القوة العربية المشتركة في مواجهة المليشيات المسلحة
الأحد 31/مايو/2015 - 05:20 م
طباعة
عقدت يومي السبت والاحد (23-24 مايو 2015) سلسلة اجتماعات في مقر جماعة الدول العربية بالقاهرة للتشاور في انشاء قوة عربية مشتركة (جيش عربي موحد) و بحضور عشرين من القادة العسكريين والدبلوماسيين العرب وبمقعد شاغر ( المقعد السوري) لوفود (مصر- الاردن- الامارات- البحرين- تونس- جيبوتي- السعودية- السودان- الصومال-عمان- فلسطين- قطر-جزر القمر- الكويت - لبنان- ليبيا- المغرب- موريتانيا و اليمن) في حين ترأس وفد الجزائر سفيرها في القاهرة و مندوبها الدائم في الجامعة العربية , وظل المقعد السوري شاغرا تنفيذا لقرار مجلس الجامعة العربية بتعليق عضوية سوريا منذ عام 2011 , وشارك الدكتور نبيل العربي في حضور الاجتماعات بعد تكليفه من القمة العربية الاخيرة بشرم الشيخ بالتنسيق مع مصر لدعوة لجنة رفيعة المستوى من الخبراء العسكريين وبإشراف من رؤساء أركان القوات المسلحة بالدول العربية في فترة زمنية لا تتجاوز شهرا من صدور القرار وذلك لبحث تشكيل القوة العربية المشتركة بناء على توصيات قمة شرم الشيخ التي اعتمد القرار وزراء الخارجية العرب بإنشاء قوة عربية مشتركة , وقد جاءت الجلسات عقب انتهاء اجتماع كامب ديفيد بين اوباما وقادة دول الخليج والذى تعاهدت فيه الادارة الادارة الامريكية بحماية أمن الخليج من أي عدوان خارجي ثم أعقبه بأيام تصريح من الادارة الامريكية بإمكانية نقل قطعة من الاسطول السادس من البحرين – وهو المعنى بحماية أمن الخليج – الى منطقة جديدة على الارجح أن تكون سواحل دولة جيبوتي - اذا نحن نواجه منهج أمريكي يحاول التلاعب بملف أمن الخليج و فرض الوصاية على المنطقة- و جاءت الجلسات عقب استيلاء مليشيات تنظيم داعش على مدينة الرمادي بالعراق وانسحاب الجيش العراقي من المعركة وعدم قدرته على مواجهة مليشيات داعش التي تمددت مساحة سيطرتها في سوريا بعد الاستيلاء على المدينة الاثرية" تدمر" وبالتالي إغلاق جميع المعابر من سوريا للعراق.
هذا وقد أعلن الفريق محمود حجازي رئيس أركان حرب القوات المسلحة – رئيس الجلسة – أنه من المقرر أن ينتهى رؤساء الأركان من إجراءات تشكيل القوة العربية المشتركة قبل 29 يوليو المقبل، و دارت المناقشات حول العديد من المحاور الخاصة بتكوين و طبيعة القوة العربية المشتركة وتم طرح العديد من التساؤلات حول أماكن تواجد هذه القوة فهل توجد على أرض واحدة؟ ، أم تظل كتشكيلات متصلة تحتفظ فيه كل دولة بقواتها المشاركة، بشرط أن تكون في حالة استعداد عند اللزوم، كذلك أثيرت قضية اّليات تسليح هذه القوة و مصادر تمويلها و حدود دورها في الصراعات الداخلية في معظم الدول العربية، أم يظل دورها في مواجهة العدو الخارجي فقط .
أن حلم الشعوب العربية بالوحدة ظل هو القاسم المشترك في طموحات هذه الشعوب، و ستكون الوحدة العسكرية هي أقصى طموحات الشعوب العربية لأن كل ما أصاب الشعوب العربية عبر التاريخ الحديث هو نتاج الانقسام والارتباط بقوى خارجية على حساب مصلحة ووحدة الشعوب العربية، و بناء عليه فقد ظلت القضية الفلسطينية ( الصراع العربي / الإسرائيلي) هو محور وحدة الهدف لشعوب المنطقة العربية والاسلامية، غير أن ممارسات الانظمة العربية أو دخول هذه الانظمة في صراعات اقليمية وأحلام دولية بدد حلم الوحدة العربية، على أن الذاكرة العربية تحتفظ لحرب أكتوبر المجيدة 73 بدورها في توحيد كلمة الامة العربية التي شهدت دعما قويا من كافة الدول العربية لمصر وسوريا، صحيح أن هذا الدعم لم يصل لتشكيل قوات عربية مشتركة، الا أن الدعم المادي من قبل دول الخليج وغيرها واستخدام سلاح البترول قد ساهم في ترجيح كفة العرب في المعركة، اما الان وبعد اختطاف ثورات الربيع العربي فقد تحول الصراع العربي الى صراع داخلي ،تمددت فيه التنظيمات الارهابية المسلحة في مواجهة الحكومات الشرعية، حيث نجحت هذه التنظيمات في تفكيك مؤسسات الدولة خاصة الجيش والشرطة و الاستيلاء على مساحات واسعة من الأراضي مما خلف انهيارا في معظم جيوش هذه البلدان (سوريا –العراق –اليمن-ليبيا) واذا كان هناك نفير استغاثة فانه سيطلق في استدعاء ما يعرف بالقوة العربية المشتركة في التدخل السريع ،و محاولة إعادة بناء مؤسسات الدولة المنهارة ،خاصة الجيوش العربية التي أصبحت غير قادرة على مواجهة المليشيات المسلحة .
على الزعماء العرب الاتفاق حول وحدة الهدف في انشاء القوة العربية المشتركة وهل ستسمح بالتدخل في الأزمات الداخلية ؟ أم ستظل مرهونة بالأزمات الخارجية فقط؟ علما بأن أعداء الشعوب العربية يخوضون حربا بالوكالة فمثلا الساحة السورية تتواجد فيها جميع الأطراف الخارجية ( ايران – امريكا – تركيا –روسيا) وكذلك الحال في ليبيا والعراق واليمن ، أن وحدة الهدف ستقودنا بالتأكيد الى وحدة القيادة لهذه القوات ( قيادة موحدة) فمن العبث الاعتماد على قيادة دولة واحدة أو أكثر، وهذا سيجرنا للتأكيد على أن مصادر التمويل لابد أن تكون بمشاركة جميع الدول العربية المشتركة ولا يكون هناك احتكارا للقيادة أو للتمويل . عموما لازالت الفرصة سانحة امام الزعماء العرب للرد على تساؤلات الشارع العربي الذى ينتظر ميلاد مشروع القوة العربية المشتركة متوافقا مع أوضاع و أزمات المنطقة، و التصدي لمحاولات تقسيم المنطقة الى دويلات صغيرة على أسس دينية أو طائفية.