بعد الهجمات في المملكة.. هل تدخل السعودية تحت قبضة "داعش" ؟
السبت 25/أبريل/2015 - 12:12 م
طباعة

رغم مساعي المملكة العربية السعودية في تأمين أراضيها من تسلل العناصر الإرهابية إليها، فإن تصريحات وزارة الداخلة السعودية بأن الهجوم الذي وقع أمس الجمعة 24 أبريل 2015 على دورية الشرطة ارتكبه تنظيم "داعش" الإرهابي، جاءت لتفشل جميع التدابير والاحترازات التي اتخذتها المملكة على مدار المرحلة الماضية في ظل توغل تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" في أكثر الدول العربية.
إرهاب القاعدة في السعودية

رغم أن معظم الدول العربية طالتها يد الإرهاب الداعشي، فإن السعودية كانت أخر هذه الدول، وأعلنت وزارة الداخلية السعودية عن إحباط مخطط إرهابي باستخدام سيارات مفخخة كانت خلية تابعة لتنظيم "داعش" تسعى لتنفيذه في البلاد.
لم يكن تهديد داعش للمملكة العربية السعودية هو الأول من نوعه، بل سبق وطالت المملكة تهديدات تنظيم القاعدة، الأمر الذي أدى إلى شروع السعودية ببناء سياج للسيطرة على الحدود الشمالية مع العراق ومنع أي مخاطر محتملة، العراق الذي يشهد قتالا شرسا تشكل حدوده منبعا أساسيا للمسلحين في المنطقة، خصوصا وأن تنظيم "داعش" يسيطر على مناطق واسعة من البلاد التي يتخذ منها موقعا أساسيا لانطلاق عملياته العسكرية.
وكانت المملكة السعودية قد استطاعت التصدي للإرهاب في العقد الأول من القرن الحالي بتتبع تنظيم القاعدة وملاحقته، لكن المخاوف تتجدد اليوم مع تواجد الجماعات الجهادية كتنظيم "داعش" في العراق وسوريا أو جبهة النصرة التابعة لتنظيم القاعدة في زرع أفكار متطرفة بين السعوديين تجعلهم يشنون موجة جديدة من الهجمات داخل البلاد.
تهديدات البغدادي

كان أبو بكر البغدادي زعيم التنظيم الإرهابي، دعا أنصاره في وقت سابق إلى "الجهاد" في كل مكان بما في ذلك السعودية، وحرض على شن هجمات على الشيعة في كل مكان وعلى آل سعود حيث أسماهم مستهزأ في خطاب منسوب له بـ "آل سلول"، ويتهم البغدادي دولا عربية وإسلامية وعلى رأسهم السعودية بالتواطؤ مع الدول الغربية التي تشن حربا على التنظيم في العراق وسوريا.
من جانبه يواصل التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، ويضم في عضويته عدد من الدول العربية والغربية من بينها السعودية، شن غارات جوية على مواقع داعش، الذي يسيطر على مساحات واسعة في العراق وسوريا.
وذكرت الوزارة في بيان لها، على لسان منصور التركي، المتحدث باسم الوزارة، أن الكشف عن المخطط تم في إطار التحقيقات باعتداء على دورية للشرطة شرق العاصمة الرياض في 8 أبريل أسفرت عن مقتل جنديين، مشيرا إلى تمكن قوات الأمن من اعتقال المهاجم الذي كان ينفذ تعليمات تلقاها من "داعش" في سوريا.
وأوضحت الوزارة أن منفذ الهجوم هو يزيد بن محمد عبر الرحمن أبو نيان البالغ من العمر 23 عاما، مشيرة إلى أن اعتقاله تم في مكان اختبائه بإحدى المزارع في مركز العويند بمحافظة حريملاء، كما صادرت قوات الأمن من هذا المكان كميات كبيرة من الأسلحة والذخيرة والمال، وعثرت على 7 سيارات، كانت 3 منها في مراحل التفخيخ، وعلى مواد متفجرة وأدوات تستخدم في تفخيخ السيارات.
الوصول إلى سوريا للقتال

كشفت الوزارة خلال الإعلان عن تفاصيل إحباط المخطط، "أن الشاب كان يرغب في الذهاب إلى سوريا للقتال هناك وانخرط فيما يطلق عليه "الجهاد الإلكتروني"، وأنه في نهاية المطاف اتصل بمواطن سعودي عمل كوسيط تجنيد لتنظيم "داعش"، كان يطلق على نفسه اسم "برجس" ويخفي هويته الحقيقية، وهو من ساعد الشاب على الاتصال بوسيط عمليات لـ"داعش" في سوريا".
وأضافت الوزارة أن الشابين أقنعا الأخر بعدم التوجه إلى سوريا، بل بـ"الاستفادة من خبراته في استخدام الأسلحة وصناعة العبوات الناسفة والتفخيخ" لتنفيذ مخططات لـ"داعش" داخل السعودية، موضحة أن وسيط العمليات هو من كلف الشاب و"برجس" بتنفيذ الهجوم على دورية الشرطة، إذ كان الأخير يقود السيارة ويصور الاعتداء فيما أطلق الآخر النار على الجنود.
وكشفت الداخلية عن الاسم الحقيقي لـ "برجس" وهو نواف بن شريف بن سمير العنزي، وهو عسكري سابق وكان من المطلوبين في قضايا قانونية وجنائية.
وأكدت الوزارة أن محاولة إلقاء القبض عليه مستمرة وتجري بنجاح، ووعدت بدفع مكافأة مالية قدرها مليون ريال سعودي لمن يدلي بمعلومات تؤدي إلى القبض على "برجس".
وقالت الوكالة التركية إنه قتل خلال الهجمات قائد حرس الحدود الشمالية العميد عودة معوض البلوي، و7 من المهاجمين، و8 مدنيين سعوديين، وتم على خلفيتها اعتقال 94 من جنسيات مختلفة، وتأتي تلك الأعداد بحسب إحصاء أعده مراسل استنادا لبيانات وتصريحات رسمية لمسئولي وزارة الداخلية السعودية.
حصاد إرهاب داعش في السعودية

كانت أول الهجمات التي ارتكبتها داعش في المملكة، هو هجوم بقرية الدالوة في محافظة الأحساء شرقي المملكة في 3 نوفمبر الماضي، وأسفر عن مقتل 8 مواطنين، أتبعه عمليات مداهمة واعتقالات أسفرت عن مقتل 3 من المطلوبين و2 من رجال الأمن.
وبعد الهجوم بـ3 أسابيع، أعلنت وزارة الداخلية السعودية، في 24 نوفمبر الماضي كشفها شبكة إجرامية، قالت إنها تقف وراء هجوم قرية الدالوة في محافظة الأحساء شرقي المملكة، مشيرة إلى أن الشبكة “يرتبط رأسها بتنظيم داعش الإرهابي”، وأنها تتكون من 77 منهم 73 سعوديا و4 من جنسيات مختلفة.
وفي 22 نوفمبر 2014، أصيب مقيم دنماركي الجنسية، إثر تعرضه لإطلاق نار من مصدر مجهول وذلك بعد خروجه بسيارته من مقرر عمله بإحدى الشركات في طريق الخرج بالعاصمة السعودية الرياض، وتبنى تنظيم داعش المسئولية عنه.
وبعد 3 أسابيع من الهجوم، أعلنت وزارة الداخلية، في 11 ديسمبر، إلقاء القبض على 3 أشخاص من مؤيدي تنظيم داعش أطلقوا النار على مقيم دنماركي بمدينة الرياض الشهر الماضي.
أما 5 يناير الماضي، تعرضت دورية أمنية سعودية بمحاذاة مركز سويف التابع لجديدة عرعر على بعد 15 كيلومتراً من الحدود العراقية بمنطقة الحدود الشمالية للمملكة مع العراق إلى هجوم، أسفر عن مقتل 3 من جال الأمن بينهم قائد حرس الحدود بالحدود الشمالية العميد عودة معوض البلوي، و4 من المهاجمين.
بعد الهجوم بـ4 أيام، أعلنت الداخلية السعودية، في 9 يناير، اعتقال سبعة أشخاص، ثلاثة سعوديين وأربعة سوريين، على خلفية الهجوم .
وفي 29 مارس الماضي: أصيب رجلا أمن إثر تعرض دورية أمنية لإطلاق نار من سيارة مجهولة الهوية غرب الرياض.
بعد الهجوم بأسبوعين، أعلنت الداخلية السعودية، في 10 أبريل الجاري، أنه تم القبض على المتهم بإطلاق نار على دورية أمنية غرب الرياض، وذلك بمنطقة جازان قرب الحدود الجنوبية للمملكة أثناء شروعه في التسلل إلى اليمن، وتم القبض على 3 ثلاثة سعوديين و2 من المقيمين أحدهما يقيم في البلاد بطريقة غير مشروعة للاشتباه في تورطهم بالتستر عليه، ومساعدته في الهروب.
وكانت أخر الهجمات قبل أمس يوم 8 أبريل الجاري حيث قتل شرطيان سعوديان، الأربعاء 8 أبريل الجاري، في إطلاق نار من قبل مسلحين مجهولين شرق الرياض، وأعلنت الداخلية السعودية، الجمعة 24 أبريل، أنه تم القبض على المتهم بإطلاق نار على دورية أمنية شرق الرياض، إضافة إلى ضبط 7 سيارات تم تفخيخ 3 منها خلال القبض عليه.
حرب نفسية في المملكة

كما كشفت وزارة الداخلية عن هوية مواطن متورط في الهجوم نفسه هارب، مشيرة إلى أنها قامت بتخصيص مكافأة مالية مقدارها مليون ريال سعودي 270 ألف دولار لمن يدلي بمعلومات تؤدي للقبض عليه.
وقالت السعودية: إن داعش يوجه أعضاءه الجدد بشن هجمات داخل المملكة، وإنه يسعى لحرب نفسية وتعبئة بعمليات يائسة متفرقة.
من جانبه قال العميد بسام العطية إن المتهم في عملية أمس الجمعة، ويدعي يزيد أبو نيان بالغ من العمر 23 عامًا، تأثّر بهذا التشكيل الإرهابي والفكر التكفيري المنحرف ضد الدولة ورجال الأمن، من خلال تواصله مع تنظيم داعش الإرهابي عبر وسائل التواصل الاجتماعي، حيث تأصلت لديه الرغبة الملحة في الخروج إلى سوريا، لتتلقفه الجماعات الإرهابية عبر هذه الوسائل، وتوجهه للبقاء في مكانه وممارسة أعماله الإرهابية ضد رجال الأمن، مؤكدًا أن ذلك الإجراء يبيّن كيفية عمل هذه التنظيمات الإرهابية وفلسفتها في استهداف أمن وسلامة المملكة ومواطنيها.
وأوضح عطيه أن المتهم الثاني في قضية إطلاق النار على دورية الأمن في شرق الرياض نواف العنزي، البالغ من العمر 29عامًا، عمل في القطاع العسكري، وكان يحمل أفكارًا تكفيرية ضد الدولة ورجال الأمن، وهو مطلوب للجهات الأمنية في عدة قضايا حقوقية، وكان قد سافر لمناطق الصراع في سوريا، وعمد بمساعدة أعضاء في تنظيم داعش الإرهابي لترحيل الصراع إلى داخل المملكة، لإشغال قوات الأمن السعودية بالأمن الداخلي، عبر حرب نفسية أقرب ما تكون لحرب الشوارع.
تغييرات جذرية في المملكة

أكد أن هذه التنظيمات الإرهابية، عمدت إلى استخدام المتعاطفين معها من صغار السن، وقامت بتجنيدهم لأعمالها الإرهابية، عبر ما يمكن أن يسمى بـ "جيوش الأطفال" لتحصل بالتالي على مكاسب إعلامية تسوّق لها الجماعات عبر وسائل التواصل الاجتماعي، لكسب هؤلاء المتعاطفين الذين تضعهم أمام خيار الموت فقط، لتستخدمهم كقطع انتحارية يتم حرقها وإتلافها في نهاية العملية الإرهابية.
وحسب تقرير أعدته "روسيا اليوم"، فإن المشهد الحالي يوضح بأن الأيام والأشهر القليلة القادمة ستكون شاهدة على تغييرات جذرية في ملف السعودية و"داعش"، وستثبت مدى قدرة الرياض على ضبط أمن البلاد أمام تنظيم تقرأ قيادته جيدا أرض المعركة قبل الخوض في الحرب وذلك باعترافات عسكريين غربيين وإقليميين، خصوصا وأن التنظيم يضم خبراء ومقاتلين في صفوفه خدموا في جيوش بلادهم سابقا.