الحوار الليبي.. بين اقتسام السلطة التشريعية واشتعال الأزمة مجددًا

السبت 18/أبريل/2015 - 01:39 م
طباعة الحوار الليبي.. بين
 
رغم أن الحوار الليبي شهد على مدار الجولات الأخيرة في الجزائر والمغرب تقدمًا ملحوظًا بين أطراف النزاع، فإن الجولة التي انعقدت أمس في مدينة الصخيرات بـ"المغرب" شهدت حالة من الهرج والمرج داخل قاعة الحوار، بعدما اقترح المؤتمر الوطني العام المنتهية ولايته، وجود غرفتين تشريعيتين في ليبيا بدلا من غرفة واحدة؛ الأمر الذي رفضته الحكومة المعترف بها دوليًا، حيث رفض عيسى عبد القيوم، الناطق باسم وفد مجلس النواب الليبي في طبرق، مقترح المؤتمر الوطني العام لحل الأزمة، بوجود غرفتين تشريعيتين في ليبيا.

اقتسام السلطة التشريعية

اقتسام السلطة التشريعية
قال عبد القيوم، أمس الجمعة 17 أبريل 2015، بمدينة الصخيرات المغربية، من الصعب الحديث عن اقتسام سلطة على المستوى التشريعي حاليا في ليبيا، مضيفًا أن ما قدمه مجلس النواب يستجيب بشكل دقيق للشرعية الليبية، ولقواعد وأعراف الدول المدنية، ولا يمكن أن نتحدث عن توافق بخصوص السلطة التشريعية؛ لأن العالم يعترف بمجلس النواب ولا يعترف بغيره.
وانطلقت أمس الجولة الرابعة من الحوار الليبي الذي استضافته مدينة الصخيرات المغربية بين وفدين يمثلان للمؤتمر الوطني العام المنعقد في طرابلس المحسوب على جماعة الإخوان المسلمين، ومجلس النواب المنعقد في طبرق المعترف به دوليا، في ظل تبادل الاتهامات بين الطرفين.
يدخل الحوار مرحلة تفاوض جديدة، قد تؤدي إلى استمرار الجدل فترة طويلة، ما يؤدي إلى عرقلة المفاوضات مرة أخرى، ويعود الحال كما كان.
في ظل تمسك البرلمان المنتهية ولايته المحسوب على جماعة الإخوان المسلمين، برأيه حول اقتسام السلطة التشريعية وكذلك تمسك الطرف الآخر المتمثل في الحكومة المعترف بها دوليا بقيادة عبدالله الثني، برفضه اقتسام السلطة، يدخل الصراع بين الطرفيين مرحلة جديدة قد تُفشل الحوار للأبد وتظل ليبيا في حالة من الفوضى وانتشار الجماعات المسلحة على أراضيها.

مصلحة البلاد خارج الحسابات

مصلحة البلاد خارج
الغريب في الأمر أن طرفي النزاع كل منهما الآخر لا يسعى إلا لمصلحته الشخصية دون الأخذ في الاعتبار مصلحة البلاد فقد أصبحت خارج الحسابات، كذلك يساعدون على عرقلة المرحلة الانتقالية في ليبيا.
وأوضح عبدالقيوم أنه لغاية موعد انتهاء ولاية برلمان ليبيا في أكتوبر القادم، فإنه لا يمكن اقتسام السلطة التشريعية، ويمكن الحديث عن ذلك بعد انتهاء الولاية.
وقال عضو البرلمان عثمان توفيق: إن الطرف الآخر يصر على المشاركة في السلطة التشريعية وهو طلب يصعب علينا كثيرًا القبول به مضيفًا لقد وافقنا على مشاركتهم في الحكومة لكن مشاركتهم في السلطة التشريعية ستكون صعبة جدًا.
في سياق مواز، قال محمد معزب، عضو فريق الحوار عن المؤتمر الوطني الليبي العام: إن المؤتمر يقترح غرفتين تشريعيتين لهما صلاحيات مختلفة، لتدبير الفترة الانتقالية بليبيا، موضحًا أن المقترح تم الإشارة إليه خلال تقديم فريق الحوار مذكرة بشأن رأيه في مقترح مبعوث الأممي إلى ليبيا، برناردينو ليون، لإنهاء الأزمة.
وأوضح أن القوانين ممكن أن تمر في مرحلة أولى بمجلس النواب طبرق ثم بمرحلة ثانية بالمؤتمر الوطني الليبي العام، ما يؤدي إلى عدم شرعية القوانين حال تطبيق هذا الرأي.
وأوضح أن المؤتمر الوطني الليبي العام قدم تنازلا عندما اقترح وجود غرفتين تشريعيتين، حيث يشمل المقترح بقاء الغرفتين لعامين، في الوقت الذي تنتهي ولاية برلمان طبرق في أكتوبر المقبل.

3 مقترحات لتجاوز الأزمة

3 مقترحات لتجاوز
وفي وقت سابق قال الناطق باسم وفد مجلس النواب: إن الوفد سلم مذكرة بشأن رأيه في المقترح الأممي لإنهاء الأزمة في ليبيا.
كانت طرحت البعثة الأممية في ليبيا، في مارس الماضي، 3 نقاط كمقترح لتجاوز الأزمة، الأول: حكومة وحدة وطنية توافقية، ومجلس رئاسي من شخصيات مستقلة، والثاني: اعتبار مجلس النواب في طبرق الهيئة التشريعية ويمثل جميع الليبيين، والثالث: تأسيس مجلس أعلى للدولة، ومؤسسة حكومية وهيئة صياغة الدستور، ومجلس الأمن قومي، ومجلس البلديات.
من جانب آخر قالت بعثة الأمم المتحدة في ليبيا، إنها تلقت ملاحظات طرفي النزاع في ليبيا على مذكرتها لإنهاء النزاع في هذا البلد، وأوضحت أنّها تعمل على تضييق الهوة بينهما تمهيدًا للاتفاق على تشكيل حكومة وحدة وطنية.
وقال سمير غطاس الناطق باسم البعثة الأممية، لوكالة الأنباء الفرنسية، مساء أمس الجمعة، تلقينا الملاحظات المكتوبة من الأطراف حول المذكرة الأممية، وإن هناك نقاطا خلافية نعمل على تضييق الهوة بخصوصها، لكن هناك أيضًا نقاط التقاء كثيرة بين الأطراف تم الاتفاق بشأنها.
وأضاف غطاس من منتجع الصخيرات السياحي جنوب العاصمة المغربية الرباط حيث تعقد المفاوضات لإنهاء الأزمة في ليبيا أنّ فريق عمل البعثة الأممية "يدرس تلك الملاحظات ويعمل على تجميعه".
ولم يلتق طرفا النزاع في ليبيا مباشرة الجمعة، وهو ثالث يوم من جولة الحوار، حيث قدما مقترحاتهما مساء الخميس، وبعدما وافق الطرفان على تشكيل حكومة وحدة وطنية تضم طرفي النزاع ظل الخلاف قائمًا حول تركيبة السلطة التشريعية.

دعم القبائل للجيش الليبي

دعم القبائل للجيش
من جانب آخر أفاد شهود عيان أن قوات الجيش الوطني والقوات المساندة له طردت ميليشيات فجر ليبيا من مدينة العزيزية، وحررتها بالكامل، وبدأت في تأمين عودة العائلات لمساكنها ومزارعها، وفي انتظار صدور الأوامر من قبل رئاسة الأركان العامة للجيش للتقدم نحو طرابلس تستعد قوات القوة المساندة للجيش الوطني بقيادة اللواء عمر تنتوش لخوض حرب تطهير العاصمة من قبضة الميليشيات المسلحة.
وتتكون القوة المساندة التي يسيرها اللّواء تنتوش من أبناء القبائل العسكريين والمتطوعين وهي التي تقاتل علی تخوم العاصمة طرابلس.
كما تضم قاعدة الوطية الجوية العسكريين من أبناء قبيلة النوايل والعجيلات، وقبائل أخری موالية للنظام السابق، وتعتبر من أفضل الكوادر العسكرية المدربة في ليبيا.
فيما تمثل قبيلة الزنتان التي يصل تعدادها 35 ألف نسمة 5% من القوات التي تقاتل، وتمتلك قدرة مالية ودعم من محمود جبريل وعبد المجيد مليقطة وأسامة جويلي .
وهناك قبائل كبيرة أيضا محسوبة علی النظام السابق لم تتحرك بعد، مثل ترهونة وورفلة البالغ تعدادهما السكني مليونا وسبعمائة نسمة.
ويعتبر اللواء عمر تنتوش من أهم القيادات العسكرية في نظام الراحل معمر القذافي، وقد عاد إلى صدارة الأحداث بعد حوالي أربعة أعوام من السجن في الزنتان .
ويؤكد الشيخ علي بوصبيحة وهو أحد وجهاء القبائل أن انخراط قبائل مثل الشاطي وورشفانة في هذا الحراك هو للدفاع عن مناطقهم التي هجّروا منها، من قبل ميليشيات إجرامية تضم بلطجية لا تحترم الأعراف والتقاليد القبلية، مضيفًا: كل تحرك للميليشيات سيقابله رد عنيف من أبناء القبائل الشريفة، وهذا ينذر بثورة جديدة يقودها أبناؤنا، وقد تذوب كل القوى الموجودة على سطح الأحداث حاليا.
وأكد الشيخ بوصبيحة تعاطف القبائل مع الجيش الوطني الليبي، موضحا: مع التحفظ علی بعض القيادات ولكن كمؤسسة عسكرية فهي تحظی بثقة واحترام الجميع خصوصا من خاضوا المعركة ضد الناتو.

دول الخليج أججت لهيب الصراع

دول الخليج أججت لهيب
توقع مراقبون تمديد المفاوضات في الصخيرات لما بعد الأحد؛ لأن بعثة الأمم المتحدة ستدرس ملاحظات الطرفين الجمعة والسبت، على أن تعد نسخة جديدة لمذكرتها تكون منطلقًا لمفاوضات جديدة.
ويؤكد وفد البرلمان إلى الصخيرات أن هذا البرلمان جاء عبر صناديق الاقتراع، وأن جزءًا مهما من المنسحبين منه عادوا إليه؛ لذلك يتمسك بكونه الممثل الوحيد الشرعي للسلطة التشريعية في ليبيا.
من جانبه اتهم الرئيس الأمريكي باراك أوباما بعض الدول الخليجية بتغذية لهيب الصراع في ليبيا، ودعا هذه الدول لأن تساعد في خفضه الآن.
وحث أوباما دول الخليج على المساعدة في تهدئة الوضع السياسي الفوضوي في ليبيا، مؤكدًا أن أي عمل عسكري خارجي لن يكون كافيا للمساعدة في تخفيف التوترات في هذا البلد الذي تمزقه الحرب.
وأشار إلى أنه لا يمكن إنهاء الأزمة في ليبيا بـ "بضع ضربات بطائرات من دون طيار أو عمليات عسكرية قليلة"، مضيفًا أن هناك حاجة لحل سياسي في ليبيا، الغنية بالنفط المطلة على البحر المتوسط.
وقال أوباما: "سيتعين علينا أن نشجع بعض الدول داخل الخليج التي أعتقد أن لها نفوذا على الفصائل المختلفة داخل ليبيا حتى تصبح أكثر تعاونا، قائلا: "في بعض الحالات شهدناها تؤجج نيران الصراع العسكري بدلا من محاولة تهدئتها."
 ومن المقرر أن يجتمع أوباما مع زعماء الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي في واشنطن يومي 13 و14 من مايو المقبل لبحث عدد من الأزمات في الشرق الأوسط.

الحل في أيدي الليبيين أنفسهم

 الحل في أيدي الليبيين
أشار أوباما إلى أن مسلحي تنظيم "داعش" الذين سيطروا على أجزاء كبيرة من سوريا والعراق ينشطون أيضا في ليبيا، قائلا: "نحن ننظر باستمرار إلى الأماكن التي قد تأتي منها المخاطر الإرهابية، وليبيا بالطبع منطقة تبعث على القلق الشديد".
وقارن ذلك بالوضع في الصومال حيث نفذت واشنطن هجمات بطائرات بدون طيار ضد متشددين يشتبه أنهم ينتمون لتنظيم القاعدة.
وقال أوباما: إن الولايات المتحدة وإيطاليا وحلفاءهما يجب أن يوحدوا جهودهم لمكافحة الإرهاب من خلال السعي لحل سياسي.
وأضاف: "الحل في نهاية الأمر هو أن تكون هناك حكومة قادرة على السيطرة على حدودها والعمل معنا، هذا سيستغرق بعض الوقت".
والمشهد الحالي يؤكد أنه لا تزال مفاوضات السلام بين الأطراف المختلفة بعيدة عن التوصل إلى حل للأزمة في البلاد، فيجب وقف الحرب في ليبيا، حيث نصح مراقبون بأن وقف الحرب وتحقيق السلام هما في أيدي الليبيين أنفسهم.

شارك