إرهاب شباب المجاهدين "الصومالية" تُقَوِّض فُرَص الاستقرار في القرن الإفريقي
السبت 09/مايو/2015 - 04:48 م
طباعة

على الرغم من تنوع أسماء حركة شباب المجاهدين ما بين "حركة الشباب الإسلامية" و"حزب الشباب" و"حركة الشباب المجاهدين" و"الشباب الجهادي" و"الشباب الإسلامي"- إلا أن الجميع يتفق على أنها حركة إرهابية بامتياز تريد أن تبتلع الصومال وتقوض جميع فرص الاستقرار بها، وفي منطقة القرن الإفريقي بالكامل، وتستخدم من أجل ذلك كافة الأساليب الإرهابية من القتل وحتى الاغتيال والخطف وترويع الآمنين.

الحركة الإرهابية تصدرت المشهد من جديد بحادث إرهابي مروع قتلت فيه بالمسدسات والقنابل اليدوية النائب سعيد حسين نور، عند مغادرته مسجد أبي هريرة بمدينة "غالجعيو" في إقليم "مدغ" الخاضع لإدارة "بونت لاند"، وهو عضو في برلمان ولاية "بونت لاند" المتمتعة بحكم شبه ذاتي، شمال شرقي الصومال، وفر المسلحون عقب الحادث، وحاصرت القوات الأمنية المنطقة التي شهدت عملية الاغتيال، وفتحت تحقيقًا حول الهجوم، إلا أنها لم تتمكن من إلقاء القبض على أي مشتبه به.
لتعلن الحركة مسئوليتها عن الهجوم وتكون بذلك هي المسئول الأول عن الأحداث الإرهابية الأخيرة التي تشهدها الولاية منذ شهور؛ نتيجة هجماتها المتكررة.
العمليات الإرهابية التي تقوم بها الحركة:

1- استهداف حافلة تابعة للأمم المتحدة في مدينة جاروي، شمال شرق الصومال، أسفر عن مقتل 9 عاملين تابعين للأمم المتحدة.
2- اقتحام مؤسسات حكومية صومالية في العاصمة مقديشو أودى بحياة العشرات.
3- هجوم مفاجئ على جامعة جاريسا في شمال شرق كينيا أسفر عن مقتل المئات.
4- الهجوم على مركز «ويست غيت» التجاري في نيروبي.
5- القيام بعدة تفجيرات انتحارية في الصومال وكينيا.
6- اغتيال وزير الداخلية الصومالي السابق عمر حاشي أدن في 18 يونيو 2009 داخل فندق ببلدة بلدوين وسط الصومال وقتل معه 30 شخصًا.
7- التضييق على المواطنين بمنع الرقص والموسيقى في حفلات الزفاف وإغلاق المقاهي ودور السينما، ومنع مشاهدة الأفلام السينمائية والنغمات الموسيقية في الهواتف المحمولة، ولعب مباريات كرة القدم أو مشاهدتها.
8- تنفيذ عمليات جلد وإعدام وبتر أطراف في عدة مناطق أغلبها في منطقة كيسمايو الجنوبية والأحياء الخاضعة لسيطرتها في مقديشو، وذلك عبر "جيش الحسبة" الآمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
9- إعدام عدة مئات من المسيحيين الصوماليين الذين لا يزيد عددهم عن 1000 شخص منذ عام 2005.
10- إعدام أشخاص لتعاونهم مع الاستخبارات الإثيوبية.
11- هدم أضرحة تابعة لمسلمين صوفيين في المناطق التي تسيطر عليها، وإغلاق مساجدهم وجامعتهم بدعوى "أن ممارسات الصوفيين تتعارض مع مفهوم هذه الجماعة للشريعة الإسلامية".
12- كذلك تقوم المجموعة من خلال ما تسميه "محكمة إسلامية" بالحكم على نساء ورجال بالجلد من قبيل "الزنا".
13- قتل خمسة أشخاص وجندي من القوات الإفريقية وإصابة آخرين بجروح خطيرة،

وتعطي هذه العمليات والتصرفات إشارة واضحة على أن الحركة الإرهابية التي تأسست في عام 2004، وظلت محسوبة قبل عام 2007، على تنظيم "المحاكم الإسلامية" سيطرت على مناطق واسعة في جنوب الصومال خلال النصف الثاني من عام 2006، لكن بعد هزيمة "المحاكم الإسلامية" أمام الحكومة الصومالية المؤقتة المدعومة من طرف الجيش الإثيوبي وانسحاب قيادتها خارج الصومال، وتحالفها مع المعارضة الصومالية في مؤتمر مدينة أسمرة المنعقد في سبتمبر 2007، انشقت "حركة الشباب الصومالية" التي كان يقودها آنذاك عبد الله سودي أرال عن المحاكم متهمة إياها بـ "التحالف مع العلمانيين والتخلي عن الجهاد في سبيل الله"، وكان بين أهدافها المعلنة محاربة ما أسمته "الاحتلال الإثيوبي" أنها لا تريد أي استقرار في الصومال وفي منطقة القرن الإفريقي بالكامل من خلال ما يلي:
أ- رغبتها في الانضمام لتنظيم "داعش" من خلال تبني نفس أسلوبها الدموي في العمليات.
ب- تريد أن تتحوّل إلى منظمة إرهابية دولية؛ ولذلك تستخدم أسلوب داعش في القتل والتمدد.
ت- أساليب الجماعة الجديدة تكشف عن استراتيجية محددة للتوسع الإقليمي، فالحدود لديها غير موجودة وغير شرعية، وجميع مناطق المسلمين في شرق إفريقيا ساحة معركة.
ث- ترغب الحركة في إشعال نيران الصراعات الطائفية في كينيا التي تعتبر من أكثر الدول استقرارًا وتقدمًا في إفريقيا.
ج- الهجمات الأخيرة التي شنها التنظيم تعد دليلًا على زيادة الخطر الناجم عن وجود هذا التنظيم، والذي تطور ليصبح تهديدًا دوليًّا.
ح- استغلال الفراغ الموجود في منطقة القرن الإفريقي للاستحواذ على منظومة الجهاد الإسلامي المسلح في منطقة القرن الإفريقي.

الأزهر الشريف ودار الإفتاء المصرية رصدت هذه المخططات مبكرًا حيث قال مرصد فتاوى التكفير التابع ودار الإفتاء المصرية في تقريره السادس عشر والذي جاء تحت عنوان "حركة شباب المجاهدين الصومالية.. الأسس الفكرية والممارسات العملية.. وسبل المواجهة": إن الحركة تعتبر الحكومات والنظم السياسية القائمة أنظمة كفر مرتدة تخالف الإسلام وتعادي الشريعة وتوالي أعداء الدين، وأن العنف هو الوسيلة الوحيدة لإحداث تغييرات جوهرية في بنية النظم السياسية والاجتماعية والثقافية، بالإضافة إلى عدم الاعتراف بمفاهيم الوطن والمواطن باعتبارها مفاهيم ترسخ القيم والمبادئ الغربية الكفرية، كما أنها لا تعترف بالدساتير والقوانين الوضعية، ولا الحدود بين الدول، وأنها تعتبر أعداءها هم النظم الحاكمة ومن يواليهم، يلي ذلك الفكر والتيارات الصوفية؛ لذلك فهي تقوم بالعديد من الهجمات المسلحة على المزارات والأضرحة الصوفية في الصومال.
واعتبر أن الهيكل التنظيمي للحركة لا يعد كيانًا متجانسًا، بل تحالف يضم مجموعة الفصائل المنضمة تحت لوائها، وتعتمد على اللامركزية في عملها، وبالرغم من ذلك كانت فصائلها تجتمع تحت جدول أعمال مشترك لتوحيد عملها، مثل السعي إلى هزيمة قوات الاتحاد الإفريقي والحكومات الصومالية وتطبيق الشريعة والقوانين الإسلامية في التعاملات اليومية في جميع أنحاء الصومال.

وشدد على ضرورة تجفيف المنابع الفكرية والمادية من مصادر تمويلها الأساسية، والتي تعتمد بشكل أساسي على التحويلات الخارجية من الدول الأوربية، وكذلك التجارة، وخاصة تجارة الفحم، ومحاصرة الموانئ والمنافذ التي تستخدمها الحركة في تجارته للقضاء عليها والتصدي لمحاولاتها اجتثاث الفكر والجماعات الصوفية من الصومال، بتوفير الدعم الفكري والمادي وتوفير الحماية اللازمة للتيارات الصوفية هناك، والتواصل معهم، ومدهم بجميع أشكال الدعم المادي والمعنوي من كتب ومؤلفات تدعم وتؤصل للفكر الصوفي، والعمل على نشر ثقافة الإنشاد الديني والمديح.
واختتم حديثه بالتأكيد على ضرورة استثمار الأدوات الإعلامية واستغلالها بالشكل الأمثل لمحاصرة الفكر المتطرف، ونشر الأفكار وتصحيح المفاهيم.
وشدد ريتشارد داودن عضو الجمعية الملكية الإفريقية البريطانية على أن حركة الشباب المتمردين ينأون من سياستهم في الصومال الاقتراب من الاستراتيجية الدولية للقاعدة التي ينتمون لها.

ليندا توماس غرينفيلد مساعدة وزير الخارجية الأمريكية لشئون إفريقيا اعتبرت" أن هجوم ويست غيت يعني ضمنيا أن التشدد العنيف في القرن الإفريقي يتطور".
الأسباب السابقة والتحذيرات من الأزهر ودار الإفتاء والقوى الإقليمية والدولية تؤكد على أن حركة شباب المجاهدين الإرهابية هي الخطر الأكبر على الإسلام والمسلمين، والاستقرار ليس في الصومال فقط وإنما في منطقة القرن الإفريقي بالكامل.