عام على سقوط الموصل.. والغرب خذل المهجرين المسيحيين

الأربعاء 10/يونيو/2015 - 06:17 م
طباعة عام على سقوط الموصل..
 
شهداء بلا  قبور، مهجرون بدموع لا تجف، أيتام وأرامل ذكري مؤلمة.. هذا هو ما يبقى بعد مرور عامٍ على مأساة سقوط  الموصل  في قبضة داعش  وفي رسالة البطريرك روفائيل ساكو بطريرك بابل – العراق للكلدان  خطاب للمجتمع الدولي والمسيحيين والسياسيين والعراقيين جاء فيه: نتوجه إليكم أيها الأحباء، لنقول لكم إننا ننضم إليكم في الصلاة والرجاء بخلاص قريب وعودة إلى الديار عاجلة، فهي أرض الأجداد والآباء والتاريخ والذاكرة.
عام على سقوط الموصل..
إننا نناشد من جديد المجتمع الدولي والمرجعيات الدينية من أجل عمل جديّ لاحتواء الأزمة إنسانيًّا وسياسيًّا، فإن استمر الوضع على ما هو عليه،  فنحن إلى الأسوأ. ان البطالة، والفقر، والتهجير والموت والدمار يكاد يكون في كل مكان!
كما نناشد السياسيين العراقيين ليقوموا بمصالحة حقيقية وإصلاح سياسي جذري، ففي المصالحة الكل رابح، ولا يوجد خاسر إلا الشيطان كما يقال.
  المصالحة تعني تحمل المسئولية بإخلاص وحكمة ورؤية وتقديم تنازلات لإرساء السلام والاستقرار وازدهار البلاد.
لنتصالح حتى لا يُقتل عراقي واحد بسبب دينه أو مذهبه أو لغته أو جنسه، لنتصالح حتى لا يموت طفل واحد بسبب الجوع والعطش وفقدان الدواء، لنتصالح حتى لا تهجر عائلة عراقية وتتشتت، لنتصالح حتى لا تُهان امرأة عراقية وتُعنف أو تُسبى.
نحن ككنيسة نجتهد القيام برسالتنا الإنسانية والروحية في خدمة المهجرين داخليًا وخارجيًّا وتشجيعهم ورفع معنوياتهم وتحصينهم امام التحديات الكبيرة، يقينًا ان المعجزة الله وحده قادر أن يحققها، فتهدأ الأمواج وتخرس العاصف.

الدولة الغربية خذلت المسيحيين:

وفي سياق متصل  قدمت الكنيسة في الأردن وكاريتاس وعدد من المؤسسات التي ترعى مهجري الموصل والعراق تقرير جاء فيه بعد مرور نحو عام  بات الإحباط سيد الموقف لدى مسيحيي العراق الذين هاجروا قسراً من شمال العراق بعد سقوط مدينة الموصل في يد تنظيم داعش في يونيو 2014. قدم نحو 7000 مهجّر مسيحي عراقي إلى الأردن، بدعوة من الكنيسة الكاثوليكية التي وفّرت لهم في قاعات الكنائس والأديرة مأوى مؤقتاً في حين قدّمت جمعية كاريتاس المساعدات لهم، وقد أمل هؤلاء أن لا تتعدى فترة إقامتهم أسابيع عدة لحين إعادة توطينهم في بلد ثالث، لكن آمالهم خابت بعد أن خذلتهم الدول الغربية عندما رفضت فتح أبوابها لهم.

مليون وربع مليون:

مليون وربع مليون:
بحسب مفوضية حقوق الانسان، بلغ عدد المهجرين من شمال العراق نحو مليون وربع المليون مواطن عراقي، معظمهم من الأقليات الدينية، وتحديداً المسيحيين والإزيديين الذين غادروا مدنهم وتوجّهوا الى إربيل في إقليم كردستان العراق. وذهب أولئك الذين استطاعوا توفير ثمن تذكرة الطائرة إلى الأردن، أملاً في تسريع معاملات التوطين في بلد غربي أو لمّ شملهم مع أقرباء لهم موجودين في دول أخرى.
مع دخولهم إلى الأردن، حدّدت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين منتصف مارس الماضي، موعدًا لإجراء مقابلات إعادة التوطين لهم. لكن المنظمة عادت وأرجأت الموعد لإشعار آخر، بحسب مدير كاريتاس (الأردن) وائل سليمان الذي قال: "جاء التأجيل بحسب المفوضية نتيجة عدم فتح أي من الدول الباب لإعادة التوطين، وتالياً انتفت الحاجة لتلك المقابلات".

نقص التمويل:

نقص التمويل:
يبدي سليمان استغراباً من آلية التعامل مع أزمة مسيحيي العراق ويقول "كمنظمة إنسانية نواجه العديد من التحديات. لدينا نقص شديد في تمويل حاجات المهجرين العراقيين وحالياً، يتم توفير التمويل بشكل شهري في الحد الأدنى" ويتابع: "نعتمد على المساعدات من جمعيتي كاريتاس ألمانيا والولايات المتحدة، وفي مسألة إعادة التوطين، لمسنا عدم وجود رغبة حقيقية في ذلك. تعلو بعض الأصوات ومنها من الكنيسة التي تنادي بضرورة التريّث، منبّهة من خطورة إفراغ الشرق وتحديداً العراق من مكوّنه المسيحي الأصيل".
لكن المهجّرين الذين التقتهم رصيف22 في كنيسة شهداء الأردن في منطقة مرج الحمام، إحدى ضواحي عمان، يعتبرون الحديث عن الوجود المسيحي في العراق مجرد "هراء"، يقول نافع القس موسى "أنا عراقي أباً عن جد، نحن أصحاب الأرض، نحن من بنى العراق ولكن للأسف هذا ليس عراقنا، من يتكلم عن الوجود المسيحي وأهمية الحفاظ عليه، لم يذق ما ذقناه من ألم وتهجير وخوف على أرواحنا وأعراضنا، أي عراق هذا الذي سنعود إليه، عراق الدمار والموت والخراب، عراق داعش، لن نعود".

لقد نسونا:

لقد نسونا:
ويتابع بحسرة: "يبدو أن قضيتنا أصبحت منسية، لسنا محط اهتمام أحد. منذ قدومنا إلى الأردن، لم نلتقِ أي مسؤول عراقي. لم يبدِ أحد من مسؤولي الحكومة اهتماماً بحل مشكلتنا أو حتى السؤال عن أوضاعنا، يبدو أن الحكومة كذلك لا تريد عودتنا لا تنظيم الدولة فقط. زارتنا وفود من سفارات أجنبية لكن أحداً لم يقدّم شيئاً أو وعوداً تتصل بحل مشكلتنا".
في باحة الكنيسة، عابساً يجلس رائد الداوود المدير السابق لإحدى مدارس سهل ويقول: "أخشى أن تطول إقامتنا هنا. شخصياً، لا يهمّني مستقبلي لكنني أب لثلاثة أطفال جميعهم منقطعون عن الدراسة منذ نحو عام".

300 طالب جامعي:

300 طالب جامعي:
ويُقدّر عدد الأطفال العراقيين المهجّرين في سن الدراسة بنحو 750 طفلاً، وقد انقطع 300 طالب جامعي عن دراستهم، فالاكتظاظ الكبير في المدارس الرسمية الأردنية، الذي ضاعف منه استقبال الطلبة السوريين، جعل من فتح الباب أمام طلبة جدد أمراً مستحيلاً. علماً أن غالبية العائلات العراقية لم تتمكّن من إحضار أي أوراق ثبوتية وشهادات مدرسية.
يطلب الداوود من نجله الأكبر الذي كان من المفترض أن يقدّم امتحان الثانوية العامة هذا العام، التحدث عن مطالبه، لكنه يهز برأسه رافضاً الكلام وبدا يائساً إذ يقضي أيامه منذ وصوله إلى الأردن قبالة التلفاز. وكثيراً ما يبدي أبناء المهجرين العراقيين خوفاً من الخروج إلى الشوارع أو التعامل مع الناس. بحسب أهاليهم، هذا الخوف مبرّر نتيجة لما مرّوا به من ظروف نفسية صعبة خلال فترة التهجير. يفضّل الأهالي إدماج أطفالهم في مدارس خاصة تابعة للطوائف المسيحية، لكنهم لا يرفضون المدارس الحكومية إذا كانت الخيار الوحيد.
بعد أشهر من وصول مسيحيي العراق إلى الأردن، طرحت وزارة التنمية الاجتماعية مبادرة لدمج الأطفال العراقيين في التعليم النظامي. ولكن، مع اقتراب موعد انتهاء العام الدراسي الجاري، لم يتضح إن كانت هناك فرصة لإعادتهم إلى مقاعد الدراسة. يرى سليمان أن "هذا الأمر يرتبط بتوفير تمويل لتعليم الأطفال، وهو غير متاح". إلى جانب التعليم، تسعى كاريتاس إلى توفير المساندة النفسية للأطفال وأسرهم. إلا أنّ ضغط العمل والمتطلبات أكبر مما هو متوفر. يقول سليمان: "عند وصولهم إلى الأردن، كانت أوضاعهم النفسية سيئة جداً نتيجة لما عانوه من ويلات، ولا شك أنّ الاكتظاظ في قاعات الكنائس وانعدام الخصوصية زاد من سوء الحالة النفسية، لكن الأمور تسير نحو الأفضل الآن بعد تأمين غالبيتهم في كرافانات أو في غرف مستقلة داخل الأديرة، ويتابع: "جميع العائلات هي في الأصل من أثرياء الموصل وأصحاب أملاك والفئة الأكثر تعليماً، علماً بأنّ عددًا منهم كان يشغل مناصب مهنية محترمة. من بين اللاجئين، هنالك 3 أطباء والعشرات من المهندسين والمعلمين".

66 لاجئًا:

ويضيف: "لم يتم تسجيل سوى 66 شخصاً من نحو 7 آلاف مهجر مسيحي لدى المفوضية العليا كلاجئين". ويؤكّد ممثل مفوضية اللاجئين في الأردن، أندرو هاربر، أنّ عملية إعادة التوطين في دول أجنبية تستغرق في العادة وقتاً طويلاً وأنّ عدد المستفيدين منها يكون قليلاً نسبياً. ويقول إنّ طلبات إعادة التوطين للاجئين التي تتقدم بها المفوضية للدول الأجنبية لا تعطي الأولوية على أساس جنسياتهم أو دياناتهم، إنما يتم النظر إلى طالب اللجوء من حيث استحقاقه ومدى حاجته لإعادة التوطين". وبحسب المفوضية، يزداد عدد اللاجئين المصنفين ضمن فئة "الأشد ضعفاً" باستمرار في وقت توفّر دول إعادة التوطين في العادة، فرصاً "محدودة جداً" لهم. وهذا ما يدفع اللاجئ موسى إلى القول: "تخلّى عنّا العالم، لم يبقَ لنا اليوم سوى إيماننا المسيحي".

شارك