"الأكراد".. عرب سوريا في مرمى التطهير
الثلاثاء 02/يونيو/2015 - 12:31 م
طباعة

أصبح الوضع في سوريا والعراق يحمل عنوان "التطهير والتهجير" بدوافع الانتقام، ففقت رصد نشطاء ومتابعون لعملية تطهير وتهجير للعرب السنة من مناطق شيعية عراقية؛ ليدخل الأكراد في جريمة التهجير والتطهير، فقد قامت وحدات حماية الشعب الكردية بقوة إلى المشهد الميداني السوري من بوابة حرق القرى العربية في محافظة الحسكة شمال شرق سوريا.
تطهير باسم "داعش"

وجاءت عمليات التطهير التي تقوم بها وحدات الشعب الكردية في شرق سوريا، للعرب بمحافظة الحسكة السورية، بذريعة أنهم "حاضنة" لتنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، كما يقول السكان، لكن الوحدات الكردية تنفي هذه الاتهامات، وتعتبرها "حلقة في مسلسل الترويج للفكر الظلامي، وتشويه سمعتها.
وذكرت صحيفة "التايمز" البريطانية، من مصادر داخل واحدة من أكبر المنظمات الحقوقية التي تشتغل داخل سوريا، أن وحدات حماية الشعب الكردي، التي تعد أحد أقرب الحلفاء للغرب في الحرب ضد "داعش"، أحرقت القرى العربية بعدة مناطق شمال سورية التي أصبحت تحت سيطرتها.
من جهته أكد الباحث مهند الكاطع- من أبناء تل حميس- أن "سياسة الأرض المحروقة المتبعة من قبل وحدات حماية الشعب عقب المعارك والتي استمرت، نحو أسبوع، أدت لتهجير سكان القرى العربية، وحرق وتهديم البيوت بذريعة وجود تنظيم الدولة فيها، مؤكداً أن "تلك سياسة ممنهجة لدفع الناس على ترك قراهم قبل الوصول إليها؛ مما يعني تغييرًا ديموغرافيًّا مقصودًا للمنطقة".
وأحرقت القوات الكردية المنازل "انتقاماً لقتلى الوحدات الكردية، الذين سقطوا في يناير 2014، عندما حاولت بالاشتراك مع قوات النظام، اقتحام بلدة تل حميس التي كانت تحت سيطرة الجيش السوري الحر وقت ذاك" وفق الكاطع.
الناشط علي الحريث- من مدينة الحسكة- يكشف أن "الوحدات الكردية، وميليشيا "الصناديد" والدفاع الوطني اقتحموا القرى وصادروا الأغنام والماشية، وبعض الآليات الزراعية، بحجة أنها لعناصر تنظيم الدولة، وسرقوا محتويات المنازل من برادات وغسالات وأفران.
أبرز مناطق التطهير

وفيما يتعلق بأبرز المناطق التي شملتها حملة التطهير العرقي، ذكرت تقارير إعلامية أن محافظة الحسكة كانت في مقدمة المحافظات السورية التي شهدت تطهيرًا عرقيًّا على يد الأكراد.
وبحسب ناشطين لموقع "العربية نت"، فإن قوات الحماية الكردية، أحرقت مساكن في بعض القرى جنوب القامشلي، في محافظة الحسكة، وهجرت سكاناً عرباً بحجة محاربة المتطرفين،
والأمر شمل أيضا الأماكن المحيطة بقرية عين العرب، أو كوباني باللهجة الكردية، التي تحولت إلى رمز المقاومة الكردية بعدما صمدت في وجه حملات "داعش" عدة أشهر العام الماضي.
وأوضحوا أن هناك ما يفوق 10 آلاف شخص فروا على ما يبدو، خلال الستة أشهر الماضية، بعدما تنكر الجيران لبعضهم بعضاً، على الرغم من أنهم تعايشوا جنباً لجنب عدة عقود.
وتشير بعض المصادر الإعلامية إلى أن سكان تلك القرى نزحوا إلى بلدة الهول، ومدينتي الشدادي والخاتونية في الحسكة، كما نزح البعض منهم إلى ريف محافظة دير الزور، هذا وسبق أن اتهم معارضون سوريون قوات حماية الشعب الكردية بارتكاب مجزرة في سبتمبر الماضي بحق أهالي 3 قرى عربية في جنوب القامشلي.
كما شهدت شمال شرق سوريا، كانت منطقة تشهد اختلاطاً عرقيًّا، وقد انتقلت السيطرة عليها على امتداد الثلاثة أعوام الفائتة بين النظام السوري، والجيش السوري الحر، وجماعات مختلفة ترتبط بالقاعدة، ووحدات حماية الشعب الكردي، وتنظيم الدولة الإسلامية.
المعارضة السورية

من جهةٍ أخرى أصدر الائتلاف الوطني السوري بياناً اتهم فيه رسميًّا ميليشيا وحدات حماية الشعب بشن حملة قتل وتهجير في ريف مدينة تل حميس جنوب القامشلي؛ حيث دان في بيانه هذه الجريمة وجدد استنكاره للصمت الدولي المستمر أمام الاستراتيجية المفضوحة التي يعتمدها الأسد والميليشيات التابعة له بهدف نشر الفوضى والقتل والدمار وتهجير المدنيين.
كما أصدر الائتلاف مطالبات في هذا الشأن تمثّلت بضرورة الإسراع في فرض مناطق آمنة في شمال سوريا وجنوبها، وهو ما يجب أن يترافق مع تقديم دعم قوي ومستمر للجيش الوطني الحر، بما يمكنه من حماية المدنيين من جرائم نظام الأسد والميليشيات التابعة له.
موقف الميليشيات الكردية

وفي أول رد رسمي من وحدات حماية الشعب الكردية، اعتبر المتحدث باسمها، ريدور خليل، أن الاتهامات الموجهة ضد الوحدات الكردية ترويجًا للفكر الظلامي، والأكاذيب، والافتراءات، وقلب الحقائق؛ من أجل الانتصار للإرهاب، وتشويه سمعة الوحدات. على حد قوله.
ونقل موقع "الخبر 24" المقرب من الوحدات الكردية عن خليل قوله: "الحملة الأخيرة التي طالت مواقع داعش (تنظيم الدولة) في تل حميس وتل براك، شهدت مشاركة واسعة من العشائر العربية، ورغم ذلك لم يتوان البعض من الذين شكلوا الحاضنة لـ"داعش" من نشر الأخبار التي تتهم وحداتنا بحرق منازل المدنيين".
وحققت قوات النظام ووحدات حماية الشعب الكردية تقدماً واضحاً على حساب تنظيم الدولة الإسلامية، الذي خسر أهم معاقله في الريف الشمالي لمحافظة الحسكة السورية، في وقت تسببت المعارك بموجة نزوح ضخمة أفرغت المنطقة من السكان.
ويعتبر هذا التقدم نحو معاقل تنظيم الدولة أهم تحول في الحسكة منذ سنتين، كما تعتبر موجة النزوح هي الأكبر منذ اندلاع الثورة السورية.
المشهد الكردي

يبدو أن الأكراد صاروا في طريق الانتقام من الأنظمة السابقة في العرب بسوريا والعراق، مع حملات التطهير باسم محاربة تنظيم الدولة الإسلامية، وهو ما يؤدي إلى أن يكون تنظيم "داعش" الملاذ الآمن للعرب السنة، في إطار التهجير والتمييز من قبل الأكراد والشيعة العرب ضد السنة العرب، وهو ما أطال عمر الدولة الإسلامية، فالمطلوب أن يكون الجميع أكثر تسامحًا، وإعلان مبدأ التعايش، بدلًا من حروب التطهير والتهجير، والتي تأتي بنتائج عكسية، وتدعم موقف المتشددين.