حملة "العزم".. طالبان تبدأ "ربيع الدم" ضد القوات الحكومية والأجنبية في أفغانستان
الأربعاء 22/أبريل/2015 - 02:54 م
طباعة

في ردها على "عاصفة الحزم".. طالبان تعلن الحرب بـ"حزم"
عادت حركة طالبات الأفغانية إلى إعلان الحرب علي القوات الأجنبية والحكومية في أفغانستان، في إطار المواجهات التي تخوضها في مناطق مختلفة وخاصة في مناطق الجنوب والتي تعتبر مناطق نفوذ لها، يأتي ذلك مع ارتفاع معدل التفجيرات في البلاد وظهور قوي لتنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، مع دعوات البرلمان الأفغاني لحكومة الرئيس أشرف غني إلى تعديل الاتفاقية الأمنية التي وقعت مع الولايات المتحدة الأمريكية في وقت سابق.
طالبان تعلن حملة "العزم"

أعلنت حركة طالبان الأفغانية الأربعاء عن انطلاق عمليات الربيع ضد القوات الدولية والحكومية بأفغانستان اعتبارا من الجمعة المقبل، مؤكدة أن العملية التي ستحمل اسم "عزم" جرى التخطيط لها من قيادة الحركة ومجلسها العسكري.
وأرجعت الحركة تسميتها باسم"العزم": "اختير اسم "العزم"، يوم الخامس من شهر رجب، للتفاؤل؛ حيث إن "العزم" هي الإرادة القوية، والله سبحانه وتعالى لقّب رسله الذين ثبتوا أمام العدو وصبروا على الشدائد في سبيل الله بأولي العزم؛ قال تعالي: {فاصبر كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ} [الأحقاف: 35]، وكذا أمر الله عز وجل بالعزم والتوكل بعد التشاور في الأمور قال تعالى: {فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ} [آل عمران: 159] راجين من الله سبحانه وتعالى أن يقوي عزمنا الجهادي في هذه العمليات أمام قوى الكفر والطغيان".
وقالت الحركة في بيان على موقع إمارة أفغانستان الإسلامية: إن العمليات التي عادة ما تطلقها الحركة في الربيع بعد انتهاء موسم الثلوج والأمطار وتحسن الظروف الجوية في البلاد، ستبدأ اعتبارا من 24 أبريل الجاري.
وأضاف البيان: "من أجل تحرير وطننا من رجس الاحتلال الأجنبي وتطبيق حكم الشريعة في البلاد، فإن الإمارة الإسلامية (أحد أسماء حركة طالبان) مصممة على استكمال الجهاد ضد الغزاة الأجانب وعملائهم في الداخل؛ ولذلك ستقوم الإمارة بإطلاق عمليات الربيع اعتبارا من الساعة الخامسة فجرا يوم 24 أبريل."
وتابع البيان بالقول: "نثق بإذن الله بأن عمليات الربيع ستكون صفعة قاتلة لكل القوى الغربية الكافرة التي اجتاحت بلدنا" على حد تعبيره. ولفت مجاهد إلى أن الهدف هو ضرب "المحتلين الأجانب، كاشفا أن العمليات ستنطلق تحت اسم "عزم"، وقد جرت بتخطيط من "قيادة الإمارة والمجلس العسكري" التابع للحركة.
ودعت الحركة إلى الموظفين الحكوميين والعسكريين والإداريين أن ينشقوا عن الحكومة الأفغانية، قائلة: "ندعو مرة أخرى الموظفين الحكوميين والعسكريين والإداريين أن يؤدّوا مسئوليتهم الدينية، وأن ينشقوا عن صفوف الكفار المحتلين، ويقفوا إلى جانب شعبهم المسلم، وأن المجاهدين مكلّفون بأن يهيئوا لهؤلاء فرصة حياة آمنة وكريمة".
وتعهدت طالبان باستهداف قواعد القوات الأجنبية ومراكز استخباراتها ومقراتها الدبلوماسية، إلى جانب استهداف المسئولين فيما وصفته بـ"النظام العميل" في كابول، مؤكدة نيتها استخدام ما وصفته بـ"تقنيات القتال المتقدمة" في العمليات.
وتطلق الحركة منذ سنوات ما تصفه بـ"عمليات الربيع" التي تستمر حتى موسم الثلوج التالي، ويبدو أنها ستباشر عملياتها هذا العام في ظل وجود منافس جديد لها يتمثل في تنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، الذي نفذ مؤخرا عملية دموية في جلال آباد.
ارتفاع وتيرة التفجيرات

وتشهد أفغانستان خلال الأسابيع الأخيرة ارتفاع وتيرة العمليات الإرهابية التي تستهدف المؤسسات الأمنية والحكومية الأفغانية، من قبل الجماعات الإرهابية، فقد أعلن مسئولون محليون في ولاية ننجرهار بشرق البلاد أن ثلاثة أشخاص على الأقل قتلوا بينهم مسئول عسكري وآخر مدني وأصيب 4 أشخاص آخرون بانفجارين منفصلين وقعا اليوم الأربعاء.
كما تم الإعلان عن تحرير 19 خبير الألغام في ولاية بكتيا بجنوب شرق أفغانستان تم اختطافهم من قبل مسلحين مجهولين قبل يومين، بينما لم تتحمل أية جماعة مسلحة مسئوليتها رسمياً عن حادثة الخطف التي ليست هي الفريدة من نوعها العام الحالي.
وقال (عبد الولي سهي) نائب حاكم ولاية بكتيا بالجنوب الأفغاني مساء الثلاثاء: إن هؤلاء الرهائن وعددهم 19 رهينة تم الإفراج عنهم الثلاثاء بواسطة زعماء العشائر ووجهاء المنطقة.
وفي الاثنين 13 أبريل، ذبح 18 جنديا أفغانيا، بهجوم نفذه عناصر حركة "طالبان" الأفغانية في منطقة نائية شمال شرق أفغانستان.
وصرح مسئولون أفغان أن الهجوم وقع، بمنطقة "جورم" من محافظة "بادخشان"، مؤكدين أن عملية تفتيش كبيرة انطلقت منذ الحادثة لاقتفاء أثر عشرات الجنود المختفين.
وكانت وزارة الدفاع الأفغانية أعلنت الأحد، أن قوات الجيش خسرت أكثر من 30 جنديا بين قتيل وأسير في هجوم شنته حركة طالبان في ولاية بدخشان شمال البلاد.
كما تبنى تنظيم "داعش" الهجوم الانتحاري الذي وقع في جلال آباد شرقي أفغانستان، وأودى بحياة 38 شخصاً وإصابة أكثر من مئة، والذي إذا تأكد سيكون أول هجوم كبير للتنظيم في البلاد.
تصعّد طالبان عملياتها العسكرية كل عام مع حلول الربيع مستفيدة من تحسن الأحوال الجوية الذي يسهل حركة مقاتليها وأسلحتها، ولم تشر الحركة في بيانها إلى عملية السلام التي قال الرئيس الأفغاني أشرف غني قبل عدة أشهر إنه اقترب من إطلاقها.
وشهد العام الماضي سقوط أكبر عدد من الضحايا بين المدنيين منذ أن بدأت الأمم المتحدة تسجيل أعداد القتلى والجرحى في عام 2009، إذ قتل وأصيب أكثر من عشرة آلاف مدني في الصراع عام 2014.
طالبان ضد "داعش"

وعقب الظهور القوي لتنظيم "داعش" في أفغانستان وخوفا من محاولة سرقة نفوذه، أعلنت كل من حركة طالبان و"داعش" الجهاد ضد بعضهما البعض.
وأفاد مدير أمن ولاية هلمند، نابي جان مولاهل، أن طالبان و"داعش" أعلنتا الجهاد ضد بعضهما بعضاً، في مناطق ينشط فيها الأخير، مشيراً إلى أن حركة طالبان أصدرت بياناً اعتبرت فيه "داعش" منظمة "غير مسلمة"، ودعت إلى ضرورة "الجهاد ضدها"، مؤكدا أن "داعش" بدورها أعلنت الجهاد ضد حركة طالبان واعتبرتها "مرتدة عن الإسلام".
وتفيد المعلومات الصادرة عن مسئولين أمنيين أفغانيين بأن "داعش" تمارس أنشطتها في الأماكن، التي لا تبسط الحكومة سيطرتها عليها، وأنها تقوم بالتدريبات العسكرية لعناصرها هناك.
وظهر "داعش" في أفغانستان إلى العلن عقب الاشتباكات التي وقعت بينه وبين حركة طالبان في مدينة هلمند قبل 6 شهور، حيث سبق أن أعلن مسئولون حكوميون في المدينة أن مسلحين ملثمين يحملون رايات سوداء، يشتبكون مع حركة طالبان في المناطق الريفية من المدينة.
القوات الأجنبية في أفغانستان

وفي نهاية عام 2014 أعلنت القوات الدولية لحفظ السلام في أفغانستان (أيساف) رسميًّا عن انتهاء المهمة القتالية التي بدأها حلف الناتو بمشاركة 57 دولة وبقيادة أمريكا قبل حوالي ثلاثة عشر عامًا في أفغانستان، وأعلنت تلك القوات عن بدء مهمتها الجديدة في أفغانستان والتي سُميت بـ"Resolute support" "الدعم الحازم"، وأعلنت أمريكا ومن ورائها الناتو أنها تفتح فصلًا جديدًا في حربها على الإرهاب في أفغانستان.
وبقي حاليًا في أفغانستان مجموعة من الجنود الأجانب منقسمين إلى مجموعتين:
الأولى: القوات الأجنبية التابعة للناتو (متعددة الجنسيات، أغلبها أمريكيون) ويصل عددها ما بين 12 ألفا إلى 13 ألفا وخمسمائة جندي؛ وهي تحت قيادة الجنرال الأمريكي جون كامبل، ومكلَّفة بـ "مهمة الدعم الحازم".
والثانية: القوات الأمريكية ومكلَّفة بأداء المهمات الحربية، ولا يُعرف عددها الحقيقي لكن يقدرها البعض بحوالي 10 آلاف جندي حاليًا؛ حيث استبقى الرئيس الأمريكي باراك أوباما بعض كتائب الجيش الأمريكي في أفغانستان إلى نهاية عام 2015 للمشاركة في العمليات القتالية (2)، وتدَّعي أمريكا أن هذا التمديد حصل بطلب من الحكومة الأفغانية الجديدة.
وكان الرئيس أوباما كان قد أعلن سابقًا عن عزم الجيش الأمريكي إيقاف عملياته العسكرية في أفغانستان نهائيًّا بنهاية عام 2014 وتسليم مهمات الدفاع والأمن للأجهزة الأفغانية المسلحة والأمنية، على أن يبقى حوالي 10 آلاف جندي في أفغانستان بعد نهاية عام 2014، وسيجري تخفيضهم تدريجيًّا فلا يبقى بعد 2016 إلا 1000 عنصر من عناصر الجيش الأمريكي لحراسة السفارة الأمريكية في كابول. لكن على خلاف تلك الخطة المعلنة فقد تم تمديد المهمة الحربية للجيش الأمريكي إلى نهاية عام 2015، وأعرب وزير الدفاع الأمريكي الجديد آشتون كارتر عن إمكانية تمديد هذه المهمة، فقال في المؤتمر الصحفي الذي عقده مع الرئيس الأفغاني في كابول في 22 فبراير 2015: "من أولوياتنا في الظروف الحالية أن نطمئن على استمرارية التقدم الذي أحرزناه، ومن هنا يعيد الرئيس الأمريكي التفكير في عدة احتمالات للدعم الحازم للاستراتيجية الأمنية للرئيس محمد أشرف غني بما فيها التغيير المحتمل للجدول الزمني لانسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان".
الاتفاقية الأمنية مع أمريكا

ولكن الاتفاقية الأمنية بين الولايات المتحدة الأمريكية وأفغانستان، تلاقي رفضا من قبل أعضاء البرلمان الأفغاني، حيث طالب مجلس النواب حكومة الرئيس أشرف غني بمراجعة الاتفاقية الأمنية الثنائية التي وقعتها الحكومة الأفغانية الحالية مع الولايات المتحدة بعد أن تماطلت في توقيعها الحكومة الأفغانية السابقة برئاسة حامد كرزاي.
وتناول مجلس النواب الأفغاني في اجتماعه تصاعد التوتر الأمني في عموم أفغانستان في الآونة الأخيرة بالبحث والمناقشة، وأكد الكثير من أعضاء المجلس أن الاتفاقية الأمنية الثنائية مع الولاية المتحدة الأمريكية التي وقعتها الحكومة الحالية لم تكن لها آثار إيجابية في تحسين الأوضاع بل على العكس الوضع توتر أكثر من ذي قبل لذا يجب مراجعة الاتفاقية من جديد.
وكان الرئيس الأفغاني السابق حامد كرزاي الذي حكم أفغانستان لأكثر من 12 عاماً تماطل في توقيع هذه الاتفاقية المثيرة للجدل ووضع لذلك شروطا ولم يوقعها، بالرغم من أنه تعرض لضغوط داخلية وخارجية على مختلف الأصعدة، ولكن الحكومة الجديدة برئاسة أشرف غني وقعتها غداة تنصيب الرئيس الأفغاني رسميا وتوليه مهام في 29 من سبتمبر الماضي وبموجب هذه الاتفاقية فإن 9800 عسكري أمريكي سيبقون في أفغانستان.
وكان الرئيس الأفغاني أشرف غني قال في مراسم توقيع الاتفاقية الأمنية الثنائية المثيرة للجدل بين أمريكا وأفغانستان: إذا تعرضت بلادنا لخطر جدي، فبإمكاننا أن نطالب بمطالبة خاصة وسيُلتَفت إلى مطالبتنا بجدٍّ دون أن يوضح تلك المطالبة الجدية.
المشهد الأفغاني

يبدو أن إعلان حركة طالبان الأفغانية حملة "العزم" تعتبر تطورا جديدا في ظل مساعي الحوار مع حكومة الرئيس الأفغاني أشرف غني، برعاية أطراف إقليمية ودولية، ومدى نجاح حملة طالبان يتوقف على مدى استعداد القوات الأفغانية لهذه العمليات في ظل الخبرات التي اكتسبتها هذه القوات خلال السنوات الماضية، وربما يكون ظهور "داعش" في أفغانستان سلاح ذو حدين، فالحرب بين "داعش" و"طالبان" قد يؤدي إلى معركة استنزاف للطرفين، وأيضا مواجهة القوات الحكومية لأكثر من جماعة مسلحة ومتطرفة قد يؤدي إلى تشتت جهودها في مواجهة "طالبتن" و"داعش"، فهل ستنجح القوات الحكومية بدعم القوات الأجنبية في مواجهة حملة "العزم"، أم أن سيكون لمقاتلي "طالبان" كلمة أخرى؟