اختراق "داعش" لـ"الجيش الإسلامي".. مخاوف من عودة صراع الدم في الجزائر
الأربعاء 03/يونيو/2015 - 02:25 م
طباعة

حالة من القلق تصيب السلطات الأمنية في الجزائر، من عودة عناصر تنظيم الجيش الإسلامي للإنقاذ الذراع المسلح للجبهة الإسلامية للإنقاذ (المحظورة)، إلى ممارسة العنف مع وجود تقارير عن انضمام عدد من عناصر الجيش السلامي إلى تنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، وتبني أفكاره في الجزائر.
ظهور "داعش"

ومع ظهور تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام ومباعيه تنظيمات وفصائل جهادية مختلفة في الوطن العربي والعالم الإسلامية، أبو بكر البغدادي زعيم "داعش" كخليفة للمسلمين، كان من ضمن هذه القوي.
فهناك العديد من الجماعات الجهادية والفصائل المسلحة في الجزائر قد قامت بمباعية تنظيم "داعش"، منها "كتيبة سكيكدة"، وكتيبة أنصار الخلافة في جبال الرحمن، وجماعة المرابطون.
وما يؤرق السلطات الجزائرية، هو تطور أفكار التطرف لتلك العناصر، فبعدما كانت مجرد تنظيم مسلح يستمد أيديولوجيته من أفكار محلية، بدأت تأخذ أبعادا أكثر تطرفا، أسوة بـ”داعش".
كما كشفت السلطات الجزائرية مؤخرًا عن بعض الشبكات التي تتولى تجنيد شبان جزائريين بينهم فتيات، وترسل بهم إلى التنظيم الإرهابي في سوريا.
وذلك في أعقاب الشبهات التي حامت حول ضلوع البعض منهم في ترويج الفكر الداعشي، أو الاشتغال على تعبئة وتجنيد العناصر التي يتم تحويلها إلى بؤر القتال سواء في ليبيا أو سوريا أو العراق.
وسبق أن أفضت تحقيقات أمنية إلى وقوف بعض عناصر التنظيم وراء عمليات إرهابية، كما هو الشأن بالنسبة لحادثتي الهجوم على قوات الدرك في بلدة بني عمران محافظة بومرداس (50 كلم جنوبي العاصمة)، أو مدرسة تكوين ضباط الدرك أيضا في بلدة يسر بنفس المحافظة، في شهري حزيران ويوليو 2008، إلى جانب ثبات نشاطهم في خلايا الدعم والإسناد لمجموعات جهادية.
وسلمت السلطات الأمنية الجزائرية، تونس، قائمة اسمية بأكثر من 4500 عنصر من تنظيم "داعش"، أعطيت لهم مهمة تحضير اعتداءات مسلحة لضرب استقرار دول المغرب العربي.
الجيش الإسلامي و"داعش"

وجاء التقرير الأمني الجزائرية بانضمام وتبني عناصر من الجيش الإسلامي للإنقاذ، ليزيد من مخاطر الإرهاب في الجزائر.
وذلك في أعقاب الشبهات التي حامت حول ضلوع البعض منهم في ترويج الفكر الداعشي، أو الاشتغال على تعبئة وتجنيد العناصر التي يتم تحويلها إلى بؤر القتال سواء في ليبيا أو سوريا أو العراق.
ووفقًا لتقارير إعلامية جزائرية، ثبت لأجهزة الأمن الجزائرية أن العناصر المذكورة ما زالت متشبثة بأفكار التطرف، ومستعدة للعودة إلى سابق عهدها؛ لأنها تعتقد بأن النزول من الجبل هو إجراء تكتيكي، وليس مراجعة فكرية وتطليقًا لأيديولوجية التطرف.
وفي فبراير الماضي، قال مدني مزراق، القائد السابق لـ"الجيش الإسلامي للإنقاذ" المنحل في الجزائر، في تصريحات صحفية: إن ميثاق السلم والمصالحة – الذي وقع بين الحكومة الجزائرية وجبهة الإنقاذ- لا يعني عناصر الجيش الإسلامي للإنقاذ، وهو ما يشير إلى إمكانية عودة الجيش الإسلامي للعنف وحمل السلاح.
وعن مدى استعداد أعضاء الجيش الإسلامي للإنقاذ للعودة للمطالبة بممارسة العمل السياسي، قال مزراق: إنه لا يوجد ما يمنع أعضاء وقيادات هذا التنظيم من ممارسة السياسة؛ لأنهم يتمتعون بحقوقهم السياسية والمدنية كافة، وأنهم اختاروا طواعية تأجيل مسألة العودة إلى ممارسة السياسية، وأنهم اختاروا ألا يتقدموا بملف اعتماد إلى وزارة الداخلية، لإدراكهم حساسية الوضع، وحجم المشاكل القائمة، وكذا الحقد والضغينة التي يمكن أن يثيرهما قرار كهذا، وتركنا الحرية، يقول مزراق، للخيرين في السلطة لتحضير الأجواء المناسبة، وها نحن على أبواب تعديل دستوري عميق وشامل.
ويعد الجيش الإسلامي للإنقاذ، واحدًا من الفصائل المسلحة التي رفعت السلاح في الجزائر خلال مطلع التسعينات، وظلت لسنوات توصف بـ"الذراع" العسكرية لجبهة الإنقاذ المحظورة.
15 ألف عنصر

وتخشى السلطات الجزائرية عودة الإسلاميين الذي أعلنوا التخلي عن السلاح، إلى الجبال ومواجهة الجيش الجزائري في ظل نشوة النصر لتنظيم "داعش" وتوسعه في العراق وسوريا وانتشار المبايعات له.
وبلغ عدد الإسلاميين المسلحين الذين تخلوا عن العمل المسلح منذ 1999 في الجزائر 15 ألفًا سلموا أنفسهم للأمن للاستفادة من قانوني الوئام والمصالحة الوطنية، بحسب ما أفاد الأحد مروان عزي رئيس خلية المساعدة القضائية لتطبيق قانون المصالحة.
وتأسس الجيش الإسلامي للإنقاذ سنة 1993 وقد أجازته الجبهة الإسلامية للإنقاذ بالنظر إلى أن مؤسسيه يريدونه تنظيما عسكريا يشكل امتدادًا مسلحا للجبهة. وعند تأسيسه كانت الجماعة الإسلامية المسلحة موجودة.
ومنذ نهاية 1993 صار للجيش الإسلامي للإنقاذ قيادتان إحداهما في شرق الجزائر يطلق عليها "اللجنة العسكرية في الشرق" ترأسها عند تأسيسها مدني مزراق، والثانية غربية يطلق عليها "اللجنة العسكرية في الغرب".
وقد التأمت اللجنتان أواخر 1994 لتنسقا عملهما تحت قيادة مشتركة ونتج عن ذلك المؤتمر تسلم مدني مزراق رئاسة الجيش الإسلامي للإنقاذ.
وفي 1997 قام نائب رئيس المخابرات العسكرية والمسئول عن جهاز الأمن الداخلي ومكافحة التجسس الجنرال إسماعيل العماري بمفاوضات مباشرة وسرية مع مدني مزراق لوضع السلاح والمصالحة. وتوجت تلك المفاوضات بإعلان هدنة في أكتوبر 1997.
وبناء على ذلك، نزل مزراق ومعه آلاف العناصر من الجيش الإسلامي للإنقاذ من الجبال بعدما صدر عفو رئاسي يشملهم وقعه الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة مطلع عام 2000.
تحذيرات من تمدد "داعش"

وأفادت تقارير إعلامية إلى أن الشرطة الدولية "إنتربول" سلمت الجزائر قائمة بأسماء 1500 مقاتل في تنظيم الدولة الإسلامية ينتمون إلى جنسيات مختلفة، وحذرت من محاولات دخولهم إلى الجزائر بجوازات سفر مزورة.
وسلمت الإنتربول الجزائر القائمة التي تضم 1500 مقاتل من داعش، إلى جانب تقدم الشرطة الدولية بطلب للجزائر، ترغب من خلالها في الحصول على موافقة من السلطات العليا على استخدام قاعدة البيانات التي تمتلكها شركة الخطوط الجوية الجزائرية؛ من أجل تسجيل جوازات السفر المسروقة التي يمكن استعمالها من طرف الجماعات الإرهابية.
وحصلت الجزائر بدورها على قاعدة بيانية بأكثر من 40 مليون وثيقة سفر تمتلكها منظمة الانتربول، لمساعدتها على اعتقال المشتبه في انتمائهم للتنظيمات الجهادية المتطرفة.
كانت الجزائر قد حصلت نهاية العام الماضي على قائمة مصغرة بـ"استمارات حمراء" لأسماء وهويات متطرفين ومقاتلين في داعش، بهدف توزيعها على المطارات والموانئ ونقاط الحدود التفتيشية، قصد اعتقالهم عند عبورهم أي حدود، إلى جانب تدقيق جميع جوازات السفر بـ"صفة منهجية"، ومقارنتها بقاعدة بيانات الانتربول لوثائق السفر المسروقة والمفقودة في مراكزها الحدودية.
المشهد الجزائري

يبدو أن الجزائر أصبح في مرمي الإرهاب من جديد عقب العشرية السوداء التي شهدت فيها الجزائر سنوات من الصراع والدم بين الجيش الوطني الشعبي الجزائري، وميليشيا الجيش الإسلامي للإنقاذ والجماعات السلامية والجهادية المتطرفة، والتي انتهت بالمصالحة والعفو العام في 2000، ولكن مع ظهور "داعش" بدت هناك مخاوف من عودة عناصر الجيش الإسلامي والجماعات الإسلامية إلى رفع السلاح وإقامة الدولة الإسلامية في الجزائر، وهو ما يصعب الأمور أمام السلطة الحاكمة بالبلاد.. فهل ستنجو الجزائر من شر "داعش" أم أن صراع الدم سيعود للشارع؟