تونس بين ملاحقة الإرهابيين ومنع الشباب من الانضمام للجماعات المتطرفة
الأحد 03/مايو/2015 - 08:20 م
طباعة

في ظل التحديات الجسام التي تواجهها مؤخرا، فإن محاربة الإرهاب على رأس أولويات الحكومة التونسية، وبالرغم من الاحتجاجات العمالية والتصعيد في وجه الحكومة نتيجة عدم قدرتها على رفع مرتبات العمال والموظفين، لا تزال ملاحقة الإرهابيين تشغل بال الأوساط الرسمية التونسية، إلى جانب اتخاذ قرارات أمنية بهدف منه تسلل عدد من المواطنين التوانسة وخاصة الشباب إلى سوريا وليبيا وتركيا، لمن انضمامهم إلى لجماعات الارهابية، خاصة وأن تونس تحتل صدارة الدول المصدرة للجماعات المتطرفة في سوريا والعراق .
من جانبه قال الناطق باسم وزارة الدفاع التونسية، المقدم بلحسن الوسلاتي، إن وحدات الجيش ألقت القبض على عدد كبير من الأفراد في محيط جبل السمامة بولاية القصرية غرب البلاد، وأن الموقوفين مشتبه بهم، وأحيلوا إلى الحرس بولاية القصرية للتحقيق معهم.
شدد الوسلاتى على أن إيقاف هذه الأعداد الكبيرة لم يكن بناء على معلومات تؤكد تورطهم في أعمال إرهابية، وإنما لمجرد وجودهم في منطقة عمليات عسكرية.

ويري مراقبون أن الجيش التونسي يخوض حربًا مفتوحة ضد الجماعات المسلحة، خاصة في جبال السمامة والشعانبي والكاف، وأسفرت تلك العمليات عن مقتل المئات وإصابة المئات خلال السنوات الثلاث الأخيرة، في ظل تأكيدات المسئولين التوانسة على أن الإرهاب أبرز تحد للمرحلة الانتقالية، وهو ما يدعو إلى ضرورة تسليح الجيش وتدريبه من أجل حسم المعركة لصالحه.
من جانبه طالب الرئيس التونسي، الباجي قائد السبسي بضرورة تأجيل بعض المطالب في انتظار أن تستقر الأوضاع في البلاد، مشيرًا إلى أن الوضع في تونس دقيق ولا يتحمل المزايدات.
أكد السبسي ضرورة التعجيل بإجراء مصالحة وطنية، وطيّ صفحة الماضي، واستئناف أعمال الحوار الوطني، وأن يبقى آلية لاحتضان الحوار في البلاد.

شدد الرئيس التونسي على ضرورة التوافق المجتمعي، مطالبا كل الأطراف على الحرص والعمل من أجل خروج تونس من الوضع الاقتصادي الهش، وأن ذلك يمكن أن يتم الا بتضامن الجهود والدخول في حوار بين جميع الأطراف المعنية والقيام بإصلاحات هيكلية وجوهرية، مشيرًا إلى أهمية التسريع بإدخال إصلاحات عاجلة تشمل المنظومة المالية والبنكيّة، وأيضا إصلاح منظومة التشجيع على الاستثمار، إلى جانب مواصلة الإصلاح الجبائي ومراجعة قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص، إضافة لمراجعة قانون الإجراءات الجماعية وقانون المنافسة والأسعار.
على الجانب الآخر تتزايد المحاولات التونسية لمنع تدفق مزيد من الشباب التونسي إلى سوريا وليبيا، والانضمام إلى التنظيمات الإرهابية، بالرغم من المحاولات التي تقوم بها منظمات حقوقية بهدف الضغط على الحكومة التونسية، ورفع القيود المفروضة على سفر الشباب التونسي في إطار حملة "سيب الأخضر" التي أطلقها ناشطون سياسيون وحقوقيون ومنظمات من المجتمع المدني بهدف الضغط على الحكومة لمنح جوازات السفر للمحرومين منها.
واعتبر وزير الداخلية التونسي محمد ناجم الغرسلي أن هناك آليات معمولاً بها لمنع سفر كل من يشتبه في نيته التوجه الى سوريا للقتال، نافيا أن تكون وزارته قد اتخذت أي إجراء دون حجج أو براهين، والاشارة إلى أن هدف هذه القرارات هو حماية تونس وأمنها، وأن تكون سمعة تونس طيبة خارج أرض الوطن، متسائلاً لماذا لا يتخذ مطلقو الحملة الجانب الإيجابي من موقف الحكومة وهو منع الشباب من السفر للالتحاق ببؤر القتال في سوريا والعراق وليبيا؟ مضيفا أن كل من تثبت لديه الرغبة في السفر إلى الخارج بهدف القتال يتم منعه، وذلك في إطار اتخاذ الإجراءات لحماية الشباب من هذا التيار".
من جانبه كشف المدير التنفيذي لمرصد الحقوق والحريات مروان جدة عن عدد التونسيين الممنوعين من السفر مقدرا بأنهم يتجاوزون 50 ألفاً، والإشارة إلى أن منع المواطنين التونسيين من السفر أو من الحصول على جوازات السفر انتهاك جديد لحرية الإنسان، وأنه من خلال متابعة النماذج الممنوعة من السفر فإن وزارة الداخلية أقرّت ذلك بتعلة إيقاف نزيف التحول الى بؤر التوتر للتطرف، مشيرًا إلى أنه كان يفترض استصدار إذن قضائي بالمنع عوض إشراف أجهزة وزارة الداخلية على ذلك.
أكد مروان جدة أن الأرقام الخاصة بالممنوعين من السفر تشير إلى عودة نفس ممارسات العهد السابق، من حيث التضييق على حرّية تنقل الأشخاص.

وعلى هذا الإطار اعتبرت منظمة هيومان رايتس ووتش أن منع أو سحب جوازات السفر يتناقض مع روح الدستور وفصوله المتعلقة بحرية التنقل والحصول على جواز السفر لكل مواطن تونسي، معبّرة عن مساندتها لحملة "سيب الأخضر" تضامنًا مع عديد الشباب الذين تم منعهم من السفر لأسباب مختلفة ولعدة وجهات تحت ذريعة منعهم من السفر لبؤر التوتر لغاية القتال مع التنظيمات المسلحة في سوريا.
يأتي ذلك في الوقت الذى أكد فيه وزير الدولة المكلف بالشؤون الأمنية رفيق الشلي أن أعداد التونسيين الذين تم منعهم من التوجه إلى سوريا وتركيا بلغ 12 ألف شاب تونسي، وأن أعداد التونسيين الذين التحقوا بمجموعات إرهابية في سوريا والعراق يتراوح ما بين نحو ثلاثة آلاف شخص إلى جانب وجود بعض المئات في ليبيا، إما للتدرب أو من الملتحقين بالمجموعات الإرهابية في شرق البلاد وغربها.