حل الجبهة الشامية.. "تركيا والإخوان" تعيدان رسم مشهد المعارضة المسلحة في سوريا
الأحد 19/أبريل/2015 - 02:17 م
طباعة

في ظل المتغيرات السياسية والعسكرية التي تحدث على الجبهة السورية، ومع جهود الجيبش السوري في مواجهة الجماعات المتطرفة والفصائل المسلحة التي تحمل أجندات خارجية، وفي إطار إعادة رسم المشهد السوري، وخاصة العسكري، أعلنت الجبهة الشامية حل نفسها متزامنا مع زيارة غامضة لـ"زهران علوش"، قائد "جيش الإسلام" إلى تركيا.
سقوط الجبهة الشامية

أعلنت ما تسمى "الجبهة الشامية" بحلب حلّ نفسها بعد 3 أشهر فقط من تشكيلها… ويعتقد أن السبب هو خلافات زعمائها على الأموال والسلاح، حيث تفيد المعلومات بهروب قادتهم إلى تركيا.
وأكّد مدير المكتب السياسي في "الجبهة الشامية" بحلب "زكريا ملاحفجي" الأنباء التي تواردت عن حل الجبهة نفسها، مشددًا على استمرار التنسيق السياسي والعسكري بين الفصائل.
وأفاد "ملاحفجي"، في تصريحات صحفية أن حل "الجبهة الشامية" لنفسها وعودة كل فصيل للعمل بشكل منفصل جاء بسبب وجود معوقات في إدارة المكاتب والمناطق الجغرافية خلال حالة الحرب، مؤكدا أن "الجبهة لن تكون فصيلًا واحدًا، أو كيانًا واحدًا كما كانت في السابق، ولكنها مستمرة كتنسيق عسكري وسياسي بين جميع الفصائل".
وحول تأثير حل الجبهة الشامية على جبهات القتال في حلب شدّد "ملاحفجي" على عدم وجود أي تأثير على الجبهات جرّاء وجود التنسيق العسكري داخل غرف العمليات.
التأسيس

كانت "الجبهة الشامية" قد شُكلت قبل ثلاثة أشهر في محافظة حلب من كبرى الفصائل العسكرية العاملة في حلب وضمت كلًّا من "الجبهة الإسلامية"، و"حركة نور الدين زنكي"، و"جيش المجاهدين"، و"جبهة الأصالة والتنمية"، وتجمع "فاستقم كما أُمِرْت" بقيادة عبد العزيز سلامة.
وبعد نحو شهرين من تأسيس "الجبهة الشامية"، أعلنت قيادة الجبهة عن ضمها حركة "حزم" في حلب في بداية شهر فبراير الماضي، بعد يوم واحد من اندلاع اشتباكات بيت "حزم" وتنظيم "القاعدة في بلاد الشام" (جبهة النصرة)، فيما اعتبر وقتها أنه حماية قدمتها "الجبهة الشامية" لحركة "حزم".
لكن هذه الحماية لم تستمر إلا شهراً واحداً فقط، قبل أن تقرّر قيادة "الجبهة الشامية" فصل حركة "حزم" في نهاية شهر فبراير، ليفتح ذلك المجال واسعاً أمام "النصرة" لاقتحام مركز حركة "حزم" الرئيسي في ريف حلب الغربي في الفوج 46 قرب مدينة الأتارب، وتسيطر عليه وتقضي على الحركة بعد اشتباكات نتج عنها سقوط عشرات القتلى من عناصر الأخيرة، قبل أن تعلن قيادتها بعد يومين عن حل نفسها، وانضمام عناصرها للجبهة الشامية مجدداً.
وجاء قرار حلّ "الجبهة الشامية" عقب انشقاق مجموعة من الفصائل العسكرية عنها، وهي "لواء أمجاد الإسلام"، و"حركة النور الإسلامية"، و"تجمع كتائب الهدى"، وتشكيل كتائب "ثوار الشام" في حلب.
الإخوان وتركيا

منذ منتصف فبراير الماضي بدأت الخلافات بين المجموعات المكوّنة، وسط محاولات للتعتيم عليها، والحيلولة دونَ تفاقمها، قبلَ أن تطفو على السطح إبّان انشقاق مجموعات صغيرة، وإنشائها «الفوج الأوّل» لاحقاً؛ لذلك جاءت الضربة الثانية، حين أعلنت فصائل حركة "النور"، و"لواء أمجاد الإسلام"، و"تجمع كتائب الهدى"، وعدّة مجموعات تابعة للواء الأنصار، عن تشكيلها لتجمع جديد تحت اسم "ثوار الشام" بقيادة النقيب ناجي المصطفى والملقب بـ"أبو حمزة".
وفيما أفلحت الضغوط التي مارستها وجوه «شرعيّة» محسوبة على «الإخوان المسلمين» لتطويق انشقاق «الصفوة»، فقد أخفقت محاولات مماثلة في حالة «ثوار الشام»، التي جاء إنشاؤها في حقيقة الأمر انتفاضةً على استعلاء «الشاميّة»، وقائدها عبد العزيز سلامة.
وجاء استعجال «الإخوان» "ومن ورائهم الأتراك" محاولة انتهاز لحظة إقليميّة رأوها سانحةً لتكريسِ قوّة مُهيمنة في حلب وريفها، أدّى إلى تسريع الإنشاء على أن «تُحل المشاكل لاحقاً»، لكنّها تفاقمت بدلاً من ذلك.
ما وراء حل "الجبهة الشامية"

يعتبر حل "الجبهة الشامية" ضربة إلى جماعة الإخوان المسلمين في سوريا، ومخططات الدولة التركية، فحل الجبهة يعتبر خسارة مرحليّة لجماعة الإخوان وتركيا.
كما يعتبر حل الجبهة يهدد فرصة استمرار أشخاص محسوبين علي الإخوان وتركيا على رأس «الهرم العسكري المُعارض» في حلب وريفها، من دون أن يعني ذلك إقصاءها من اللعبة نهائيّاً.
كما يعد حل الجبهة والتطورات المصاحبة لها ضربةً لإنشاء جيش وطني جديد، وفقا لمفهوم الائتلاف السوري المعارض المحسوب على قطر وتركيا وجماعة الإخوان، فالائتلاف السوري كان يأمل في تأسيس جيش سوري كانت الجبهة الشامية تمثل نواة هذه الجيش وتفككها يعتبر خسارة فادحة للائتلاف وأتباعه.
كما سيفشل الائتلاف السوري وما يسمى المعارضة المعتدلة في مواجهة تمدد نفوذ "جبهة النصرة" فرع تنظيم القاعدة بسوريا وتنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، وهو ما يعني تغير في استراتيجية الصراع بسوريا.
يمثل حل الجبهة الشامية نقطة تغير في الوضع الاستراتيجي للصراع السوري، وخسارة للاعب التركي، مهندس «الشامية» و«الائتلاف»، وحاضن «الإخوان المسلمين».
ويمهد حل الجبهة الشامية إلى عودة الصراع بين الفصائل المسلحة على مناطق النفوذ والتمويل والأسلحة، وهو ما يهدد وجودهم في ظل قوة جبهة النصرة وتنظيم "داعش"، واللذان أصبح لهما الكلمة الأعلى بين الفصائل المسلحة في سوريا.
وفيما يعتبر حل الجبهة الشامية، خسارة قوية للاعب التركي وجماعة الإخوان، بقدر ما يعتبر مكسبا كبيرا للجيش السوري ونظام الرئيس بشار الأسد، وهو ما يعني أن حل الجبهة سيعطي مزيدا من التحرك وفرض النفوذ للجيش السوري علي حساب الفصائل المسلحة.
زيارة غامضة لـ"زهران علوش" لتركيا

وبالتزامن مع إعلان حل الجبهة الشامية قام قائد "جيش الإسلام"، زهران علوش بزيارة مدينة إسطنبول التركية من مدينة دوما التابعة للغوطة الشرقية بريف دمشق، والمحاصرة منذ سنتين من قبل النظام السوري.
والتقى "علوش" قيادات تركية، على هامش حضوره احتفالية لكبار العلماء السوريين الذين أعلنوا انشقاقهم عن نظام بشار الأسد، كما التقى كريم راجح، شيخ قراء بلاد الشام مدير رابطة خطباء الشام حالياً، بالإضافة إلى الداعية أسامة الرفاعي.
ومن المتوقع أن يلتقي "علوش" قيادات المعارضة السورية في الخارجة والتي يوجد أغلبها في تركيا، وفي مقدمتها "الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة".
و"جيش الإسلام" هو أحد المكونات القليلة التي بقيت قائمة بذاتها، ولم تنخرط مع فصائل أخرى من مكونات "الجبهة الشامية"، مثلما حصل مع "صقور الشام" التي انضمت إلى حركة (أحرار الشام)، و(لواء التوحيد) الذي انضم إلى (الجبهة الشامية) قبل حلها.
وعلى الرغم من التكتم حيال الأهداف الرئيسية للزيارة حتى الآن، لكن المعطيات القائمة قد تشير إلى تغييرات في الغوطة الشرقية لصالح المعارضة، إذ يعتبر "جيش الإسلام" أحد أبرز الفصائل التي تقاتل هناك، ويبلغ تعداده نحو خمسين ألف مقاتل.
ويرجح المراقبون أن زهران قد يكون الرهان القادم لجماعات الضغط الإقليمية كقطر وتركيا في الصراع السوري في ظل إخفاقات الفصائل المسلحة، وفي مقدمتها الجبهة الشامية التي أعلن عن حلها.
ورأى محللون أن الزيارة مهمة وتندرج تحت إطار إعادة تجميل المعارضة المسلحة وإظهارها في ثوب محاربة الإرهاب والجماعات المتطرفة، حيث بدأ جيش الإسلام حملة منذ عدة أيام لتطهير بعض أحياء دمشق من عناصر تنظيم "داعش"، كما تمثل زيادة تقديم الدعم السياسي واللوجستي لجيش الإسلام لمتابعة حربه على "داعش" والجماعات المتطرفة.
مستقبل الفصائل في سوريا

يبدو أن تركيا وجماعة الإخوان تسعيان إلى إعادة ترتيب الفصائل المسلحة في سوريا في ظل تمدد جبهة النصرة وتنظيم "داعش" على حساب عدد من الفصائل الموالية لهما، وفي ظل سعي حكومة رجب طيب أردوغان إلى تشكيل قوات تحت مسمى المعارضة المعتدلة، والتي بدأت في اختيار عناصرها على الأرض، وهو ما يربطه المحللون بإعلان حل الجبهة الشامية واستقبال "علوش" في تركيا.. فهل تمهد تركيا وجماعة الإخوان إلى تغير استراتيجية المعارضة المسلحة على الأرض في مواجهة الجيش السوري؟