هل يطيح "الصراع الشيعي الشيعي" بالعبادي وحكومته في العراق؟
الخميس 21/مايو/2015 - 08:58 م
طباعة

يعيش العراق حاليا أسو مراحل تاريخه سياسيا وطائفيا وعسكريا فالشعب العراقى لا يكاد يفيق من مذبحة طائفية حتى يجد نفسه في معركة جديدة مع "داعش " لا تنتهى قبل أن تخلف ورائها صراع سياسي مقيت على غنيمة سياسية

ويعيش الداخل العراقى حالة من الصراع المكتوم على السلطة بين رئيس الوزراء حيدر العبادي ضد الفصائل الشيعية القومية الى تقف في مواجهة الميليشيات المدعومة من إيران وتتمثل فيما يلي
المجموعة الأولى هي الميليشيات القريبة من إيران والتي ترتبط دينيا بالمرشد الإيراني علي خامنئي وأبرزها منظمة "بدر" و"عصائب أهل الحق” و"كتائب حزب الله" و"سرايا الخراساني"، وهذه الميليشيات تعتبر نفسها غير خاضعة لقرارات الحكومة وقد دخل أعضاء منهما في الحكومات التي اختارتها الولايات المتحدة بعد صدام، ويقبل قادتهما على مضض بوجود حكم علماني، ويطالبون بحكم الشرع، ولديهم طموحات بعيدة المدى لأن يروا العراق كدولة ذات توجّه ديني مثل إيران.
المجموعة الثانية هي الميليشيات الموالية لرجل الدين علي السيستاني وعمار الحكيم ومقتدى الصدر، وهي أقرب للحكومة، وأبرزها "لواء علي الأكبر" و"سرايا الجهاد" و"سرايا العتبة العباسية" و"سرايا العتبة العلوية” التابعة إلى السيستاني، و”سرايا الجهاد والبناء” و”سرايا عاشوراء” و”سرايا أنصار العقيدة” التابعة إلى عمار الحكيم، و”سرايا السلام” التابعة إلى التيار الصدر وتعد هذه المجموعة ما بين الاعتدال والجهاد الوطني فالجهاد الوطن يمثله مقتدى الصدر بعد أن بسط سيطرته على الحركة الراديكالية التي خلقها والده، ومحمد صادق الصدر في أحياء بغداد الفقيرة وفي جنوبي العراق وطالب بانسحاب القوات الأمريكية الكامل، وإقامة دولة الخلافة، وفرض قانون إسلامي و الاتجاه المعتدل نسبياً ويثله السيستاني الذي يمثّل صوت العراق الشيعي اللاسياسي والتقليدي، ويعتقد أن الإسلام ينبغي أن يكون له دور في تعريف العراق وصياغته لكنه يعارض أن يكون لرجال الدين دور في الحكومة ويطالب السيستاني بانتخابات عادلة، وشفافة ودستور يضعه العراقيون ويتضمّن مبدأ حكم الأغلبية ويؤكد على حقّ الأقلية غير الشيعة في الاعتراض على إرادة الأغلبية الشيعية .

هذه الأحزاب أو التحالفات والمليشيات الشيعية هي التي تحكم العراق منذ 2003 وحتى الآن ضمن كتلة برلمانية كبيرة، لم تندلع بينها الخلافات بمثل هذه الحدّة كما يحدث هذه الايام، إذ أن هناك أطرافا شيعية قريبة من نوري المالكي تقوم منذ أيام بحملة لتشويه سمعة العبادي وإسقاطه وهو ما كشف عنه العبادي خلال جلسة سرية داخل البرلمان، في 28 أبريل 2015م، إن “هناك كتلة سياسية تريد إسقاط حكومتي إنا مستعد لتقديم استقالتي إذا فشلت في مهمتي كرئيس للحكومة ولكن الامر زاد صعوبة عليه بعدما أعلنت واشنطن عن قرارها بتسريع تسليح عشائر سنية عراقية وتدريبها لمواجهة تنظيم "داعش "، وهو ما وضعه في موقف حرج أمام القوى الشيعية التابعة له والتي تمنعه من تسليح العشائر وهو ما دفعها الى مطالبتها بشكل مباشر تغيير وزير الدفاع العراقي السنّي خالد العبيدي وتعيين وزير محسوب على القوى الشيعية في هذا المنصب الحسّاس في الوقت الذى تدفع الميليشيات الموالية لإيران وأحزابها الى مزيد من الأزمات، خاصة أنها لاتزال تؤيد رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي الذي ساعدها كثيرا عندما كان في الحكم وقال المالكي وهادي العامري، أمين عام منظمة بدر، وقيس الخزعلي، زعيم عصائب أهل الحق، صراحة عبر القنوات التلفزيونية المتعاطفة يجب على العبادي تسليّم قوات الحشد مسؤولية الأمن مكان الجيش.
وهو مما كشف عنه مصطفى حبيب المحلل السياسي بقوله أن الميليشيات الموالية لإيران ما زالت تؤيد رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي الذي ساعدها كثيرا عندما كان في الحكم وسمح لها بالتغلغل في الأجهزة الأمنية ومدها بالسلاح والمال والصلاحيات، والآن ينتقد المالكي العبادي على الرغم من أنهما من الحزب نفسه، “الدعوة”.

وكشف قيادي بارز في التحالف السياسي الشيعي عن أن سيطرة تنظيم “داعش” على مدينة الرمادي كادت تطيح رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي و إن القادة الشيعة اجتمعوا لتدارك نتائج سقوط المدينة التي تشابهت في ظروفها وقراءاتها السياسية مع سقوط الموصل, في يونيو الماضي, لذلك سادت المخاوف لدى التحالف الشيعي من انتقال التداعيات العسكرية في الأنبار الى بغداد ومحافظة كربلاء الشيعية المجاورة و إن تغيير العبادي كان أحد الخيارات المطروحة شيعياً لأن أطرافاً في التحالف الشيعي حملته مسئولية أحداث الرمادي ووصول تهديدات “داعش” إلى بغداد وكربلاء.
وأضاف إن رئيس الوزراء السابق نوري المالكي حاول استثمار سقوط الرمادي لبلورة رأي سياسي واسع على المستوى الشيعي لتغيير العبادي ما يمهد لعودته (المالكي) إلى السلطة, كما أن بعض القادة الشيعة اعتبروا أن سقوط الرمادي سببه الاستراتيجية العسكرية الأمريكية المتعثرة في الأنبار.
وأن تدخل المرجع الشيعي الأعلى في النجف علي السيستاني حال دون إطاحة العبادي لأنه حذر السياسيين الشيعة من أن إنهاء حكومة الشراكة مع السنة والأكراد سيؤدي الى دعم موقف “داعش” في المناطق السنية وستتجه الأمور الى اندلاع حرب طائفية بدلاً من الحرب على الإرهاب, كما أن تغيير العبادي سيوقف دعم التحالف الدولي للحكومة, وهو أمر بالغ الخطورة, لأن مسلحي “داعش” سيندفعون الى مناطق جديدة وأن معركة الرمادي ستكون شاقة وصعبة.

الباحث كيرك سويل، محلل المخاطر السياسية، أكد أن التداعيات السياسية الأخيرة في العراق، كان لها وقع كبير على العبادي، حيث اغتنم رئيس الوزراء السابق نوري المالكي وحليفاه، منظمة بدر وعصائب أهل الحق الفرصة من أجل التصدّي لسلطة العبادي المتنامية على قوات الحشد الشعبي وذلك من خلال الاحتجاجات التي اندلعت مؤخّرا في بغداد ضد وزيره للدفاع خالد العبيدي وزعم المتظاهرون أن عدم كفاءة العبيدي هو الذي تسبّب في مقتل 140 جنديًا عراقيا بعد محاصرتهم لأيام عدة في قاعدة ناظم الثرثار العسكرية وهو ما دفع العبيدي إلى التشكيك في التقارير الأولية عن أحداث ثكنة ناظم الثرثار العسكرية التي وقعت مرتين في غضون أسبوعين في يد تنظيم الدولة الإسلامية خلال الهجوم الذي شنّه في الأنبار وإن التقارير التي تتحدث عن سقوط 140 قتيلا لا أساس لها من الصحة، وإنه تم العثور على 25 جثة فقط بعضها يعود إلى قوات العدو.
وتابع " أن العبادي سعى إلى نزع الطابع المذهبي عن الحشد، عبر ضم السنّة إليه، وقام بتسليم الاسلحة لأبناء القبائل السنّية الذين تطوّعوا في قوات الحشد الشعبي، في أبريل الماضي في منطقة الحبانية، غرب العراق، ولكنه رغم ذلك لم يستطع تجاوز سطوة الميليشيات الشيعية، ودورها في الحشد الشعبي، الأمر الذي يعكسه تراجعه عن قراره بعدم إشراكه في أي معارك ضدّ تنظيم داعش في محافظة الأنبار وقد كان لهذا القرار تأثير كبير على مجريات الأحداث في المحافظة العراقية، خاصة بعد الانسحاب المتعمّد للميليشيات الشيعية المسلّحة فاتحة المجال لتقدّم تنظيم داعش.
الخلافات بين المراجع الشيعية قديمة فقد سبق هذا الصراع على السلطة أزمة كبيرة شكك فيها ممثل مقتدى الصدر محمد رضا النعماني وناطقه الرسمي عدنان الشحماني في عروبة محمد باقر الحكيم رئيس المجلس الأعلى للثورة الإسلامية والقول بان قوته العسكرية الممثلة في فيلق بدر لا تؤهله الاستحواذ على المرجعية التي اعترف 75% من شيعة العراق بها لمقتدى الصدر وهو الامر الذى يؤصل للخلافات بين الأحزاب والمراجع الشيعية وسيؤدي إلى تغيّرات سياسية كبيرة ربما تشمل تغيير الحكومة أو بعض وزرائها، فيما يستعيد "داعش" قوته مستغلا هذه الخلافات، ويحقق انتصارات جديدة على حساب وحدة الدولة العراقية.