السيسي و"تجديد الخطاب الديني"

الأربعاء 13/مايو/2015 - 04:23 م
طباعة السيسي وتجديد الخطاب
 
قام الرئيس عبد الفتاح السيسي أمس الثلاثاء 12 مايو 2015، وللمرة الأولى، بدعوة المفكرين لمشاركة مؤسسة الأزهر ورجال الدين في مهمة "تجديد الخطاب الديني". 
جاء ذلك في خطاب تليفزيوني مسجل بثه التلفزيون المصري أمس الثلاثاء، حيث يحرص الرئيس السيسي على تقديم خطاب شهري يتناول عددًا من القضايا الداخلية والخارجية. وقد كان الرئيس السيسي دعا في يناير الماضي إلى ما أسماها "ثورة دينية"، وأضاف أن الخطاب الديني الجديد يجب أن "يتعامل مع الأفكار المغلوطة والمشوشة". وتابع: "الجهود المبذولة في تجديد الخطاب الديني ليست على قدر التحدي الموجود وليست كافية". ودعا السيسي في خطابه المسجل المفكريين المصريين لهذه المهمة أيضا للمرة الأولى، قائلا: "مؤسسة الأزهر الشريف تقوم بهذا الدور معها رجال الدين المستنيرون، وكمان (أيضًا) المفكرين المصريين، لنقدر (نستطيع) تجفيف منابع الإرهاب وإيجاد بيئة ثقافية ودينية صحيحة". واعتاد السيسي أن يحمل الأزهر ورجال الدين مسئولية تجديد الخطاب الديني.
إبراهيم عيسى
إبراهيم عيسى
مما دعا الإعلامي إبراهيم عيسي في نهاية أبريل الماضي أن يهاجم اقتصار تجديد الخطاب الديني على مؤسسة الأزهر. وفي برنامجه "25/30" على شاشة قناة "اون تي في" الفضائية الخاصة الشهر الماضي اعتبر عيسى أن تجديد الخطاب الديني ليس قضية رئيس، أو أجهزة دولة؛ هي قضية الشعب والمجتمع المصري، والمثقفين والمفكرين فقط، وقال: "عمر ما الإصلاح الديني طلع (خرج) من مؤسسة دينية أو حكومية". وفي مطلع يناير الماضي أثارت تصريحات السيسي جدلاً عندما دعا رجال الدين في احتفال ديني إلى "تصحيح المفاهيم الخطأ التي ترسخت في أذهان الأمة الإسلامية"، من خلال "ثورة دينية"، موضحًا أن هناك "بعض الأفكار تم تقديسها لمئات السنين وأصبح الخروج عليها صعبًا للغاية. وقبيل نهاية الشهر ذاته، أعلن السيسي أمام منتدى دافوس الدولي، الذي انعقد وقتها في سويسرا، أفكاره حول دعوة سابقة أطلقها تحت عنوان "الثورة الدينية". وردًّا على سؤال من مدير جلسة على هامش المنتدي، بشأن الدعوة لتصحيح المفاهيم الإسلامية عبر "ثورة دينية"، قال الرئيس المصري: إن "سماحة الإسلام لم تعد واضحة للعالم كله، فخلال 30 سنة اللي فاتت، قدمت العمليات الإرهابية شكلًا قبيحًا للإسلام؛ لذا نحتاج أن نتوقف ونقوم بتنقية خطابنا الديني من الأفكار المغلوطة". وأضاف السيسي وقتها: "هذا لن يحدث إلا بعلماء الأزهر والدين المهتمين بالإسلام؛ لأنهم معنيين بالتعامل مع الخطاب الديني، الذي يجب ألا يصطدم مع العالم، وهذا يتطلب من المسلمين مراجعة الخطاب". ونفى السيسي وقتها أن يكون هناك علاقة بين مراجعة الخطاب الديني في الإسلام وبين المساس بالعقيدة، قائلاً: "علينا كمسلمين مراجعة الخطاب، وهذا لا علاقة له بالعقيدة، ثوابت العقيدة لا أحد يتكلم فيها".

ردود الأفعال حول الخطاب

الدكتور محمد مختار
الدكتور محمد مختار جمعة
وحول ردود الأفعال حول تجديد الخطاب الديني ودعوة المفكرين المصريين للإسهام فيه قال الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف: إن "الدولة الآن بحاجة ماسة لتضافر جهود العلماء والمفكرين والمثقفين، في مؤتمر تجديد الخطاب الديني، وفي حاجة مُلحة إلى أن نعيش بين الناس وألا نكتفى بحياتنا بين الكتب أو في بطون الكتب فحسب، كما أننا في حاجة إلى توسيع مداركنا الثقافية لتواكب تطورات العصر ومستجداته".
وأضاف جمعة، في كلمته بالجلسة التحضيرية التي عقدها الوزير مع قيادات المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، مساء أمس الثلاثاء 12 مايو 2015: "نحن بحاجة أكثر إلحاحًا إلى امتلاك شجاعة التجديد، وأن نعمل معًا بروح الفريق الواحد علماء ومفكرين ومثقفين وكُتاب، وإن الأوقاف على أتم الاستعداد لفتح مساجدها ومعاهدها ومراكز التدريب ومعاهد الثقافة الإسلامية بها لعلماء الأزهر المتخصصين؛ للعمل على نشر صحيح الإسلام ومواجهة التطرف والغلو".
وتابع جمعة: "نتمنى أن تسهم وثيقة الأوقاف لتجديد الخطاب الديني المقرر صدورها قبل نهاية الشهر الجاري، في وضع رؤى ومقترحات جادة تسهم في ردم الفجوة بين الواقع والمأمول".
الدكتور أحمد تركي
الدكتور أحمد تركي
وفي نفس السياق أكد الدكتور أحمد تركي، مدير عام بحوث الدعوة بوزارة الأوقاف، أن التجديد الحقيقي للخطاب الديني يتمثل في إعادة هيكلة مؤسسات الأزهر والأوقاف والإفتاء، والهيكلة المالية والإدارية، وعلاقة المدير بالمرءوس، ومدى تقبل المؤسسة لآليات ووسائل الدعوة الجديد، مشيرًا أن جامعة الأزهر لا بد أن يتم إعادة هيكلتها؛ لأنها تقوم على التلقين في طرق التدريس وتدريب الأساتذة واللوائح الخاصة بتعيين الأساتذة هناك.
وأضاف تركي، في تصريحات صحفية، أنه يجب العمل على تدريب الأئمة والعلماء على مهارات الخطابة والتأثير على الشباب، وبحث وسائل بديلة للتواصل مع الشباب، بالإضافة إلى عمل مشروع حضاري وخطة لتنقية التراث، دون الاقتراب من الثوابت الدينية، وإنما تنقية بعض التفسيرات الخاصة بالفروع والمسائل التي تشوبها بعض الخلافات.
وتابع مدير عام بحوث الدعوة بوزارة الأوقاف، أنه على الجامعة أن تصدر كتيبات مصغرة بصورة مبسطة تعيد الأفكار إلى حقيقتها، كمفهوم الجهاد، والحرب، والكفر، بأسلوب يتناسب مع الشباب وثقافة المواطن، إضافة إلى آليات إعلامية خاصة بمؤسسة الأوقاف، كذلك الاستفادة من المرصد الإعلامي الموجود بوزارة الأوقاف، ودوره لرصد الحالة الدينية للمواطنين والشباب، وكذلك تعميمه على الوطن العربي.
الدكتور محمد السيد
الدكتور محمد السيد
فيما رأى الدكتور محمد السيد، الأستاذ بكلية الشريعة جامعة الأزهر أن مفهوم تجديد الخطاب الديني يعني المواكبة والمواءمة بين شئون الدنيا وشئون الدين، مع مراعاة ثقافات الناس والارتقاء بهم إلى ما يحقق مفهوم الارتقاء الديني، مشددًا على ضرورة ألا يتخلى الداعية عن الثوابت التي جاء بها الإسلام، ولكن عليه أن يتناول هذه الثوابت بمفاهيم وأساليب تواكب مفاهيم المخاطبين من الناس.
وأوضح السيد، أن الإسلام هو دين جامع لجميع قضايا الدنيا والدين إلى قيام الساعة، مشيرًا أنه يؤكد معايشة الناس بما يتناسب مع واقع حياتهم، ومضيفًا أن هذا هو دور الأزهر الشريف المسئول عن هذا الدين بحكم رسالته التي يقوم بها، والتي يفترض أن تتسم بالوسطية والاعتدال والفكر الراقي الذي يظهر عظمة ديننا الحنيف.

شارك