في أول هجومين على العاصمة "انجمينا".. بوكو حرام توجه نشاطها الإرهابي لـ"تشاد"
الإثنين 15/يونيو/2015 - 08:38 م
طباعة

أعلنت حكومة تشاد، الدولة التي تشارك في الحرب ضد جماعة بوكو حرام المتطرفة، قتل 23 شخصًا، وأصيب 101 اليوم الاثنين 15 يونيه 2015 في انجمينا في هجومين انتحاريين استهدفا مقر الشرطة وأكاديمية تابعة لها. وأفاد بيان للحكومة التشادية تُلي على الإذاعة الوطنية بأن أربعة "إرهابيين" قتلوا أيضا في هذين الهجومين، مؤكدًا أن "الأوضاع تحت السيطرة".
وقد أعلن مسئول في شرطة انجمينا في وقت سابق أن انتحاريين هاجما في وقت واحد مقرا للشرطة وأكاديمية تابعة لها، حيث يتلقى بعض المتدرجين تدريبات.
وبمواجهة هذه الاعتداءات التي لا سابق لها في العاصمة التشادية، أعلنت الحكومة انها شكلت "خلية ازمة" ومنعت السيارات ذات النوافذ المظللة.
وهذه التفجيرات هي الأولى التي تستهدف العاصمة منذ انضمام تشاد الى الحرب ضد جماعة بوكو حرام بداية العام الحالي.

واتهمت الحكومة التشادية جماعة بوكو حرام بالوقوف وراء التفجيرين، وافادت في بيان ان "بوكو حرام تختار الهدف الخاطئ. سيتم طرد هؤلاء الإرهابيين والقضاء عليهم أينما كانوا".
ومن المتوقع أن يعود الرئيس التشادي ادريس ديبي الى البلاد قادما من جنوب افريقيا حيث كان يشارك في قمة الاتحاد الافريقي في جوهانسبرغ.
وتشارك تشاد الى جانب كل من نيجيريا والنيجر والكاميرون في تحالف إقليمي لمواجهة جماعة بوكو حرام وطردها من مناطق واسعة استولت عليها في شمال شرق نيجيريا، وخصوصا بعدما بدأ المقاتلون الاسلاميون بعبور الحدود لشن هجماتهم.
وتعرب تشاد منذ أشهر، وهي في خط المواجهة الأول ضد بوكو حرام على غرار الكاميرون، عن خشيتها من وقوع اعتداءات على أراضيها.
وكان زعيم بوكو حرام أبو بكر شيكاو هدد في مناسبات عدة تشاد ودول التحالف الاخرى.

وأدانت باريس هجومي الاثنين، وقال متحدث باسم وزارة الخارجية إن فرنسا "تقف إلى جانب تشاد وشركائها في القتال ضد الإرهاب".
وتعتبر انجمينا حليفا مقربا من باريس خاصة في إطار العملية العسكرية بقيادة فرنسا لمكافحة الارهاب في منطقة الساحل. واتخذ الجيش الفرنسي من انجمينا مقرا رئيسيا لحملته.
ومن الجدير بالذكر أنه في الأسبوع الماضي، استضافت ابوجا قمة اقليمية بمشاركة دول التحالف العسكري الاربع بالإضافة الى بنين، وتم اتخاذ قرار بتشكيل قوة اقليمية جديدة بدلا عن التحالف الحالي.
وستتكون قوة التدخل المشتركة الدولية من 8700 جندي وشرطي ومدني، من نيجيريا وتشاد وكاميرون والنيجر وبنين. وسيكون مقر قيادتها في العاصمة التشادية انجمينا، وسيرأسها الجنرال النيجيري توكور بوراتاي. ومن المفترض ان تطلق عملياتها في نوفمبر.
وأسفر تمرد بوكو حرام في نيجيريا والمستمر منذ ست سنوات عن مقتل 15 ألف شخص على الأقل.
وانضمت تشاد الى المعركة ضد بوكو حرام في يناير حين ارسل ديبي قوات لدعم الكاميرون في مواجهة هجمات المقاتلين المتطرفين في مناطقها الشمالية.
وقتل 70 جنديا تشاديا على الأقل في العمليات ضد الإسلاميين ومن بينها هجمات في محيط بحيرة تشاد، حيث تلتقي حدود الدول الأربع، نيجيريا وتشاد والكاميرون والنيجر.
وزار رئيس نيجيريا الجديد محمد بخاري، الذي تعهد بالتغلب على تمرد بوكو حرام، تشاد والنيجر بداية الشهر الحالي لتعزيز التحالف الإقليمي ضد الإسلاميين.
وقال بخاري لوكالة فرانس برس خلال مشاركته في القمة في جنوب إفريقيا الاثنين إن "بوكو حرام أعلنت مبايعتها تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام، الإرهاب أصبح دوليا، إنهم موجودون في مالي ونيجيريا وسوريا والعراق واليمن"، وتابع "لقد أصبحت مشكلة دولية اليوم".
الرئيس النيجيري ومواجهة بوكو حرام

ومنذ بداية يونيه الجاري 2015، بدأ الرئيس النيجيري محمد بخاري العمل بحماس شديد فور وصوله إلى سدة الحكم، فالتقى قادة الجيش وزعماء دولتي النيجر وتشاد المجاورتين اللتين تساعدان في مواجهة جماعة بوكو حرام.
وأعرب بخاري في خطاب تنصيبه عن عزمه التصدي للجماعة الإسلامية المتشددة، وأعلن عن نقل مركز القيادة والسيطرة من العاصمة أبوجا، التي تبعد 800 كيلومتر عن مايدوغوري، وهي المدينة الرئيسية في الحرب على الجماعة، حتى يتم حل النزاع.
وتهدف هذه الخطوة إلى تركيز العمليات بالقرب من معاقل بوكو حرام، وتقليل البيروقراطية وتسريع عملية صنع القرار.
وتُتهم الأذرع السياسة والإدارية للجيش بأنها بعيدة كل البعد عن واقع الجنود على خط المواجهة.
وكثيرا ما تنفي السلطات أو تقلل أو تتجاهل شكاوى القوات بشأن نقص المعدات وسوء الخدمات، وفي بعض الأحيان، يرفض الجنود الساخطون القتال، وأُدينت مجموعة من الجنود بعد إطلاق النار على قائدهم.
لكن الاستراتيجية الجديدة لم ترُق لبعض العسكريين الكبار، الذين يرون أنها خطوة رمزية وشعبوية من جانب الرئيس بخاري، في محاولة للنأي بنفسه بعيدا عن الإدارة السابقة بقيادة جودلاك جوناثان.
تقول نيجيريا إن تركيز العمليات في مايدوغوري سيساعدها على مواجهة بوكو حرام بشكل أفضل
وثمة مخاوف أيضا من أن تزيد هذه الخطوة من تعقيد العمليات الحالية. وتعد مدينة مايدوغوري مقر فرقة المشاة السابعة، التي أُنشئت عام 2013 خصيصا لمواجهة جماعة بوكو حرام.
وتخوض هذه الفرقة، التي تضم 8500 مقاتل، الصراع الذي تحول من حرب في المناطق الحضرية بمدينة مايدوغوري إلى صراع إقليمي في جميع أنحاء المدن والقرى بتلك المنطقة الشاسعة النائية.
ويصر الجيش على أن هذا التحرك الجديد سيكون بمثابة إضافة حيوية لحملة مكافحة التمرد. كما يجري إنشاء مركز مماثل في مدينة يولا، التي تنطلق منها عمليات القوات الجوية.

ويتزامن إعلان الرئيس أيضا مع نجاحات كبيرة على خط المواجهة في الآونة الأخيرة، والتي تحققت نتيجة تقديم معدات متطورة كانت القوات في أشد الحاجة إليها.
وفي الأشهر القليلة الماضية، استعادت القوات الحكومية الكثير من المناطق الخاضعة لسيطرة بوكو حرام
ويُعزى الفشل في مواجهة جماعة بوكو حرام إلى عدة أسباب، من بينها قرار الولايات المتحدة بوقف الدعم العسكري بعد ورود تقارير عن انتهاكات مزعومة لحقوق الإنسان من قبل الجنود النيجيريين.
وأصدرت منظمة العفو الدولية مؤخرا تقريرا يفيد بأن الانتهاكات المزعومة ترقى إلى جرائم الحرب.
وعلى عكس الجيش الذي يرفض هذه المزاعم، يقول مكتب بخاري إنه سيبحث التقرير، مما يعكس الرغبة في تحسين صورة العسكريين النيجيريين سواء في الداخل أو في الخارج.
وقد يؤدي قرب مواقع القوات الحكومية من مناطق الصراع إلى تحسين التعاون مع القوى الإقليمية التي تشكو من أن القوات النيجيرية كانت تتسم بالبطء في الوصول للمدن المحررة من بوكو حرام، وحتى الآن دفعت هذه الجهود الجماعية الجهاديين للخروج من معظم معاقلهم.
وفي الوقت نفسه، كثفت بوكو حرام هجماتها في المراكز التجارية في الشمال بسلسلة من الهجمات والتفجيرات، وهو ما يذكر الحكومة الجديدة بالخطر الكبير الذي لا تزال تشكله هذه الجماعة. ولم تنجح القوات العسكرية المنتشرة بكثافة في المنطقة في ردع الجماعة حتى الآن.
ومن اللافت للنظر ان تلك الاستراتيجية التي اتخذها بخاري هي التي حولت وجه الارهاب الى العاصمة التشادية فاتحين جبهة جديدة للصراع، في محاولة منها لتشتيت الجهود العسكرية من ناحية ومن ناحية اخرى تهديد المواطن التشادي للضغط على حكومته للانسحاب من مواجهتها.