دول الخليج بين أذرع إيران و"سمكة الصحراء" الداعشية

الثلاثاء 12/مايو/2015 - 03:10 م
طباعة دول الخليج بين أذرع
 
بين أذرع إيران في المنطقة والإرهاب الداعشي تعيش دول الخليج على صفيح ساخن ومن خلال تحليل لهذا الوضع المقلق أكد الأستاذ الدكتور خالد يايموت أستاذ العلوم السياسية في جامعة الملك محمد الخامس على خطورة الوضع السياسي والأمني في دول الخليج.

الخطر التقليدي

الخطر التقليدي
كانت إيران كدولة تمثل الخطر التقليدي لدول الخليج، ولكن ازدادت هذه الخطورة في ظل وجود أذرع لإيران في المنطقة اعتبرها الدكتور خالد ميليشيات «ما فوق الدولة»، ويمثلها حزب الله بلبنان و«فيلق بدر» بالعراق، والحوثيون باليمن. كل هذه الميليشيات تستعمل الطائفية في التعبئة والصراع السياسي؛ مما يُكسب جماعات التطرّف الديني السُّني تعاطفًا أكبر من ذلك الذي تحظى به الأحزاب وجمعيات المجتمع المدني. كما يجعل من الأقليات تكتلات ذات ولاءات متناقضة، تخرق أسس ما هو وطني، وتنظر لطبيعة الصراع الدولي بشكل مذهبي، يفسح المجال لاستعمال الطائفية في الصراعات الإقليمية والدولية. كما ازداد هذا الخطر مع تقارب أمريكا مع إيران. 

الخطر الثاني

الخطر الثاني
يمثله تنظيم داعش بكل ثرائه المادي والبشري، ومع أن الولايات المتحدة تقود فعليًّا عملية «العزم المتأصل»، ومن خلالها محاربة «داعش»؛ فإن سياسة «الصبر الاستراتيجي»، لم تؤدِّ حسب تحليلات مراقبين كثر وتقارير عدة لمراكز بحثية محترمة إلى محاصرة تنظيم «داعش»، أو إضعافه بالشكل الذي يجعل منه تنظيمًا إرهابيًّا في طريقه للزوال؛ ذلك أن التنظيم لم يفقد بعد أكثر من خمسة في المائة من الأراضي التي يسيطر عليها بالعراق، التي تبلغ نحو 40 في المائة من إجمالي مساحة هذا البلد، بينما يسيّر التنظيم شئون نحو 10 ملايين عراقيا في الجغرافيا العراقية السورية. ويمكن أن نلمس من تصريح باتريك رايدر، الناطق باسم القيادة العسكرية المركزية، التي أكد فيها أنه: «في حين قد تعطي التقارير الأولية انطباعًا بأن (داعش) في وضع هجومي، فإننا لا نلمس أية أدلة تفيد أنه قادر على أن يكون كذلك». ولقد عزز المسئول الأمريكي موقفه بالإشارة أن «داعش» لم تعد تسيطر على أراض شاسعة.
يدعم هذا ما صدر بتاريخ 23 أبريل الماضي عن وزارة الدفاع الأمريكية، حيث أوضحت أن خسائر «داعش» من الأسلحة والذخيرة والأمور اللوجيستية، تتمثل في 6097 هدفًا، منهم 77 دبابة، و287 عربة همفي، و416 مناطق إطلاق، و1757 بناية تابعة للتنظيم، و1330 موقعا قتاليًّا، و152 مصفاة ومحطة لتجميع النفط، و2078 من الأهداف الأخرى؛ في حين نفذ التحالف الدولي أكثر من 1400 ضربة جوية ضد لـ«داعش» في سوريا.
وما يلاحظ على هذا التقرير، غياب أي عدد محدد لقتلى في صفوف «داعش»؛ كما يمكن القول: إن التفاؤل الذي تشير إليه هذه المعطيات يخفي الاستراتيجية العسكرية لتنظيم «داعش»، والتي تعتمد منذ معركة عين العرب على سياسة قتالية انتشارية، توسّع من دائرة الجبهات وتخلق أخرى؛ وفي الوقت نفسه تركّز على مناطق استراتيجية حيث يظهر التنظيم بقوة فيها، ثم يختفي ليظهر من جديد، فيها أو في غيرها، وهذا الأسلوب اعتمد في منطقة مصفاة بيجي النفطية وجبل سنجار وغيرهما.
ونشير هنا إلى أن هذه السياسة يطلق عليها التنظيم، الذي يتزعمه أبو بكر البغدادي، مسمى «سمكة الصحراء»، وتعبر عن تطوير لإمكانية للمراوغة الحربية التي تمتلكها «داعش».

وضع الخليج

يؤكد الدكتور خالد في تحليله المهم ذو الرؤية النافذة على أن النتائج الإيجابية التي حققتها السياسة الجديدة لدول مجلس التعاون الخليجي، تحتاج لمزيد من العمل الجماعي لمنظومة التعاون المكونة للمجلس. فهذه المنظمة الإقليمية تملك من الإمكانيات الذاتية ما يؤهلها للتأثير الجدي على السياسات الدولية والتحالفات الجديدة (بما فيها تحالفات الإرهابيين)، التي تتشكل في الشرق الأوسط. 
ومن هنا أصبح لزامًا على دول مجلس التعاون الخليجي تطوير الإرادة السياسية الساعية لتحقيق التكامل وبناء «قوة دفاع مشترك» تعوض تدريجيا الاعتماد التقليدي على الدور الخارجي في المحافظة على الأمن القومي الخليجي؛ وفي الوقت نفسه بناء مؤسسة أمنية موحدة، قادرة على مواجهة الأخطار المهدّدة للأمن الداخلي. وهنا لا بد من الإشارة إلى أن التهديد الموجه ضدها لا يأتي فقط من إيران والميليشيات الطائفية المتحالفة معها؛ بل يأتي كذلك من الخطر النووي الإسرائيلي الأقدر على تهديد النظام الإقليمي القائم حاليًا.

شارك