قراءة في أوراق "منتدى الجزيرة التاسع".. الصراع والتغيير في العالم العربي
الأربعاء 06/مايو/2015 - 11:10 م
طباعة

عُقد في الفترة من 4-6 مايو الجاري "منتدى الجزيرة التاسع" تحت عنوان "الصراع والتغيير في العالم العربي" ورغم أن هناك أوراقًا بحثية جديرة بالاهتمام، إلا أن قناة الجزيرة لم تفوت الفرصة دون الهجوم على مصر، فقد قال مصدر دبلوماسي، إن شبكة الجزيرة الإعلامية مازالت تواصل سياسة التحريض ضد الدول العربية وخاصة مصر، سواء من خلال برامجها أو استضافة الفعاليات والندوات، للتحريض ضد الحكومات الشرعية في تلك الدول، وأوضح المصدر في تصريحات صحفية، تعليقًا على الحملات الممنهجة للقناة القطرية، أن آخر تلك الفعاليات التي أقامتها شبكة الجزيرة الإعلامية هي "منتدى الجزيرة التاسع" تحت عنوان "الصراع والتغيير في العالم العربي" خلال الفترة من 4 – 6 مايو 2015، والذي تناول موضوعات من قبيل "دور المؤسسة العسكرية في السياسة في الشرق الأوسط"، مع استضافة عددٍ من العناصر الإرهابية وعناصر جماعة الإخوان الإرهابية مثل طارق الزمر ومها عزام، فضلا عن بعض العناصر المنتمية فكريا لها مثل عبد المنعم أبو الفتوح، وهو الأمر الذي ينفي ما تزعمه شبكة الجزيرة من أي ادعاءات خاصة بالموضوعية في تغطيتها للأوضاع في العالم العربي.

وقال المصدر إن استضافة شبكة الجزيرة للعناصر الإرهابية، من أمثال طارق الزمر لهو خير دليل على دعم شبكة الجزيرة وقطر للجماعات الإرهابية وعناصرها التي تحرض على العنف والإرهاب، وهو ما يعيد للذاكرة قيام الجزيرة بإذاعة هجوم قامت به إحدى الجماعات الإرهابية على قوات الجيش المصري على الهواء مباشرة، مع قيام المذيع بالتكبير والتهليل للهجوم.
وأشار إلى أنه من الواضح أن ممارسات الجزيرة هي ما أدت إلى تدني وتراجع المتابعة لها في العالم العربي بصفة عامة ومصر بصفة خاصة، لأنها فقدت المصداقية لدى المشاهدين، ولم تعد تحظى بالمكانة التي كانت تدعيها من قبل بعد انكشاف سياساتها التحريضية ضد أمن واستقرار الدول العربية.
وقد ناقش أكاديميون وخبراء وتربويون يوم الاثنين في جلستين ضمن منتدى الجزيرة التاسع، إشكالية التعليم الرقمي، وتعليم اللغة العربية، وضعف المحتوى العربي في شبكة الإنترنت.
وتوقع مدير البرامج في شركة أيهور ايزنز محمد بن مسعود أن يتفوق التعليم الرقمي أو الإلكتروني على نظيره التقليدي، لأن الأول يزيد من فاعلية التحصيل الدراسي، كما أن أدوار الأطراف الفاعلة في المنظومة تتغير جذريا، بحيث يصبح الطالب متعلما بدلا من متلق والمعلم موجها بدلا من خبير.
وقال ابن مسعود إن التعليم الإلكتروني لا يستبدل الحاسوب بالمدرس، بل يحسن قدرة المتعلم على التلقي والفهم والممارسة، وهو يتيح تكيّفه بخلاف التعليم التقليدي، إذ يأخذ بعين الاعتبار الحاجيات الخاصة للمتعلم لتعظيم التحصيل.
مراجعة المناهج

ونبه ابن مسعود إلى أن التعليم الإلكتروني ليس هو نقل محتوى الكتب المدرسية الورقية إلى مستندات رقمية، بل هو يتطلب إعادة تصميم المناهج التعليمية بشكل كامل، مع ضمان مواصلة تحديث وإثراء هذه المناهج.
لكن إنجاح الرهان على التعليم الإلكتروني -حسب المتحدث- يواجه تحديات أبرزها الانجرار وراء الاستثمار في المعدات وإغفال تطوير المحتوى، كما أن من الضروري إحداث تغيير كبير في ثقافة وبيئة المؤسسات التربوية وضمان قدرة هيئة التدريس على استخدام التقنية والاندماج معها.
وفي سياق متصل، قدم المشرف اللغوي على موقع الجزيرة لتعليم العربية المختار أحمد تجربة تطبيقية للتعليم الإلكتروني للغة العربية لغير الناطقين بها.
وأوضح أحمد أن الموقع فريد من نوعه، إذ يقدم محتوى مجانيا للبالغين، ويهدف للمساهمة في النهوض باللغة العربية وتيسير تعلمها ونشر ثقافتها.
تعليم العربية

وأضاف أن من مميزات الموقع أنه يستقي مادته اليومية من المحتوى الإعلامي في قناة الجزيرة وموقعها الإلكتروني، ويقدم دروسا وأنشطة تعليمية تشمل المهارات اللغوية الأربع المتمثلة في القراءة والكتابة والاستماع والتحدث، مع تنويع الوسائل والخيارات التعليمية أمام المستفيد.
ومن أهم مميزات الموقع أيضا - حسب المتحدث- طابعه التفاعلي، إذ يتيح التفاعل بين الموقع والمتعلم وبين المتعلمين فيما بينهم، وبين المتعلمين والمدرسين.
وغير بعيد عن تعليم اللغة العربية، استعرضت مديرة البرامج والمقررات الأكاديمية والثقافية بمعهد المستقبل بفرنسا سوسن الصدفي المكني تجربة المعهد في تدريس اللغة العربية في ديار المهجر.
وقالت إن من أبرز تحديات تعليم لغة الضاد للجالية العربية أنها ليست اللغة الأم، ولا تمثل خيارا مهنيا لأبناء الجالية، فضلا عن الصعوبات التمويلية.
وشددت المكني على ضرورة إعادة استتباب اللغة العربية في الواقع الغربي عبر تقديم اللغة بوصفها لغة علوم، وتعليم الأطفال إياها في إطار تنشيطي لتحبيبها إليهم.
المحتوى العربي

وفي الجلسة الثانية المتعلقة باللغة العربية ومشكلة التقنية، عدّد مدير مبادرات المحتوى العربي في معهد قطر لبحوث الحوسبة محمد عبّار أوجه أزمة المحتوى العربي في شبكة الإنترنت، إذ لا يشكل ذلك المحتوى سوى 3% من مجمل محتوى الشبكة، في حين أن لغة الضاد هي الخامسة عالميا من حيث عدد المتكلمين بها.
ونبه عبار إلى أنه ضمن النسبة الضئيلة لحضور العربية في الإنترنت فإن نسبة 25% فقط من المحتوى يصنف ضمن "قيّم"، و80% من إجمالي المحتوى مكرر، كما أن اللغة العربية تحتل المرتبة 16 ضمن اللغات المستعملة في موسوعة ويكيبيديا.
وقال عبّار في تصريح للجزيرة نت إن معهد قطر للحوسبة يعمل على مسارين لخدمة العربية، وهما تطوير التقنيات وإثراء المحتوى العربي في الإنترنت، مضيفا أن المعهد أضاف مائة وعشرة آلاف مقالة في ويكيبيديا.
كما يثري المعهد المحتوى الطبي العربي عبر ترجمته موسوعة أميركية مشهورة، وهو مشروع موجه للمستخدم العربي العادي.
الأبعاد الدولية والأزمة اليمنية

وفي جلسات اليوم الثاني بحثت شخصيات سياسية وأكاديمية يمنية وخليجية بإحدى جلسات منتدى الجزيرة التاسع الأبعاد الدولية للأزمة اليمنية، محللين المراحل التي اجتازتها والمخاطر المحدقة وتحركات الدول الخليجية والعربية والدولية لتجاوز هذه الأزمة.
واعتبر أستاذ العلوم السياسية بجامعة قطر محمد المسفر أن هناك زخما أمريكيا ودوليا لإجهاض أي عمل خليجي سياسي في طريق حل الأزمة، مستدلا على ذلك بطلب الرئيس الأمريكي باراك أوباما من المبعوث الأممي الجديد إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد بأن يجري الحوار بين الفرقاء اليمنيين في إطار الأمم المتحدة فقط، وهو ما يعني سحب البساط من تحت دول الخليج، على حد قول المسفر.
وأضاف المسفر أن أوباما طلب من المبعوث الأممي الجديد الأخذ بعين الاعتبار دور دول إقليمية في حل الأزمة، في إشارة إلى إيران.
وقدمت الصحفية اليمنية القادمة من تعز نجلاء العمري شهادة حية للمعاناة والشرخ الاجتماعي الذي طرأ في المجتمع اليمني نتيجة الأزمة التي يعيشها، وأشارت إلى أن مختلف مناطق البلاد تعيش وضعا معيشيا كارثيا، كما اضطرت الكثير من الأسر للنزوح من منازلها خوفا على حياتها.

وانتقدت الصحفية تعامل دول الخليج مع اليمن، إذ لم يكن يوما بيتا للخليجيين بل أغفلته السياسات الخليجية، كما أنه لم ينظر إليه إلا على أنه يضم مضيق باب المندب الاستراتيجي.
وحذرت العمري من أن اليمن "قنبلة موقوتة، لأن اليمنيين يشعرون بالمهانة والظلم الذي مارسه عليهم المجتمع الدولي"، موضحة أن الأخير لم يبالِ بسقوط عمران ولا صنعاء ولا بمعاناة ملايين اليمنيين من الفقر، ولم يتحرك هذا المجتمع إلا عندما اقتربت قوات الحوثيين وصالح من باب المندب.
من جانب آخر، شدد مستشار رئيس الحكومة اليمنية راجح بادي على أن مؤتمر الحوار اليمني الذي ستستضيفه العاصمة السعودية الرياض منتصف الشهر الجاري هو لتنفيذ مخرجات الحوار الوطني، وتشكيل جبهة وطنية ضد تمدد الحوثيين، وبسط سيطرة الدولة على كل التراب اليمني.
ثلاث مراحل

وأشار المسؤول اليمني إلى ثلاث مراحل ستمر بها أزمة بلاده، الأولى هي مرحلة عاصفة الحزم وقد انتهت، وكان الطابع العسكري هو الغالب عليها، في حين تتجلى المرحلة الثانية في عملية إعادة الأمل التي سيطغى فيها العمل السياسي مع تقليص العمل العسكري في حدود ضرب طيران التحالف أهداف دقيقة للحوثيين ومواليهم، وقد تستغرق هذه المرحلة شهرين.
في حين أن المرحلة الثالثة للأزمة ستكون لإعادة الإعمار، سواء في علاقة اليمن بدول الخليج أو إعادة بناء ما دمر من بنية تحتية، وهي مرحلة -يضيف بادي- ستتطلب سنوات لإنجازها.
ورأى المدير التنفيذي لمجموعة مراقبة الخليج ظافر العجمي أنه كان لا بد أن يلتقي توسع النفوذ الإيراني مع تمدد جماعة الحوثي واقترابها من باب المندب لتتحرك الدول الخليجية.
وأضاف أن المبادرة الخليجية في اليمن كانت متعثرة قبل اندلاع الأزمة الأخيرة، كما أن دول الخليج لم تحرص على الدفع بالمبادرة لكي تنجح.
وحسب العجمي فإن عاصفة الحزم قد تكون بداية لمرحلة جديدة تواجه فيها الأمة العربية التحديات بمقاربة جديدة من معالمها تشكيل قوة عربية مشتركة ومجلس أمن عربي.
ورأى رئيس تحرير صحيفة "ذي بينانسولا" القطرية الناطقة بالإنجليزية خالد الجابر أن ما يجري في اليمن هو نتيجة لعدم استكمال المهمة السياسية المطلوبة عقب الثورة التي قام بها اليمنيون ضد نظام صالح.
وأضاف أن اليمن يواجه إشكاليات أساسية، منها أن السلطة القديمة لم تخرج من المشهد بل توارت وسعت لإفشال العملية السياسية، كما أن الحوثيين ملؤوا الفراغ بدعم إيراني، وتحالفوا مع الرئيس المخلوع للسيطرة على المشهد، وذلك في ظل ضعف الدولة.
ختام المؤتمر

وقد اختتم منتدى الجزيرة التاسع أعماله، بعد ثلاثة أيام من النقاشات التي كانت ساخنة أحيانا حول قضايا التغيير والصراع في المنطقة العربية وتداخلاتها مع المحيط الدولي والتجاذبات القائمة فيه.
وقال المدير العام لشبكة الجزيرة الإعلامية مصطفى سواق، في ختام المنتدى، إن الهدف من هذا الحدث كان تشخيص الواقع العربي الراهن، والبحث عن مداخل لمقاربة تعقيداته وتفكيك إشكالياته، وإيجاد أطر فكرية تدفع بالحوار إلى مساحات أوسع وآفاق أرحب للتفاهم والتلاقي، مشيرا إلى أن النقاشات ما زالت مستمرة في شبكات التواصل الاجتماعي.
وأضاف سواق أن بعض المشاركين في نقاشات المنتدى رأى أن التغيير أنتج متغير الصراع، في حين كان يفترض أن يكون الصراع سابقا على التغيير في الوطن العربي.
وقد تصدت النقاشات -التي توزعت بين جلسات حوارية عامة وأخرى موضوعاتية تخص أزمات المنطقة- لمستويات مختلفة من موضوع المنتدى بما فيها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية والأمنية والثقافية.
الاستعداد للقادم

من جانب آخر، ذكر صلاح الدين الزين، مدير مركز الجزيرة للدراسات -وهي الجهة المشرفة على تنظيم المنتدى- أن الاستعداد للدورة العاشرة سيبدأ مع نهاية الدورة الحالية، موضحا أن دورة العام المقبل ستكون مميزة لأنها تتزامن مع الذكرى العشرين لنشأة شبكة الجزيرة، والعاشرة لنشأة مركز الجزيرة للدراسات.
وقال عز الدين عبد المولى، نائب رئيس اللجنة العليا المنظمة، في تصريح للجزيرة نت، إن المنتدى كان منصة لإدارة الحوار في القضايا التي تشغل المنطقة، وقد رأت اللجنة أن الصراعات والتغيير أهم عنوان للمرحلة الراهنة.
وأضاف عبد المولى أن مختلف قنوات وإدارات ومراكز شبكة الجزيرة نظمت عددا من الأنشطة داخل المنتدى، وقد قدمت مادة حوارية وتدريبية وفنية للمشاركين في مختلف المجالات التي تنشط فيها الجزيرة.
رؤية وضاح

وقبل الجلسة الختامية، استمع الحاضرون لكلمة من رئيس منتدى الشرق والمدير العام السابق لشبكة الجزيرة، وضاح خنفر، الذي استعرض رؤيته لواقع الأمة العربية وأزمتها وموقف القوى العالمية منها، وحاول استشراف مستقبل المنطقة والمهمة الملقاة على الذين خرجوا في ثورات الربيع العربي.
واعتبر خنفر أن الإقليم العربي يعيش حالة جديدة لتصحيح الأوضاع، ومن أبرز عناوينها عاصفة الحزم، مضيفا أن نظاما إقليميا جديدا قيد التشكل، وهو بداية الخلاص -على حد قوله- لا سيما وأن المنطقة كانت تعرف حالة من الفراغ الاستراتيجي بسبب تشرذم وتأزم الواقع العربي.
ونبه إلى أن تأسيس أي تحالف سني بالمنطقة ينبغي ألا يكون لمواجهة التوسع الإيراني فقط، ولكن يجب أن يكون "درعا لحماية مصالح المنطقة وإعادة الاستقرار إليها والتعاطي مع جميع قضايا المنطقة وعلى رأسها القضية الفلسطينية".
تحالف عربي
ورأى خنفر أن فرص نجاح أي تحالف عربي هي أكبر من أي وقت مضى، وذلك لأن الولايات المتحدة وأوروبا لم تعودا كالسابق، فواشنطن انسحبت جزئيا من التحكم في قضايا المنطقة العربية، وأصبح الشغل الشاغل لها حاليا هو إنجاح الاتفاق النووي بين الغرب وإيران، كما أن أوروبا تراجع نفوذها.
ودعا رئيس منتدى الشرق القادة الخليجيين -المتوجهين بعد أيام للالتقاء بالرئيس الأمريكي باراك أوباما- إلى عدم تقديم "موافقة مبدئية مجانية" على الاتفاق النووي مع طهران.
وحث خنفر على الحصول على ثمن لهذه الموافقة، وهو تأييد واشنطن لما وصفه بالتغيير الحقيقي في اليمن والعراق وسوريا، معتبرا أن السياسة الأميركية الحالية إزاء هذه القضايا تلتقي مع الموقف الإيراني على حساب مصالح الدول العربية.