تغيب الملك سلمان عن قمة "كامب ديفيد".. الأسباب والتداعيات
الثلاثاء 12/مايو/2015 - 01:14 م
طباعة

في قرار مفاجئ من الملك سلمان بن عبد العزيز، بعدم حضوره قمة "كامب ديفيد" المقرر انعقادها غدًا وبعد غد بين القادة والحكام الخليجيين والرئيس الأمريكي باراك أوباما، وذلك بشأن منع طهران من الحصول على سلاح نووي.
لا خلافات بين الطرفين

أثار غياب الملك شكوك البعض في أسباب تغيبه في اللحظة الأخيرة، وبالأخص بعدما كلف ولي عهده الأمير محمد بن نايف بالحضور بدلا منه.
ويعتبر حصول أوباما على دعم من دول مجلس التعاون الخليجي مهم بالنسبة له؛ حتى يوضح للكونجرس أن الاتفاق مع إيران يحظى بدعم إقليمي واسع رغم معارضة إسرائيل.
ويرى متابعون أن قرار الملك سلمان بعدم حضور القمة "مقصود" وموجه إلى الرئيس الأمريكي باراك أوباما، في وقت تشهد فيه العلاقات بين البلدين توترًا بسبب معارضة السعودية للاتفاق المقترح مع إيران حول برنامجها النووي.
فيما أكد السفير السعودي في واشنطن، عادل الجبير، أن ذلك التفسير "بعيد جدا"، وأن الأميرين اللذين سيحلان محل الملك سلمان هما "الشخصان المناسبان" لتمثيل المملكة.
أسباب التغيب

فيما لفت أحد المقربين من الحكومة السعودية، إلى أن القرار مزج بين الوضع في اليمن وما يمكن أن يكون "طابعا فنيا" للمحادثات حول إيران في القمة، ما جعل الملك يرى أن إرسال وفد على رأسه ولي العهد الأمير محمد بن نايف، وبين أعضائه وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان، هو أفضل وأكثر نفعًا.
وأضاف: إنهم لا يقصدون ذلك كازدراء، كما أنهم لم يحاولوا إرسال رسالة.
فيما توقع مراقبون أن يكون هذا القرار ما هو إلا استياء سعودي من موقف أمريكا تجاه إيران بشأن الملف النووي.
ومن جانبه قال جون ألترمان، الذي يدير برنامج الشرق الأوسط في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية: "لقد بدأ الرئيس باراك أوباما إعادة التواصل مع القادة الذين شعروا أنه لم يعد لديهم داعم ومساند، معتمدًا على القنوات المفتوحة، وهذا يشير إلى خيبة أمل على أقل تقدير، وربما غضب كامن من أن الرئيس لا يفهم موقفهم.
ويرى خبراء أن تمثيل محمد بن نايف للمملكة في القمة يؤكد أنه الشخص الأقوى في البلاد حاليًا.
وصول ولي العهد إلى أمريكا

في ذات السياق، وصل الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز، ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، مساء أمس الاثنين إلى فرنسا، في طريقه إلى الولايات المتحدة الأمريكية.
رافق ولي العهد وزير الدولة عضو مجلس الوزراء الدكتور مساعد بن محمد العيبان، ووزير الدولة عضو مجلس الوزراء الدكتور سعد بن خالد الجبري، ووزير الثقافة والإعلام الدكتور عادل بن زيد الطريفي، ووزير الخارجية عادل بن أحمد الجبير، ورئيس الاستخبارات العامة خالد بن علي الحميدان.
كما رافق ولي العهد رئيس الشئون الخاصة سليمان بن نايف الكثيري، والمستشار بالديوان الملكي مساعد ناصر البراك.
شكوك حول موقف أوباما

يرى متابعون أن قرار الملك سلمان عدم حضور القمة بأنه "تجاهل"، وذلك في ظل تزايد الشك الخليجي تجاه التزام أوباما بمواجهة الدعم الإيراني لفصائل شيعية في المنطقة.
وقال البيت الأبيض: إن الملك سلمان أجرى اتصالا هاتفيا بأوباما يوم الاثنين ليعبر عن أسفه للغياب عن القمة، مضيفًا أن الطرفان اتفقا على الحاجة إلى العمل مع الدول الخليجية الأخرى لبناء قدرات جماعية للتصدي بشكل أكثر فعالية للتهديدات التي تواجه المنطقة وتسوية الصراعات فيها، مشيرًا إلى أن الزعيمين اتفقا أيضا على الحاجة إلى مساعدات إنسانية عاجلة في اليمن.
وقالت وكالة الأنباء السعودية الرسمية: إن العاهل السعودي أوضح لأوباما أن سبب غيابه عن القمة يرجع إلى انشغاله بالهدنة الإنسانية في اليمن، وافتتاحه لمركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية.
وأضافت الوكالة أن أوباما جدد التزام الولايات المتحدة بالدفاع عن أمن السعودية من أي اعتداء خارجي.
كيري يُطَمْئِن دول الخليج

من جانبه يسعى وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، لطمأنة دول الخليج بأن واشنطن لن تقبل اتفاقًا نوويًّا سيئًا، قائلًا: إن مناقشات كامب ديفيد ستسفر عن التزامات من شأنها تهيئة "تفاهم أمني جديد" مع دول مجلس التعاون الخليجي.
وقال مسئولون أمريكيون الأسبوع الماضي: إن واشنطن تستعد أيضًا لتقديم أسلحة جديدة؛ من أجل منظومة دفاعية صاروخية مشتركة لمجلس التعاون الخليجي.
وقال المستشار الأمني الكويتي لدى مجلس التعاون الخليجي سامي الفرج: إن نظريات المؤامرة القديمة ثبت صحتها، مضيفًا أن الولايات المتحدة تخلق تهديدات لنا ثم تقدم لنا المزيد من أنظمة السلاح، وهذا لا يبشر بالخير بالنسبة لنا.
كانت تعهدت واشنطن مرارًا بالمساعدة في كبح الأنشطة الإيرانية وعرضت أسلحة جديدة على الدول الخليجية العربية وتدعم التحالف الذي تقوده السعودية ضد الحوثيين اليمنيين المتحالفين مع طهران.
وأبدى الملك سلمان دعما حذرًا إزاء اتفاق إطار نووي جرى التوصل إليه الشهر الماضي، ولكنه يصر على أن أي اتفاق يجب أن يكون قويًّا، ويجب التحقق منه، وألا يمثل تهديدًا لجيران طهران.
قلق دول الخليج

كانت دول الخليج تشعر بالقلق بشأن المحادثات النووية الجارية بين الولايات المتحدة والدول الخمس العظمى.
ودخلت هذه المحادثات مرحلتها النهائية، والتي تهدف إلى التوصل إلى اتفاق من شأنه أن يكبح قدرة إيران على صنع أسلحة نووية في مقابل رفع العقوبات.
ويبدو القلق في دول الخليج السنية من إيران سوف يتركز حول مخاوفها من ضخ السيولة النقدية التي سترافق تخفيف العقوبات لتوسيع نفوذها في المنطقة إلى أبعد من ذلك.
جدير بالذكر أن الموعد النهائي للمحادثات سيكون في 30 يونيو.
الاتفاق النووي "زعزعة" لاستقرار المنطقة

يرى خبراء أن إيران أصبحت قوة تزعزع استقرار المنطقة، وبالتوصل لاتفاق نووي ستكون أكثر زعزعة للاستقرار، ومن ثم فإن مجلس التعاون الخليجي والولايات المتحدة لا يسيرون على نفس الخط.
ومن المقرر أن يصدر عن القمة بيان يتضمن مواقف والتزامات الولايات المتحدة والدول الخليجية، حسب البيان.
وقال مصدر قريب من القمة: إن سلطان عمان ورئيس الإمارات العربية المتحدة، اللذين يعتقد أنهما مريضان للغاية ولا يسافران لأسباب غير طبية، ليسا من المتوقع أن يحضرا المباحثات أيضا، ومن المتوقع أن يشارك أيضا أميرا الكويت وقطر.
ويعتقد بعض الدبلوماسيين في المنطقة أن غياب الملك سلمان عن كامب ديفيد والشيخ حمد بن عيسى آل خلفية ملك البحرين التي تستضيف الأسطول الخامس الأمريكي قد تكون له نتائج عكسية.
ويشير قرار الملك سلمان بعدم الحضور إلى عدم الرضاء عن التسوية المحتملة لملف إيران النووي، وكذلك عدم ارتياح السعودية إزاء أوباما ومفاوضاته مع إيران بشأن برنامجها النووي.