هجوم صحيفة لبنانية مقرب من "حزب الله".. شيعة تيار المستقبل في دائرة الخطر؟

الخميس 14/مايو/2015 - 02:27 م
طباعة هجوم صحيفة لبنانية
 
فجأة وبدون مقدمات خرجت صحيفة الديار اللبنانية، المقربة من حزب الله، بالهجوم على الشيعة اللبنانيين المنطوين تحت تيار المستقبل الذي يتزعمه رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، ويعرف إعلاميا بـ" شيعة المستقبل" فيما اعتبره مراقبون تهديدًا مبطنًا باتجاه من أسمتهم "شيعة المستقبل". 

الديار وشيعة المستقبل

الديار وشيعة المستقبل
ونشرت صحيفة الديار اللبنانية، تقريرًا عن شيعة المستقبل ينقل عن "مصادر في 8 آذار"- يتزعمه حزب الله والأمين العام حسن نصرالله- ما وصفته بـ"استيائهم من هؤلاء الشيعة الذين يعارضون سياسة حزب الله وتدخله في سوريا، ويشوّهون صورته في عيون جمهوره".
وهاجمت صحيفة "الديار" اللبنانية، الاثنين، شيعة تيار المستقبل الذين يهاجمون الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، في محاولة للإيحاء بأن الهجوم على حزب الله يأتي من قلب بيئته الحاضنة، الطائفية والمذهبية وحتى الاجتماعية، واتهمت التيار بالخروج المطلق عن كل اللياقات والأعراف المتعارَف عليها في السياسة.
واتهمت الصحيفة المعروفة بقربها من حزب الله وإيران، تيار المستقبل، بأن لديه غرفة عمليات تضع نصب عينيها هدف تشويه صورة حسن نصرالله، بكلّ ما أوتيت من قوة.
وقالت الصحيفة: إن التيار يستخدم أسلوب النقد اللاذع البعيد كلّ البُعد عن اللياقات، وهو الأمر الذي يُضاف للهجوم غير المسبوق الذي يتولاه "تلفزيون المستقبل" ضدّ نصر الله بشكلٍ يومي، والذي تخطّى بدوره كلّ الحدود. على حد تعبير الصحيفة.
ونوهت الصحيفة إلى أن هذه المعطيات تضع من جديد الحوار بين "تيار المستقبل" و"حزب الله" على حافة الهاوية.
وأضافت الصحيفة أنّ نهاية الحوار أصبحت قريبة، وأنه بدأ يلفظ أنفاسه الأخيرة، فالحوار الذي يقع على وقع الشتائم والإهانات لا يمكن الرهان عليه، إلا إذا كان المطلوب أن يستمرّ في الشكل فقط تفاديا للسيناريوهات الأسوأ، علما بأنّ الجميع باتوا يدركون أنّه أصبح مجرّد تمثيلية لا تقدّم ولا تؤخر. على حد وصف "الديار".

من هم شيعة المستقبل؟

من هم شيعة المستقبل؟
شيعة المستقبل هم جزء من الشعية اللبنانيين والذي يرفعون المذهبية والطائفية، ويدعمون الوطنية والوحدة اللبنانية، في ظل تجزر المذهبية والطائفية بالمجتمع اللبناني، أغلبهم من أتباع مدرسة المرجع الشيعي السيد هاني حفص رحمه الله، رائد الحوار الديني الإسلامي المسيحي، والذي يعتبر نموذج توسيع مساحة الحوار بين أبناء الأمة الإسلامية، وأهل الأديان والطوائف. 
ويعتبر أبناء مدرسة هاني حفص، من المعارضين لحزب الله وولاية الفقيه في إيران، ويشكل "فحص" مع العديد من النشطاء والصحافيين اللبنانيين والجنوبيين موقفاً مغايراً لموقف الثنائي الشيعي، ويحاول إيجاد وجه سياسي شيعي ثالث.
ومن أبرزهم النائب عقاب صقر، وهو المقيم منذ سنوات خارج لبنان هربًا من تهديدات أمنية، تعني أنه هو المستهدف، وهناك أحد الوجوه الإعلامية الشيعية داخل تيار الستقبل منهم الصحافي الشيعي نديم قطيش، والذي يعد ويقدم برنامج DNA، ويسخر فيه من منطق حزب الله السياسي ومن أمينه العام السيد حسن نصرالله، أصبح هذا البرنامج يشكل حالة لبنانية وعربية فارقة، بعد نجاحه في استقطاب نسبة عالية من المشاهدين الناقمين على حزب الله وحليفه النظام السوري وراعيه الإقليمي إيران. وقد بات برنامجا "عربيا" تنقله مواقع سعودية أبرزها "العربية"، وبات قطيش يكتب مقالا أسبوعيًّا في جريدة "الشرق الأوسط".

مخاوف الاغتيال

مخاوف الاغتيال
يرى المراقبون للأوضاع في لبنان أن هجوم صحيفة الديار يشير إلى تحذير مسبق لعملية تصفية واغتيال لمجموعة شيعة تيار المستقبل الرافضين لحزب الله وسياسته تجاه لبنان وسوريا المنطقة العربية وولائه التام لإيران.
وكان العميد السابق مصطفى حمدان، وهو أحد صقور 8 آذار قد تهجّم على الوزير السابق محمد شطح قبل اغتياله نهاية العام 2013 واتّهمه بأنّه "عميل أمريكي". إذا قبل اغتياله بأيام قال إنه "من المثير للسخرية والعجب أن يتنطح من كان آمراً لمدير سنوات الباطل" فؤاد السنيورة "للإدلاء بنظريات شاطحة كعادته خصوصاً فيما يتعلق بالإفادات الكاذبة وتهديد أمن الدولة، فليعد شطح إلى نوستالجيا شبابه يوم اختطف في لبنان بتهمة تعامله مع وكالة الاستخبارات الأمريكية أثناء دراسته في الولايات المتحدة". وتابع حمدان: "أما بالنسبة إلى غضب اللبنانيين من السوريين قبل سنة 2005؛ لذلك ننصح شطح بمتابعة المسلسلات التركية لا سيما مسلسل "وادي الذئاب" لكي يتعظ لكن أغلب الظنّ أنه شطح بالاتجاه الخاطئ ولا حياة لمن تنادي".
ويسجّل أنّه حتّى الآن لم تستهدف أيّ شخصية شيعيّة معارضة لسياسة حزب الله سواء أكانت مستقلة أو منتمية إلى تيار المستقبل، ما عدا الشهيد الشاب هاشم السلمان الذي اغتيل أمام عيون القوى الأمنية والجيش أمام السفارة الإيرانية.
غير أن هذا التهديد الصحافي الأخير من الديار، التي اعتاد الجمهور اللبناني على الأخذ به؛ لأنه يسبق عادة عمليات اغتيال تستهدف رموز 14 آذار، هو يجعل من احتمال الاستهداف هذا متوقعًا وجدّيا.

ليست شيعة المستقبل فقط

ليست شيعة المستقبل
ومن ينتقد سياسية حزب الله في لبنان والمنطقة ليس شيعة تيار المستقبل فقط، والذين يعتبره المتشددين لحزب الله خائنون لمقاومة، ولكن هناك العديد من التيارات الشيعية الغاضبة من حزب الله وسياسته التي تهدد سلامة الأمن الاجتماعي الهش بلبنان.
فقد طالب رئيس التيار الشيعي الحر محمد الحاج حسن، الأطراف المعنية بالتوتر الذي يشهده لبنان وتحديدًا "حزب الله الذي يتحمل مسئولية ما قد تسفر عنه هذه التصرفات التي لا تمت إلى الإسلام بصلة، أن يقلعوا عن همجيتهم ويتقوا الله في أفعالهم، وليحذروا من الفتنة إذا استيقظت والدم إذا سال، والحرمات إذا انتهكت"، وتابع: "أقول للإخوة في حزب الله ما تتصرفون به اليوم من احتلال لبيروت وما تحمله من رمزية وخصوصية، سوف تندمون عليه، فلا مصلحة لأحد بإشعال نيران الاقتتال، وتمزيق العائلة الواحدة، من أجل كسب الرضا الخارجي..".
وأضاف: "إن أبواب الجحيم التي بشرنا البعض بفتحها، سوف نوصدها بعزمنا وإرادتنا وإصرارنا على بناء دولة القانون والمؤسسات لا دويلات العصابات والميليشيات"، مستنكرًا انتشار مسلحي حزب الله في بيروت واحتلالهم لمركز تيار المستقبل وتحطيم ممتلكات الناس، وسأل: هل أعمت الأموال النظيفة بصيرتهم فأصبح كل شيء عندهم رخيصًا؟
كما قال المرجع الشيعي اللبناني، السيد علي الأمين: إن الأحزاب الشيعية التي نشأت في بعض الدول العربية، بعد الثورة الإيرانية بهدف السيطرة الإيرانية لا يمكنها اختصار الموقف الشيعي العربي"، لافتا إلى أنه "من بين هذه الأحزاب حزب الله اللبناني الذي يرتبط بالنظام الإيراني أيديولوجياً وثقافياً وسياسياً، والذي تحول لذراع عسكرية لإيران في لبنان نتيجة الاحتلال الإسرائيلي سابقاً، ونتيجة الصراعات في المنطقة حالياً".
وشدد المرجع الشيعي اللبناني، على أن حزب الله "لا يعبر عن رأي الطائفة الشيعية العربية في لبنان، فلا يمكن أن يختزل حزب من الأحزاب طائفة من الطوائف أو شعباً من الشعوب"، مشيراً إلى أن رأي الطائفة الشيعية ينسجم مع آراء بقية الطوائف اللبنانية بالعيش ضمن دولة القانون والمؤسسات.
واعتبر الأمين أن "البروز القوي لحزب الله هو نتيجة ضعف الدولة اللبنانية ببسط سلطتها على كامل أراضيها، إضافة لتمتع الحزب بالسلاح وهيمنته على معظم مفاصل الدولة اللبنانية- إن لم نقل- على كلها".
وحمّل الأمين الأنظمة العربية مسئولية اختزال الشيعة العرب في "التمثيل الأحادي" الذي تحتكره بعض الأحزاب الشيعية العربية المرتبطة بإيران، مشيراً إلى أن هذه الأنظمة "لم تفتح" علاقات مع شيعة الاعتدال العرب، ما ساهم في منح هذه الطائفة كـ"جائزة مجانية" لطهران. وقال الأمين: إن "ولاء الشيعة العرب ليس لإيران، بل هم جزء لا يتجزأ من شعوبهم، وولايتهم تابعة لدولهم التي يسكنونها".
وأشار المرجع الشيعي إلى أن "أصوات الشيعة المعتدلين والذين لا يسيرون في ركب حزب الله، سيبقى ضعيفاً في ظل استقواء الحزب بالسلاح".

المشهد اللبناني

يبدو أن خروج صحيفة بالهجوم على فصيل شيعي داخل تيار المستقبل أحد أبرز المعارضين لحزب الله في لبنان، يشير إلى أن الأوضاع في لبنان قد تشتعل في أي وقت في ظل التراشق الإعلامي بين الفصائل السياسية المذهبية الطائفية، وهو ما يشعل النار ويقضي علي السلام الاجتماعي الهش، في حالة تجميد الدولة سياسيًّا، مع فشل انتخاب رئيس الجمهورية منذ مايو 2014.

شارك