إبراهيم الزكزاكي.. النسخة الإيرانية لـ"حسن نصرالله" في نيجيريا
الأربعاء 29/أبريل/2015 - 01:39 م
طباعة
تسعى إيران إلى استنساخ حسن نصرالله زعيم الشيعة في لبنان، ولكن هذه المرة في نيجيريا، حيث تحرص طهران بأن تحافظ على النشاط الشيعي في إفريقيا.
وقالت تقارير: إن إيران وبعد منعها من إرسال مساعدات عسكرية وأسلحة إلى ميليشيات الحوثي في اليمن، قررت تكوين جيش من الأفارقة للزج بهم في العراق واليمن، وإنه وقع الاختيار على نيجيريا التي لإيران فيها نشاط شيعي كبير.
طهران تجهز "الزكزاكي"
يؤكد مراقبون أن طهران تَعُد الشيعي "إبراهيم يعقوب زكزاكي" الذي سبق له الدراسة في إيران كي يكون حسن نصر الله الإفريقي، انطلاقا من نيجيريا، حيث أمدوه بالمال والسلاح وأن الزكزاكي قام بتكوين ميليشيات مسلحة في نيجيريا.
كانت الحكومة الإيرانية كرمت في شهر فبراير الماضي، تزامنا مع الاحتفالات بالذكرى الـ36 للثورة الإيرانية، إبراهيم الزكزاكي، خلال فعالية حضرها عدد من كبار المسئولين الإيرانيين بينهم قادة الحرس الثورة الإيراني، حسب بعض المصادر ولفيف من رجال الدين.
وتسعى إيران كي يكون "الزكزاكي" وجماعته بمثابة ظهير إفريقي تستفيد منه في حروبها الخارجية خاصة في العراق واليمن والبحرين، وحتى تكون طهران بعيدة عما يحدث في الدول العربية قامت بمد مليشيات الزكزاكي بالأسلحة والمعدات وتدريبهم على فنون القتال، كما بدأ الجانب الإيراني في نقل بعض منهم إلى إيران تمهيدا لإدخالهم إلى العراق والبعض الآخر تم نقله إلى الجزر المستأجرة من إيران في البحر الأحمر تمهيدا لنقلهم إلى اليمن لمساعدة ميليشيات الحوثي.
من هو الزكزاكي؟
هو إبراهيم يعقوب الزكزاكي، ولد في 5 مايو 1953 في مدينة زاريا، وهو رجل دين شيعي ورئيس الحركة الإسلامية في نيجيريا.
درس الزكزاكي في مدارس إسلامية في مدينة زاريا على يد عيسى مداكا، وإبراهيم ككاكي، التحق بمدرسة مقاطعة العربية وزاريا (1969-1970)، ثم كلية الحقوق من عام (1971-1975) وجامعة أحمدو بيلو (ABU)، زاريا (1976-1979).
أصبح الأمين العام لجمعية الطلبة المسلمين بنيجيريا [1977-1978]، ونائب الرئيس في الشئون الدولية للهيئة الوطنية عام 1979.
كانت بداية نشاطه بعد أن تحولت الحركة الإسلامية في نيجيريا إلى هيئة مستقلة في أوائل 1980.
أصبح الأمين العام لميليشيا المنظمة الإسلامية في نيجيريا التي تطلق عليها إيران "حزب الله في نيجيريا" وينتمي لها عشرات الآلاف من الشيعة وبخاصة في مدينة زاريا بولاية كادونا.
وبدأ التشيع السياسي يظهر في نيجيريا بفضل مساعي الزكزاكي وعمله على نشره داخل البلاد، بعد أن قرأ تراجم إنجليزية لكتب شيعية كانت توزعها السفارة الإيرانية مجانا.
الزكزاكي وحزب الله النيجيري
كانت بداية دخول الإسلام في نيجيريا في القرن الثامن الهجري، آنذاك لم يكن التشيع معروفا، بعد أن ظلت الدولة لقرون مالكية المذهب حتى عام 1980، حيث كانت البداية مع الشاب إبراهيم الزكزاكي الحاصل وقتها على بكالوريوس الاقتصاد من جامعة أحمد بن بللو، حيث اعتنق المذهب الشيعي وبدأ في نشره داخل البلاد، وقرأ الترجمات الإنجليزية للكتب الشيعية التي كانت توزعها سفارة إيران مجانا، وحافظ الزكزاكي على قاعدة التقية في عدم إظهار مذهبه لحوالي 15 عاماً، حتى ظهرت في عام 1995 حقيقة تشيعه عندما أجرت معه إحدى الصحف الإيرانية حوارا قدح خلاله في الصحابي (أبو هريرة)، ما دفع الكثير من أنصاره إلى الانشقاق عنه بعدما أعلن تشيعه علنا ولأول مرة.
ووفقا لدبلوماسي إيراني سابق، تم تعيين الزكزاكي من الحكومة الإيرانية، على غرار حزب الله اللبناني، مشيرا إلى أن إيران تقدم مع التدريب "في حرب العصابات: صنع القنابل واستخدام الأسلحة مثل المسدسات والبنادق وقذائف الـ"آر بي جي"، وتصنيع قنابل وقنابل يدوية .
وبدأ الزكزاكي الصراع مع السلطة في سبتمبر 2009، حينما اشتبك أنصاره مع الشرطة في زاريا؛ مما أدى إلى وقوع إصابات وقتلى من الجانبين.
الزكزاكي والحرس الثوري الإيراني
يحرص "الزكزاكي"- الذي تربطه علاقات وثيقة بالحرس الثوري الإيراني- على تعليق صورة لزعيم الثورة الإيرانية الخميني، كما يحرص هو وأتباعه أيضًا على متابعة الأحداث الجارية في إيران، ويعارض زعيم الشيعة في نيجيريا القيام بأي عمل عسكري ضد إيران، ويقول: إن ذلك لن يكون له تأثير فقط على نيجيريا، ولكن على جميع أنحاء العالم.
وتؤكد تقارير صحفية قيام الزكزاكي بتكوين ميليشيا عسكرية يقوم أعضاؤها طوال الوقت بالتدريب على القتال، وهو ما كشفه المحلل السياسي النيجيري محمد كبير عيسى في مقال له، لافتا إلى أن الحركة الشيعية باتت "دولة داخل الدولة"، وأنها تقوم بإجراء تدريبات عسكرية لأعضائها؛ مما يكشف عن تدبير الشيعة لعمل ما في المستقبل.
ويقول تقرير لشبكة "الراصد"، إن أبرز العوامل التي ساعدت على نشر المذهب الشيعي في نيجيريا، الفقر والجهل الذي يسود أوساط المسلمين في إفريقيا عموما ونيجيريا خصوصا الأمر الذي سهل انقياد قسم منهم إلى اعتناق المذهب الشيعي، كما أن دعم إيران للمذهب من جهة وانتشار الطرق الصوفية كتيجانية والقادرية شكلا رافعة لتغلغل دعاة المذهب الشيعي.
دور "إيران" في التشيع النيجيري
وتقوم السفارة الإيرانية في العاصمة أبوجا بطباعة الكتب الشيعية باللغة المحلية "الهوسا"، فيما تنتشر المواقع على الإنترنت للترويج للمذهب.
كما يلعب ما يسمى "الاتحاد الإسلامي للطلبة الأفارقة في إيران" دورا كبيرا في استقطاب الشباب الإفريقي بشكل عام، والنيجيري على وجه الخصوص، وتسفيرهم إلى إيران.
وتدعم طهران الكثير من المؤسسات لنشر الفكر الشيعي في نيجيريا ومن أهمها مؤسسة "حيدر- نيجيريا" التي أسسها الشيعي حافظ محمد سعيد، عام 1994 .
الزكزاكي وعلاقته بخامنئي
وبحسب تقارير، فقد وصف الإعلام الإيراني، الزكزاكي بـ "زعيم شيعة نيجيريا"، كما أشارت العديد من وكالات الأنباء الإيرانية، إلى تأكيد زكزاكي، على التزامه بالمنهج الفكري للمرشد الإيراني علي خامنئي، هذا بالإضافة إلى تبعيته المطلقة للسياسات والقوانين الإيرانية، زاعما أن الثورة الإيرانية وأفكار المرشد السابق الخميني التزم بها الملايين.
الزكزاكي لا يخفي ولاءه للأيديولوجيا الإيرانية ولأفكار المرشد الأعلى؛ لذلك انطلق في المجاهرة بطموحاته السياسية من خلال المنظمة الإسلامية في نيجيريا التي تضم عشرات آلاف الأعضاء، والتي تسميها المصادر الإيرانية حزب الله في نيجيريا، وتعتبرها قراءات نيجيرية ميليشيا إسلامية مسلحة.
حيث نقل تقرير نشرته الـ"بي بي سي" عن الباحث النيجيري محمد كبير عيسى أن هذه الحركة الشيعية تشكل تهديدًا حقيقيًّا على البلاد.
ويضيف عيسى، الباحث في جامعة أحمدو بيلو، أن الحركة الشيعية بقيادة الزكزاكي دولة داخل الدولة.
ما وراء دعم "إيران" لـ"الزكزاكي"
في إطار سياسة إيران التوسعية بالمنطقة العربية والعالم الإسلامي تسعى دائما إلى تأسيس وإنشاء أذرع سياسية وعسكرية لها بعدد من الدول ذات الأهمية الاستراتيجية والاقتصادية ليكون أداء في تمرير وتنفيذ مخططاتها في هذه الدول.
ويرى مراقبون أن إيران تسعى من وراء دعم الزكزاكي إلى عدد من الأهداف، على رأسها.
1- نشر التشيع في وسط القارة الإفريقية وفقا للرؤية الإيرانية.
2- تأسيس ميليشيا عسكرية على غرار حزب الله في لبنان لتكون أداة الضغط على الحكومات النيجيرية لتنفيذ مطالب وأهداف السياسة الإيرانية بالقارة بشكل عام، وفي نيجيريا بشكل خاص؛ نظرا لأهميتها الاقتصادية والاستراتيجية، باعتبارها أهم الدول المنتجة للنفط بالقارة السمراء.
3- تأسيس حزب سياسي يضع هدفه الأساسي الوصول إلى سدة الحكم في نيجيريا، أو يصبح أحد أهم أذرع المؤسسات الحاكمة أو المشاركة في الحكم، وعلى أقل تقدير يكون أكبر الأحزاب المعارضة، فيما يضمن تمرير السياسة الإيرانية في نيجيريا.
"بوكو حرام" وحزب الله النيجيري
ذكرت تقارير أنه ليس مستبعدا أن تعلن المنظمة الإسلامية في نيجيريا الحرب على "بوكو حرام"، من منطلقات مذهبية لا على أساس التصدي للتشدد، وليس مستغربا أن يسوّق حزب الله النيجيري ممارساته وتطاوله على الدولة بأنها من ضروب الممانعة والمقاومة لبوكو حرام، وهو سياق سياسي يبدو أن إبراهيم الزكزاكي وتنظيمه مؤهلين له؛ باعتبار امتلاكه لكل عناصر التشابه مع النسخة اللبنانية "نصر الله"، فضلا عن الدعم الإيراني؛ ولذلك كله تتوقع مصادر أن نرى ميليشيات الزكزاكي في ميادين بعيدة عن الأراضي النيجيرية.