بعد الانتهاء من "العاصفة" ومساعيها للانضمام إلى مجلس التعاون.. هل يقبل الخليج عضوية اليمن؟
الأربعاء 29/أبريل/2015 - 10:23 م
طباعة

في ظل أجواء ما بعد إعلان التحالف العربي، والانتهاء من عمليات "عاصفة الحزم" في اليمن، بدا أن القيادة اليمينة التي تتخذ من السعودية مقرًا مؤقتاً لها إلى حين انسحاب ميلشيا الحوثي من المدن والمؤسسات التي سيطروا عليها، تطمح إلى ما هو أبعد من طلب التدخل العسكري لعودة الشريعة، حيث قال المتحدث الرسمي باسم الحكومة اليمنية راجح بادي، اليوم (الأربعاء) إن الحكومة ستتقدم بطلب عضوية في مجلس التعاون الخليجي.
الطلب اليمني الذي جاء في وقت تشهد فيه المملكة العربية السعودية تغييراً كبيراً في بلاطها الملكي، حيث استبعاد الأمير مقرن من منصبه ولياً للعهد، ليخلفه الأمير محمد بن نايف، على أن يتولى الأمير محمد بن سلمان منصب ولي ولي العهد، باباً واسعاً أمام تساؤلات العديد من الخبراء حول مدى قبول دول مجلس التعاون الخليجي دخول اليمن عضوة في المجلس، خاصة أنه من المعلوم أن هناك العديد من المعايير التي تحكم تلك الدول في قبول العضوية منها مستوى دخل الفرد ومدى انتاج المواد البترولية.
وفي حين، قال المتحدث الرسمي اليمني "سنتقدم بخطة في السعودية الشهر المقبل تعد اليمن للانضمام لمجلس التعاون الخليجي"، رجح مراقبون رفض الدول الخليجية الست (السعودية – الكويت – الإمارات المتحدة – قطر – البحرين - سلطنة عمان) على المطلب اليمني، في حين قال آخرون إن اليمن لن تقبل على مثل هذا الطلب إلا بعد حصولها على الضوء الأخضر من المملكة العربية السعودية.
وشكلت المملكة العربية السعودية تحالفاً عسكرياً مع دول عربية وأخرى إسلامية لمواجهة الانقلاب الحوثي على سلطة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، مارس الماضي، وقالت إن الضربات الجوية كانت مؤثرة ونفذت ما أسند إليها من مهام، لذلك تم إعلان انتهائها خلال الأيام الماضية، كون المملكة تعتبر اليمن امتداداً لأمنها القومي، وأي سيطرة للحوثيين على مقاليد الأمور في اليمن تعني فعلياً سقوط الدولة الرابعة في يد طهران بعد (سوريا والعراق ولبنان).
تأسيس مجلس التعاون الخليجي

ويمكن رصد البدايات الأولى لتأسيس مجلس التعاون الخليجي، في عام 1981، وسعى منذ تأسيسه إلى وضع صيغة تعاونية تضم الدول الست، تستهدف تحقيق التنسيق والتكامل والترابط بينهم في جميع الميادين.
وما لبث تأسيس المجلس إلا وانبثقت عنه في عام 1982 قوات درع الجزيرة المشتركة، ومقرها السعودية في محافظة حفر الباطن، قرب الحدود مع العراق والكويت، وضمت هذه القوة التي تتكون معظمها من السعودية عند تأسيسها من لواء للمشاة يقدر أفراده بنحو 5000 جندي، وكان أول مشاركة لتلك القوات في أحداث العنف التي وقعت في البحرين عام 2011، بعد طلب حكومة المنامة، من دول المجلس التدخل، والتي رأت في تلك الاحتجاجات خطرا إيرانيا يجب إبعاده بالاستعانة بدرع الجزيرة.
اللافت إلا أن الدول المُشكلة لمجلس التعاون الخليجي، رات ان توسيع المشاركة فيها مهم، حيث أعربت الدول المشاركة فيها عام 2011 عن ترحيبهم بانضمام الأردن والمغرب إلى مجلس التعاون الخليجي، سعيا فيما يبدو إلى تكامل اقتصادي وسياسي وعسكري يزيد من قوة المجلس ويوفر له قدرة أكبر على التحرك والتأثير في مواجهة التحديات التي برزت فيما يعرف بأحداث الربيع العربي في عدد من الدول العربية.
محاولات يمنية للانضمام إلى المجلس تعود إلى التسعينيات

مساعي اليمن للانضمام إلى مجلس التعاون الخليجي بدت ملامحها تظهر جلية منذ فترة حتى قبل الانقلاب الحوثي، ففي حين تعود تلك المساعي إلى عام 1996، إلا أن طلب الرئيس اليمني المخلوع على عبد الله صالح باءت بالفشل، وذلك لوجود نزاع حدودي وقت ذاك بينه وبين السعودية، وبسبب توتر العلاقات بين صنعاء والكويت وقطع العلاقات الدبلوماسية بينهما على خلفية غزو العراق للكويت عام 1990، حيث كان الموقف اليمني وقذاك داعم للرئيس العراقي صدام حسين في غزو الكويت عامي 1990 – 1991.
الموقف اليمني الداعم لصدام أثر سلبا على أوضاع الاقتصادية حيث حرمت من مساعدات دول الخليج الغنية، وزادت أوضاعه الاقتصادية ترديا مع قيام السعودية بترحيل نحو مليون مواطن يمني كانوا يعملون في أراضيها، بالإضافة إلى ما لحق ببنى البلاد التحتية من دمار وما تكبده البلد من خسائر بشرية أثناء الحرب الأهلية في اليمن عام 1994.
اللافت أن دول مجلس التعاون الخليجي وافقت في قرار مفاجئ للجميع خلال قمة المجلس في مسقط عام 2000، على عضوية اليمن في عدد من الهيئات التابعة للمجلس، وهي المكتب التنفيذي للصحة ومكتب التربية وهيئة المواصفات والمقاييس، ورجح مراقبون أن سبب الموافقة هو إبرام اليمن والسعودية معاهدة الحدود الدولية في جدة في نفس العام، وإعادة فتح اليمن لسفارته في الكويت.
وكان لزاماً معرفة مدى ما سيترتب على ذلك القرار من نتائج، حيث كما اوضحنا ان المملكة العربية السعودية تولي اهتماماً خاص باليمن، بصفته امتداد لأمنها القومي، خاصة بعد ما تم تسويته من قضايا فيما يخص القضايا المعلّقة بين السعودية واليمن حدودياً.
احتمالية قبول عضوية اليمن في مجلس التعاون

وأكدت تطورات الأحداث الأخيرة في اليمن، إلى احتمالية قبول مجلس التعاون انضمام اليمن إليه، رغبة منهم في استيعابه، حتى يكون أمنه واستقراره من استقرار تلك الدول، رغم ظروف اليمن وأوضاعه الاقتصادية التي تعتبر مشكلة متعددة الجوانب، حيث يعاني البلد من اقتصاد ريعي هش يعتمد على المساعدات الدولية بالإضافة إلى عائدات قطاعات الصيد والسياحة وتصدير النفط الذي اكتشفت مخزوناته المحدودة منتصف الثمانينات.
وتسير العديد من التقارير إلى أن إجمالي الناتج المحلي في اليمن منخفضا، ويبلغ حوالي 33.76 مليار دولار، ويعيش تحت خط الفقر 45% من السكان، وتصل البطالة إلى 35%، ويقل الدخل السنوي للفرد، بحسب دراسات محلية، عن 600 دولار، في حين يبلغ عدد سكان اليمن بحسب إحصاءات عام 2012 أكثر من 25.5 مليون نسمة.
بينما يصل معدل دخل الفرد في دول مجلس التعاون 33 ألف دولار سنويا، وبلغت أرصدة هذه الدول في الخارج 2000 مليار دولار عام 2014 ، بالإضافة إلى أنها تنتج خمس الإنتاج العالمي من النفط وأكثر من نصف إنتاج منظمة الدول المصدرة للنفط أوبك.
هذه الوفرة المالية الهائلة يمكنها أن تسهم في تحسين الأوضاع الاقتصادية والمعيشية في اليمن، كما يمكن أن يمد اليمن دول الخليج بأيد عاملة تغنيها عن العمالة الأجنبية.
كل ذلك سيظل مرهونا بالإرادة السياسية للأطراف في المنطقة وبالأوضاع السياسية ومسار تطور العلاقات بين دول الخليج وإيران. كما ستظهر الخطوات العملية اللاحقة الخاصة بانضمام اليمن إلى المجلس الخليجي مدى جدية مثل هذا التوجه، وما إذا كان ذلك رد فعل مؤقت اتقاء لخطر إيراني، أم استراتيجية لربط دول الخليج بعمقها الحيوي وامتدادها الطبيعي اليمن.