في خطوات جادة لمحاربة الإرهاب.. الأردن تمنع إنشاء أحزاب على أساس ديني وتحظر كتب ابن تيمية

الثلاثاء 09/يونيو/2015 - 05:28 م
طباعة في خطوات جادة لمحاربة
 
اليوم الثلاثاء 9 يونيو 2015، وفي خطوة جادة لمحاربة الإرهاب والتطرف باسم الإسلام، أقر مجلس النواب الأردني (الغرفة التشريعية الأولى)، مادة في قانون الأحزاب السياسية، الذي تجري مناقشته بغية إقراره، تحظر تأسيس الأحزاب على أساس ديني أو طائفي أو عرقي أو فئوي أو على أساس التفرقة بسبب الجنس أو الأصل.
وبذلك جاء القانون الجديد ليؤكد ما ورد في القانون المعمول به منذ العام 2007، والذي حظر الأحزاب على أسس دينية.
ويوجد في الأردن ثلاثة أحزاب مؤسسة على أسس دينية، هي حزب جبهة العمل الإسلامي- الجناح السياسي لجماعة الإخوان المسلمين في الأردن، وحزب الوسط الإسلامي، وحزب الشورى.
وانتقد نواب إسلاميون حظر تأسيس الأحزاب على أسس دينية، إذ رأى النائب ذو التوجه الإسلامي، موسى أبو سويلم أن الحظر يخالف الدستور الأردني الذي ينص على أن دين الدولة هو الإسلام، فيما حذر النائب ذو التوجه الإسلامي أيضاً عبد المجيد الأقطش، من أن تكون المادة مقدمة لحل الأحزاب القائمة على أسس دينية.
بينما النائب المحسوب على التيار القومي، عبد الكريم الدغمي خالفهم بذلك، مؤكداً أن منع تأسيس الأحزاب على أسس دينية أو طائفية يشكل ضمانة للمواطن والدولة المدنية.
بينما نفى وزير الدولة للشئون السياسية والبرلمانية، أن تكون أحزاب القائمة التي تحمل صفة دينية لا يسري عليها القانون بأثر رجعي، مؤكداً أن القانون "لا يسري على إجراءات التأسيس المنصوص عليها في هذا القانون على الأحزاب المرخصة قبل نفاذ أحكام القانون".
وتعد هذه الخطوة خطوة جادة في مواجهة الجماعات المتطرفة، والتي تتخذ من الإسلام غطاءً دينيًّا لها.

حظر كتب "ابن تيمية"

حظر كتب ابن تيمية
وفي سياق متصل بمحاربة الإرهاب والخطوات التي تتخذها الأردن في هذا الصدد، ورغم عدم صدور قرار رسمي من السلطات الأردنية بحظر دخول كتب الإمام ابن تيمية المملكة، فإن أصحاب دور النشر ومراسلات رسمية تؤكد التحفظ الفعلي على دخول كتب شيخ الإسلام؛ لأنها تعد أحد مراجع تنظيم الدولة الإسلامية.
قررت دائرة المطبوعات والنشر الأردنية مؤخرًا التحفظ على مؤلفات الفقيه الإسلامي المعروف ابن تيمية، الملقّب بشيخ الإسلام، مما يعني عمليًّا منعها من دخول البلاد.
وجاءت هذه الخطوة- التي أثارت استياء أصحاب دور نشر في سياق انخراط المملكة في الحرب على ما يسمى الإرهاب، وتحديدًا تنظيم الدولة الإسلامية، الذي يقول إنه يستند في أعماله على فتاوى ابن تيمية.
ابن تيمية المثير للجدل دومًا حيًّا وميتًا، كثر مناظروه ومخالفوه من علماء عصره، ومن جاء بعدهم، (ذكر منهم ابن حجر الهيتمي: تقي الدين السبكي، وتاج الدين السبكي، وابن جماعة، وابن حجر الهيتمي نفسه، وغيرهم من الشافعية والمالكية والحنفية)، وانتقدوا عليه أمورًا يعتقدون أنه قد خرج بها على إجماع علماء عصره، منها: القول بقدم العالم بالنوع، والنهي عن زيارة قبور الأنبياء، وشد الرحال لزيارة القبور والتوسل بأصحابها، ومسألة في الطلاق بالثلاثة هل يقع ثلاثة. حتى اشتكوه في مصر، فطُلِبَ هناك وعُقِدَ مجلس لمناظرته ومحاكمته حضره القضاة وأكابر رجال الدولة والعلماء فحكموا عليه وحبسوه في قلعة الجبل سنة ونصفًا مع أخويه، وعاد إلى دمشق ثم أعيد إلى مصر وحبس في برج الإسكندرية ثمانية أشهر وأُخرج بعدها واجتمع بالسلطان في مجلس حافل بالقضاة والأعيان والأمراء، وتقررت براءته وأقام في القاهرة مدة، ثم عاد إلى دمشق وعاد فقهاء دمشق إلى مناظرته فيما يخالفهم فيه، وتقرر حبسه في قلعة دمشق، ثم أفرج عنه بأمر السلطان الناصر محمد بن قلاوون، واستمر في التدريس والتأليف، إلى أن توفي في سجن قلعة دمشق عن 67 عامًا.
وهو المعروف بأيقونة المجاهدين؛ حيث إنه المرجعية الأساسية للأفكار المتطرفة، والمرجعية الأولى لتنظيم الدولة "داعش".
إن فكر ابن تيمية يعد من أكبر الروافد المغذية للثقافة الدينية السائدة في المجتمعات الإسلامية عموما، وفي كبرى الحركات الإسلامية على وجه الخصوص، إن لم يكن أكبرها، أدركنا ذلك أم لم ندركه، فعلى سبيل المثال يقول راشد الغنوشي في كتابه (القدر عند ابن تيمية) أن ابن تيمية هو (أبو الصحوة الإسلامية)، وأننا نجد ابن تيمية ملهمًا للعنيف الملثم صاحب البارودة والقنبلة وخطاب التفجير والقتل، وملهمًا للوسطي المعتدل صاحب المشلح والبخور وخطاب القلم والكتاب، كما أنه ملهم للمنظر المتأمل المتوسم الناظر في الكليات الذهنية، وللحركي الميداني النشط المتعامل مع الجزئيات المعينة.
فقد قال مصدر مطلع من دائرة المطبوعات والنشر (الجهة المخولة بإجازة دخول الكتب إلى المملكة): إن "القرار يقضي فقط بالتحفظ على مؤلفات ابن تيمية، إلى حين صدور قرار نهائي يتضمن المنع أو السماح بدخولها".
وهذه المرة الأولى التي يتم التحفظ فيها على مؤلفات ابن تيمية، والمفارقة أن الكثير من هذه المؤلفات يتم تدريسها في كليات الشريعة بالجامعات الأردنية.
وهناك مراسلات رسمية بين دائرة المطبوعات والنشر ووزارة الأوقاف من أجل الخروج بموقف واضح من مؤلفات شيخ الإسلام.

في خطوات جادة لمحاربة
وجاء في رسالة المطبوعات والنشر: "تقدم إلينا العديد من المكتبات ودور النشر والتوزيع الأردنية بطلبات السماح لها بإدخال كتب الإمام أحمد بن تيمية التي تتضمن آراءه وفتاواه، لتوزيعها داخل المملكة. يسرنا الاستئناس برأي وزارتكم الموقرة بهذا الخصوص".
وتضمن رد الوزارة الآتي "لا يحتاج الأمر توزيعها (المؤلفات) على عامة الناس لاحتواء عدد منها مسائل شرعية تحتاج بيانًا وتوضيحًا".

في خطوات جادة لمحاربة
وقال مدير دار نشر الأثرية إسحاق يحيى: إن "هنالك قرارًا بمنعنا من إدخال مؤلفات شيخ الإسلام، وثمة تحفظ يجري حاليًا على الكتب في المطار والمعابر البرية". وأضاف: "لا نعلم من هي الجهة التي تقف في طريق إدخال هذه الكتب، صرنا حائرين بين دائرة المطبوعات ووزارة الأوقاف".
كما أكد صاحب دار نشر العثمانية صالح اللحام قرار التحفظ على كتب ابن تيمية، وقال: "هنالك من يربط التحفظ على الكتب بحادثة إحراق الطيار الأردني معاذ الكساسبة على يد تنظيم الدولة".
وأضاف: "راجعنا دائرة المطبوعات وأخبرنا القائمين عليها بأن التحفظ لا يزال متواصلًا لدى الرقابة العسكرية (جهة تنفيذ القرار)، لكننا لم نحصل على أي جواب، وبقي الموضوع معلقًا". 
ولفت اللحام إلى أن القرار يشمل كل كتب ابن تيمية، التي يستوردها أصحاب الدور من لبنان ومصر والسعودية والمغرب، ومنها "قاعدة الجهاد" و"نقد المنطق" و"منهاج السنة النبوية" و"درء تعارض العقل والنقل".
لكن صاحب دار الوضاح وضاح صبري تحدث عن مساع لإنهاء قرار التحفظ. وقال: "ذهبنا إلى دائرة المطبوعات اليوم، وتم إخبارنا أنه سيتم الإفراج عن الكتب في أقرب وقت، وربما غدًا".
بدوره نفى مدير المطبوعات والنشر أمجد القاضي إصدار أي قرار بمنع مؤلفات ابن تيمية من دخول البلاد. وقال: "لم نمنع مؤلفاته حتى الآن، لكننا طلبنا رأي وزارة الأوقاف للاستئناس به، ولم يصلنا رأيها بعد".
وقال وزير الأوقاف هايل داود: "أحلنا مراسلة المطبوعات على الدائرة المختصة، وننتظر أن يصلنا الرد".

توظيف الفتاوى

توظيف الفتاوى
قرار التحفظ أكده الباحث والخبير في شئون الحركات الإسلامية الدكتور محمد أبو رمان، الذي رأى أن القرار "جاء بعدما وظّف مفتو تنظيم الدولة الإسلامية فتاوى شيخ الإسلام لتبرير قتلهم الهمجي".
وقال أبو رمان: "إذا كانت هنالك محاولات من قبل تنظيم الدولة لتوظيف فتاوى الشيخ، فهذا لا يعني أن كل فتاويه ومؤلفاته وأفكاره متّهمة بتعزيز التكفير أو الإرهاب والتطرف بما يستدعي منعها".
ورغم مرور سنوات على تطبيق الأردن قانون المطبوعات والنشر الذي يمنع كل أشكال الرقابة المسبقة، يشكو أصحاب دور نشر استمرار ما يصفونه بـ"مسلسل منع ومصادرة دخول كتب إلى المملكة".
وتشير بيانات حديثة لدائرة المطبوعات قيام هذه الأخيرة بمنع 52 كتابًا عام 2014؛ لأسباب غالبيتها سياسية.
وبدأ الأردن عام 2007 تطبيق قانون المطبوعات والنشر الذي ألغى الرقابة المسبقة على الكتب المطبوعة بالمملكة، بينما سمح باحتفاظ الدائرة بالكتب المستوردة لأسبوعين فقط، وبعدها تجيزها أو تحاول الحصول على قرار قضائي بحظر تداولها في الأردن. لكن هذا القانون لم يُنفذ.

شارك