وفد طالبان أفغانستان في إيران.. الأهمية والأهداف

الأربعاء 20/مايو/2015 - 12:57 م
طباعة وفد طالبان أفغانستان
 
وصل وفد سياسي من حركة طالبان الأفغانية برئاسة طيب اغا، المسئول في المكتب السياسي للحركة في قطر إلى طهران في خطوة لتحسين العلاقات مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية.

وفد طالبان في إيران

وفد طالبان في إيران
وسيجري الوفد الذي يضم عددًا من أعضاء المكتب السياسي لحركة طالبان حسب الإعلام الإيراني أمس مباحثات مع عدد من المسئولين الأمنيين الإيرانيين حول أوضاع المهاجرين الأفغان في إيران والقضايا الإقليمية وخاصة تلك التي تتعلق بالعالم الإسلامي.
ويرى مراقبون أن إيران تسعى إلى علاقات قوية مع حركة طالبان السُّنية على غرار علاقات طهران مع الحركان الفلسطينية السُّنية كحركتي حماس والجهاد.
وزيارة وفد من المكتب السياسي لحركة طالبان إلى طهران ليست الأولى، بل تعتبر هذه الزيارة الثالثة لوفد من «طالبان» إلى إيران خلال السنوات الثلاث الماضية. وهي شاركت في مؤتمر الصحوة الإسلامية الذي عقد في طهران العام 2012.
كما سعت إيران إلى إعاقة اتفاقية التعاون الاستراتيجي بين الولايات المتحدة وأفغانستان منذ أبريل 2012، ولذلك عملت على تقديم مزيد من الدعم لحركة طالبان بالسماح لها بافتتاح مكتب للحركة في مدينة زاهدان شرق إيران، وتزويد الحركة بعدد من الأسلحة التي من شأنها أن تزيد من معدل العنف في أفغانستان؛ مما يضعف أكثر قوات التحالف الدولي، وتؤدي كذلك إلى ارتفاع قيمة الإنفاق العسكري لهذه الحرب والتي بلغت أرقامًا مخيفة.

أهمية أفغانستان

أهمية أفغانستان
وتتخذ العلاقة "الإيرانية- الأفغانية" أبعادًا أمنية وسياسية واقتصادية فضلًا عن البعد الاجتماعي، كما تفتح الحدود الإيرانية- الأفغانية التي تصل إلى 945 كلم.. المجال واسع لتهديدات كثيرة، مثل: تهريب المخدرات، والهجرة غير الشرعية، وغياب الأمن عن المناطق الحدودية، ومهاجمة النقاط الأمنية الحدودية.
وتعتبر إيران أن كلًّا من العراق وأفغانستان هي "مناطق رخوة"، حيث اختل فيهما التوازن؛ مما سمح بفتح المجال بصورة أوسع لدخول قوى إقليمية ودولية إليهما، وهذا يعد تهديدًا للأمن القومي الإيراني؛ لذلك لا تتوانى طهران عن التدخل والسيطرة ولعب دور داخل أفغانستان، لا سيما وأن ثمة مشتركات ثقافية وعرقية ولغوية وتاريخية ودينية وهو ما تراهن عليه إيران لدى القيام بأي دور في أفغانستان.
ومع وصول الرئيس حسن روحاني إلى سدة الحكم في إيران في منتصف عام 2013، عملت إيران على تعزيز مصالحها مع مختلف الفرقاء في أفغانستان، وهي بادرت أخيرا إلى الترحيب بتسلم أشرف عبد الغني السلطة في البلاد، كما تحاول إبعاد أمريكا عن صناعة القرار في هذا البلد، وفتح قنوات للتعاون مع الحكومة الأفغانية للسيطرة على المناطق الحدودية، وفي ملفات أخرى كثيرة.
وتعتمد إيران لتحقيق استراتيجيتها في أفغانستان على عدة وسائل، من بينها سياسة "القوة الناعمة" من خلال مؤسسة الإمام الخميني الإغاثية التي تلعب دوراً بارزاً في نشر النفوذ الإيراني في أفغانستان، حيث إنها توظف ما يقرب من الثلاثين ألف موظف يعملون في أفغانستان، وتقدم المؤسسة كذلك دعماً ماديًّا للمواطنين الأفغان كسُلف لبناء المنازل، بالإضافة إلى الدورات التعليمية.

إيران تثمر أخطاء باكستان

إيران تثمر أخطاء
تعتبر توسع طهران في علاقتها مع حركة طالبان، وترحيب الحركة بالتعاون مع إيران، يأتي في إطار ما يصفه البعض بتخلي حكومة باكستان عن الحركة والتي تعبر الراعي الرسمي لها منذ تأسيسها، فقد اتفقت وكالتا الاستخبارات في باكستان وأفغانستان على تبادل المعلومات وتعزيز التعاون في إطار مكافحة «طالبان»، في مؤشر أخير على تحسن العلاقات بين البلدين الخصمين. لكن الاتفاق أثار غضباً في مجلس الشورى الأفغاني وسيلاً من الانتقادات في وسائل التواصل الاجتماعي، حيث توالت الاتهامات لحكومة الرئيس غني بـ «الخيانة» لمصلحة باكستان المتهمة بإيواء مسلحي الحركة.
فيما أبلغ مسئول بارز في «طالبان» الأفغانية «الحياة» اللندنية، أن «الضغوط تتزايد على الحركة من باكستان ومن خلفها الولايات المتحدة لفرض حل تفاوضي بين كابول والحركة، لكننا أكدنا للباكستانيين أننا لا نستطيع أن نحاور كابول؛ لأنها أداة في يد الأمريكيين ولا تمثل شيئاً، كما قبلت أن تبيع أفغانستان للأمريكيين تحت غطاء الاتفاق الأمني ومنحتهم قواعد عسكرية في البلاد».
وتابع: «من حقنا أن نتحاور مع أي جهة خارج أفغانستان، ونشدد على أننا نرفض أن نكون جزءاً من تحالفات إقليمية ضد أي دولة مسلمة في المنطقة». وتحدث المسئول عن خلافات سابقة لا تزال موجودة بين الحركة وإيران، وفي مقدمها دعم حكومة كابول، «لكن ذلك لا يعني عدم التحاور معها في قضايا محددة».

أهداف إيرانية

أهداف إيرانية
مع زيارة وفد حركة طالبان إلى طهران، تحاول إيران إنشاء علاقات مع الحركة بعد تزايد نفوذ تنظيم "داعش" في المنطقة، ويشير خبراء أفغان إلى أن طهران تبذل حالياً جهوداً حثيثة لتكوين علاقة جديدة مع "طالبان"، في ظل توتر العلاقات بين طالبان أفغانستان والحكومة الباكستانية.
وتعتبر إيران عودة العلاقات مع طالبان لها أكثر من هدف، في تهدف إلى مد نفوذها وتمديد علاقتها مع فصيل سني قوي لها ثقله في الحياة السياسية والاستراتيجية الأفغانية، وظهر أمني في الحدود الإيرانية الأفغانية مع سيطرة حركة طالبان علي مناطق عدة في أفغانستان.
وجود علاقات بين طهران وطالبان، يجعل لإيران دورًا قويًّا في الحياة السياسية والساحة الأفغانية، ويشكل ورقة في يد قادة إيران في التعامل مع أمريكا ودول الغرب، عبر وجود علاقات مؤثرة على قيادات الحركة.
قد تدعم إيران الحركة بشكل قوي ماديًا وبالسلاح، على غرار حركتي حماس والجهاد، بما يضمن لها النفوذ والسيطرة، كما تعد العلاقات بين طالبان وإيران جزءًا من حماية الحدود الإيرانية من المهربين.
وتمثل ظهور الدولة الإسلامية "داعش" في أفغانستان أحد أهم عوامل التقارب بين طالبان وإيران، في ظل سعي قادة إيران للحفاظ على الأمن القومي للجمهورية الإسلامية.
ويعد اتفاق الرؤى بين حركة طالبان وإيران في رفض الاتفاق الأمني بين حكومة الرئيس الأفغاني أشرف غني والولايات المتحدة، والذي ينص بعض بنوده على إقامة الولايات المتحدة لتسع قواعد عسكرية داخل أفغانستان في أماكن استراتيجية.
كما سيناقش وفد طالبان مع المسئولين الأمنيين الإيرانيين التطورات في المنطقة، وقضايا المهاجرين الأفغان الـ2.5 ملايين في إيران، وغالبيتهم من الشيعة الهزارة، والذين يعتبرونه حليف إيران الأكثر قرباً حيث يشكل الهزارة أكثر من 10% من سكان أفغانستان، وتربطهم بإيران روابط اقتصادية ودينية وثقافية.
سياسية الميليشيات الإيرانية، دائمًا تعتمد قادة الأجهزة الأمنية والسياسية الخارجية الإيرانية على دعم قوى الميليشيات في أي بلد؛ من أجل أن تكون ذراعًا قويًّا لتنفيذ مخططها في هذه البلاد، كما يحدث في فلسطين والعراق وسوريا واليمن، فإيران تعتمد لتحقيق مصالحها في أفغانستان على دعم عدد من الميليشيات والفصائل عسكريًّا؛ للحفاظ على ميزان القوى الداخلية، بما يخدم مصالحها.

حكومة أفغانستان بين طالبان وإيران

حكومة أفغانستان بين
وسعى إيران لإنشاء علاقة جديدة مع "طالبان"، قد تُعرقِل الجهود التي تهدف إلى تعزيز العلاقات بين كابول وطهران، وهو ما حدث في الماضي، إذ اتهمت الحكومة الأفغانية والقوات الدولية العاملة في أفغانستان مراراً الحكومة الإيرانية بدعم الجماعات المسلّحة التي تنشط في أفغانستان ضد الجيش الأفغاني والقوات الدولية العاملة في أفغانستان، وأعلنت أجهزة الأمن الأفغانية مرات عديدة عن عثورها على أسلحة إيرانية أثناء المعارك مع "طالبان".
كما تعتقد السلطات الأفغانية أن أعمال الاختطاف والاغتيالات المتعمدة التي تشهدها مناطق في غرب أفغانستان كإقليم هرات المجاور لإيران، وراءها يد إيرانية.
من هنا يرى المراقبون أن محاولات إيران لتكوين علاقة مع "طالبان،" ستؤدي إلى تعثّر علاقاتها بالحكومة الأفغانية، كما أن إقامة "طالبان" علاقة مع طهران سيكون بمثابة انتحار للحركة المتشددة، إذ إنها لا محالة ستفقد شعبيتها في أوساط الشعب الأفغاني. لكن مع نية باكستان التخلي عن حركة "طالبان"، لا يستبعد مراقبون حصول تقارب بين إيران والحركة التي تواجه أزمة مالية حادة، ولكنهم يخشون من اندلاع صراع جديد وخطير بين "طالبان" وتنظيم "داعش" نتيجة التقارب بين الحركة وطهران.
كذلك يعم القلق في الأوساط الشعبية الأفغانية إزاء نفوذ إيران المتزايد، وفي وقت تنتهج فيه إيران استراتيجية ذات وجهين تجاه الحكومة الأفغانية و"طالبان"، فهي كذلك توسّع نفوذها من خلال الاستثمارات الضخمة ومن خلال العديد من المحطات التليفزيونية والإذاعات التي تدعم التوجّه الإيراني، كما أنها تدير مواقع إلكترونية وصحفاً تروّج للفكر الإيراني، إضافة إلى إنشاء مراكز ثقافية ودينية لبسط نفوذها.
وفي المحصلة فإن استراتيجية إيران ذات وجهين مع الحكومة الأفغانية و"طالبان" من جهة، وسعيها لبسط نفوذها من خلال وسائل شتى من جهة أخرى، تثير القلق لدى الأكثرية في أفغانستان، وتنذر بوقوع انشقاقات بين الأكثرية السنّية والأقلية الشيعية، كما أن أي نوع من التقارب بين إيران وحركة "طالبان أفغانستان" يثير مخاوف من تفجير صراع بين الأخيرة وبين "داعش"، وهو ما قد يدفع أفغانستان نحو حرب جديدة لا تُحمد عقباها.

المشهد الإيراني

المشهد الإيراني
تعتمد إيران في سياستها الخارجية على وجود حلفاء لها، وخاصة في شكل ميليشيات؛ من أجل ضبط الأمور والضغط على الدول المجاورة والممددة بحدود معها؛ لذلك جاءت علاقة إيران بحركة طالبان، وتوسعت عقب قلق طهران من اتفاق التعاون الاستراتيجي بين أفغانستان والولايات المتحدة، فهو ينص في أحد بنوده على إقامة الولايات المتحدة تسع قواعد عسكرية داخل أفغانستان في أماكن استراتيجية؛ ولذلك سوف تحرص إيران على عدم سقوط حركة طالبان، فبقاء طالبان من وجهة نظر إيران هو وسيلة في حد ذاته لمواجهة وإنهاك كل من الولايات المتحدة من ناحية وكذلك حركة طالبان من ناحية أخرى؛ مما يوسع نفوذها داخل أفغانستان ويُبقي على مصالحها.
كما ستحرص إيران على أن تكون طرفاً في أي عمليات للتسوية السياسية بين القوى الأفغانية؛ وذلك من أجل ضمان بسط نفوذها وسيطرتها، وللحيلولة دون حصول طالبان على امتيازات كبيرة تقويها، فمثل هذا الاحتمال يعطي فرصة لبعض المجموعات المتشددة في حركة طالبان لبسط أفكارها وأهدافها الأيديولوجية، وهو ما يتعارض مع الطموحات الإيرانية في أفغانستان.

شارك