"الحشد الشعبي" في لبنان.. بين مساعي "حزب الله" ورفض "شيعة لبنان"
الأحد 31/مايو/2015 - 01:05 م
طباعة

يبدو أن الأمور تسير في لبنان لمفترق طريق، مع وجود مساعي لحزب الله اللبناني لتشكيل قوات "الحشد الشعبي" علي غرار الحشد الشعبي في العراق للدافع عن شيعة لبنان، وأيضًا المشاركة في حرب ضد الجماعات المسلحة في سوريا، وهو ما يعتبر تطورًا جديدًا على الساحة اللبنانية.
تشكل حشد شعبي

فقد أكدت مصادر مقربة من "حزب الله" أنّ القيادات العليا في سوريا وإيران طلبت من الرئيس نبيه بري شخصيًّا تفعيل الجهاز العسكري الخاص بحركة أمل؛ من أجل تلبية متطلبات المرحلة القادمة.
ووفقًا لمصادر لموقع "14 آذار" المحسوب على تيار المستقبل، تعهد "حزب الله" أن يتولى تدريب العناصر العسكرية المعنية بالأمر وتسليمهم العتاد اللازم ودفع رواتب لعدد يتراوح بين 5 إلى 10 آلاف عسكري من حركة أمل الشيعية؛ كي يتمّ نشرهم على طول الحدود وكذلك للداخل إن لزم الأمر. وتؤكد هذه المصادر أنّ الجنوب اللبناني شهد لأول مرة مرورًا كثيفًا لآليات عسكرية تابعة لـ"أمل"، تحمل أسلحة متوسطة وثقيلة، وترفع أعلام الحركة. كما أنه مع انطلاق معركة القلمون تم نشر فيديوهات وصور لآليات مماثلة تنتشر في مناطق بقاعية وترفع رايات أمل، وتقوم بإطلاق النار على الجبال المحيطة.
فقد بات حزب الله أكثر اعتمادًا على العناصر الحزبية الموالية له بالدرجة الأولى، وثانياً على العناصر غير الحزبية الموالية له أو ما يسمى بـ"السرايا".
وكان لافتاً منذ يومين ظهور جماعات مُسلّحة ادّعت اختزالها لعائلات لبنانيّة تُعلن عن استعدادها للدخول إلى جانب «حزب الله» في الحرب التي يخوضها في سوريا.
واتخذت أزمة المسلحين المتمركزين في الجرود الحدودية الشرقية بين لبنان وسوريا، منحى مذهبيًا بعد إعلان العشائر في بلدة بعلبك؛ حيث الأكثرية الشيعية عن تشكيل «لواء القلعة» للقتال في جرود بلدة عرسال، ذات الأكثرية السنية، وهو ما أثار استياء عارمًا لدى تيار المستقبل وأهالي البلدة الذين يرفضون بأي شكل من الأشكال دخول عناصر مسلحة غير عناصر الجيش اللبناني إلى المنطقة.
عوامل النجاح

بالرغم من حاجة "حزب الله" لشدّ العصب الشيعي في هذه اللحظة الحرجة، ترجّح هذه المصادر أنّ هذه التجربة قد لا تلقى النجاح اللازم لأنّ أهم نقطة ضعف في طرحها هي وجود صراع "شيعي- شيعي" مزمن، بدأ منذ الثمانينيات مع الحركة، وهذا ما سيحدو بحزب نصرالله إلى اللجوء للترهيب أولاً كي يشعر الطائفة الشيعية بالخطر، ثم يقدم لهم الجانب الترغيبي؛ كي يلتفوا حوله.
ثم إن رئيس حركة أمل ما زال يعمل كي يبعد الكأس المرّة عن شفتيه، وهو يدرك أنه لا يستطيع رفض عدم المضي في حشد مماثل، وليس من مصلحته الخوض فيه، سواء على المستوى اللبناني العام أو على المستوى الشيعي الضيق.
ومن جانبها نفت حركة أمل الشيعية مشاركتها في القتال إلى جانب "حزب الله" والنظام السوري، في الوقت الذي تداول فيه نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي صورًا (قالوا) إنها تثبت انخراط حركة أمل بالقتال في مناطق عرسال والقلمون؛ ضد المعارضة المسلحة السورية، وفقًا لبيان المكتب الإعلامي المركزي للحركة.
كما نفى رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري مشاركة حركة «أمل» التي يرأسها في المعارك الحالية في سوريا.
وقال بري في دردشة مع زواره من الإعلاميين ردًّا على سؤال عما إذا كانت هناك عناصر من حركة أمل تقاتل في القلمون، كما ورد في بعض المواقع الإلكترونية: إن هذا الخبر «غير صحيح جملة وتفصيلًا»، تصريحات رئيس البرلمان اللبناني وحركة أمل الشيعية تشير إلى أن كتلة قوية من شيعة لبنان غير مرحبين حتى الآن بالمشاركة في قوات "الحشد الشعبي" التي يسعى إلى تشكيلها في لبنان.
كما أن هناك شيعة تيار المستقبل، وهم جزء قوي ولهم حضورهم ينتقدون مشاركة حزب الله في الصراع السوري، وهو ما يشير إلى أنهم لن يرفضوا "الحشد الشعبي" فقط، بل قد يشكلون حملة وسط الشيعة لرفضها.
ومهاجمة لمجموعة "شيعة السفارة" الإعلاميين والمفكرين المرتبطين بأمريكا يشير إلى أنه سيكون هناك تكتل قوي ضد "حزب الله" في حالة تحويل مساعيه لتشكيل "حشد شعبي".
كما أن هناك مجموعة من علماء المذهب الشيعي يرفضون توجهات حزب الله، في الانخراط بالصراع السوري، أو تشكيل ميليشيات جديدة تؤدي إلى مزيد من التفتت والصراع والدماء في لبنان.
الجيش اللبناني

يبدو أن مساعي "حزب الله" لتشكيل "حشد شعبي" رغم وجود رفض شيعي في لبنان، جاءت عقب مخاوف قاجى الحزب من عدم مشاركة الجيش اللبناني في معركة القلمون قبل أسبوعين حين وجه رسائل غير مباشرة عبر صحيفتي السفير والأخبار إلى الجيش لضرورة الانخراط في المعركة من جهة عرسال ورأس بعلبك على الأقلّ.
وقد حذرت الصحيفتان المؤيدتان لحزب الله في حينه، من انسحاب كل المسلحين من القلمون إلى جرود عرسال، حيث سيكون على الجيش اللبناني مواجهتهم وحده، وهذا يفوق قدراته؛ ولذا يعتبر "حزب الله" أنه لا يمكنه الوثوق تماماً بقيادة الجيش اللبناني، ولا يمكنه تمرير مخططاته عبر الجيش أو استغلاله لمآربه الخاصة.
القوى السنية

ويري مراقبون ان مساعي حزب الله لتشكيل قوات "الحشد الشعبي" في لبنان، ستقابل برفض القوى السنية، وتهدد الحوار الدائر بين الحزب وتيار المستقبل؛ مما يعني مزيدًا من سكب الزيت على النار.
والقوى السنية بمختلف ميولها ما بين المعتدل والمتشددة سترد على مساعي "حزب الله" بنفس القوة، وتسعى إلى تشكيل حشد شعبي هي أيضًا؛ مما يهدد بانفلات الوضع في لبنان.
المشهد اللبناني

يتخوف الكثير من اللبنانيين أن يؤدي انخراط "حزب الله" في الصراع السوري إلى توتر الأوضاع في لبنان وعودة الحرب الأهلية التي تهب رياحها على البلاد من وقت إلى آخر، فهل سينجح "حزب الله" في تشكيل "الحشد الشعبي"، أم سينجح شيعة لبنان في إنقاذ بلادهم من مصير العراق وسوريا؟