حزب النور بين "حكم المحكمة" و"تأييده للنظام"
الأحد 19/أبريل/2015 - 08:15 م
طباعة

قضت أمس السبت 18 أبريل 2015 دائرة شئون الأحزاب السياسية بالمحكمة الإدارية العليا بعدم جواز نظر الدعوى المطالبة بحل حزب النور السلفي، وأمرت المحكمة بإعادة القضية إلى محكمة القضاء الإداري لنظرها والفصل فيها.

وكانت الدعوى التي أقامها عدد من المحامين تطالب بحل حزب النور، بدعوى مخالفته لأحكام الدستور وإنشائه على أسس دينية على نحو يخالف المحظورات الدستورية.
هذا الحكم الذي أدى إلى صدور عدد من التصريحات حوله من قبل حزب النور السلفي، وبعض الكيانات والاشخاص الرافضين لوجوده على الساحة السياسية.
وبعيدًا عن أحكام القضاء وقانونية ودستورية وضع الحزب، وتحديدًا عقب عزل الرئيس السابق محمد مرسي من سدة الحكم في 3 يوليو 2013، هناك جانب آخر من الصورة يجعل خروج حزب النور من المعادلة السياسية أقرب إلى المستحيل، بحسب خبراء.
فمن المعروف أن حزب النور والدعوة السلفية قد اتخذا موقفًا واضحًا مؤيدًا لعزل مرسي، حينما حضر اجتماع القوى السياسية مع عبد الفتاح السيسي، وزير الدفاع حينها، قبل انتخابه العام الماضي رئيسًا للبلاد.
فما الأسباب التي حافظت على وجود حزب النور كرقم أساسي في المعادلة السياسية المصرية؟
بداية صراع "الإسلاميين":

بعد ثورة 25 يناير، وفي أول انتخابات رئاسية ظهرت بوادر صراع خفي بين أكبر جبهتين إسلاميتين في حقل السياسة المصرية، فعلى عكس ما يبدو عن علاقة حزب النور وجماعة الإخوان المسلمين القوية، إلا أن الحزب قرر دعم عبد المنعم أبو الفتوح خلال الانتخابات الرئاسية في 2012 في الجولة الأولى، قبل أن يعود لدعم مرسي أمام أحمد شفيق في الإعادة.
واتسمت مرحلة مرسي في الحكم، بتوتر العلاقات بين الحزب والدعوة السلفية وجماعة الإخوان، وظهر بشكل كبير مع الانتقادات الموجهة لطريقة إدارة الدولة، حتى ظهرت مباردة الحزب لحل الأزمة بين مرسي والأحزاب المعارضة في يناير 2013.
وشهدت العلاقات شد وجذب بين الطرفين، مع تصاعد التلاسن والتراشق الإعلامي، وصولا إلى موافقة الحزب على عزل مرسي من الحكم، على الرغم من تصريحات لقياداته بأن شرعية مرسي خط أحمر.
حزب النور والحكومة:

وكما هو واضح من خلال مواقف الحزب السياسية حيث يتخذ "النور" عادة صف الدولة والحكومة في القرارات المتخذة، مع تصريحات تدعم النظام الحالي وحكومة محلب، في الجهود المبذولة لانتشال البلاد من كبوتها الاقتصادية، وهو ما ترجم في تدخل الحزب لدى محلب من قبل، لحل الأزمة القائمة بين الدعوة السلفية ووزارة الأوقاف على خلفية عدم التصريح لشيوخ الدعوة بصعود المنبر، والأزمة المتصاعدة بين الطرفين.
وقال الدكتور مختار غباشي، الخبير السياسي، إن حزب النور في مواقفه يسير في ضوء سياسات الحكومة، وسط دعم كبير للخطوات المتخذة.
وأضاف غباشي، أن النور يعرف كيف يدير أزماته على مدار الفترات الماضية، ويتمتع بعلاقات قوية مع الحكومة والنظام الحالي، باعتباره داعما بشكل كبير لهما، وخاصة في مواجهة جماعة الإخوان المسلمين.
دعم السيسي:

كما يُلاحظ أن حزب النور دعم بقوة الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي، خلال الانتخابات الرئاسية الماضية، في مواجهة المرشح الرئاسي السابق حمدين صباحي، والتقت قيادات النور قبيل الانتخابات "صباحي" في مكتبه، في إطار خطة الحزب للقاء مرشحي الرئاسة، لاتخاذ قرار بدعم أحدهما. وعلى عكس ما أثير عن رفض السيسي – كان مرشحا للرئاسة حينها-، لقاء قيادات حزب النور والدعوة السلفية، ومع ذلك إعلان تأييده ودعمه بشكل كبير، التقى الطرفان في اجتماع خاص وسري، لم يعلن إلا عقب إتمامه بنحو أسبوعين تقريبا، وهو ما انفردت به "مصر العربية" حينها. ولم يعلن عن لقاء السيسي وأي من الأحزاب في اجتماع منفرد بخلاف حزب النور، فضلا عن مشاركته في اجتماعات السيسي مع مختلف الأحزاب في إطار اللقاءات مع مختلف فئات المجتمع.
عاصفة الحزم:

وفي سياق موافقة الحزب على كل قرارات الحكومة فبمجرد إعلان السعودية بدء عمليات "عاصفة الحزم" ضد ميليشيات الحوثيين ومشاركة مصر، بادر حزب النور بإعلان الدعم والتأييد الكامل للعمليات وموقف مصر.
وأصدر المكتب الإعلامي للحزب عدة تصريحات على لسان قياداته، للثناء على موقف مصر والدعم اللامحدود لهذه الخطوة، للوقوف أمام المد الشيعي في المنطقة، باعتبار أن الأزمة اليمنية جزء من الأمن القومي العربي والذي يؤثر على مصر.
مواجهة التطرف:
ومن أهم النقاط التي يهتم بها حزب النور لكسب تعاطف الدولة والشعب معا هي "مواجهة التطرف"، والتي تمثل جوهر علاقة النظام بحزب النور، وهي تصدى الحزب وبالتبعية الدعوة السلفية، إلى انتشار الفكر المتطرف والتكفيري في المجتمع وبين صفوف الشباب، خاصة عقب فض اعتصامات أنصار مرسي، ودشنت الدعوة السلفية والحزب، حملة لمواجهة التطرف، وامتدت عبر مختلف محافظات الجمهورية، من خلال إعادة طبع مطويات لمواجهة الفكر التكفيري ولقاءات جماهيرية مع أعضاء الدعوة والحزب وأبناء التيار السلف، وامتدت الحملة لدعم الدولة في مواجهة الأحزاب الإسلامية التي أعلنت دعمها لمرسي ورفضها للنظام الحالي، بما يعرف بـ "تحالف دعم الشرعية".
المعادلة السياسية:

يؤكد الكثير من الخبراء السياسيين، أن حزب النور غير مطلوب خروجه من المعادلة السياسية، لأنه الحزب صاحب المرجعية الإسلامية الوحيد في المشهد السياسي أما الباقي فمعارضين للنظام الحالي، حيث قال الدكتور مختار غباشي، إن هناك رغبة من قبل النظام الحالي في استمرار الحزب في العمل السياسي، حتى لا يترسخ الانطباع الذي يروجه تحالف الإخوان حول أن النظام الحالي قائم ضد كل ما هو إسلامي والأحزاب التي تحمل نفس هذه المرجعية، وشدد على أن الإرادة السياسية ترى أنه من غير المطلوب خروج "النور" من المعادلة السياسية، على الرغم من مطالبات أحزاب أخرى بحله أو تحجيم دوره. من جانبه، قال الدكتور يسري العزباوي، الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية، إن الخلافات بين النور وبعض الأحزاب الأخرى، حول عدم الرغبة باستمراره في الحياة السياسية، لن تؤثر على بقاء الحزب. وأضاف العزباوي ، أن تلك الخلافات لن تعجل بحكم قضائي بحظره، فضلا عن عدم التفات "النور" لهذه الخلافات والاستمرار في العمل على الأرض.
ولفت إلى أن سبب هذه الخلافات الحزبية، وهو وجود أرضية لـ "النور" في الشارع من خلال عمل كوادره والسعي للتواصل مع الشعب في مختلف المحافظات، على عكس الأحزاب الأخرى المنشغلة بهذه الخلافات.
وهذا الرأي مازال هو السائد لدي الكثير من الخبراء والسياسيين وفي انتظار حكم محكمة القضاء الاداري حول حل حزب النور أو الإبقاء عليه.