أردوغان يطالب بحكومة ائتلافية.. ومتابعون يعتبرون طموحاته الاستبدادية سبب انكساره

الإثنين 08/يونيو/2015 - 11:21 م
طباعة أردوغان يطالب بحكومة
 
أردوغان يطالب بحكومة
لم تتوقف خسائر الرئيس التركي في الانتخابات البرلمانية على فقدان الأغلبية التي اعتاد عليها حزب العدالة والتنمية، وإنما تبعثرت أحلام أردوغان في زيادة صلاحياته، من خلال تعديل دستوري يحول البلاد إلى النظام الرئاسي بدلا من النظام البرلمانى المعمول به، إلى جانب دخول الأكراد إلى البرلمان، وإجبار الحزب الحاكم على قبول تشكيل حكومة ائتلافية، وإلا اللجوء إلى انتخابات مبكرة.
وساعد على تفاقم الأزمة تهاوي الاقتصاد، وخسارة كبيرة للأسهم في بورصة اسطنبول، واستمرار تراجع الليرة امام الدولار، وهو ما ينبئ عن دخول البلاد في نفق مظلم، على عكس ما كان يطمح إليه أردوغان.
أردوغان يطالب بحكومة
ويري خبراء انه منذ صعود حزب العدالة والتنمية  إلى السلطة عام 2002، بدأ في وضع استراتيجية جديدة للاقتصاد التركي، من خلال الاعتماد على الخصخصة، مع تحفيز الاستثمار الأجنبي والانضباط المالي، وإعادة هيكلة القطاعات الاقتصادية المختلفة، وكانت نسبة التضخم، قبل وصول العدالة والتنمية إلى السلطة في تركيا 55%، لكنها أخذت تتراجع حتى بلغت أقل من 10% مع بداية 2014، كما ارتفع معدل الدخل السنوي للفرد من 3500 دولار في السنة عام 2002 ليصل إلى حوالي 11 ألفا عام 2014، إلى نجاح تركيا في تسديد  كل ديونها لصندوق النقد الدولي عام 2013، وأصبحت نموذجا اقتصاديا يحتذى به خاصة عندما استطاعت التعافي سريعا من الأزمة المالية العالمية عام 2008، كما شجع النمو المتواصل للاقتصاد الحكومة على وضع هدف طموح أن تصبح تركيا بين أكبر 10 اقتصادات في العالم بحلول عام 2023.
إلا انه وبمجرد الإعلان عن نتائج الانتخابات البرلمانية أمس تراجعت الليرة، وبلغ سعر تداول العملة التركية 2.78 دولار بخسارة بنسبة 3.96%، كما هبطت الليرة بنسبة 4.1% مقابل اليورو الذي وصل إلى 3.10 ليرات، وهو ما استدعى لتدخل البنك المركزي التركي للحفاظ على العملة، وقام بتخفيض سعر الفائدة، كما تراجع مؤشر البورصة 6.1% ليسجل مقارنة بإغلاق يوم الجمعة الماضي.
وفي محاولة لتهدئة الأجواء وهروبا من الاعتراف بخسارته للأصوات التي كان يريد الحصول عليها، دعا أردوغان الأحزاب السياسية في بلاده إلى التصرف بمسئولية للحفاظ على "استقرار" البلاد، مشيرا إلى ضرورة أن تتصرف الأحزاب السياسية كافة بالحساسية الضرورية، وتتحلى بالمسئولية لحماية مناخ الاستقرار والثقة.
أردوغان يطالب بحكومة
دعا أردوغان إلى تشكيل حكومة ائتلافية،  موضحا أن النتائج الحالية لا تعطي الفرصة لأي حزب لتشكيل حكومة بمفرده".
واعتبر كثير من الخبراء والمتخصصين بالشأن التركي، أن الناخبين وجهوا صفعة كبيرة للرئيس التركي من خلال التصويت إلى احزاب آخري، والمساهمة في دخول حزب الشعوب الكردي إلى البرلمان لعمل نوع من التوزان ووضع حد لشطحات أردوغان، لذى كان يعتبر الانتخابات البرلمانية استفتاء على منحه مزيد من الصلاحيات.
كما أكد المراقبون أن انخراط تركيا في الشأن السياسي المصري ودعمها لجماعة الإخوان المسلمين وضعها في صدام مباشر مع القاهرة، وغير مباشر مع دول الخليج، مما أفقد تركيا استثمارات بالمليارات، وحد من قدرتها التصديرية خلال العامين الأخيرين.
أردوغان يطالب بحكومة
من جانبه أكد الكاتب المتخصص في الشئون التركية مايكل كوبلو أن نتيجة الانتخابات البرلمانية رسالة مهمة ودلالة ينبغي التوقف عندها، في تحليل له عن الانتخابات التركية بمجلة فورين أفيرز الأمريكية، مشيرا إلى أن المراقبين لشئون الانتخابات التركية يدركون حجم الخسائر التي لحقت بالحزب الحاكم، بعد أن فاز لثلاث دورات متتالية بأغلبية مريحة مكنته من تحقيق كثير من الخطوات والهيمنة على مقاليد السلطة والثروة، إلا أن النتائج جاءت مخيبة للآمال، ولم يعد بالإمكان تشكيل حكومة من طرف واحد.
وتماشيا مع المفاجأة التي نجح في تحقيقها الحزب الكردي، أكد كوبلو أن نجاح حزب الشعوب الديمقراطية في دخول البرلمان من شأنه أن يضع الحزب الحاكم في مواجهة مباشرة مع الحزب المقرب من الاكراد، الذى نجح في تخطى حاجز الـ 10% التي تمرر الأحزاب إلى البرلمان، بالرغم من المحاولات الفاشلة التي اتبعها الحزب الحاكم لترويع الناخبين بزعم وجود مؤامرات على الدولة التركية، وكذلك التهوين من ملفات الفساد التي تم الكشف عنه مؤخرا، معتبرا أن أردوغان لم يضع حدا لطموحاته السياسية، ولم ينظر لزيادة معدلات الفقر والفساد والقمع، والأن لم يعد أمام أردوغان إلا القبول بصلاحيات محدودة، وارغام الحزب الحاكم على قبول الدخول في حكومة ائتلافية، والخضوع لشروط الشركاء وما سيؤدى ذلك إلى غياب ما كان يتمتع به الحزب من الهيمنة والانفراد بالحكم واسرار السلطة، إلى جانب انكسار طموحات أردوغان في توسيع صلاحياته والحصول على مزيد من السطات القمعية التي اعتاد الحصول عليها مؤخرا.
من جانبها اعتبرت الواشنطن بوست أن فقدان الرئيس التركي للشعبية والسلطة التي اعتاد عليها أصبح أمر واضح للعيان، وأن تجليات ذلك برزت في معاناة الاقتصاد التركي وتراجع الليرة أمام الدولار، إلى جانب صعود نجم حزب الشعوب المقرب من الأكراد، وهو ما يحمل بطرح القضية داخل البرلمان، وهو ما سيمثل تحديات عديدة امام الرئيس التركي.

أردوغان يطالب بحكومة
ونقلت الصحيفة عن بولنت اليريزا خبير الشئون التركية بمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن أن ما حدث في الانتخابات "تفجيرا كبيرا في السياسة التركية" .
على الجانب الآخر أكد الكاتب التركي عبد الله بوزكورت  أن نتائج الانتخابات كشفت عن فوز تركيا وخسارة أردوغان، وأن الرسالة كانت واضحة جدًا، فالمواطن التركي بحاجة إلى سياسات أكثر اعتدالاً، سواء على الصعيد الوطني، أو في الشئون الخارجية، معتبرا أن نتائج الانتخابات الأخيرة ضربة موجعة بعد حرمان الحاكم العدالة والتنمية من الحصول على العدد المطلوب من المقاعد لتشكيل حكومة بمفرده، خاصة مع انزعاج الناخبين من سياسات حزب العدالة والتنمية وحالة الاستقطاب التي عمل على تغذيتها أردوغان في الفترة الأخيرة.
وركز بوزكورت في تحليله على أن الناخب التركي لم يعد راضياً عن انتشار أخبار الفساد والمحسوبية، كذلك عبر عن رفضه للإنفاق السخي من جانب الحكومة، وعبر عن رفضه لسلوك أردوغان الخاطئ خاصة مع بروز عدد من التحديات، أبرزها ارتفاع معدل البطالة، وارتفاع المديونية والفوائد المرتفعة ومعدلات التضخم أسهمت، وكلها عوامل ساهمت في إبعاد حزب العدالة والتنمية من تشكيل الحكومة منفرداً، والاكتفاء بحصوله على 40% من أصوات الناخبين بعد أن حصل على 49% منهم في انتخابات 2011.

شارك