تسليح الأكراد.. يثير الجدل مجددًا في العراق
السبت 16/مايو/2015 - 12:16 م
طباعة

ما زال مشروع القرار الأمريكي، بإمكانية تسليح عشائر العراق والأكراد، أمرًا مثيرًا للجدل من جانب الحكومة العراقية برئاسة حيدر العبادي، معتبرًا أن هذا الأمر يتم بعيدًا عن حكومته، وأن هذا هو الطريق نحو تقسيم البلاد، في حين طالب بعض البرلمانيين باتخاذ خطوات للمحافظة على وحدة البلاد.
الحكومة ترفض

قال العبادي: إن الدعم الخارجي للعراق في حربه ضد الإرهاب يجب أن يكون عن طريق الحكومة المركزية والحفاظ على سيادة العراق ووحدة أراضيه.
ويرى مراقبون أن دعوات تقسيم العراق من الغرب تارة تشير إلى تقسيم البلاد لثلاث دويلات أو أقاليم، وتارة تؤيد انفصال الأكراد.
ورفض رئيس الحكومة مشاريع التقسيم، مؤكدًا على وحدة العراق، معتبرًا أي تأييد خارجي للتقسيم يمثل تدخلًا سافرًا في الشأن العراقي، ووفق نواب في البرلمان فإن عدم اكتراث بعض القيادات السياسية لوحدة الوطن وتمسكهم بمكاسب المكونات فسح المجال أمام الغرب في اللعب بأوراق بلاد الرافدين .
ويرى مراقبون أن هذه الدعوات ورسائل التقسيم المتعاقبة سواء على أساس الأقاليم أو دويلات صغيرة، تندرج ضمن مخطط أمريكي أشبه بـ"سايكس بيكو" جديد يهدف إلى إعادة صياغة مناطق النفوذ الغربي، بما يضمن المصالح الأمريكية في العراق والمنطقة برمتها.
فيما تعتبر مشاريع تقسيم العراق مرفوضة تمامًا من قبل الشعب العراقي رغم الإرهاب والمعاناة التي يمر بها البلاد، والتي يقول مراقبون إنها جاءت لإخضاع أبناء الرافدين للقبول بالتقسيم كخيار لاستتباب الأمن في البلاد.
ويقول متابعون: إن دعوات التقسيم لا تخلو من تأييد أطراف قليلة داخل البلد، وبكل الأحوال فإن محاولات الانفصال أو تقسيم بلد موحد منذ آلاف السنين، لا شك في أنها ستصطدم بمعارضة داخلية شديدة.
ضرورة تسليح الأكراد

يأتي ذلك في الوقت الذي أقر فيه مجلس النواب الأمريكي، أمس الجمعة 15 مايو 2015، ميزانية الدفاع الوطني لعام 2016، والتي تنص إحدى فقراتها على ضرورة تسليح الأكراد والسُّنة في العراق بشكل مباشر ومنفصل عن الحكومة المركزية في بغداد.
وأُقرت الميزانية التي خصصت 612 مليار دولار لوزارة الدفاع الأمريكية بأغلبية 269 صوتًا، مقابل 151 معارضًا لها، من أصل 435، فيما امتنع 12 عضوًا عن التصويت، وتغيب ثلاثة أعضاء.
وخصصت الميزانية الموضوعة، 715 مليون دولار كمساعدات أمنية للعراق، لكنها اشترطت منح 25% منها إلى الأكراد والسُّنة مباشرة وبشكل منفصل عن بغداد، فيما تحبس الحكومة الأمريكية 75% عن الحكومة المركزية حتى تستوفي شروطاً معينة، منها حل المظالم العرقية والطائفية للأقليات، وتشريع قانون لتأسيس الحرس الوطني العراقي السني، وإيقاف الدعم للميليشيات الشيعية.
كان الرئيس الأمريكي، باراك أوباما أعرب عن رفضه للغة التي تمت بها صياغة الفقرة المتعلقة بالأكراد، مشيراً إلى أنها تسببت بأضرار دبلوماسية للبلاد، مشددًا على أنه سيستخدم حق النقض الفيتو إذا ما وصل إليه مشروع القانون بالصيغة الحالية.
دعم عراق موحد

في ذات السياق أفاد البيت الأبيض بأن نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن تحدث إلى رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، وأعرب عن التزام الولايات المتحدة بإرسال مساعدة عسكرية للعراق إثر الهجمات التي شنها تنظيم الدولة الإسلامية داعش على مدينة الرمادي، موضحًا أن المساعدة تتضمن إرسال أسلحة ثقيلة ومزيد من الذخيرة والمعدات للقوات العراقية.
ومن جهة ثانية شدد كل من رئيس لجنة القوات المسلحة في مجلس النواب، ماك تورنبيري، وكبير الديمقراطيين فيها، أدم سميث، على دعم عراق موحد.
ودعا تورنبيري وسميث الحكومة العراقية إلى العمل مع الأكراد والعشائر السنية لمكافحة داعش.
سفير أمريكا في العراق يبرر

من جانبه، أكد السفير الأمريكي في العراق ستيوارت جونز، في بيان أمس الجمعة 15 مايو 2015، أن مشروع القرار المقدم من إحدى لجان الكونجرس الخاص بتسليح السنة، والأكراد العراقيين، "لن يتضمن التعامل معهما على أساس دوليتين بعيدًا عن العراق".
وذكر البيان الذي نشر على الموقع الرسمي للوزارة، أن وزير الخارجية إبراهيم الجعفري، أكد للسفير خلال لقائه في مكتبه ببغداد، "أن القوى الوطنية تصر على وحدة وسيادة العراق والحفاظ على النسيج المجتمعي المتنوع الذي تميز به".
وأكد الجعفري أن العراق لا يتدخل في شئون أي بلد من البلدان، كما أنه لا يسمح بتدخل أية دولة في شئونه الداخلية."
ومن جهته أكد السفير الأمريكي أن بلاده تحترم وحدة وسيادة واستقرار العراق، مشيراً إلى أن الإدارة الأمريكية وخلال لقاءاتها التي جرت مع المسئولين العراقيين أشادت بالتطور الحاصل في العراق، مؤكدةً دعمها لوحدة العراق بمكوناته كافة.
وقال الوزير العراقي: إن الزيارات التي يقوم بها المسئولون العراقيون إلى مختلف دول العالم مبشرة حال مساهمتها في تحقيق المصلحة الوطنية وتدعم وحدة واستقلال العراق، مُشيراً إلى أن العراق بلد يتمتع بالسيادة ولديه دستور صوت عليه الشعب وتجربة ديمقراطية رائدة في المنطقة تضم حكومة وطنية، داعياً بلدان العالم إلى التعامل مع هذه الحقائق وأن تعيد حساباتها بعيداً عن الأصوات التي تحاول تشويه الحقائق.
الشيعة تهدد

وكان مجلس النواب قد صوت في بداية مايو الجاري على صيغة قرار قدمه التحالف الوطني للرد على مشروع قانون الكونجرس، بينما انسحب اتحاد القوى السنية والتحالف الكردستاني من الجلسة؛ لاعتراضهما على صيغة القرار.
وجاء في القرار أن البرلمان يرفض مشروع قرار الكونجرس بالتعامل مع بعض مكونات الشعب العراقي بعيدًا عن الحكومة الاتحادية، ويعتبره تدخلًا سافراً في الشأن العراقي وخرقًا للقوانين والأعراف الدولية، ونقضًا لالتزام الولايات المتحدة في اتفاقية الإطار الاستراتيجية بضمان وحدة العراق واستقلاله.
وجاء أقوى رد فعل من زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، الذي اعتبر المشروع الأمريكي بداية للتقسيم العلني للعراق.
وهدد الصدر برفع التجميد عن الجناح العسكري المتخصص بالجانب الأمريكي وضرب مصالح الولايات المتحدة في العراق وخارجه حال تم إصدار القرار.
موقف السُّنة من قرار التسليح

تعترض عشائر عرب السُّنة في الأنبار ونينوي وصلاح الدين وديالي على عدم وقوف حكومة العبادي بجانبها من حيث التسليح والدعم اللوجستي والأمني خلال معاركها المستمرة منذ أكثر من عام ضد تنظيم "داعش".
وتصف العشائر السنية الحكومة المركزية بازدواجية المواقف، فهي تقوم بتزويد قوات الحشد الشعبي بأسلحة كبيرة، لكنها في المقابل ترفض تسليح أبناء العشائر الذين يحاربون أيضا مسلحي التنظيم.
وفي الوقت الذي ترى فيه العشائر السنية أن رفض الحكومة المستمر لتسليحها يعود إلى عدم قبول دول إقليمية لهذه الخطوة، تؤكد حكومة العبادي رفضها لها خوفًا من أن يذهب السلاح إلى ما تصفها بالتنظيمات الإرهابية.
من جانبها ترى حكومة إقليم كردستان العراق أن تسليح الإقليم يسهم في تعزيز الأمن والسلام في العراق والمنطقة، ويدعم دور البيشمركة في محاربة الإرهاب.