الصكوك "الإسلامية".. وشرعية التعاملات البنكية!!

السبت 02/مايو/2015 - 02:28 م
طباعة الصكوك الإسلامية..
 
لم نتناول هنا موضوعا اقتصاديا في المقام الاول بل ما نتناوله هو عنوان لسندات خزانة تريد الدولة المصرية الان طرحها للتداول بداية من السنة المالية الجديدة، ولكن لابد من صبغها بصبغة تتوافق مع المناخ العام المسيطر على الساحة السياسية فقد اسمتها "الصكوك الاسلامية" مما يضعها من ناحية في مواجهة لباقي التعاملات البنكية التي لا تأخذ صفة "اسلامية" وبالتالي فهي ربوية وخارجة عن الاسلام وهنا تكمن خطورة اطلاق صفة اسلامية على نوع معين من التعاملات الاقتصادية، وأن "الصكوك" تعد من أدوات الاستثمار باعتبارها نشاطاً تجارياً متعدد الصيغ. وهي اختراع إنساني لم يأت بها الإسلام الذي جاء من أجل وضع ضوابط للمعاملات دون أن يحدد اتباع لهذا الأسلوب أو ذاك، هذا من ناحية ومن ناحية اخرى فقد تم رفض هذا النوع من الصكوك حينما تقدمت به حكومة الاخوان المسلمين.
الصكوك الإسلامية..
فحينما وصل الاخوان المسلمين بحزبها "الحرية والعدالة" والدعوة السلفية بحزبها "النور" الى البرلمان المصري وبعدما تولى محمد مرسى الرئاسة تقدم حزبي الحرية والعدالة والنور وجمعية التمويل الاسلامية بمشروع قانون يتيح للحكومة والهيئات العامة اصدار صكوك مقابل الاصول المملوكة للدولة، ودون ان يقصر ذلك على حق الانتفاع، وسمى هذا المشروع "الصكوك الاسلامية" فوفقا لمشروع الحرية والعدالة والنور يجوز استخدام اصول وعقارات الدولة في اصدار صكوك مما يمكن الاجانب وغيرهم من الاستحواذ على تلك الاصول ولا يحميها من الحجز أو الرهن.
يتكون مشروع القانون من ٢٧ مادة، ويحدد أشكال وأنواع الصكوك الإسلامية السيادية، التي قدم ١٤ نوعا منها وأتاح إمكانية إصدار أنواع أخرى منها، حسبما تقتضى الحاجة، وحدد سلطة إصدار وإدارة الصكوك، والأصول التي تصدر مقابلها الصكوك السيادية الإسلامية، وطبيعة الشركة ذات الغرض الخاص ومهامها. يحدد المشروع أيضا شروط المشروعات التي ستصدر الصكوك لتمويلها، وحقوق وواجبات جماعة حملة الصكوك، فضلا عن الهيئة الشرعية العليا التي ستقدم الفتوى في إصدارات الصكوك الإسلامية السيادية، وإجراءات إصدار الصكوك. كما يوضح مشروع القانون كيفية تسوية النزاعات الناشئة عن التعامل على الصكوك والعقوبات لمخالفي أحكام القانون.

الازهر يرفض الصكوك الاسلامية

الازهر يرفض الصكوك
رفض الأزهر الشريف، في جلسة مجمع البحوث الإسلامية الطارئة، في 1 يناير 2013، برئاسة الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، مشروع قانون الصكوك الإسلامية السيادية، نظرا لوجود مخالفات شرعية في بعض بنوده، منها كلمة "سيادية"، حيث أبدى أعضاء المجمع تخوفهم من عدم جواز الطعن على التصرفات والقرارات الناجمة عن المشروع، وتحصينها بشكل غير قابل للنقاش والاعتراض، بما يفتح الباب لوجود مخالفات فيما بعد.
واعترض الأزهر على حق تملك الأجانب من غير المصريين للصكوك، باعتباره مخالفا للشرع، لأنه لا يجوز لأجنبي التصرف في الأموال والأصول الثابتة المملوكة للشعب، فضلا عن عدم وجود ما يضمن الحفاظ على حقوق الأفراد، ممن يمتلكون الصكوك.
وجاء القرار بناء على توصية لجنة البحوث الفقهية بمجمع البحوث الإسلامية، التي استعانت بـ3 من خبراء الاقتصاد الإسلامي، وشارك فيها الدكتور على جمعة، مفتى الجمهورية، والدكتور محمد رأفت عثمان أستاذ الفقه المقارن، والدكتور عبد الفتاح الشيخ رئيس جامعة الأزهر الأسبق، حيث ناقشت اللجنة المشروع على مدار يومين، وكتبت تقريراً يرصد المخالفات ويوصى برفض البنود المقترحة. و قال مصدر إن أعضاء المجمع اعترضوا أيضا على بيع الأصول الثابتة، واقترحوا طرحها بنظام حق الانتفاع أو الإيجار.
ليس هذا فقط بل في 13 يناير 2013 اصدر الأزهر بيانا بهذا الخصوص جاء فيه "إن أصول الدولة هي ملك للشعب وحده، ويجب علينا جميعًا المحافظة عليها، وأن كلّ ما لا يتَّفق مع الضرورات والواجبات الوطنية فهو غير شرعي".، وأضاف البيان "أنه لو جاء مشروع يعتمد على ضَياع أصول الدولة، لا يمكن للأزهر أنْ يوافق عليه؛ لأنّ رعاية أصول الدولة وتنميتها والحفاظ عليها واجب جميع المصريين، ولذلك فنحن مع أيِّ مشروع يساهم في نهضة الوطن، ويخدم المصلحة العليا للبلاد، ولا يُبدِّد ممتلكاتها، ولا يَتعارض مع شريعة الإسلام؛ فالأزهر ضمير الأمَّة وحارسها الأمين".
وشدد بيان الأزهر على "أنه يجب تَوخِّي الحذر والدقة في مثل تلك الأحكام الشرعية المستجدَّة؛ لأنَّ هناك محاذير شرعية وضرورات وطنية وأمنية تنبغي مراعاتها من أجل المصلحة العامة".

وزير المالية يعيد المشروع

وزير المالية يعيد
في الايام القليلة الماضية أعاد هاني قدري دميان، وزير المالية، طرح مشروع الصكوك الإسلامية بداية العام المالي المقبل مرة أخرى إلى دائرة الاهتمام، خاصة عقب فترة توقف بعد طرحه خلال فترة حكم جماعة الإخوان عام 2012، والتي شهدت هجوما شديدا على المشروع. وأكد وزير المالية أنه سيتم طرح الصكوك الإسلامية بنظام الإجارة عقب انتهاء الهيئة الشرعية للبنك الإسلامي للتنمية، والتي تعد من أقوى الهيئات الشرعية، على حد قوله، من إبداء رأيها في المشروع، وعرضه أيضا على المفتي لأخذ رأيه الشرعي، مشيرا إلى أنه سيتم تشكيل هيئة شرعية داخل الوزارة لأخذ رأيها في الإصدار. وأضاف "دميان" أن مشروع قانون الصكوك الإسلامية قائم، لكنه بحاجة لتعديل جوهري للحفاظ على أصول مصر، متهما المشروع السابق بالتفريط في حق مصر، قائلا: "التعديل السابق في 2012 فرط في حق مصر".

الاسلاميون يرحبون

الاسلاميون يرحبون
وقد أشاد الدكتور شعبان عبد العليم، عضو المجلس الرئاسي لحزب النور، الذراع السياسية للدعوة السلفية، بعرض وزارة المالية قانون الصكوك الإسلامية على الدكتور شوقي علام، مفتى الجمهورية، لأخذ رأيه الشرعي فيه. وقال عبد العليم في تصريحات صحفية، إن الصكوك الإسلامية أفضل من غيرها وسوف تشجع على الاستثمار لمن لديهم مدخرات ولديهم تخوفات، مضيفًا: "الصكوك الإسلامية ستكون أداة جذب للاستثمار"، مشيدًا بفكرة إنشاء هيئة شرعية داخل وزارة المالية لأخذ رأيها في الإصدارات، لافتًا إلى أن هذا القانون عُرض على هيئة كبار العلماء خلال وجود الإخوان في السلطة.
الصكوك الإسلامية..
 فيما أوضح الشيخ فؤاد الدواليبي، أحد مؤسسي الجماعة الإسلامية، ورئيس جبهة إصلاح الجماعة، أن إعادة وزارة المالية طرح مشروع الصكوك الإسلامية، ينفى تمامًا مزاعم الإخوان بأن النظام الحالي ضد الإسلام والمشروع الإسلامي. وأضاف الدواليبى في تصريحات صحفية، أن الإخوان حاولت الإيهام بأن النظام الحالي ضد الإسلام، وحاولت استثمار العناصر الخارجة والإرهابيين للخروج على النظام من خلال تسليط الضوء على هذه النقطة. وأشار رئيس جبهة إصلاح الجماعة الإسلامية، إلى أن هذا المشروع سيجعل العديد من الإسلاميين يقبلون عليه بشكل كبير، مما يفيد الاقتصاد المصري خلال الفترة المقبلة.

خاتمة لابد منها

بعيدا عن حجم العائدات والاستثمارات التي يغرينا بها وزير المالية لو تم تطبيق مشروع "الصكوك الاسلامية" فلسنا متخصصون في الاقتصاد ولكن ما يهمنا هنا لماذا يتم وصف تعامل بنكي دون غيره بانه اسلامي هل لان التعاملات البنكية والمالية السابقة اجمالا لم تكن اسلامية؟ فلو كانت هكذا فماذا يكون موقف الاسلام من نظام الحكم الحالي بكامل هيئته وتعاملاته في الصحة والتعليم والاسكان وغيرها من مناحي الحياة الاجتماعية والقافية والسياسية والاقتصادية؟ ان هذا الوصف يضعنا في اشكالية اشد خطورة من اشكاليات اعترافنا او عدم اعترافنا بتلك الجماعات التي تدعي امتلاكها للدين الاسلامي. هذا من ناحية ومن ناحية اخرى تضعنا في تساؤلات عديدة عن انتماء النظام الحالي هل ينتمي الى التيار المتأسلم ويدعي مدنية ليست فيه وهناك من الادلة ما يشير الى تأكيد هذه النظرة ومنها السماح لأعضاء الدعوة السلفية باعتلاء المنابر بعد حرب شنها وزير الاوقاف لمنعهم فتدخل الازهر ومؤسسة الرئاسة للسماح لهم، هذا بجانب السماح لحزب النور بالتحرك في عرض البلاد وطولها ورفض حله من قبل لجنة شئون الاحزاب، وتدخلت حزب النور غير المبررة في اعمال العديد من الوزارات، كذلك التقارب الازهري السلفي خاصة بعد المؤتمر الاقتصادي والمشاركة في عاصفة الحزم، كل هذا ربما يؤكد على اتجاه الدولة نحو المنهج السلفي الوهابي في ادارة شئونها. 

شارك