بعد خسارة ثلث مساحته.. العودة إلى حكم الشمولية الدينية بالسودان

الأربعاء 22/أبريل/2015 - 07:47 م
طباعة بعد خسارة ثلث مساحته..
 
تشير التوقعات للانتخابات الرئاسية السودانية  بفوز البشير وحكم حزب المؤتمر للسودان  بكل الخروقات والتزويرات  لتطرح من جديد اسئلة استمرار هذا النظام، حيث جاءت هذه الانتخابات باعتبارها أول انتخابات منذ انفصال جنوب السودان عام 2011، وسط دعوات للمقاطعة من بعض تيارات المعارضة. خاصة أن هذا النظام الي جانب التدهور الاقتصادي والاجتماعي والحقوقي في السودان ادي الي انفصال الجنوب، الأمر الذي تسبب في خسارة السودان لثلث الأراضي وكل الإنتاج النفطي تقريبا، وبالتالي يزداد  تدهور اقتصاد البلاد وتتفاقم أزمة البطالة.وكان البشير قد وعد بتحسين الاقتصاد الذي يعاني من استمرار التضخم، ومكافحة البطالة، كما تعهد بالحفاظ على الاستقرار محذرا من حدوث تغيير في الحكم بينما تشهد المنطقة عنفا من ليبا إلى اليمن.!!
في المقابل قالت الأحزاب السياسية التي أعلنت المقاطعة، إن التضييق على المعارضة ووسائل الإعلام والمجتمع المدني، خلق بيئة يستحيل فيها منافسة البشير، الذي يحكم البلاد منذ الانقلاب العسكري في 1989.
حيث انحسرت المنافسة بين حزب المؤتمر الوطني الذي يقوده البشير وجماعات حديثة التكوين نسبيا، وأحزاب، يقول منتقدو الحكومة، إنها تشكل "معارضة صورية".
وأوضحت وكالات أنباء عالمية أن الانتخابات بالسودان قد أظهرت مشاركة ضعيفة جداً من قبل الناخبين بعد مقاطعة أعداد كبيرة من المواطنين للصناديق.
وقال عوض الكريم أحمد الصادق ضابط الدائرة 2 سنار الجنوبية والوسطى، إن مرشح المؤتمر الوطني للرئاسة حقق نسباً عالية لا تقبل المقارنة مع منافسيه، وأوضح أنه في مركز فنقوقة اللجنة 1 في الدائرة، حصل البشير على 434 صوتاً من جملة 480 صوتاً، بينما حصل فضل السيد شعيب على 13 صوتاً وفاطمة عبد المحمود على 11 صوتاً.وهذه الارقام هي النموذج المتكرر في باقي اللجان 
نتيجة الانتخابات هي تكرار لمأساة السودان التي بلا منفذ حتي بعد التقسيم فالاجترار هنا من نفس معون الحكم الشمولي الديني القائم على القتل والسجن والتعذيب والتصفيات الجماعية على الهوية ويختلف الكتاب والمفكرون السودانيون والعرب في توصيف نظام البشير .يصف المنتمين لحزب المؤتمر  نظامهم بانه تأصيل الحياة على اصل الايمان بالإسلام ويحتار المتابع في فهم هذا الزعم اذ انه ليس ثمة صلة ظاهرة بين تأصيل الحياة وهو عمل فكري واستخدام الدولة وجهازها في فرض نمط محدد للحياة والعلاقات الاجتماعية والسياسية بل وللشخصية الفردية وهو عمل سياسي ويقول الباحث علاء قاعود في دراسته حول الشمولية الدينية وحقوق الانسان – حالة السودان كنموذج – ان الذي يجمع بين التسلطية والشمولية ثلاثة محددات هي غياب الاعتراف بالقيمة الجوهرية للحريات والحقوق الدينية والسياسية والغياب الفعلي أو الرسمي لمبدأ استقلال المجتمع وسيادة الأمة وهو ما ينتج غيابا لمبدا المسئولية والمحاسبة للموظفين العموميين أمام المجتمع تمركز واحتكار السلطة في النظامين التسلطي والشمولي، أما التمايز بين التسلطية والشمولية فهو أدق واكثر غموضا غير اننا يمكن ان نعين هذا التمايز في أربعة جوانب رئيسية وهي 
أولا-  تقوم الايدلوجية ذات الطابع الشمولي بدور جوهر في شرح كل مظاهر الحياة 
ثانيا-  تتركز السلطة في النظام الشمولي في اجهزة الدولة الايدلوجية – دعائية – حزبية – ثقافية وتتركز في اجهزة الدولة القهرية (الجيش والبوليس) في النمط التسلطي 
 ثالثا -  تقوم الإيدلوجيات الشمولية ذات الاسناد الديني على نص مقدس ومكتمل داخليا بما يلغي البعد الزمني في الممارسة الاجتماعية والسياسية وهذا التوحد مع النص الديني المقدس يترك مجالا محدودا للاجتهاد ومجالا محدودا للتأقلم المنهجي بالمقارنة مع الأيدلوجيات الشمولية ذات الاسناد الدنيوي
 رابعا-  يؤكد الباحث أن الايدلوجية ذات الإسناد الديني لها قدرة أكبر بكثير علي البقاء بالمقارنة بتلك ذات الاسناد المدني وحكومة المؤتمر منذ انقلاب 1989 بالسودان تتحرك في فضاء متوتر بين الشمولية والتسلطية ولكن الشمولية ذات الاسناد الديني هي التي تشكل اكثر التحديات حدة وجسامة لحقوق الإنسان في السودان الذى رغم المحاولات المتكررة للانتفاض ضد هذا الحكم الا انه يعجز عن قهره والخروج عليه !
ورغم أن كل التقارير الصحفية تؤكد تزوير الانتخابات إلا أننا يمكن ان نلتمس في الدراسة المذكورة بعض الخطوط التي تساعد علي استمرار هذا النظام البغيض ومنها تفريغ السودان من معظم عناصر المعارضة الديمقراطية النشطة بل ومن قطاع كبير للغاية من المجتمع المدني الحاضن للفكرة الديمقراطية وهذا العامل يعطى لنظام الانقاذ احتكارا شبه مطلق للعمل السياسي والدعائي في البلاد دون معارضة او قوى موازنة بين الراي العام السوداني .وايضا نجاح نظام البشير في استقطاب وتكتيل غالبية من العناصر ذات التوجهات التوجهات التسلطية داخل الاحزاب التقليدية  الكارتونية الضعيفة كذلك مازال هناك صعود لتيار الاسلام السياسي بين الاجيال الشابة من الطبقة الوسطى حيث نجحت الايدلوجية الإسلاموية في الامساك بالمزاج الاساسي لفئات واسعة من الاجيال الشابة والطلبة رغم ان الفكرة اصبحت باهتة وفقدت كثيرا من رومانسيتها الأولى واحلامها الكاذبة حيث بالتأكيد حدث تأثير بعد السقوط المدوي للإخوان في مصر وتونس وبحكم ان هذه التيارات هي الاكثر ديناميكية وانضباطا فمازالت  قدرتها الاستقطابية والاستيعابية أعظم كثيرا وخاصة حيثما واجهت نخبة سياسية متهالكة ومتقادمة متهمة في نزاهتها الاقتصادية والسياسية وهشة من حيث دوافعها الكفاحية ابتغاء لتحقيق مصالحها الخاصة. 

شارك