هل يكون السعوديون وقود معركة "داعش" مع "المملكة"؟
الأربعاء 29/أبريل/2015 - 12:17 م
طباعة

على الرغم من محاولات المملكة العربية السعودية المستمرة لمنع انضمام السعوديين إلى تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام "داعش" إلا أنه لا زال المقاتلون السعوديون بالتنظيم من أبرز العناصر المؤثرة به وأكثرها شراسة وقوة، والأمر لا يقتصر على "داعش" فقط بل يمتد إلى قاعدة الجهاد في بلاد الشام "جبهة النصرة"؛ حيث قتل مؤخرا السعودي أحمد الخالدي وهو أمير مدينة درعا جنوب سوريا في النصرة، بعد أن نفذ عملية انتحارية استهدفت تجمعاً لمقاتلي تنظيم «داعش» في منطقة حوران، وذلك ضمن المعارك المتواصلة بين التنظيمين، التي أطلق عليها "دحر خوارج الجنوب"، والتي بدأت بعد اتهام عدد من عناصر وقيادات النصرة لداعش بـ«الغدر والخيانة والطعن من الخلف»، إثر الهجوم عليهم في منطقة القنيطرة جنوب سوريا، وفيما فُجع أحد عناصر التنظيم بمقتل صاحبه صالح العيد المكنى بـ(أبو جندل الجزراوي)، ليتبعه «منتقماً» فيُقتل هو الآخر لتتهم النصرة داعش بـ«إسداء خدمات كبرى للنظام السوري، والميليشيات الإيرانية المقاتلة معه، من طريق إيقاف مد انتصارات الفصائل المسلحة في درعا وإدلب وريفها.

تواجد السعوديين في مواقع قيادية في داعش والنصرة على الأقل ميدانيا يتوازى معه ما أعلنه منصور التركي، المتحدث الأمني لوزارة الداخلية السعودية من أن السلطات نجحت في القبض على خلايا إرهابية مرتبطة بتنظيم الدولة، مكونة من 93 شخصا، بينهم امرأة، قبل أن يتمكنوا من تنفيذ هجمات خططوا لها في مناطق متفرقة من المملكة، وأنه تم القبض أولا على خلية إرهابية سمت نفسها "جند بلاد الحرمين"، التي تنتمي لتنظيم داعش الإرهابي في الخارج، وتتكون من 15 شخصا، جميعهم سعوديون، يتزعمهم شخص متخصص في صناعة العبوات المتفجرة، وكانت اجتماعات هذه الخلية تعقد في مواقع "آمنة"، حيث تلقوا فيها تدريبات متنوعة، منها صناعة الأكواع المتفجرة والرماية بالأسلحة النارية، استعدادا للبدء في تنفيذ هجماتهم، التي تستهدف مقرات أمنية ومجمعات سكنية واغتيال عسكريين من مختلف القطاعات، كما تم القبض أيضا على مواطن سعودي بمنطقة القصيم، "أعلن مبايعته لتنظيم الدولة" وتواصل معهم؛ بهدف الترتيب لتكوين خلية إرهابية والاستفادة من خبراتهم في صناعة المتفجرات، استعدادا لاغتيال رجال أمن حدد ورصد مقرات سكنهم وطرق سيرهم.

وتابعت الوزارة: "تم القبض في مناطق عدة من المملكة على عناصر لتنظيم إرهابي مكون من 65 شخصا جميعهم سعوديون عدا اثنين من حملة البطاقات، بالإضافة إلى فلسطيني وآخر يمني، وترتبط هذه العناصر بداعش؛ حيث كانوا يخططون لاستهداف مجمعات سكنية وتنفيذ عمليات لإثارة الفتنة الطائفية، كما قاموا ببث الدعاية للتنظيمات الإرهابية وإغراء صغار السن للزج بهم في مناطق الصراع من خلال بعض المواقع الإلكترونية، التي تم القبض على المسئولين عنها، وهم 9 سعوديين، بينهم امرأة، قاموا باستغلالها في محاولة باءت بالفشل لاستدراج أحد العسكريين واغتياله، كما نجحت السلطات السعودية في إحباط عملية انتحارية ضد السفارة الأمريكية بالرياض بواسطة سيارة محملة بالمتفجرات، كان 3 أشخاص يخططون لها، أحدهم سعودي والآخران من الجنسية السورية يقيمان في دولة خليجية والقبض أيضا على سعودي في منطقة الباحة، بعد أن عثرت في سيارته ومنزله على أسلحة ومواد تستخدم في صنع المتفجرات، ليعترف لاحقا بتأثره بتنظيم داعش من خلال مواقع التواصل الاجتماعي.
هذا العدد الكبير من الخلايا الداعشية في المملكة العربية السعودية يطرح السؤال: هل وصل تنظيم "داعش" إلى السعودية؟ وهل تخوفات الرياض من التنظيم كانت حقيقية؟ وما مدى خطورة التنظيم على الوضع الأمني في المملكة؟ وكيف سيؤثر تواجد التنظيم هناك على الحرب ضده؟

وللإجابة على هذا السؤال يجب العودة إلى تصريحات وزارة الداخلية السعودية حول منفذي الاعتداء على الأقلية الشيعية في منطقة الإحساء بالمملكة في عام 2014م باعتبارهم مرتبطين بتنظيم "داعش"، وهو ما وضعته الرياض في حساباتها منذ ذلك الوقت بأن التهديدات التي قد تنبع عن تنظيم "الدولة الإسلامية" تفوق تلك التي عانت منها المملكة بفعل هجمات تنظيم القاعدة سابقا، وذلك لشراسة التنظيم في تنفيذ مخططاته كما يتضح من المعارك على الأرض في العراق وسوريا؛ ولذلك فقد قامت ببناء سياج للسيطرة على الحدود الشمالية مع العراق، ومنع أي مخاطر محتملة من العراق الذي يشهد قتالا شرسا وتشكل حدوده منبعا أساسيا للمسلحين في المنطقة.
ولكن "داعش" فاجأ السعودية، وقتل في حادث الحساء وقتها 7 أشخاص بالرصاص في يوم عاشوراء ولكن الأمن تمكن من ضبط وثائق ووسائل اتصال ووسائط إلكترونية، تفصح عن تواصل المهاجمين مع تنظيم "داعش" منها أن نحو نصف المعتقلين سجنوا في السابق لعلاقتهم بجماعات متشددة، وأن عددا منهم يحملون جنسيات أجنبية؛ لتبقى الحقيقة المؤكدة أن التنظيم ينشط في المملكة منذ زمن دون علم السلطات وبعيدا عن أي مراقبة أمنية.
وبالرغم من أن المملكة العربية السعودية تعد من أكثر الدول العربية جهدًا في التوعية والقتال ضد تنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، إلا أن مواطنيها السعوديين هم الأكثر استجابة للانضمام لهذا التنظيم ويعتبرهم تنظيم "داعش" أشرس المقاتلين في صفوفه على حسب شهادة سليمان الفيفي السعودي الذي انضم للتنظيم لفترة ثم انشق عنه، "أن داعش" كان يضع السعوديين في الواجهة دائماً، على اعتبار أنهم لا يهابون الحرب والموت، وكانوا يستغلون عواطفهم بعرض عمليات استشهادية عليهم بين حين وآخر وفي المقابل لم ير سوريون أو عراقيون ينفذون أي عمليات استشهادية، وأن قادة التنظيم كانوا دائماً يخفون شخصياتهم ووجوههم مقنعة، ولا توجد لهم أي علاقة أو تواصل معهم، حيث لا يستطيعون توجيه الأسئلة لهم، وأن التكفير ظاهرة منتشرة وسط "داعش"، وهم يكفرون الجميع بلا استثناء حتى وصل بهم الأمر إلى أن يقاتلوا أنفسهم.

هذا الأمر تؤكده إحصائيات عديدة، حول عدد المقاتلين السعوديين في تنظيم داعش الذي يزيد عن 7000 مقاتل على حسب موقع “Daily Paul” الأمريكي المتخصص في الشئون الأمنية الذي اعتبر أن المقاتلين السعوديين هم الأكثر عددًا، وأن من بين ستة وعشرين عنصرًا من عناصر "داعش" لا يقل عن أربعة وعشرين منهم من جنسيات أجنبية. منهم 65% سعوديون، كما أن 44% من قتلى "داعش" من السعوديين.

هذا الأمر رفضه عبدالمنعم المشوح رئيس حملة السكينة، لمحاربة فكر التطرف والعنف في السعودية بقوله: "ما يجري من تضخيم لأعداد السعوديين المقاتلين في داعش حرب إعلامية المقصود منها تشويه صورة المملكة ومواطنيها، وبحسب معلوماتنا الإحصائية السعوديون في داعش أقل بكثير مما يتصور غالبيتنا، بل إن جنسيات القادمين من تونس أو المغرب تتفوق عددا عليهم، وحتى بالنسبة لمقاتلي داعش من أوروبا.
وأضاف: "السعوديون المقاتلون في داعش غير مؤثرين وليسوا قادة أو مخططين، أعدادهم قليلة جداً ولا تقارن بالأعداد التي انضمت إلى القاعدة أو التي ذهبت للقتال مع بداية الأزمة في سوريا، وأن الهدف من وراء التضخيم معروف وهو محاولة تشويه صورة المملكة وإلحاق صفة الإرهاب بمواطنيها، واختتم حديثه بقوله: "نعم يوجد مقاتلون سعوديون في داعش مثلما يوجد فيها مقاتلون من أغلب الدول، لكن أعداد السعوديين هي الأقل، وإن القوائم التي يتم إظهارها بين فترة وأخرى وتظهر فعالية لسعوديين مقاتلين في داعش بتفخيخ أنفسهم بأنها مختلقة وكذب والهدف من ورائها إظهار دور وهمي وغير صحيح وإلصاقه بالسعوديين أمام العالم".
والحقيقة "تسلل داعش إلى الداخل السعودي وخارجه" التي ستكشفها الأيام والأشهر القليلة القادمة في ملف السعودية و"داعش"، وستثبت مدى قدرة الرياض على ضبط أمن البلاد أمام تنظيم تقرأ قيادته جيدا أرض المعركة قبل الخوض في الحرب ضد أهلها.