معركة الموصل بين ضعف الحكومة العراقية ومطامع الأكراد

الأحد 03/مايو/2015 - 12:25 م
طباعة معركة الموصل بين
 
 تشكل مدينة الموصل أهمية خاصة لجميع أطراف الصراع في العراق سواء "الحكومة العراقية" أو "تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام، داعش" أو حكومة كردستان العراق وقوات البيشمركة، وحتى بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية، وعلى الرغم من ذلك ومع مرور 9 شهور من الاستيلاء عليها من قبل داعش لا زالت خطوات الجميع بطيئة، فواشنطن غير متعاونة والحكومة العراقية غير مستعدة، والبيشمركة غير متحمسة وسط تأهب كامل واستنفار من "داعش". 
 الأجواء غير الإيجابية حول عملية استعادة المدينة تمثلت في خروج تسريبات عقب عودة حيدر العبادي رئيس الحكومة العراقية من زيارة واشنطن الأخيرة، أكدت على أن تأجيل عملية استعادة المدينة من "داعش" إلى ما بعد شهر رمضان المبارك بعد تحرير بيجي ومحافظة الأنبار،  وأن مسألة إخراج تنظيم "داعش" من العراق قد يستغرق شهورا ولكن مسألة القضاء نهائيا على التنظيم قد يستغرق وقتا طويلا، واعْتَقَدَ أنَّ الإمكانيات لذلك متوفرة حاليا وخصوصا بمساعدة التحالف الدولي الذي أوضح أنه مهم للغاية، وفي الوقت الحالي قوات الجيش العراقي تشعر بالراحة في الأنبار، والعديد من المقاتلين في الأنبار يقاتلون إلى جانب قوات الأمن العراقية.
معركة الموصل بين
نور الدين قبلان عضو اللجنة التنفيذية للجبهة التركمانية العراقية كشف بشكل صريح عن تأجيل العملية والصعوبات التي تواجهها، قائلا: "إن الموصل يعيش فيها قرابة مليوني شخص؛ الأمر الذي يصعب معه وضع خطة عسكرية لتحريرها، وإن الخطط الموضوعة لتحرير المدينة تتغير بناء على هذا الأساس، وإن البحث عن آلية لإنقاذ المدنيين يتطلب تأجيل العملية إلى ما بعد شهر رمضان.
 وشدد على أن سكان الموصل يحاولون مواصلة حياتهم تحت ظروف قاسية وحالة من الشعور بالخوف والقلق، وأن حصولهم على الكهرباء والماء أصبح أمرًا شبه مستحيل، وأن التركمان سيفقدون مناطقهم في حال لم يتم البت في هذه الأمور، وأنهم يكافحون من أجل بقائهم ووجودهم، وأن تأخير العملية يفاقم وضع السكان، ويتسبب في تدمير البنية التحتية.
 تواجد الأكراد ومكاسبهم الكبيرة بعد دخول "داعش" إلى الموصل دفعتهم إلى التعامل مع المدينة على أنها بوابتهم لتحقيق مزيد من المكاسب، وهو ما أكسب موقفهم مزيدا من التضارب، ففي الوقت الذي أكد فيه مسعود البارزاني رئيس إقليم كردستان العراق أنه لم يتقرر بعد ما إذا كانت قوات البيشمركة ستشارك في معركة استعادة الموصل من تنظيم الدولة أم لا، وأن اللجان المشتركة بين الإقليم وبغداد ستبحث الموضوع للوصول إلى قرار بشأن مشاركة البيشمركة أم لا؟
 ولكن التنسيق مع القوات الكردية حرص عليه حيدر العبادي رئيس الوزراء العراقي، بالتوجه إلى إقليم كردستان واجتماعه بمسعود البارزاني رئيس الإقليم للتنسيق في معركة الموصل المقبلة، وهو الأمر الذي تواجهه العقبات التالية: 
1- مدى إمكانية مشاركة الميليشيات الشيعية (الحشد الشعبي) في هذه المعركة. 
2- رفض أهالي وعشائر الموصل مشاركة الميليشيات الشيعية في عملية تحرير الموصل. 
3- وضع هذه الميليشيات الشيعية داخل البلدات العربية في محافظة كركوك وخاصة مدينة الحويجة ونواحيها التي تقطنها عشائر عربية خالصة آل عبيد والجبور.
4- وضع ميليشيات الحشد الوطني التي شكلها سكان الموصل. 
5- وضع الأتراك الذين يشرفون على تدريب آلاف من أهالي الموصل. 
6- من يتكفل بالسلاح والذخيرة والمعدات اللازمة لعملية تحرير المدينة.
7- وضع الميليشيات التركمانية من السنة والشيعة خلال المعركة وبعدها.
وعزز من التعاون ما أكد عليه النائب عن التحالف الكردستاني سرحان أحمد على ضرورة مشاركة البيشمركة إلى جانب القوات العراقية، وتبادل الخبرات في معركة الموصل؛ لأن معركة الموصل من أولويات شعب كردستان، باعتباره جزءا من الشعب العراقي، وأن قوات البيشمركة لها خبراتها في التصدي لأكثر من ثمانية أشهر لتنظيم "داعش"، وعلى مساحة 1500 كم، وهم حريصون على مشاركة تلك الخبرات مع القوات الأمنية العراقية.
معركة الموصل بين
هذا الأمر يتوازى معه إعلان أثيل النجيفي محافظ نينوي عن اتفاق باستبعاد قوات الحشد الشعبي من المشاركة في معركة تحرير الموصل، المرتقبة وأنه تم الاتفاق أيضاً على إعطاء الدور الرئيس في معركة الموصل لقوات الجيش العراقي، بينما تتولى قوات البيشمركة الكردية والشرطة المحلية وعشائر نينوي والحشد الوطني في المعارك حسب الطبيعة السكانية للمناطق.
الولايات المتحدة دخلت على الخط بالإعلان عن أن العملية العسكرية التي ستشنها القوات العراقية على مدينة الموصل ستكون بين شهري أبريل ومايو، وهو ما تنافى مع إعلان العبادي والأكراد، وأن القوات التي ستشن الهجوم على المدينة ستكون بين 20 و25 ألف جندي، موزعين بين خمسة ألوية من الجيش العراقي يتم تدريبها حالياً، وثلاثة ألوية «دعم» من قوات «البيشمركه»، وهو ما طرح تساؤلات حول الهدف من وراء إعلان موعد مسبق لعملية الموصل، على عكس ما أعلن عنه حيدر العبادي رئيس الوزراء العراقي، وهو ما كشف عنه صباح كرحوت رئيس مجلس المحافظة بقوله "الجانب الأمريكي يمهد من أجل قوات سوف تنزل في الأنبار، وأن ما يقارب 300 خبير أمريكي نزلوا في مدينه الحبانية، وتم فتح موقع جديد في قاعده الحبانية، بالإضافة إلى الأعداد الموجودة في قاعدة عين الأسد تمهيدا لمعركة الأنبار". 
معركة الموصل بين
وقالت الكاتبة الأمريكية ترودي روبين: إن الأكراد في العراق يتشاورون الآن مع الحكومة في بغداد وقوات الائتلاف حول كيفية شن هجوم منظم لاستعادة مدينة الموصل من براثن تنظيم داعش، وإن معركة الموصل ستكون حاسمة لما تمثله المدينة من أهمية تاريخية للعرب السُنة وأن سحْب الموصل من تحت أقدام "داعش" سيقلص من رقعة انتشارها جغرافيا، كما سينتقص من الهالة والزخم المحيطين بتنظيم داعش الوحشي، حتى وإن ظلت له قواعد في سوريا وغيرها.
 وتابعت أن الأكراد سيكونون طرفا أساسيا في أي هجوم لاستعادة الموصل وأن الجميع بات يعرف تلك الحقيقة، وأن زيارة رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي مع وفد من قادة الجيش العراقي لإقليم كردستان ولقاء رئيسه مسعود برزاني مؤخرا، حيث تم الاتفاق على تشكيل قيادة مشتركة إلى جانب الولايات المتحدة وغيرها من شركاء الائتلاف للتجهيز لمعركة استرداد الموصل وأنهم أثبتوا من جديد أنهم شريك ضروري في المنطقة، وأن القتال ضد داعش لا يمكن أن ينجح بدونهم هذا يعني أنه ينبغي على مسئولي أمريكا أن يستمعوا لطلباتهم وأفكارهم حول كيفية إنجاح معركة الموصل. 
معركة الموصل بين
 الخبير الأمني محمد الموسوي أرجع تأخر عملية الموصل إلى "شكوك يبديها مسئولون عراقيون وأمريكيون حول جاهزية القوات الحكومية لمقاتلة تنظيم الدولة، وأن هؤلاء المسئولين أدركوا أن هذه القوات غير قادرة على استعادة مدينة الموصل من قبضة التنظيم، وأن المسئولين العسكريين يعتقدون أن أفضل الوحدات العسكرية العراقية تحتاج إلى عدة أشهر من التدريب، وأنها ما تزال بعيدة عن الوضع الذي يمكنها من إنجاح عملية استعادة الموصل، وأن تلك القوات لم تبدأ بعد تدريباتها في قواعد أقامها ضباط بالجيش الأمريكي في العراق.
 وبذلك تبقى معركة الموصل متأرجحة بين ضعف الحكومة العراقية ورغبات الأكراد في المزيد من المكاسب في الوقت الذي تعيش فيه المدينة تحت إرهاب "داعش".

شارك