فرج فودة.. وقضيا التنوير والإرهاب
السبت 08/يونيو/2024 - 10:51 ص
طباعة
حسام الحداد
هذا حديث سوف ينكره الكثيرون، لأنهم يودون أن يسمعوا ما يحبون، فالنفس تأنس لما تهواه، وتتعشق ما استقرت عليه، ويصعب عليها أن تستوعب غيره، حتى لو تبينت أنه الحق، أو توسمت أنه الحقيقة، وأسوأ ما يحدث لقارئ هذا الحديث، أن يبدأه ونفسه مسبقة بالعداء، أو متوقعة للتجني، وأسوأ منه موقف الرفض مع سبق الإصرار للتفكير واستعمال العقل.
فرج فودة (الحقيقة الغائبة)
منذ إنتاجاته الفكرية الأولى أثارت كتابات فرج فودة جدلا واسعا بين المثقفين والمفكرين ورجال الدين وشنت جبهة علماء الأزهر والجماعات الإسلامية معا هجوما كبيرا عليه، وصلت حد تكفيره والدفاع عن قاتله "بأنه لم يتورط في جريمة قتل، بل طبق حدود الله على المرتد"، بحسب شهادة الشيخ محمد الغزالي في المحكمة.
ونبدأ مع فرج فودة بالمناظرة التي أنهت حياته وكانت سببا رئيسا في اغتياله باسم الدفاع عن الإسلام رغم أن الإسلام حرم القتل غيلة، كان الجدل محتدما، وبلغ تبادل الاتهامات ذروته، ووفق الفيديو المُوثِق لهذه المناظرة. بدأت المناظرة بكلمة للشيخ الغزالي ذكر فيها أهمية الحفاظ على الهوية الإسلامية وتبعه المستشار الهضيبي المتحدث باسم الإخوان الذي ركز على أهمية أن يكون الجدل والنقاش بين "الدولة الإسلامية" و"الدولة اللاإسلامية" مؤكدا "أن الإسلام دين ودولة وليس دينا فقط"؛ وخلال هذه الكلمات كانت الصيحات تتعالى والصرخات تشتد والحناجر تزأر؛ وتخيف كل من يعترض على أحاديث الغزالي والهضيبي.
من جانبه، كان فرج فودة آخر المتحدثين؛ أمسك الميكروفون وبدأ كلماته بالرد على ما دار من حديث، وجاء فيها "الإسلاميون منشغلون بتغيير الحكم أو الوصول إليه دون أن يعدوا أنفسهم لذلك"، مشيراً إلى ما قدمته بعض الجماعات المحسوبة على الاتجاه المؤيد للدولة الدينية، وما صدر عنها من أعمال عنف وسفك للدماء، مستشهداً بتجارب لدول دينية مجاورة على رأسها إيران قائلًا: "إذا كانت هذه هي البدايات، فبئس الخواتيم"، ثم قال للجميع "الفضل للدولة المدنية أنها سمحت لكم أن تناظرونا هنا، ثم تخرجون ورؤوسكم فوق أعناقكم؛ لكن دولا دينية قطعت أعناق من يعارضونها".
وتابع فودة في كلمته: "لا أحد يختلف على الإسلام الدين، ولكن المناظرة اليوم حول الدولة الدينية، وبين الإسلام الدين والإسلام الدولة، رؤية واجتهاداً وفقهاً، الإسلام الدين في أعلى عليين، أما الدولة فهي كيان سياسي وكيان اقتصادي واجتماعي يلزمه برنامج تفصيلي يحدد أسلوب الحكم". لينهي كلمته بالدعوة إلى الله أن يهتدي الجميع بهدي الإسلام، وأن يضعوه في مكانه العزيز، بعيدا عن الاختلاف والمطامع".
لقد اغتالت يد الإرهاب والجبن فرج فودة، وتصوّرت أنّها بإنهاء حياته قد أغلقت ملف واحد من أشجع الكتّاب اللّذين تصدّوا ضد العنف والتّسلط باسم الدّين.
وحتّى لا يغلق ملف هذا المفكّر، وحتّى لا يلفّ النّسيان أفكاره المستنيرة، وحتّى نستفيد من تجربته في مواجهة من يركبون شعارات الإسلام السّمحة، ليقتلوا و يدمّروا، ويعثوا في الأرض فسادا. ستكون هذه الورقة تعريفا وشهادة
يرى فرج فودة أن اعتبار تيار الإسلام السياسي المعاصر في مصر تيارا واحدا هو "خطأ شائع،" فهو يقسمه إلى ثلاثة تيارات مختلفة هي:
التيار التقليدي: ويتمثل في جماعة الإخوان المسلمين التي نشأت في العشرينيات والتي – رغم اعتدالها الظاهري – ينبئ تاريخها في مصر بلجوء بعض أجنحتها إلى "اغتيال المعارضين في ظل الأنظمة الديمقراطية أو قلب نظام الحكم في ظل الأنظمة الشمولية. ورغم رفض مؤسسها حسن البنا تحول الجماعة إلى حزب سياسي، إلا أنها الأكثر تنظيما ومشاركة في الحياة السياسية منذ دخولها مجلس الشعب لأول مرة عام 1984.
التيار الثوري: ويتمثل في الجماعات الإسلامية المسلحة التي نشأت في أواخر الستينيات، وهي تعتقد بجاهلية المجتمع وترفض الدستور والديمقراطية وتؤمن بالعنف كأسلوب وحيد للعمل السياسي.
التيار الثروي: ويتمثل في أصحاب الثروات المتضخمة التي تكونت نتيجة للعمل في المملكة العربية السعودية أو في مصر بعد الانفتاح الاقتصادي في السبعينيات.
وبصورة عامة، فيمكن اعتبار العديد من كتب فرج فودة دراسات تفصيلية للتيارات الثلاثة، "فحوار حول العلمانية" (1987) هو نقد للتيار التقليدي، و"الإرهاب" (1988) نقد للتيار الثوري، و"الملعوب" (1985) نقد للتيار الثروي وتحذير من أثر بيوت توظيف الأموال الإسلامية على الاقتصاد المصري وتدمير مدخرات المصريين وإضعاف السيولة اللازمة للاستثمار وإبخاس قيمة الجنيه المصري. كذلك يعتبر كتابه "النذير" (1989) تأريخا لحركة هذه التيارات الثلاثة والتي بدأت منفصلة شبه متناحرة في انتخابات 1984، ثم متحالفة في انتخابات 1987،
كما يرى فرج فودة أن انعدام وجود برنامج سياسي لدى أنصار التيار الإسلامي هو أكبر الأخطار على مستقبل مصر. وهو يعزيه فكريا إلى قصور فكر الاجتهاد لدى أنصار هذا التيار: "هذه الدولة الإسلامية تحتاج إلى برنامج سياسي يعرض تفصيلا وتأصيلا للعموميات والجزئيات، وأنهم أعجز من أن يصيغوا مثل هذا البرنامج أو يتقدموا به، وأنهم يهربون من الرحى برميها فوق رؤوسنا، داعين إيانا إلى تطبيق الشريعة الإسلامية، التي تقودنا بالحتم إلى دولة دينية إسلامية، نتخبط فيها ذات اليمين وذات اليسار، دون منارة من فكر أو اجتهاد مستنير، وليحدث لنا ما يحدث، وليحدث للإسلام ما يحدث، وما علينا إلا أن نمد أجسادنا لكي يسيروا عليها خيلاء، إن أعجزهم الاجتهاد الملائم للعصر رفضوا العصر، وإن أعجزهم حكم مصر هدموا مصر."
العقل المصري
"فالعقل المصري قابل للمحاورة معك مهما اختلقت معه بشرط أن تكون واضحا ومقنعا، وهو أيضا مستعد لتلقي آرائك مهما كانت بشرط أن يتيقن من صدقك في التعبير والدفاع عنها، وحاسته في إدراك الصدق وتميزه حاسة باهرة. ولعل هذا يفسر لنا تقبل المصريين لفكر رواد الحضارة في بداية القرن العشرين، أمثال:رفاعة الطهطاوي، وعلي مبارك، وأحمد لطغي السيد، وسعد زغلول، وقاسم أمين، وطه حسين، وعلي عبدالرازق، وأحمد أمين ...وغيرهم"
ربما كلام فرج فوده هذا يعطينا دفعة للتعامل مع العقل المصري والاهتمام بمحاورته بديلا عن فرض الوصاية عليه من قبل بعض العلمانيين أو ممن يطلقون على أنفسهم هذه التسمية بأنه شعب متخلف ولا يجد الحوار معه نفعا، إذ يؤكد فرج فوده على أهمية الحوار ولكن بشروط مهمة، أساسها المصداقية ، والدفاع عن الرأي ليس بتجهيل الآخر أو فرض وصاية عليه بل بالحوار الصادق، والاستمرارية حيث يضرب لنا مثلا برواد نهضتنا في العصر الحديث.
فلم يكن واحدا من هؤلاء يسير مع التيار العام، أو يرضخ لما يطلبه الرأي العام. أو يتمسك بالثابت والمستقر، وقد تكالبت عليهم العقول الراضخة و الظلامية إلا أن من بقى هم الرواد وأما الزبد فيذهب جفاء.
ويستطرد فرج فوده ويقول : "وليس عليهم إلا أن يدركوا حقيقة واحدة، وهي أنهم موجودون لأداء دورا تفرضه عليهم معطيات الواقع ومتطلبات المستقبل، ويدفعهم إليه إيمانهم بأوطانهم وبمستقبل الأجيال القادمة، وأن وجودهم مرتبط بأداء هذا الدور، وأنهم بقدر هذا الأداء سوف يكونون، وبقدر التضحية سوف تنتصر دعوتهم، وبقدر قوة مناوئيهم وعنفهم وجبروتهم، بقدر ما يكون لأدائهم مضي، ولدورهم تأثير"
هكذا كان فرج فوده يعطي نفسه وإيانا الدرس في الدفاع عن أفكارنا وحريتنا ووطننا.
الإرهاب حسب الطلب
" إن الإرهاب لا يعيش، ولا ينمو إلا في ظل الديماجوجية،وإلا عندما تفقد العين القدرة على التمييز بين الإرهاب وبين الشرعية، وإلا عندما يتنادى البعض بأن هناك إرهابا مشروعا، وإرهابا غير مشروع، وإرهابا مستحبا، وإرهابا غير مستحب"
وضرب فرج فوده مثلا بقتل السادات وقتل رجال الشرطة في أسيوط حيث صنفت بعض القوى الحزبية قتل السادات بأنه عمل بطولي، وأما قتل ضباط الشرطة صنفوه إرهابا.
ويحضرني أن الأبنودي كتب قصيدة مدح فيها خالد الإسلامبولي بعد مقتل السادات تعبيرا عن امتنانه.
وهنا يضع فرج فوده يده على الجرح وعلى الأزمة الحقيقية لدى نخبنا الثقافية وفي القلب منهم هؤلاء الليبراليون الذين يتشدقون طول الوقت بحقوق الإنسان طالما هذا الإنسان ضد السلطة، بينما لو كان مع السلطة فليس له أي حقوق بل يكون بالنسبة لهم خائن وعميل وأمنجي، وليس شرطا أن يكون مع السلطة في كل المواقف، فقط لو أيد السلطة أو الحكومة مرة واحدة يريدون إقامة حد الخيانة والعمالة عليه.
هذا الجزء من كتاب الإرهاب لفرج فوده يضعنا أمام أزمتنا بالفعل، وأعتقد أننا جميعا نتذكر ما حدث من عاصري الليمون وما حدث بعد 30 يونيو2013، وموقفهم من فض اعتصامي رابعة والنهضة، ودفاع الكثير من العلمانيين والليبراليين حتى اليوم عن هؤلاء الإرهابيين في السجون المصرية أو بعد النطق بالحكم ضدهم، وكأن هؤلاء الإرهابيين حمائم سلام لم يغتالوا الوطن، ولم ينتهكوا حرماته. وخير مثال على ذلك "الاشتراكيين الثوريين" و"6 أبريل" هؤلاء الذين مازالوا يدافعون عن جماعة إرهابية أرادت قتلنا جميعا ورفعت شعار"يا نحكمكم يا نقتلكم".
فنحن الآن في هذه الحالة تماما من عدم القدرة على التمييز ما بين الإرهاب والشرعية .
واتساقا مع موقفه قام فرج فوده بنقد موقف حزب التجمع تجاه قضية سليمان خاطر الذي قتل "إسرائيليين" في سيناء ، إذ اعتبر حزب التجمع وجريدة الأهالي حينها هذا العمل من الأعمال البطولية، ودافعوا عن سليمان خاطر، بينما اعتبر فرج فوده هذا العمل من الأعمال الإرهابية بالدرجة الأولى فقد وضع نفسه مكان هؤلاء الإسرائيليون فما هو الموقف لو أن عسكريا إسرائيليا قام بقتل مجموعة من المصريين، وما هو شعورنا وقتها هل يكون عمل بطولي أم يكون إرهابا. ورغم أن كاتب هذه السطور كان من بين الذين قاموا بمظاهرات للإفراج عن سليمان خاطر ألا أنه الآن يتخذ نفس موقف فرج فوده فقد كنا في شبابنا تحركنا العاطفة والكلمات الحماسية والمواقف الجريئة التي تلهب المشاعر وتأخذنا الحماسة بعيدا عن التفكير المنطقي والعقلاني.
الشائعات والطلقات:
يقول فرج فوده: "للإرهاب أنياب ومخالب، تتمثل في إطلاق الشائعات الكاذبة المدروسة، والتي نمثل –إذا استعرنا أسلوب حرب العصابات- ستار الدخان الذي يحمي الإرهابيين، سواء في إقدامهم على الفعل، أو في الهروب بعده، بأقل قدر من الخسائر،وبأكبر قدر من تجميد وتحييد الاستنكار الشعبي"
"لست أدري كيف لم ينتبه أحد إلى أنها أصبحت سمة أساسية للعمليات الإرهابية في السنوات الأخيرة، وكيف لم تصل درجة التنبه إلى دراسة كيفية مواجهة هذه الشائعات إعلاميا، وسياسيا، وأمنيا. لأنها في النهاية لا تقل خطرا عن البندقية في كل الأحيان، ونرتبط بها ارتباطا وثيقا في أغلب الأحيان."
أعتقد أننا مازلنا ندور في نفس الدائرة،فمازالت جماعة الإخوان الإرهابية تمارس هوايتها المفضلة في صناعة ونشر الشائعات والأكاذيب مؤيدة بأجهزة استخباراتية، وقنوات فضائية تابعة لحكومات في المنطقة ويمتلكون عددا كبيرا من المواقع الإليكترونية، ولهم أسهما في عدد من الصحف العالمية يبثون خلالها أكاذيبهم وشائعاتهم، ومازالت في المقابل مجهودات الدولة في مجابهة هذه الشائعات سواء كان على المستوى الإعلامي أو السياسي ضعيفة.بل والأكثر من ذلك خطرا أن تحول الصراع بين هذه الجماعات وبين أجهزة الدولة خاصة مؤسساتها الإعلامية والثقافية،والدينية على امتلاك صحيح الدين، حيث تتهم هذه الجماعات الدولة بأنها دولة طواغيت ولا تقوم بتطبيق شرع الله فيكون الرد من مؤسسات الدولة أن هذه الجماعات ضالة، وخوارج عن الإسلام، فأصبحنا وكأننا في مباراة تكفير وتكفير مضاد، هذا يؤكد أننا لم نتجاوز حتى الآن اللحظة التي كتب فيها فرج فوده كتابه هذا عام 1987- ربما نكون تخلفنا عنها- فكان متاح لفرج فوده ما لم يتاح لنا الآن رغما عن تطورنا التكنولوجي، وكثرة القنوات التي نستطيع استخدامها في الرد على هؤلاء.
يتحدث فرج فوده في هذا النص المقتبس عما حدث بالفعل معه، ومع غيره فقد تم تكفير فرج فوده وأشيع أنه ملحدا كما حدث عقب محاولة اغتيال أبو باشا، حيث أشيع أنه رمى المصحف على الأرض ثم داسه بالأقدام..وهكذا تم مع نصر حامد أبوزيد، ونجيب محفوظ من بعد، وغيرهم.
تلك الشائعات التي تلاقي صدى واستجابة ليس فقط من البسطاء، بل أيضا من أصحاب المستوى التعليمي المرتفع، فيقومون بترديدها ونشرها دون مناقشة أو تفكير وتكون النتيجة عدم اهتمام الشارع بالأحداث الإرهابية، أو يكون رد الفعل أقل من المتوقع.
ربما تغير رد فعل الشارع قليلا مع الأحداث الإرهابية خصوصا بعدما شاهد بعينه تلك الجماعات وهي تفجر محطات الكهرباء، وتزرع المتفجرات في الكنائس، والمساجد وغيرها.
لكن ما زال هناك من يتعاطف مع هؤلاء الإرهابيين ويتفاعل وينشر شائعاتهم خاصة تلك التي تخص الحكومة أو الأفراد، كما نرى الآن تلك الشائعات التي تنال أطباء مصر في مواجهاتهم لأزمة كورونا، وأن الحكومة تتخلى عنهم. وغيرها من الشائعات التي يرددها مع تلك الجماعات خصوم الحكومة السياسيين بغض النظر عن الأضرار التي تنتج عن هذه الشائعات سواء على المستوى الداخلي أو الخارجي.
فالشائعات هي المدخل الآمن لتنفيذ العملية الإرهابية، وحسب فرج فوده: "لو قدر للمتطرفين أن ينشئوا مدرسة للإرهاب، لكان الدرس الأول فيها: لا تتسرع بإطلاق الرصاص، وابدأ أولا بإطلاق شائعة، وتعمد أن تكون نجسة ومثيرة، وأسهل الشائعات أن تتهم الضحية بتمزيق المصحف أو بدهسه بالأقدام، أو بأنه سل سيدنا الحسين، أو أنه يتباهى بالكفر والإلحاد، أو أنه سب الدين الإسلامي." وبعدها أطلق النار، وسوف تجد طريقك ممهدا، وإرهابك مؤيدا، فأنت أمام الرأي العام مدافع عن الإسلام، وتأكيدا لهذا فلنراجع جملة الشائعات التي تسبق حوادث الفتنة الطائفية.
هنا يتبين أن الشائعات التي تطلقها هذه الجماعات ليست عشوائية بل هي شائعات مدروسة، وتستهدف نتائج محددة، وتستند إلى دراسات نفسية لاتجاهات الرأي العام، وما يمكن أن يؤثر فيه، وتخلق الإطار النفسي الملائم لقبول عمليات إرهابية في مرحلة لاحقة، فهي ليست من صنع خيال أفراد كما يؤكد فرج فوده فالأقرب والأدق أن تكون من صنع أجهزة متمرسة، تصنع الشائعات المركبة في عدد محدد من السطور، وتتركها كي تختمر ثم يحدث المحظور..وجميعنا يعلم من هي الأجهزة التي تدعم جماعات الإرهاب والتكفير في منطقتنا.
ويخلص فرج فوده إلى أن جهاز الإرهاب لا يقتصر فقط على جملة السلاح، ومصوبي الطلقات، بل يشمل فيمن يشمل بعض الخبراء في إعداد الشائعات، وبعض القادرين على تمريرها وأن الشائعات شأنها شأن كثير من السلع الاستهلاكية، بعضها محلية، حين يتعلق الأمر بتصفية حسابات فردية، وبعضها مستوردا وتصنعه أجهزة متخصصة، حين يتعلق الأمر بتهديد الأمن الداخلي والخارجي لمصر. وإهمال هذا الجانب يفقد تحليلنا لظاهرة صناعة الإرهاب جانبا من جوانبها الأساسية، وعليه أصبحت الشائعات، وصناعتها جزء لا يتجزأ من عملية الإرهاب المتكاملة، وأن مواجهة هذه الشائعات يجب أن تتوازى مع مواجهة الطلقات .