المسودة الأخيرة في الحوار الليبي.. بين توافق الحكومة ورفض "فجر ليبيا"

الثلاثاء 09/يونيو/2015 - 02:09 م
طباعة المسودة الأخيرة في
 
تتوالى المساعي لحل الأزمة الليبية، رغم عدم وصول الأطراف المتنازعة إلى رأي موحد، يدفع البلاد إلى الاستقرار، وبالأخص مع انتشار تنظيم الدولة الإرهابية "داعش" وسيطرته على مناطق حيوية في ليبيا.

المسودة الأخيرة

المسودة الأخيرة
كانت آخر جولات الحوار التي شهدتها مدينة الصخيرات في المغرب أمس الاثنين، شهدت طرح المسودة الخامسة وقد تكون الأخيرة التي توصل إليها المبعوث الأممي لدى ليبيا برناردينو ليون، برعاية الأمم المتحدة.
وتعتبر جلسة حوار أمس، هي مرحلة حاسمة لدفع البلاد إلى الاستقرار، فيما عدا ذلك ستكون كافة المساعي المقبلة فاشلة، نظرًا لتمسك كل طرف بوجه نظر مختلفة عن الطرف الآخر، وعدم تقديم تنازلات لمصلحة البلاد.
 من جانبه قال ليون أمس الاثنين 8 يونيو 2015، إنه قدم مسودة جديدة لحل الأزمة الليبية لمناقشتها خلال الحوار الليبي، الذي انطلقت أعمال جولته الخامسة، بالأمس، بمدينة الصخيرات المغربية.
حضر جلسة الحوار ممثلو المؤتمر الوطني الليبي المنتهية ولايته، بطرابلس، ومجلس النواب المعترف به دوليًّا، بطبرق، ورئيس مجلس النواب المغربي رشيد الطالبي العلمي، والوزيرة المنتدبة في الخارجية المغربية "مباركة بوعيدة".
ليون أكد أن هذه المسودة جديدة من أجل إيجاد حل سياسي وكلي للأزمة الليبية، مشيرًا إلى أنها تتضمن رؤية للهيكل المؤسساتي المقبل والترتيبات الأمنية، قائلا: لقد حان الوقت أخيراً الآن لاتخاذ قرار أكثر صعوبة لتحقيق السلام والبدء في العملية الرامية إلى تحقيق المصالحة الوطنية.
وأضاف ليون، أن شعب ليبيا يتطلع إلى هذا التجمع وأنظارهم موجهة صوبكم، يحدوهم الأمل في أن تنقذوا بلدكم من ويلات النزاع الذي طال أمده ومن حملة الإرهاب والدمار التي تشنها الجماعات المتطرفة والإرهابية في محاولة لتعزيز سيطرتها ونفوذها في أجزاء مختلفة من البلاد.
وأشار إلى أن الهجمات الإرهابية الأخيرة وغيرها من الهجمات التي شنتها هذه المجموعات من درنة إلى القبة، ومن سرت إلى مصراته إلى طرابلس إلى سوكنة في الجنوب ومناطق أخرى في البلاد ينبغي أن تكون بمثابة نداء يقرع ناقوس الخطر الحقيقي الذي يواجه بلدكم.

الليبيون يستغيثون

الليبيون يستغيثون
كانت تلقت بعثة الأمم المتحدة للدعم آلاف الرسائل من الليبيين الذين يشعرون بقلق بالغ إزاء الأوضاع المتردية في بلادهم، حيث طالبوا باستئناف مباحثات الحوار بشكل عاجل.
وأوضحت البعثة الأممية، أن المدعوين للاجتماع سيناقشون المسودة الجديدة للاتفاق السياسي بالاستناد إلى الملاحظات التي قدمتها مختلف الأطراف مؤخراً، دون أن تقدم أية تفاصيل حول هذه الملاحظات.
وأشادت البعثة الأممية بجهود الأطراف التي قالت إنها أعطت ملاحظاتها لم تذكرها على مسودة الاتفاق السياسي خلال الأيام الماضية، وبالقرار الذي اتخذه المؤتمر الوطني العام في طرابلس مؤخراً بالمشاركة في جولة الحوار القادمة، معربة عن قناعتها بأن الجولة الجديدة ستكون "حاسمة".
وحثّ البيانُ الأطرافَ الليبية المعنية على الانخراط في المناقشات القادمة بـ"روح المصالحة والتوصل إلى تسوية، والإصرار على التوصل إلى اتفاق سياسي لإحلال السلام والاستقرار في البلاد".
وناشدت البعثة جميع الأطراف في ليبيا أن تتحمل مسئولياتها التاريخية بالحفاظ على المصلحة الوطنية العليا لبلادها، وتذكرها أنه لا يمكن أن يكون هناك حل عسكري للأزمة الحالية في ليبيا، وليس هناك من حل خارج الإطار السياسي.

الحكومة الليبية تدعو للتوافق

الحكومة الليبية تدعو
في هذا الصدد دعت الحكومة الليبية المعترف بها دوليًّا بقيادة عبدالله الثني، كافة الأطراف إلى تقديم تنازلات، وأن يكونوا في مستوى المسئولية، وأن يتناسوا الخلافات للذهاب إلى مصالحة وطنية شاملة لتوحيد الجهود؛ من أجل محاربة الإرهاب والتصدي لانتشار وتمدد الجماعات المارقة، التي لن يكون أحد منا بمنأى عن استهدافه من قبل تلك الجماعات.
كما دعت الحكومة في بيان لها أمس الاثنين إلى تجاوز محن الماضي والترفع عن الجراح؛ من أجل مصلحة الوطن ووفاء لدماء الشهداء الذين ضحوا لوطن نبنيه ويجمعنا على الحب والاحترام.
وقالت الحكومة: إن حوار الصخيرات قد يكون الفرصة الأخيرة والتي لا يجب تفويتها في سبيل لم شمل الليبيين، وشددت على ضرورة الوقوف في وجه كل من يدعو عكس التنازل والوفاق من أجل الوطن، خاصة الأشخاص الذين يتكلمون باسم الدين ويحتكرون المعرفة به، ويحرضون على العنف والكراهية والفتنة والاقتتال بين الإخوة.
كما دعت الحكومة كل الدول التي يهمها أمن واستقرار ليبيا ورخاء وازدهار شعبها إلى الكف عن دعم طرف على حساب آخر، وأن تسعى إلى بناء علاقات من الصداقة والتعاون مع ليبيا، مبنية على الاحترام المتبادل والندية وعدم التدخل في الشئون الداخلية.
وأعربت الحكومة عن ترحيبها البالغ باستئناف الحوار في مدينة الصخيرات المغربية اليوم الاثنين، مؤكدة أن الحوار هو السبيل الوحيد لانتشال ليبيا من الأوضاع التي تمر بها، والذي لن يأتي إلا بجلوس الليبيين إلى طاولة الحوار، معتبرةً أن الذهاب إلى طريق الاقتتال وفرض الآراء بفوهات البنادق لن يؤدي سوى لمزيد من سفك الدماء وتدمير لمقومات الدولة ومقدراتها التي كافح الآباء المؤسسون في سبيل وضع قواعدها من العدم، ونحن اليوم نهدمها بالتصرفات غير المسئولة.
وأضافت الحكومة في بيانها أن الشعب خرج في السابع عشر من فبراير وقدم قوافل الشهداء لنيل حريته وانعتاقه من نظام ديكتاتوري، لكنه صدم بتصدر التيارات المؤدلجة للمشهد في محاولة يائسة منها لسرقة حلم الليبيين الذين طالما ضحوا من أجله في بناء دولة الحق ترفرف على أرضها راية الحرية والعدل والمساواة دون إقصاء أو تهميش.
وتابع البيان أن هذه التيارات تحمل أفكارًا مستوردة غريبة عن المجتمع الليبي النقي الطاهر، والتي حاولت زرعها في أرضه الطيبة، لم تجلب سوى الخراب ولكنهم لم يفلحوا ولن يفلحوا.
ودعا البيان كل الشرفاء والعقلاء في ليبيا أن يستمعوا إلى بكاء الأطفال وأنين الأرامل، وآهات الأمهات الثكالى شوقًا لفلذات أكبادهن الذين ذهبوا ضحايا لهذه الحرب، وأن ينصتوا لصوت العقل ويعودوا إلى رشدهم ويتأكدوا أن هذه الحرب المنتصر فيها مهزوم، ولن تؤدي بليبيا سوى إلى مزيد من التشظي والانقسام.
وتسعى الحكومة الليبية إلى عودة استقرار الأمن للبلاد، للقضاء على الجماعات الإرهابية، والحد من انتشار التنظيمات في مختلف المناطق الليبية.

"فجر ليبيا" تعرقل المفاوضات

فجر ليبيا تعرقل المفاوضات
في موازاة ذلك ردت ميليشيات "فجر ليبيا" والتي تواليها حكومة طرابلس التابعة لجماعة الإخوان، على المسودة المطروحة، أنها لا تختلف أبدًا عن سابقتها إلا من بعض الفتات الذي رماه للمتمسكين بثوابت ثورة 17 فبراير وعمليتها التصحيحية فجر ليبيا .
وقالت ميليشيات فجر ليبيا خلال بيان بثته على صفحتها بموقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، قائلة: بعدما كنا حذرنا بشدة يوم أن خرج ليون بمسودته السابقة والتي رفع فيها سقف المطالب أعلى حتى مما كان يرجوه برلمان الخونة والعملاء على حد وصفهم، حتى يصل بنا لهذه المسودة الجديدة المنتظرة بعدما يمن علينا بأنه تنازل عن بعض مما رفعه في مسودته السابقة.

مجموعة السبع تدعو للتوافق

مجموعة السبع تدعو
في هذا الصدد، طالبت قمة دول مجموعة السبع، أمس الاثنين، أطراف الأزمة في ليبيا بإلقاء السلاح وعقد اتفاق سلام.
ودعت القمة في بيانها الختامي أطراف النزاع إلى اتخاذ إجراءات سياسية جريئة، قائلة: لقد ولى زمن المعارك وجاء زمن القرارات السياسية الجريئة. ندعو الليبيين إلى اقتناص هذه الفرصة لإلقاء السلاح وإبرام اتفاق سياسي.
وأعربت مجموعة السبع عن قلقها حيال تزايد التهديد الإرهابي في ليبيا وانتشار الأسلحة والإتجار بالمهاجرين، داعيةً إلى التوصل لحل سياسي ومواجهة حالة عدم الاستقرار في ليبيا التي من شأنها إطالة الأزمة في البلاد، مما سينعكس سلبًا على الليبيين أنفسهم الذين يعانون بالفعل محاولات التنظيمات الإرهابية في توسيع نفوذها في المناطق التي تغيب عنها الحكومة الليبية، وفق وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية الرسمية.
وحث البيان الأطراف المتنازعة على تبني تحقيق تطلعات الشعب الليبي في إقامة دولة ديمقراطية. ورحب البيان بجهود الأطراف الليبية الداعمة لمبادرة الحوار، وكذلك بالتقدم الذي تم إحرازه تحت وساطة المبعوث الأممي برناردينو ليون.
وناشد الأطراف الليبية المضي قُدمًا في تلك الأوقات الحرجة في المفاوضات الجارية للتوصل إلى اتفاق وتشكيل حكومة وحدة وطنية. وقال البيان الختامي: على الأطراف الليبية ومن لهم تأثير عليهم إظهار القوة والقيادة في هذه اللحظة الحرجة للتوصل إلى اتفاق وتطبيقه.
ووعدت مجموعة السبع في بيانها الختامي بأنها فور إبرام الاتفاق، ستوفر دعمًا كبيرًا لحكومة ممثلة لكافة الأطياف الليبية من أجل إعادة بناء مؤسسات الدولة والبنية التحتية وإعداد قوات الأمن وتعزيز وتنويع الاقتصاد، فضلاً عن القضاء على الإرهابيين والشبكات الإجرامية.

توافق مصري جزائري إيطالي حول حل الأزمة

توافق مصري جزائري
فيما شهد اللقاء المصري الجزائري الإيطالي توافقًا في الرؤى حول أهمية تكاتف الجهود الدولية لمواجهة خطر انتشار الجماعات الإرهابية، فضلاً عن ضرورة محاربة الإرهاب والجريمة المنظَّمة القائمة نتيجة عدم الاستقرار في ليبيا، مع دعم العمل على تشكيل حكومة وطنية واستبعاد الشخصيات والجماعات المتطرفة التي لا تؤمن بالحل السياسي، بما يعيد الاستقرار والأمن إلى ليبيا، حيث أشار باولو جنتيلونى وزير الخارجية الإيطالي للأهمية التي توليها بلاده لليبيا، التي يتعين الحفاظ على سلامتها الإقليمية ووحدة أراضيها.
واتفق الجانبان على الاستمرار في دعم جهود المبعوث الأممي للتوصل إلى حل سياسي مقبول ومتوازن للأزمة يعكس إرادة الشعب الليبي، ولا يسمح بمزيد من التأخير أو كسب الوقت من قبل الجماعات المتطرفة التي تحاول فرض رأيها بقوة السلاح.
من جانبه أعرب وزير الشئون الخارجية الجزائري عبد القادر مساهل، عن اهتمام الجزائر بالحوار والتشاور المستمر مع مصر حول التطورات في ليبيا.
كما تمَّ التأكيد خلال اللقاء على ضرورة التنسيق المتواصل بين البلدين وقيامهما بتقديم الدعم اللازم للجهود التي يبذلها المبعوث الأممي من أجل التوصل إلى حل سياسي في ليبيا، وبما يُسهم في تحقيق الأمن والاستقرار المنشودين هناك.
ويرى مراقبون أن الحل السياسي هو الوسيلة الوحيدة للعبور إلى استقرار البلاد، فيما عدا ذلك سيكون أي حل فاشل ولن يُؤتيَ بثمار، محذرين من إفشال الحوار الأخير الذي انعقد في مدينة الصخيرات أمس.

شارك