في ذكرى "فرج فودة".. شهيد الفكر التنويري
السبت 08/يونيو/2024 - 10:48 ص
طباعة
حسام الحداد
من الحقيقة الغائبة والذي ناقش فيه حياة التيارات الإسلامية وموقف المصريين منها دولة وشعبا، إلى زواج المتعة بين مذهبين رئيسيين في الإسلام والعلاقة بين الرجل والمرأة في ظل الخطاب الديني المنفعل داخل هذه المذاهب، إلى فتح حوارات حول الشريعة ودورها في حياة المجتمع والدولة والفرد، وصولًا بالطائفية وما فعلته في مجتمعنا واحتكار البعض للحقيقة وأثره في حياة المصريين ثم الملعوب، ونكون أو لا نكون وصولا إلى النذير المحذر من خطر الخطاب الإرهابي، وفاتحًا في الوقت نفسه حوارًا حول العلمانية، قبل السقوط، هكذا عاش وفكر وانشغل بقضايا وطنه وكان مناضلًا حقيقيًّا ضد التخلف والقهر والاستبداد، مدافعًا عن قيم التسامح والحرية والديمقراطية والإبداع، إنه فرج فودة.
فرج فودة
فرج فودة كاتب ومفكر مصري علماني. ولد في 20 أغسطس 1945 ببلدة الزرقا بمحافظة دمياط في مصر. وهو حاصل على ماجستير العلوم الزراعية ودكتوراه الفلسفة في الاقتصاد الزراعي من جامعة عين شمس، تم اغتياله على يد الجماعة الإسلامية في 8 يونيو 1992 في القاهرة. كما كانت له كتابات في مجلة أكتوبر وجريدة الأحرار المصريتين.
أثارت كتابات د. فرج فودة جدلا واسعا بين المثقفين والمفكرين ورجال الدين، واختلفت حولها الآراء وتضاربت فقد طالب بفصل الدين عن السياسة والدولة وليس عن المجتمع.
كانت جبهة علماء الأزهر تشن هجومًا كبيرًا عليه، وطالبت لجنة شئون الأحزاب بعدم الترخيص لحزبه، بل وأصدرت تلك الجبهة في 1992 "بجريدة النور" بياناً بكفره.
شارك فرج فودة في تأسيس حزب الوفد الجديد، ثم استقال منه وذلك لرفضه تحالف الحزب مع جماعة الإخوان المسلمين لخوض انتخابات مجلس الشعب المصري العام 1984. ثم حاول تأسيس حزب باسم "حزب المستقبل"، وكان ينتظر الموافقة من لجنة شئون الأحزاب التابعة لمجلس الشورى المصري.
أسس الجمعية المصرية للتنوير في شارع أسماء فهمي بمدينة نصر، وهي التي اغتيل أمامها.
النشأة
ولد فرج فودة في قرية الزرقا بالقرب من مدينة دمياط في 20 أغسطس 1945. وهي نفس بلدة إبراهيم عبد الهادي (1896-1981)، رئيس وزراء مصر (1948-1949)، الذي قاد حملة أمنية عنيفة ضد جماعة الإخوان المسلمين واغتيل في عهده الشيخ حسن البنا (1906-1949). والزرقا أيضا هي بلدة الدكتور رفعت المحجوب (1926-1990)، رئيس مجلس الشعب المصري (1984-1990)، والذي اغتيل على يد إسلاميين مسلحين.
فرج فودة في الحقبة الناصرية
الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر
التحق فرج فودة في الستينيات بكلية الزراعة وحصل على شهادة البكالوريوس في الاقتصاد الزراعي في يونيو 1967. وفي الشهر نفسه، استشهد شقيقه الملازم محيي الدين فودة- والذي كان يصغره بعام واحد- في حرب 5 يونيو 1967، وذلك بعد ثلاثة أيام فقط من تخرجه من الكلية الحربية، ولم يتم العثور على جثمانه. وشارك فرج فودة في مظاهرات الطلبة الغاضبة عام 1968 واعتقل لعدة أيام في عهد الرئيس جمال عبد الناصر.
فرج فودة في عصر السادات
الرئيس المصري الراحل محمد أنور السادات
عمل فرج فودة معيدا بكلية الزراعة في جامعة عين شمس، وحصل على درجة الماجستير في الاقتصاد الزراعي عام 1975، ثم على درجة دكتوراه الفلسفة في الاقتصاد الزراعي من جامعة عين شمس في ديسمبر 1981، وكان عنوان رسالته: "اقتصاديات ترشيد استخدام مياه الري في مصر". عمل مدرسًا بجامعة بغداد في العراق، ثم خبيرًا اقتصاديًّا في بعض بيوت الخبرة العالمية، ثم أسس "مجموعة فودة الاستشارية" المتخصصة في دراسات تقييم المشروعات.
الانفتاح
بصورة عامة، اتفقت سياسات السادات الاقتصادية مع منهج فرج فودة العلمي المؤمن بتفوق الأنظمة الليبرالية، حيث إن "التخطيط الشامل الذي يتحكم في العرض والطلب.. كان محض عبث أو انعطافة تاريخ." وقد أشاد بالآثار الإيجابية لسياسة الانفتاح على الاقتصاد المصري.
نشأة التنظيمات الإسلامية
كذلك فقد أيد إعادة السادات للحياة الحزبية. على الرغم من ذلك، فلقد آمن فرج فودة بمسئولية السادات عن نمو التيارات الدينية وأسماه "بالانتحار الساداتي"، إذ يدعي أن الجماعات الإسلامية في الجامعات، قد تكونت على يد مباحث أمن الدولة، لمواجهة الناصريين واليساريين وبتوجيه من السادات. واعتبر أن اكتساحها للانتخابات الطلابية في نهاية حياته، بعد أن فقد السيطرة عليها، كان كابوسا يؤرق منامه.”
وتوافق فودة مع تضمين دستور 1971 ضمن نصوصه لأول مرة، "أن مبادئ الشريعة الإسلامية مصدر رئيسي للتشريع". بدعوى أن أغلب القوانين المدنية مستقاة من أحكام الشريعة الإسلامية. لكنه عارض السادات عند طرح استفتاء عام قبل وفاته في عام 1981، ضمنه مجموعة من البنود والتي على الناخب أن يجيب عليها جملة واحدة بالإيجاب أو النفي. ومنها تعديل المادة السابقة بالنص على أن الشريعة الإسلامية هي "المصدر الرئيسي للتشريع، بإضافة حرفي الألف واللام". وقد اعتبر فرج فودة إضافة هذه المادة تمهيداً لقيام الدولة الدينية، المقوضة بالضرورة للدولة المصرية المدنية.
وعند عودة التعددية الحزبية في عهد الرئيس السادات عام 1978، اعتبر فرج فودة أن "الحزب السياسي المنظم، والقوي الوحيد في الساحة المصرية الآن هو الحزب الديني الإسلامي بكافة اتجاهاته، وهي اتجاهات قد تتنافر في الأساليب، لكن يمكنها بسهولة شديدة أن تتجمع في إطار واحد يشمل الإخوان المسلمين (باتجاهاتهم) والجهاديين. ودعا لأن يواجهه تجمع سياسي له جذور في الشارع المصري، يؤمن بالديمقراطية، ويكون قادرًا على اجتذاب جميع الاتجاهات الليبرالية في مصر، ويرفع شعار الوحدة الوطنية ليس فقط كفكر مجرد، بل كتراث سياسي عظيم، ويمثل تجمعًا شعبيًّا أكثر منه أيديولوجية سياسية، حيث تلتقي تحت لافتة العدل الاجتماعي كافة التيارات السياسية في ظله، أو على الأقل تناصره. وقد شارك فرج فودة في تأسيس حزب الوفد الجديد، لاعتقاده بالتقاء الخصائص السابقة فيه وفي تراثه التاريخي، واعتبر أنه "سوف يكون الصراع حتى نهاية هذا القرن العشرين في مصر، بين الوفد والاتجاه السياسي الديني المتطرف. وسوف تكون لكل منهما قواعده الشعبية. وسوف يلتف حول الوفد جميع المؤمنين بالديمقراطية والوحدة الوطنية، أفرادًا وأحزابًا. وعلى ضوء هذا الصراع سوف يتحدد المستقبل: الانتماء للمستقبل أم للماضي، الديمقراطية أم الإرهاب، الليبرالية أم القهر، الانتماء للعصر أم للتاريخ، مصر أولًا أو العقيدة أولًا؟".
فودة و"مبارك"
الرئيس المصري الأسبق محمد حسني مبارك
عرف فرج فودة خلال المعارك الحزبية التي اتسمت بها الفترة الرئاسية الأولى للرئيس محمد حسني مبارك (1981-1987). ولقد كانت أولى معاركه داخل حزب الوفد الجديد نفسه، خاضها لمنع تحالف الحزب مع الإخوان المسلمين في الانتخابات البرلمانية في عام 1984. وقد دون فرج فودة أفكاره السياسية خلال هذا الصراع في كتابه الأول "الوفد والمستقبل" (1983)، وفشل فرج فودة في منع ذلك التحالف، والذي قاده داخل الحزب الشيخ صلاح أبو إسماعيل (1927-1990)، ونجح بفضله الوفد في الحصول على 58 مقعدا (15% من مجلس الشعب)، واستقال فرج فودة من الحزب في 26 يناير 1984.
في ذلك الحين رأى فرج فودة انتصار التحالف الإسلامي ونجاح الإخوان المسلمين خطرًا حقيقيًّا على الدولة، لا يقل عن إرهاب الجماعات الإسلامية في السبعينيات الذي انتهى بإسقاط رأس الدولة، وأشار فودة إلى أن التيار الإسلامي قد تعلم من خطئه في انتخابات 1984 التي خاضها تياره التقليدي (الإخوان) الساعي في رأيه إلى "تحقيق الإرهاب بالشرعية" بدون تأييد تياره الثوري (جماعات الإرهاب المسلح) الساعي إلى "ضرب الشرعية بالإرهاب"، ليتوحد التياران في انتخابات 1987: "ويمكننا أن ندرك حجم ما حدث من تغيير في فكر أعضاء تنظيم الجهاد، إذا قارنا ما سبق، بحديث مفتيهم ومنظرهم وإمامهم عمر عبد الرحمن لجريدة الشعب قبيل الانتخابات عن أنه يؤيد التحالف… وأكثر من ذلك فإن أشهر أمراء الجماعات في المنيا قد رشح نفسه على قائمة التحالف ودافع عن شعاراته وراياته، وأصبح عضوًا في المجلس بالفعل، وزامل في عضويته أعضاء آخرين، كانوا أمراء للجماعات الإسلامية وقت أن كانوا طلابًا، وأصبحوا ممثلين لهذا التيار في نقاباتهم المهنية." كذلك فإن الحملة الانتخابية للتحالف تم تمويلها عن طريق بيوت توظيف الأموال الإسلامية والتي تمثل ما أسماه فرج فودة باسم "التيار الثروي."
وقد كتب فرج فودة كتابه "النذير" (1989) كدراسة لمعالجة الدولة لنمو التيار الإسلامي ما بين عامي 1982 و1987، خلص منها إلى أن التيار الإسلامي "قد نجح بالفعل في تكوين دولة موازية" لها اقتصادها المتمثل في بيوت توظيف الأموال، وجيشها المتمثل في الجماعات الإسلامية المسلحة، وكيانها السياسي المتمثل في مكتب إرشاد الإخوان المسلمين رغم حظر الجماعة قانونيًّا. كذلك اخترق التيار الإسلامي المؤسسة الدينية الرسمية مثل دعوة شيخ الأزهر الناخبين لإعطاء أصواتهم للمطالبين بتطبيق الشريعة (أي مرشحي التحالف الإسلامي)، ومطالبة جريدة اللواء الإسلامي التي يصدرها الحزب الحاكم (الحزب الوطني الديمقراطي) للمواطنين بعدم التعامل مع البنوك القومية وقصر تعاملاتهم على البنوك الإسلامية.
الشيخ محمد متولي الشعراوي
كما اخترق أيضًا الإعلام الحكومي؛ حيث زادت الجرعة الدينية فيه من صحف ومسلسلات وخطب تلفزيونية مثل خطب الشيخ محمد متولي الشعراوي (1911-1998) التي عرّض في بعضها بعقيدة المواطنين المسيحيين. ولقد رأى فرج فودة أنه قد "تم هذا التنامي الهائل في ظل الإعلان الدائم عن تصدي الدولة لهذه التيارات، وتحت شعارات ورايات مواجهة التطرف السياسي الديني. وأن ينجح تيار ما في التنامي في ظل الغفلة، فإن ذلك يعتبر نجاحًا مبررًا. أما أن ينجح في ظل التنبيه وإعلان المواجهة، فإن النجاح هنا يعتبر نجاحًا مضاعفًا للتيار السياسي الديني، بقدر ما هو فشل مضاعف للدولة."
وبعد ذلك عادت عمليات عنف الجماعات الإسلامية المسلحة في النصف الثاني من الثمانينيات، مثل محاولات اغتيال وزير الداخلية اللواء حسن أبو باشا (1922-2005) والكاتب الصحفي مكرم محمد أحمد (1935- ) ووزير الداخلية الأسبق اللواء النبوي إسماعيل (1925-2009) في عام 1987، ومثل قتل الأقباط وتدمير محلات الفيديو وبيع الخمور وأدوار السينما وصيدليات الأقباط في سوهاج. وفي عام 1988 سيطرت الجماعات الإسلامية على منطقة إمبابة ومارست إرهابًا ضد أقباطها، وتزايدت أعمال الفتنة الطائفية وإرهاب الأقباط خاصة في الصعيد. وكتب فرج فودة كتابه "الإرهاب" (1988) لدراسة تنامي هذا العنف، ورأى فيه أنه بالرغم من نجاح ردود الأفعال الأمنية العنيفة من قبل الدولة في عهدي إبراهيم عبد الهادي وجمال عبد الناصر في تحجيم عنف الجماعات الإسلامية المتمثلة آنذاك في الإخوان المسلمين، إلا أن مثل هذه النجاحات كانت لفترات محدودة ولم تستطع اجتثاث المشكلة من أساسها، ومن ثم فإن حل إرهاب الجماعات الإسلامية يكمن في رأي فرج فودة في ثلاثة سبل هي اتساع ساحة الديمقراطية حتى للتيارات الإسلامية وأن يسود القانون، وأن يكون للإعلام خط ثابت مدافع عن أسس الدولة المدنية.
وفي عام 1990 نشر فرج فودة كتاب "نكون أو لا نكون"، والذي ضم عدة مقالات بعضها رفض نشره. وأمر الأزهر بمصادرة الكتاب بعد طبعه، إذ تضمن نقدًا حادًّا لشيخ الأزهر الشيخ جاد الحق علي جاد الحق (1917-1996) نتيجة لاتهامه المدافعين عن الدولة المدنية بالخارجين عن الإسلام، وهو ما عده فودة تجاوزا لدور الأزهر الرسمي، وقذفًا لفريق من خيار المسلمين المجتهدين. وكتب فودة رده في مقال نشر بجريدة الأهالي في مارس 1988 وتضمنه الكتاب جاء فيه: "لشيخ الأزهر أن يحمد الله أيضا لأن أحدًا لم يتعرض له، ولم يسأله عن موقع منصبه من صحيح الدين، ذلك الدين القيم الذي لا يعرف كهنوتا، ولا يوسط أحدًا بين الله وعباده، ولا يفسح مساحة لرجال الدين، وإنما الساحة فيه واسعة للموعظة بالحسني، تلك التي لم نجد لها في خطابه تأصيلًا، وللعلم قبل الفتوى، ذلك الذي لم نجد عليه في خطابه دليلًا.. وما ضرنا لو يعلو بك البروتوكول فوق رءوسنا ورءوس المسلمين، وما ضرنا أن تسكن في قصر منيف، وما ضرنا أن تحصل على مرتبك من أموال دولة المسلمين، تلك التي تنعتها بأنها ربوية، وتصف بعض مصادر دخلها بأنها آثمة؛ لأنها تأتي من المشروبات الروحية.. لكن الضر كل الضر أن تتصور أنك يمكنك أن تخيف وأن بمقدورك أن تمنع كتابًا هنا أو تصادر رأيًا هناك، وأن تتخيل أن بيدك خزائن الدين، وأن في جعبتك صكوك الغفران، توزعها كما تشاء، فتغفر لمن تشاء، وتكفر من تشاء … وحاشا لله أن يبلغ بك الظن هذا المبلغ من السوء، وحاشا للإسلام أن يصل فهم البعض له إلى هذا الدرك … الإسلام يا شيخ الأزهر بخير طالما دافع عنه من يدافع، لقاء إيمانه وليس مقابل مرتبه، ولوجه الله وليس لوجه السلطة أو المال أو المنصب، وأزهى عصور الإسلام لم تعرف شيخًا للأزهر أو لغير الأزهر، وإنما عرفت من عاش بكد يده، وتعلم من أجل العلم."
اعتبر فرج فودة أن "الإرهاب لا يعيش، ولا ينمو، إلا في ظل الديماجوجية، وإلا عندما تفقد العين القدرة على التمييز بين الإرهاب وبين الشرعية، وإلا عندما يتنادى البعض بأن هناك إرهابًا مشروعًا وإرهابًا غير مشروع، وإرهابًا مستحبًّا وإرهابًا غير مستحب." ومن ثم فقد أدان احتفاء اليسار المصري بسليمان خاطر (1961-1986) الذي قتل سبعة سياح إسرائيليين (من بينهم أربعة أطفال) وضابط شرطة مصري في عام 1985، واعتبر قتل الدبلوماسيين الإسرائيليين والأمريكان على يد تنظيم "ثورة مصر" إرهابا على الأراضي المصرية. وعندما اندلعت حرب الخليج الأولى في أغسطس 1990، كان فرج فودة من كتاب المعارضة القليلين الذين أيدوا موقف مصر الرسمي لتحرير الكويت. وقد خاض بسبب ذلك العديد من الصراعات السياسية مع كل من الإسلاميين والقوميين المؤيدين لصدام حسين وغزو الكويت.
وفي 3 يونيو 1992 أصدرت ندوة علماء الأزهر فتوى بتكفيره، وبعد خمسة أيام في 8 يونيو 1992 وقبيل عيد الأضحى، قام مسلحان منتميان للجماعة الإسلامية باغتياله أمام الجمعية المصرية للتنوير التي أسسها.
مؤلفاته
"الحقيقة الغائبة"، "زواج المتعة"، "حوارات حول الشريعة"، "الطائفية إلى أين؟"، "الملعوب"، "نكون أو لا نكون"، "الوفد والمستقبل"، "حتى لا يكون كلامًا في الهواء"، "النذير"، "الإرهاب"، "حوار حول العلمانية" و"قبل السقوط".