مصر لن تسمح بتدخل القوات الأمريكية في سيناء
الإثنين 04/مايو/2015 - 04:59 م
طباعة

مع تمديد القوات المسلحة لفرض حالة الطوارئ وحظر التجوال في شبه جزيرة سيناء قامت إدارة البيت الأبيض بدراسة توسيع الحرب على الإرهاب في الدول التي ينتشر بها تنظيم الدولة "داعش"، ومن بين المناطق التي تدرس التدخل بها "شبه جزيرة سيناء"، وقد حذرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية إدارة الرئيس باراك أوباما من عواقب تنفيذ مخططه بتوسيع الحرب على "تنظيم الدولة" إلى خارج سوريا والعراق، لتشمل أيضا شن حروب ضد فروع التنظيم في دول أخرى، أبرزها ضد تنظيم "أنصار بيت المقدس" في شبه جزيرة سيناء المصرية.
تقرير نيويورك تايمز

فقد تناولت نيويورك تايمز في تقرير لها في 3 مايو 2015 أن إدارة أوباما تخطط لمحاربة "تنظيم بيت المقدس" بسيناء، الذي يقلق كثيرا النظام الحالي في مصر. وتابعت: "من الخطورة من الإقدام على هذه الخطوة، التي تحتاج إلى دراسة متأنية؛ لأن فروع داعش في دول المنطقة متفاوتون في القوة والموارد، ولا يمكن التعامل معهم بنهج واحد، كما أنهم يشكلون تهديدا لمصالح الولايات المتحدة بدرجات مختلفة أيضا".
القبائل تتصدي لمحاربة "داعش"

خلال الأيام القليلة الماضية تشكلت ميليشيات مسلحة من القبائل السيناوية بزعامة قبيلة الترابين لمحاربة تنظيم الدولة "داعش"، أو ما يطلق عليه "ولاية سيناء"، إلا أن هناك الكثير من السياسيين والخبراء والنشطاء لديهم مخاوف عديدة حول تكوين هذه الميليشيات.
وفي تعليقه على إعلان إحدى قبائل سيناء محاربتها تنظيم "أنصار بيت المقدس"، الذي أطلق على نفسه "ولاية سيناء"، بعد انضمامه لتنظيم الدولة "داعش"، حذر الخبير الأمني اللواء محمود قطري من مغبة هذا الأمر، وطالب الحكومة بتغيير استراتيجية مقاومة الإرهاب، بدل الزج بالمدنيين السيناويين في معارك مسلحة. وأضاف قطري لـ"الجزيرة" أن مثل هذا الإعلان سيؤدي إلى مجازر غير مسبوقة، مشيرا إلى أن وضع الأسلحة في أيدي المدنيين من شأنه أن يقود إلى اقتتال أهلي. وتابع أن الوضع في مصر مختلف عما هو في العراق، مشيرا إلى أن الدولة في مصر مسيطرة على عكس الدولة العراقية. واقترح الخبير الأمني الاستعانة بأفراد من القبائل، وضمهم إلى الشرطة والجيش؛ كي يكونوا أدلة في المنطقة، التي خبروها طويلا، مناشدًا السلطات المصرية مواجهة عداوتها الآخذة في الاتساع مع قبائل سيناء وأهاليها.

وكان تنظيم "أنصار بيت المقدس" وزع بيانا في 27 أبريل على الأهالي في مناطق بجنوب رفح حمل عنوان "تهديد ووعيد"، يتوعد فيه كل من يستجيب لبيان منسوب لقبيلة الترابين يدعو القبائل إلى مواجهة مسلحي "ولاية سيناء". وجاءت عملية توزيع البيان متزامنة مع قرار الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الأخير بتمديد حالة الطوارئ وفرض حظر التجول في شمال سيناء. وقد بث التنظيم صورا لملثمين تابعين له يتجولون بأريحية في جنوب رفح، حيث معقل قبيلة الترابين. وأبدى البعض تخوفه من أن يكون بيان قبيلة الترابين ورَدّ "ولاية سيناء" عليه مؤشرا ربما على بدء حرب قد لا تقف عند حدود المنشورات، وأن يشكل ذلك بداية مواجهة مسلحة على أسس قبلية في سيناء، تكون قبيلة الترابين فيها بمواجهة تنظيم ولاية سيناء. واتهم البعض السلطة بمحاولة تشكيل ميليشيات مسلحة على غرار تجربة الصحوات أو الحشد الشعبي في العراق، كما رأى مراقبون آخرون أن دعوة بعض القبائل إلى الاحتشاد في وجه مسلحي تنظيم ولاية سيناء يطرح تساؤلا إزاء مدى قدرة السلطات المصرية على السيطرة على الأوضاع في سيناء، وعما إذا كان هذا المنحى يشكل إقرارا من السلطات بالفشل في مواجهة "الإرهاب" أم لا؟ بالإضافة إلى أن توفير السلاح في أيدي المدنيين أمر خطير، خاصة في المجتمعات القبلية، كما أنهم غير مدربين جيدًا مثل الجيش والشرطة. وكانت قبيلة الترابين أصدرت بياًنا، نقله الشيخ موسى الدلح أحد رموز القبيلة تعليقا على قيام عدد من أبنائها بعمليات استعراض مسلح، قال فيه: "إن ما نقوم به هو دفاع شرعي، عن أهلنا وبيوتنا وعارنا ومالنا يكفله لنا الله وكافة الأعراف والقوانين الشرعية والوضعية".
موقف الحكومة المصرية

لم يصدر حتى الآن أي رد فعل من الحكومة المصرية تجاه ما يدور في أروقة البيت الأبيض بخصوص سيناء، ولعل الحكومة المصرية تنتظر التأكد من قرار بالتدخل المباشر من قبل التحالف الدولي لمواجهة داعش- والذي تقوده الولايات المتحدة- في سيناء إلا أن هناك بعض المواقف ربما تؤكد على رفض الحكومة المصرية هذا التدخل وعلى رأسها رفض مصر في أكتوبر 2014، لمطالب أمريكية بشأن قيام وفود من واشنطن، بزيارة سيناء، للتأكد من استخدام طائرات الأباتشي الأمريكية لمكافحة إرهاب المتطرفين والعناصر الإرهابية في سيناء، وهو الأمر الذي أدى إلى تأجيل صدور القرار الأمريكي بتسليم 10 طائرات أباتشي، متفق عليها بين البلدين منذ فترة رغم الوعود الأمريكية المتواصلة بقرب تسليم الطائرات.
وذكرت مصادر مطلعة أن المطلب الأمريكي تبناه مسئولون بالبيت الأبيض من الموالين لجماعة الإخوان، وتحت ضغوط من بعض قيادات الكونجرس، ومنهم جون ماكين، بعكس مسئولي البنتاجون الذين طالبوا بسرعة تسليم هذه الطائرات، حتى يمكن الاستفادة من المشاركة المصرية في الحلف الدولي الخاص بمحاربة تنظيم داعش الإرهابي. وقالت: إن الجانب المصري أبلغ إدارة أوباما، وخاصة مستشارة الأمن القومي الأمريكي كونداليزا رايس، بأن الإدارة الأمريكية تملك كثيرا من الوسائل للتأكد من هذا المطلب دون وجود أي مراقبين أمريكيين، علاوة على أن هناك صحفيين أمريكيين يتابعون ما يجري في سيناء بكل شفافية، ودون أي قيود مصرية عليهم.

وأكد اللواء سامح سيف اليزل الخبير الأمني ومدير مركز الجمهورية لدراسات مكافحة الإرهاب، أن تشدد واشنطن تجاه سرعة تسليم طائرات الأباتشي العشرة لمصر هو الرغبة للجناح المتشدد داخل الإدارة الأمريكية لمراقبة الأوضاع في سيناء، ومحاولة تفسير خاطئ لبعض البنود في اتفاقيات المعونة العسكرية لمصر.
رغم هذا إلا أنه هناك تخوفات من قبل بعض الناشطين السياسيين من التدخل الأمريكي في سيناء وفتح الأجواء المصرية لطائرات التحالف الدولي ضد الإرهاب؛ مما يعطي زريعة لجماعة الإخوان والمتحالفين معها من الضغط على الحكومة الحالية لهذا السبب واستغلاله سياسيا، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى بسبب حساسية وضع سيناء التاريخي لدى المصريين ومجاورتها للكيان الصهيوني الذي ما زال لدى الكثير من المصريين العدو الأول. ورغم كل هذا لا يزال السؤال مطروحا دون إجابة: هل تسمح الحكومة المصرية بتدخل القوات الأمريكية في شبه جزيرة سيناء؟