هل تتحول المعارضة الإسلامية المسلحة إلى أداة تركية للتحالف مع السعودية؟

السبت 09/مايو/2015 - 01:04 م
طباعة هل تتحول المعارضة
 
يبدو أن الخطوة التي قام بها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في زيارته للكويت 28 أبريل الماضي، أتت بثمارها في التقرب من دول الخليج العربي، وبالأخص المملكة العربية السعودية.

مساعي تركيا في التقرب

مساعي تركيا في التقرب
في تقرير لها تحت عنوان " مع زيارته للكويت.. هل تنجح مساعي "أردوغان" للتقرب من دول الخليج؟"، ذكرت بوابة الحركات الإسلامية أن أردوغان بدأ بالفعل مساعيه لعودة العلاقات مع المملكة العربية السعودية عن طريق التودد إلى الكويت في زيارة استغرقت يومين، لبحث عدد من الملفات ذات الاهتمام المشترك بين البلدين، منها الاقتصادية والتجارية والثقافية، إضافة إلى الوضع الدولي والإقليمي.
وقال خبراء: إن الزيارة تطرقت إلى الأزمة في اليمن وسوريا والعراق وصفقات الدفاع وتشييد جدول الأعمال حين يجتمع الرئيس التركي مع أمير الكويت، في أحدث إشارة إلى جهود تركيا لتعزيز علاقاتها بدول الخليج العربية.
وفي ظل مساعي تركيا المستميتة للتقارب من الجانب السعودي، عقب الخلافات التي أحدثتها عاصفة الحزم، بدأت في محو الخلافات القديمة مع الرياض بشأن ما يتعلق بخلافات الإسلام السياسي، وتأمل في حل أزمات إقليمية من بينها الحرب في سوريا.
واتفقت تركيا والمملكة العربية السعودية على استراتيجية هجومية جديدة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد.

مخاوف أمريكية

مخاوف أمريكية
من المعروف أن الدولتين لم تتفقان منذ أربعة سنوات على رأي موحد للتعامل مع عدوهما المشترك بشار الأسد، إلا أن الإحباط المشترك الذي جمعهما بشأن التردد الأمريكي أدى إلى اجتماعهما في تحالف استراتيجي قاد المكاسب التي حققها الثوار مؤخرًا في شمال سوريا، وساعد في ترسيخ التحالف الجديد لمعارضي الأسد وفقا لمسئولين أتراك.
كما ذكرت وكالة أسوشييتد برس، فإن هذا التحالف أثار مخاوف الإدارة الأمريكية التي لا ترغب بتحالف مجموعات الثوار بما فيها جبهة النصرة المرتبطة بتنظيم القاعدة للإطاحة بالأسد.
وتقول الوكالة: إن إدارة الرئيس أوباما تخشى من أن يمثل التحالف الجديد للثوار خطرا "إسلاميًّا راديكاليًّا" على النظام الذي يقوده الأسد، في الوقت الذي تركز الولايات المتحدة فيه على الإطاحة بتنظيم الدولة الإسلامية داعش، كما تقلق الإدارة إزاء مساعدة التحالف الجديد لسيطرة النصرة على مزيد من الأراضي في سوريا.
يأتي ذلك عقب نفاذ صبر كلٍّ من الجانبين السعودي والتركي تجاه السياسة الأمريكية في القضية السورية.
وحسبما ذكرت الوكالة أن مسئولون أتراك قالوا: إن السعودية نأت بنفسها سابقًا عن دعم وتمويل بعض المجموعات الإسلامية المعارضة للأسد بضغط من واشنطن، حسب الوكالة.

أمريكا والمعارضة السورية

أمريكا والمعارضة
كان صرح وزير الدفاع الأمريكي آش كارتر أن الجيش الأمريكي سيتعين عليه تقديم الدعم لمقاتلي المعارضة السورية الذين يقوم بتدريبهم لقتال تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا لكن واشنطن لم تحدد بعد طبيعة ذلك الدعم على وجه الدقة.
وقال كارتر: إن الجيش الأمريكي قد يقدم أشياء مثل أجهزة الاستطلاع وأشكال الدعم الجوي الأخرى إذا كان المقاتلون في خطر من مقاتلي الدولة الإسلامية، موضحًا أنه لم يتم بعد الانتهاء من وضع قواعد التعامل إذا دخل المقاتلون في مواجهة مع قوات تساند حكومة الرئيس بشار الأسد، يأتي ذلك في غموض واضح من الجانب الأمريكي تجاه الأزمة السورية.
الجدير بالذكر أن قضية جماعة الإخوان المسلمين أحدثت فجوة عميقة بين تركيا والسعودية، ففي الوقت الذي تدعم فيه تركيا الجماعة، قامت السعودية بإدراجها على قوائم الإرهاب، ويقول خبراء: إن السعودية لم تعد تعمل ضد المعارضة، وإن الولايات المتحدة الأمريكية منسحبة من سوريا ومشغولة بالتقارب مع إيران.
 في حين رأت وكالة اسوشيتد برس أن الولايات المتحدة تركز في القضاء علي تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" في سوريا والعراق، وترى أنه ليست هناك استراتيجية متماسكة لإنهاء حكم الأسد، فإيران بالنسبة لها هي الحليف الرئيسي في المنطقة.

بداية تحالف "جيش الفتح"

بداية تحالف جيش الفتح
يؤكد التحالف الجديد بين تركيا والسعودية، أن الدولتين تنظران للأسد باعتباره تهديدًا أكبر للمنطقة من بعض المجموعات مثل النصرة، فيما يستبعد مسئولون أتراك أن تصل النصرة إلى موقع يمكنها من التمدد بشكل كبير في سوريا.
ويقول مراقبون إن التحالف تم إبرامه في بداية مارس الماضي حينما سافر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى الرياض للقاء الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز، وكانت العلاقات بين أردوغان والملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز متوترة إلى حد كبير بسبب دعم أردوغان للإخوان المسلمين.
ويجمع التحالف الجديد بين التمويل السعودي والدعم اللوجستي التركي، ويقول أوكلاهوما جوشوا، مدير مركز دراسات الشرق الأوسط في جامعة لانديس: إن عالمًا آخر في سوريا الآن؛ لأن السعودية قد فتحت جيوبها ولا تستطيع الولايات المتحدة أن تطلب منها إغلاقه، مضيفًا أن لدى الملك سلمان في التحرك ضد إيران أولوية على التحرك ضد الإخوان المسلمين.
 كما يتضمن التحالف عناصر معتدلة من الجيش السوري الحر ممن تلقوا دعمًا من الولايات المتحدة في السابق.
وتمكن التحالف الملقب بـ"جيش الفتح" الذي يضم العديد من المجموعات الإسلامية وأبرزها "جبهة النصرة" التي تعتبر الفرع السوري لتنظيم "القاعدة"، والذي نجح في السيطرة تقريباً على كامل محافظة إدلب، ثم مدينة جسر الشغور ذات الأهمية الاستراتيجية ليسيطر على قاعدة عسكرية تابعة للنظام، ويقول مسئولون أتراك: إن حكومة بلادهم توفر دعما لوجستيا واستخباراتيا لبعض أعضاء التحالف، لكنها لا تتعامل مع جبهة النصرة التي تعدها منظمة إرهابية، إلا أن تركيا لا ترى أن جبهة النصرة تشكل نفس التهديد الأمني لها الذي يمثله "داعش"، حسب المسئولين.

أمريكا لا تملك استراتيجية

أمريكا لا تملك استراتيجية
ويرى متابعون أن تركيا والسعودية تحركتا لدعم أحرار الشام على حساب جبهة النصرة، وأن هذا بدوره يشوش على خط الولايات المتحدة التي تعد الأحرار مجموعة متطرفة، إلا أن المسئولين الأتراك يرون ضرورة التمييز بين المجموعات الجهادية الدولية والمجموعات التي تهدف لتحقيق مكاسب محلية، فهم يصنفون الأحرار في المجموعة الثانية.
يأمل الأتراك في استغلال صعود أحرار الشام لفرض ضغوط على النصرة لإنكار ارتباطها بتنظيم القاعدة وبالتالي انفتاحها على الدعم الخارجي.
فيما يرى مراقبون أن الولايات المتحدة لا تملك استراتيجية لتحقيق الاستقرار في سوريا، موضحين أن وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية أوقفت مؤخرًا دعمها للمجموعات المعارضة للأسد في شمال العراق، في حين يتواجد ضباط أمريكان في تركيا في إطار برنامج تدريب وتجهيز مقاتلي المعارضة السورية لقتال تنظيم الدولة ودعم القوات المعتدلة في سوريا.

تركيا تنفي التحالف

تركيا تنفي التحالف
في الوقت الذي تأكدت فيه المعلومات بشأن تحالف الطرفان السعودية وتركيا، نفت الأخيرة أن تكون عقدت اتفاقاً سريًّا مع السعودية ليقدما معاً الدعم لمقاتلي المعارضة الإسلاميين في سوريا للإطاحة بالرئيس بشار الأسد.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية التركية تانجو بيلغيتش، في تصريح له: ما قيل عن العربية السعودية ليس جديداً، فنحن نتقاسم التحليل نفسه عن سوريا منذ أنه أضاف أن "لا عامل جديداً" في مجال التعاون بين تركيا والعربية السعودية.
كما نفى المتحدث التركي أن تكون تركيا تدعم "جبهة النصرة"، مؤكداً أن هذا التنظيم مدرج على لائحة المنظمات الإرهابية من قبل أنقرة، موضحًا أن تركيا لا تتعاون فقط مع السعودية بل أيضاً مع حلفاء آخرين مثل بريطانيا أو الولايات المتحدة.
وكان كثير من المحللين اعتبروا أن العرابين الاقليميين للمعارضة المسلحة للرئيس السوري وهم تركيا والسعودية وقطر، قرروا وضع خلافاتهم جانباً وتقديم مزيد من الأسلحة للمسلحين لزيادة الضغط على الحكومة السورية والحد من تأثير إيران التي تقدم الدعم لدمشق.
وتعود تحسن العلاقات إلى إدراك أنقرة والرياض أن الخلافات بشأن جماعة الإخوان المسلمين يجب ألا تعوق ردًّا مشتركًا على الأزمات التي تهدد الشرق الأوسط، وقال عضو بارز في حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا، ومقرب من الرئيس رجب طيب أردوغان: المنطقة بحاجة للتغيير، مشيرًا إلى أن أردوغان يعتزم زيارة الرياض مرة أخرى قريبا للقاء الملك سلمان بعدما زارها مرتين هذا العام، كما تجري مشاورات هاتفية منتظمة معه.

تخوف من التمدد الشيعي

تخوف من التمدد الشيعي
من جانبه قال نائب رئيس حزب العدالة والتنمية، ناجي بستانجي: هناك مجالات يمكننا الوصول إلى اتفاقات بشأنها مع السعودية ومجالات لا يمكننا فيها ذلك، ليس من السهل العثور على مخرج في ظل النظام المعقد للشرق الأوسط.
وفيما رأت وكالة رويترز، أن الخوف من التهديد المتمثل في إيران الشيعية، يمثل محركًا رئيسيًّا للرياض، فهي تريد أن تشكل تحالفًا وثيقًا من الدول السُّنِّية ليكون حائط صد في مواجهة الخطر الذي تراه في الجمهورية الإسلامية- تتبنى تركيا موقفًا أقل صراحة، وبينما انتقد أردوغان إيران لمحاولتها الهيمنة على المنطقة فإن علاقات بلده القوية مع طهران في مجالي الاقتصاد والطاقة تعني أنها لا يمكن أن تدير ظهرها لها.
ويبذل المسئولون الأتراك جهودًا كبيرة لتأكيد أن التقارب مع السعودية لا يعكس أجندة طائفية، وقال المسئول الكبير في حزب العدالة والتنمية: من الواضح أن الفهم السني والشيعي للمنطقة لا يسهم في حل الصراعات.
وحسبما ذكرت رويترز أن الرياض وأنقرة تشعران بأن واشنطن تحاول فك ارتباطها بالشرق الأوسط.
وتقول مصادر من المعارضة السورية: إن الرياض تبدو أكثر تقبلًا لتعاون مقاتلي المعارضة الذين تدعمهم مع الفصائل المتشددة، وتتأمل أن يكون التقارب السعودي التركي في صالحها.

شارك