اليمن استمرار الحرب.. وجهود أممية وعربية لإنجاح حوار "جنيف"
الأحد 24/مايو/2015 - 05:22 م
طباعة

تواصل مقاتلات التحالف بقيادة السعودية، ضد أهداف لجماعة أنصار الله "الحوثيين" والقوات الموالية للرئيس علي عبدالله صالح، فيما تبذل جهود أممية وعربية لإنجاح الحوار اليمني في جنيف، مع اتساع الأزمة الإنسانية في البلاد واستمرار التصريحات الإيرانية المستفزة في الشأن اليمني.
الوضع الميداني

شنّت مقاتلات التحالف بقيادة السعودية، اليوم الأحد، غارات استهدفت مقرات لجماعة أنصار الله "الحوثيين" ومعسكرات موالية لهم، في محافظة الحديدة غرب اليمن، في وقت قصفت فيه الجماعة أحياء سكنية في تعز، ما خلّف عددًا من القتلى المدنيين.
وأفاد الشهود بأن "أكثر من 10 غارات جوية شنّتها مقاتلات التحالف استهدفت معسكرات اللواء العاشر ومعسكر جرش في مدينة باجل بمحافظة الحديدة غرب اليمن".
كما استهدفت الغارات، "قلعة جبل الشريف التي يسيطر عليها الحوثيون جنوب باجل، وكذلك منزلاً بجوار القلعة يتخذه الحوثيون مقراً لاجتماعاتهم".
واستهدفت مقاتلات التحالف محافظة ريمة غرب صنعاء للمرة الأولى منذ بداية العمليات العسكرية ضد المسلحين الحوثيين باليمن، وأدت الغارات إلى مقتل قياديين حوثيين بارزين بريمة غرب صنعاء في غارات لمقاتلات التحالف صباح اليوم الأحد. وحسب مصادر إعلامية فإن القيادي بجماعة الحوثي حيدر النهاري وقيادي آخر يدعى أبو بسام قتلا في غارة لمقاتلات التحالف بمحافظة ريمة.
كما شنت قوات التحالف شنت غارات مكثفة على مواقع عدة في صنعاء، استهدفت معسكرات ضبوة والسواد و48 التابعة للحرس الجمهوري.
وفي محافظة الحديدة بغرب البلاد، قصف طيران التحالف مطارًا عسكريَّا مرتين، وفق ما أفاد به سكان المنطقة. وشمالا في حجة، تعرض تجمع للمسلحين الحوثيين للقصف؛ ما أدى إلى مقتل 12 منهم حسب شهود عيان.
وشنت مقاتلات التحالف غارات أخرى على مواقع تحت سيطرة الحوثيين في محافظة ذمار وسط البلاد، بحسب مسئولين محليين.
وشهدت عدن- كبرى مدن الجنوب- معارك عنيفة على مداخلها الشرقية والشمالية والغربية بين الحوثيين والمسلحين الموالين للرئيس عبدربه هادي منصور هادي، كما شن طيران التحالف غارتين على مواقع للمسلحين في حي خور مكسر في عدن.
وقال مصدر: إن اشتباكات دارت في عدة جبهات بعدن، تراجع إثرها الحوثيون من منطقة البساتين، شمالي المدينة، فيما تمكنت المقاومة المسلحة من الاستحواذ على مقار تابعة لجماعة الحوثي.
كما سقط قتلى من المدنيين، صباح اليوم الأحد، في قصف عنيف لمسلحي الحوثي والقوات الموالية للرئيس السابق علي عبدالله صالح، على أحياء سكنية في مدينة تعز وسط اليمن، حسب شهود عيان.
وقالت جماعة أنصار الله الحوثي: إن الدفاعات الجوية للقوات الموالية لها تمكنت من إسقاط مقاتلة سعودية من طراز (إف- 16)، في بني الخيران بمنطقة بني الحارث، شمال صنعاء.
وقال موقع صحيفة "Yemen Post": إن طيار المقاتلة لا يزال مفقودًا، ولم يتم العثور عليه، وإن الحوثيين عثروا في موقع تحطم الطائرة على صاروخين لم ينفجرا.
معركة الحدود

كما أصيب رجل وأربع نساء وطفلان في إطلاق مقذوفات عسكرية من داخل الأراضي اليمنية على قرى سعودية. وقال المتحدث الأمني لمديرية الدفاع المدني في منطقة جازان السعودية الرائد، يحيى القحطاني، لوكالة الأنباء السعودية "واس"، إنه عند الساعة 6:45 مساء، السبت، باشرت فرق الدفاع المدني بلاغاً عن تعرض أحياء سكنية في قرى حدودية في محافظة الطوال لمقذوفات عسكرية من داخل الأراضي اليمنية. وأوضح القحطاني عن تعرض طفلين وأربع نساء ورجل لإصابات جراء إطلاق المقذوفات العسكرية على قرى في محافظة الطوال الحدودية مع اليمن، وتم نقل المصابين إلى المستشفى لتلقي العلاج.
حضور القبيلة

تشهد الساحة اليمنية المزيد من التطورات بخلاف تلك التي يتم تداولها عبر وسائل الإعلام، فقد كشفت مصادر سياسية وقبلية يمنية مطلعة، لـ«الشرق الأوسط»، أن نطاق التحالفات السياسية والقبلية ضد الحوثيين والرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، في اتساع مطرد. وأشارت المعلومات إلى أن التحالفات تجري بين القوى القبلية وبالأخص في شمال وشرق البلاد. وقال مصدر قبلي رفيع، لـ«الشرق الأوسط»، إنه «مهما كان التدثر الذي يتدثر به الحوثيون، فإن القبائل اليمنية من شرق البلاد إلى غربها ومن جنوبها إلى شمالها، لن تقبل بأن تأتي حفنة من الأشخاص لحكمها». وأضاف المصدر أن «القبائل اليمنية قد ارتضت أن يمارس الجميع العمل السياسي، وأن يعمل الجميع تحت مظلة الأحزاب السياسية من أجل الوصول إلى السلطة». وأردف أن «الحوثيين انتهجوا أسلوب القوة الذي لا يجدي مع القبائل اليمنية الأخرى التي لن تقبل بالوضع الراهن».
وقالت المصادر: إن شخصيات قبلية بارزة من قبائل حاشد وبكيل ومن أسرة الأحمر، بصورة خاصة، إضافة إلى قيادات عسكرية بارزة، تشرف على إعداد معسكرات خاصة في إحدى المناطق الحدودية بين اليمن والسعودية.
وبَيَّنَت المعلومات التي كشفت عنها المصادر وجود عدد من القيادات العسكرية السابقة، التي خاضت حروبًا داخلية في السابق؛ من أجل التخطيط لحرب تسفر- في الأخير- عن تحرير العاصمة صنعاء وبقية المحافظات من هيمنة وسيطرة الميليشيات الحوثية.
المشهد السياسي

وعلى صعيد المشهد السياسي استقبل نائب الرئيس اليمني ورئيس الحكومة خالد محفوظ بحاح مساء أمس السبت بمقر إقامته بمدينة الرياض المبعوث الخاص للأمم المتحدة لدى اليمن السيد إسماعيل ولد الشيخ.
وفي اللقاء الذي حضره عدد من الوزراء تحدث نائب الرئيس اليمني، بأن الحكومة تسعى جاهدة إلى إيجاد حل للأزمة السياسية التي يذهب ضحيتها عدد من المواطنين الأبرياء في مختلف جبهات الاحتراب داخل الوطن، وأنها تنشغل منذ عودتها وبجدّية لإيجاد الحلول العاجلة لاستعادة كيان الدولة بصورتها الوطنية، وتأمين حياة المواطنين بشكل عام.
كما تحدث عدد من الوزراء عن الدور الذي يجب أن تقوم به الأمم المتحدة بإلزام ميليشيات الحوثيين ومن عاونهم بإيقاف النار والانسحاب من كافة المدن التي تم اجتياحها بالقوة. وأبدت الحكومة موافقتها من حيث المبدأ على الحوار، لكن بعد إظهار النوايا الصادقة على الأرض وتحديد موعدٍ بناءً على ذلك مع التحضير الجيد له.
من جانبه أكد المبعوث الأممي على حرص المجتمع الدولي لإعادة الاستقرار إلى اليمن في أقرب وقت ممكن، مؤكدا بأن الحوار هو السبيل الوحيد لحل هذه الأزمة، وأن الأمم المتحدة تأمل مشاركة كافة الأطراف في لقاء جنيف.
وكرر الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، في رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون نشرت السبت 23 مايو، شروط حكومته للمشاركة في حوار بشأن الأزمة اليمنية.
وقال عبد ربه منصور هادي: إن حكومته منفتحة على الحوار الذي سينعقد في 28 مايو المقبل، مؤكدًا على ضرورة أن تمارس الأمم المتحدة ضغوطاتها على المسلحين الحوثيين للانسحاب من المناطق التي سيطروا عليها في اليمن.
وطالب الرئيس اليمني، في الرسالة التي نشرتها وكالة "سبأ"، تطبيق قرار مجلس الأمن عدد 2216، الذي يلزم الحوثيين بالانسحاب من المناطق التي اجتاحوها، إضافة إلى تسليم المعدات العسكرية والأسلحة التي استحوذوا عليها من مقرات الجيش وأجهزة الدولة.
وشدد هادي على أن الحوار المقترح من قبل الأمم المتحدة ينبغي أن يتم على أساس ذلك القرار وقرارات الحوار الوطني في اليمن، إضافة إلى المقترحات التي تم التوصل إليها في اجتماع الرياض، الذي تَغَيَّبَ عنه الحوثيون؛ حيث أكد العديد من الشخصيات اليمنية التزامها باستعادة هياكل الدولة والسلطة الشرعية.
وأشار الرئيس اليمني إلى ضرورة مشاركة دول مجلس التعاون الخليجي الست في فعاليات الحوار.
المشهد الاقليمي
تدخلت سلطنة عُمان مجددًا على خط الوساطة في اليمن، لإقناع جماعة الحوثيين بالدخول في حوار سياسي مع خصومهم السياسيين. وتواترت الأنباء، أمس، عن وصول طائرة عُمانية إلى العاصمة صنعاء، يبدو أنها حصلت على إذن من التحالف الدولي، كانت تقل وفدًا عمانيًّا، حيث التقى الوفد مسئولين سياسيين تابعين لجماعة الحوثي، كما أقلت الطائرة قياديين حوثيين إلى مسقط.
وأعلن قيادي لدى جماعة أنصار الله الحوثية أن وفدًا من الجماعة سيتوجه (أمس) إلى سلطنة عمان لمناقشة بعض القضايا المتعلقة باليمن.
ويرأس الوفد الحوثي، وصالح الصماد رئيس المجلس السياسي للجماعة أنصار الله، ويضم المتحدث الرسمي باسم جماعة «أنصار الله» محمد عبد السلام، والقيادي بالجماعة علي القحوم، في طريقه إلى عُمان استجابة لدعوة وجهتها السلطنة لبحث سبل حل الأزمة والحرب الدائرة في اليمن.
وذكرت تقارير إعلامية، أمس، أن الوفد العماني الزائر لصنعاء التقى رئيس اللجنة الثورية العليا (الحوثية) محمد علي الحوثي. وتوقعت مصادر سياسية يمنية أن يُجري الوفد الحوثي مباحثات في عمان مع قيادات إيرانية تقوم بزيارة سلطنة عمان بصورة غير معلنة.
الحضور الإيراني

وعلى صعيد الحضور الإيراني في المشهد اليمني، قال نائب قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، العميد إسماعيل قاآني: إن "الذين يدافعون عن اليمن اليوم تدربوا تحت العلم الإيراني والحرس الثوري"، وفق التصريحات التي نقلتها صحيفة "مشرق نيوز" الإيرانية.
وأضاف أن "أعداءنا لا يستطيعون أن يواجهوا أنصار الله في اليمن (الحوثيين)"، في إشارة إلى المملكة العربية السعودية، التي تقود حلفًا عربيًّا ضد جماعة الحوثي.
وأوضح أن "كل الذين يقفون معنا اليوم هم في الواقع جاءوا للوقوف تحت العلم الإيراني، وهذه تعد نقطة قوتنا الإقليمية الفاعلة والحقيقية في منطقة الشرق الأوسط، التي يفتقدها أعداؤنا". على حد قوله.
كما قال قائد القوات البحرية بالجيش الإيراني الأدميرال حبيب الله سياري: "إن الأسطول الـ34 متواجد حاليًا علی مقربة خليج عدن ومضيق باب المندب ويقوم بدوريات هناك"، وفق ما أوردته وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية "ارنا". وتشمل القطع البحرية الـ34 أسطول بوشهر ومدمرة البرز کانت قد أبحرت قبل أکثر من شهر الی مياه شمال المحيط الهندي وخليج عدن ومضيق باب المندب. وأوضح سياري أن "الهدف من إبحار هذه القطع البحرية هو ضمان الأمن الإقليمي والملاحة البحرية ومرافقة السفن". وأشار إلى أن القطع البحرية متواجدة أيضا في مياه البحر الأحمر؛ حيث تدخل هذه المياه لمرافقة السفن. وكان سياري أعلن في وقت سابق أن القطع البحرية الـ34 ستبقی تسعين يومًا في المياه المذكورة، وبعد عودتها ستحل محلها القطع البحرية في المنطقة.
الوضع الإنساني

على الصعيد الإنساني ومع استمرار الحرب في اليمن تزيد معاناة السكان وتكبر يوميًّا، فهذه الحرب الدائرة في محافظات الجنوب تدخل شهرها الثالث وسط أزمة إنسانية أقل ما يمكن وصفها بالكارثية والمأساوية؛ نظرًا للفاقة الشديدة التي يعيشها السكان، ويتساوى فيها هنا النازح بالقاطن، فحذر مدير الهيئة الطبية الدولية في اليمن جوناثان كانلايف، من نفاد كلي لمخزون الغذاء، فضلًا عن 12 مليون إنسان مَنْ هم بحاجة إلى المساعدة العاجلة للغذاء والدواء.
ويأتي تحذير مدير الهيئة الدولية متزامنًا مع الأزمات المتتالية التي لا تتوقف عند حاجة السكان الشديدة للمواد الضرورية، مثل القمح الذي تؤكد الهيئة أن اليمن يستلزمه أكثر من مائة ألف طن حبوب شهريًّا.
يقابل ذلك أن الحرب قد دفعت بمئات الآلاف من النازحين في عدن والضالع ولحج وأبين وشبوة- إلى العيش في أوضاع إنسانية صعبة غير لائقة بهؤلاء النازحين والقاطنين أيضًا.
وأشار مدير الهيئة الدولية إلى أن أعداد المحتاجين للمساعدة الإنسانية تزيد، وأن مخزونات الغذاء نفدت، وفي عدن لم يتبق شيئا فعليًّا، وزادت أسعار القمح أربع مرات في البلاد كلها، ولفتت مديرة الهيئة الطبية الدولية إلى أن «كل وكالات الإغاثة في العالم، حتى لو عملت بأقصى طاقة لها لا يمكنها أن تحل بشكل كامل محل القطاع التجاري داخل اليمن».
ويأتي ذلك فيما أكدت الوكالة حاجة اليمن لأكثر من 100 ألف طن من الحبوب كل شهر، إضافة إلى السلع الأساسية الأخرى، مثل الزيوت النباتية والغلال واللحوم.
المشهد اليمني

يبقى المشهد اليمني في حالة سباق بين غارات مقاتلات بقيادة السعودية، وصراع القبائل والقوات الموالية للرئيس اليمني منصور هادي من جهة، وجماعة أنصار الله "الحوثيين" والقوات الموالية للرئيس علي عبدالله صالح من جهة أخرى، مع جهود إقليميه ودولية لاحتواء الحرب وإنهاء الصراع في البلد الذي تتفاقم فيه الأوضاع الإنسانية، فهل سينتصر الحوار للإنسان اليمني أم ستقضي الحرب على ما تبقى من إنسانية في اليمن الحزين؟