بعد حكم "الإدارية".. هل تعود "الفتوى" إلى أروقة المؤسسات الدينية أم تستمر فى الفضائيات؟!
الإثنين 27/أبريل/2015 - 09:01 م
طباعة


في ظل حالة "فوضى الفتوى" المنتشرة على الفضائيات قضت محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية، اليوم الاثنين 27 أبريل 2015، بحظر "غير المتخصصين من إفتاء الناس في أمور الدين لما فيه من إساءة للإسلام الصحيح"، أكدت المحكمة "اختصاص وزارة الأوقاف بالقيام بالنشاط الدعوي الديني في مصر والعالم العربي والإسلامي لتبيان صحيح الدين"، وشددت على أن "الإفتاء في أمور الدين محظور على الجهلاء وغير المتخصصين والمغرضين إجلالا لصحيح الدين" بحسب نص القرار.
وناشدت علماء الأوقاف والأزهر الشريف "بتجديد الثقافة الإسلامية وتجريدها من آثار التعصب الديني الناجم عنه الانحراف في الفكر المذهبي والسياسي، وأن الإسلام لم يعرف ما يسمى بالفريضة الغائبة في تكفير المسلم وقتل البشر باسم الدين" بحسب حيثيات الحكم.
وسبق أن أصدر الرئيس المؤقت السابق عدلي منصور، العام الماضي، قرارا بقانون بتنظيم ممارسة الخطابة والدروس الدينية في المساجد، وقصرها على المعينين المتخصصين بوزارة الأوقاف والوعاظ بالأزهر الشريف المُصرح لهم بممارسة الخطابة، كما دعا الرئيس عبدالفتاح السيسي المؤسسات الدينية الإسلامية في مصر لتجديد الخطاب الديني "لمواجهة التطرف والطائفية".
محامٍ يقدم مشروعًا بقانون لحماية الفتوى:

الدكتور حازم حسن الجمل
ونظرًا لأهمية موضوع الفتوى وقبل أن يصدر حكم المحكمة وفي يونيو 2014 وضع الدكتور حازم حسن الجمل محام باﻷزهر الشريف، ملامح قانون حماية الفتوى وتجريم الفتوى بدون علم لغير المختص من غير أبناء اﻷزهر، إضافة إلى تجريم الفتوى بعيدا عن إطار اﻷزهر الشريف ودار اﻹفتاء المصرية وإجازة الفتوى من خلالهما مع مراقبة الفتوى بشكل مستمر من خلال وعاء متخصص.
واقترح إنشاء الهيئة العامة للرقابة على الفتوى بدون علم، بأن تكون هيئة دينية لها الشخصية الاعتبارية العامة، تتبع الأزهر الشريف وإمامه اﻷكبر وبتنسيق مع أفرع المؤسسة الدينية، مقرها مدينة القاهرة، ويجوز إنشاء فروع ومكاتب لها خارج وداخل البلاد.
وتضمن نص القانون المقترح من 15 مادة أن يصدر قرار بتنظيم هذه اللجنة وتحديد اختصاصاتها الأخرى وتشكيلها حيث تتولي الهيئة فضلًا عن الاختصاصات المقررة لها في أي تشريع آخر تطبيق أحكام هذا القانون، والقرارات الصادرة تنفيذا له، ومراقبة حالات إصدار الفتوى بدون علم، سواء كانت مقروءة أو مكتوبة أو مسموعة أو مرئية أو بالإشارة، أو ما شابه ذلك، اتخاذ ما يلزم من إجراءات لمتابعة تنفيذ أحكام هذا القانون والقرارات الصادرة تنفيذا له، وضع قواعد الرقابة، وكذلك السياسة التي تسير عليها في ممارسة اختصاصاتها، ونشر وسطية الإسلام.
وأشار مقترح القانون إلى تشكيل لجنة لمواجهة مخاطر الفتوى بدون علم تتبع الهيئة العامة للرقابة على الفتوى، وتتولي هذه اللجنة متابعة وتنفيذ أحكام هذا القانون، وضبط حالات الفتوى بدون علم، وتلقي الشكاوى والمقترحات، وكذلك التنسيق والمتابعة بين الجهات الحكومية وغيرها من الجهات الأخرى بشأن مواجهة حالات الفتوى بدون علم ومواجهة أخطارها في الداخل والخارج.
رود الأفعال على حكم المحكمة:

أول ردود الأفعال على حكم محكمة القضاء الإداري، الذي أصدرته اليوم كان لوزير الأوقاف، فقد أشاد الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، بحكم محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية، الدائرة الأولى بالبحيرة، والتي أيدت فيه قرار الوزارة السلبي بالامتناع عن تجديد تصريح الخطابة الممنوح لأحد المنتمين إلى التيارات الدينية المتشددة بمحافظة البحيرة، استنادًا إلى السلطة التقديرية المعقودة لوزير الأوقاف المحددة لأساليب تجديد الخطاب الديني. وقال «جمعة»، في بيان له اليوم الاثنين، إن "حكم المحكمة حسم قضية تجديد الخطاب الديني في العالم العربي والإسلامي؛ حيث أكد أن الدعوة الإسلامية هي دعوة ملهمة لتطهير الروح والعقل والنفس والوجدان ضد التكفير والتعصب المذهبي والطائفي والعنف الدموي ومحاولات تلويث ساحة الإفتاء"، وأضاف، أن " المحكمة حظرت على غير المتخصصين والجهلاء والمغرضين إفتاء الناس في أمور الدين لما فيه من إساءة للإسلام الصحيح، حيث قصرت المحكمة تجديد الخطاب الديني على الفروع فحسب دون ثوابت الدين".
ولفت جمعة إلى أن "المحكمة فجرت مفاجأة بأن المشرع الوضعي لم يضع تعريفا للمجتهد بما مؤداه أن هناك فراغا تشريعيا وليس شرعيا في هذا الشأن"، ودعت المشرع إلى إيجاد تنظيم تشريعي عاجل لعملية الإفتاء في المجتمع المصري لتلافى الآثار السيئة وإحداث البلبلة في نفوس العامة".
وتابع جمعة: "المحكمة أناطت بعلماء الأوقاف والأزهر الشريف تجديد الثقافة الإسلامية وتجريدها من آثار التعصب الديني الناجم عنه الانحراف في الفكر المذهبي والسياسي، وأن الإسلام لم يعرف ما يسمى بالفريضة الغائبة في تكفير المسلم وقتل البشر باسم الدين".

وفي نفس السياق فقد ثمن الدكتور أمل عبدالوهاب، الباحث في الحركات الإسلامية، حكم محكمة القضاء الإداري، بحظر الإفتاء على غير المتخصصين، وقال: "الحكم تاريخي أنصف المؤسسات الدينية، وإن جاء متأخرا سنوات طويلة إلا أنه جاء في الوقت المناسب نتيجة فوضى الفتاوى، وأنه ضربة قاصمة لأنصاف المتعلمين الذين يتصدرون المشهد بفتاوى تخالف صحيح الإسلام". وأضاف: "كما يعد الحكم صفعة قوية لدعاة التنوير، الذين ينالون من ثوابت الشريعة وحمل الحكم الأزهر الشريف ودار الإفتاء المصرية المسؤولية كاملة، في نشر الثقافة الإسلامية، ومواجهة الأفكار المنحرفة". وأوضح عبدالوهاب، أن الحكم يجعل من المؤسسات الدينية الرسمية، المرجعية لكل صاحب فكر أو رأى، مشيرا إلى أن المجلس الثوري للرقابة الشعبية الذى يترأسه تقدم بمراجعات فكرية ترد على الأفكار التكفيرية وتحصن الشباب من الفكر المنحرف إلى الأزهر الشريف والمؤسسات الدينية الرسمية لمراجعتها واعتمادها والتوجيه إيمانا بمرجعية الأزهر الشريف والمؤسسات الدينية"، وأضاف: "الحكم يضع حزب النور في مأزق لاسيما سيل الفتاوى اليومية للدكتور ياسر برهامي نائب رئيس الدعوة السلفية، وعليهم أن يوفقوا أوضاعهم طبقا لهذا الحكم التاريخي، الذى جاء ضربة قاصمة لدعاة التنوير الذين يريدون أن يشاركوا في تغيير الخطاب الديني، وكذلك ضربة قاسمة للاتجاهات التي زعمت أنها بصدد عمل كيان مواز للأزهر الشريف، مثل حركة مصر رائدة التنوير التي يترأسها الإخوان المنشقون، كمال الهلباوي وثروت الخرباوي، ومختار نوح"، وطالب كل من يقدم بحثا شرعيا أو يصدر فتوى، أن يرجع إلى الأزهر الشريف المرجعية الدينية.
والجدير بالذكر أنه رغم قبول أوساط ثقافية كبيرة لهذا الحكم، إلا أن هناك بعض التخوفات تجاهه، أولها هذه التخوفات ان تتحول المؤسسة الازهرية الى لاهوت جديد يقوم بالتفتيش على نوايا الباحثين وان يقتصر الاجتهاد في الدراسات الاسلامية على طبقة معينة من داخل أروقة الأزهر فتكون بداية لاحتكار المؤسسة الأزهرية للدين مما يعطي هذه المؤسسة صلاحيات تعيدنا الى عصور التفتيش وأن يكون كل ناقد لمؤسسة الأزهر هو خارج عن الملة، تلك التخوفات لابد من وضعها في الحسبان والبحث عن حلول لها.