أن عمليات "عاصفة الحزم" نجحت في تدمير كثير من قواعد قوات الحوثيين وميليشيات الرئيس السابق صالح. وحول محاولات إيران طرح أفكار للتوسط في اتفاق سلام في اليمن، قال الجبير: "المفاوضات شأن يمني بحت، وهدف المفاوضات هو التوصل إلى تسوية سلمية تنقل اليمن إلى مرحلة أفضل، ولا أعتقد أن هناك دورًا لإيران لتلعبه في مستقبل اليمن". وفند الجبير صحة تقارير زعمت أن غارات للتحالف تسببت في سقوط مدنيين، مشددا على أنه "ثبت أن قوات الحوثيين هي التي قامت باستهداف وقصف مصنع للألبان في اليمن".