"الخلافة الإسلامية" بين تطلعات "داعش".. وتجربة "طالبان" الأفغانية
الإثنين 30/يونيو/2014 - 09:02 م
طباعة
البغدادي وداعش
أعلن أبو محمد العدناني، المتحدث باسم ابوبكر البغدادي، في تسجيل صوتي، الأحد، "قيام الخلافة الإسلامية" وبايع زعيمه" البغدادي"، خليفة للمسلمين.
وقال «العدناني» في التسجيل إن «الدولة الإسلامية» قررت «إعلان قيام الخلافة الإسلامية وتنصيب خليفة دولة المسلمين ومبايعة الشيخ المجاهد أبو بكر البغدادي، فقبل البيعة وصار بذلك إمامًا وخليفة للمسلمين في كل مكان».
خريطة خلافة "داعش"
خريطة خلافة "داعش"
قدم التليفزيون الفرنسي على موقعه الإخباري "فرانس تي في انفو" خريطة موضحة للمناطق التي يسيطر عليها تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام "داعش" في سوريا والعراق.
وبحسب الخريطة التي نشرها الموقع، فإن داعش تسيطر على الجزء الأكبر من شمال سوريا بدءًا من الحدود مع تركيا عند مدينة منبج جنوبًا وحتى مدينة أكجاكال التركية الواقعة على الحدود شمالًا، وحتى مدينة البوكمال الواقعة على الحدود مع العراق، أما في العراق، فيسيطر التنظيم على مساحة شاسعة غرب البلاد تمتد إلى مدينة موصل في الشمال مرورًا بمدن كركوك وبيجي وتكريت وسامراء والفلوجة إلى الجنوب على مقربة من العاصمة العراقية بغداد.
فقد بدأ مسلحو «داعش» مطلع 2014، باجتياح مدن في محافظة الأنبار، غرب العراق، والسيطرة على المدينتين الرئيسيتين الفلوجة والرمادي، حرية أوسع للتحرك بين حدود البلدين.
إلا أن «داعش» ألغى الحدود تمامًا على امتداد مساحات شاسعة، في يونيه، بعد السيطرة على شمال العراق وغربه خلال هجوم واسع ومفاجئ، انهار على إثره الجيش العراقي، وما زال المتشددون يزحفون باتجاه الحدود الأردنية والسعودية، اللتين عززتا قواتهما على الحدود، وفقد العراق السيطرة على معظم الحدود المشتركة مع سوريا في الأسبوعين الماضيين من ضمنها معبرين من أصل ثلاثة.
وكان معبر «ربيعة»،120 كيلومترًا شمال غربي الموصل، أول معبر خسره في 10 يونيو الماضي، عندما سيطر مسلحو «داعش» وفصائل سنية أخرى على مدينة الموصل حيث فرت القوات العراقية من المعبر، وزحفت نحوها قوات البيشمرجة الكردية لتحكم قبضتها عليه.
ولا تقتصر أطماع تنظيم «داعش»، بعد إعلان دولة «الخلافة الإسلامية» في العراق وسوريا، عند الحدود السورية – العراقية، فقد تحدثت تقارير مؤخرًا عن محاولة مسلحيه التمدد صوب منفذ «طريبيل»، 575 كيلومترًا جنوب غرب بغداد، الحدودي مع الأردن، ومنفذ «عرعر» مع السعودية.
إلا أن التصور السائد بأن ما أعلنه «داعش» عن توجهاته نحو الكويت والأردن، ليس إلا وهما نظرا لقوة الأجهزة الأمنية، فضلا عن عدم وجود البيئة الحاضنة التي تستند في الأساس على بؤر ساخطة ومناطق متوترة أمنيا.
وما أن سيطر «داعش» على الموصل حتى قام بنقل أسلحة وسيارات عسكرية أمريكية من طراز «همفي» استولوا عليها من الجيش العراقي إلى شرق سوريا لتعزيز جبهته هناك، كما أزال المتشددون السواتر الترابية الموجودة على الحدود وفتحت معابر غير رسمية يمر عبرها السلاح بشكل يومي، بحسب ما رصدته التقارير، وبات المسلحون يعبرون المنطقة الحدودية وكأنها غير موجودة في تطور يؤشر لظهور ملامح «الخلافة الإسلامية» التي يسعى لإقامتها المتشددون، وهو أقصى مخاوف دول إقليمية ودولية.
ويعتقد أن هذا الأمر من شأنه «زيادة اتساع الاضطراب في المنطقة ومن الممكن أن ينتقل إلى الأردن لاحقًا، إذا ما شعر الأردن بخطر داعش وحلفائه فإنه سيتخذ خطوة مماثلة كالتي فعلها الطيران السوري».
ويقدر تشارلز ليستر الباحث في مركز بروكينغز في الدوحة، عدد مقاتلي داعش، بما بين خمسة آلاف وستة آلاف عدد المقاتلين في العراق وسبعة آلاف في سوريا..
ردود الأفعال على إعلان الخلافة الإسلامية
قاسم عطا، المتحدث باسم الجيش العراقي
جاءت رود أغلب الدول العربية والإقليمية والدولية رافضة لإعلان "داعش" الخلافة الإسلامية، بل واعتبرتها تهدد أمنها القومي وأمن المنطقة والعالم.
فقد وصف مسئولون أمريكيون وخبراء، الإثنين، إعلان تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام»، (داعش)، الأحد، "الخلافة الإسلامية"، بأنه أكبر تهديد للأمن القومي الأمريكي منذ أحداث 11 سبتمبر، وأكبر تهديد على أمن دول الخليج، إضافة إلى أنه يشكل تحديا لمركزية تنظيم "القاعدة" العالمي.
وقال رئيس لجنة الأمن الداخلي في مجلس النواب الأمريكي، مايكل مكاويل، إن تنظيم (داعش) هو التهديد الأول للوطن، والتهديد رقم واحد للأمن القومي منذ أحداث 11 سبتمبر، بحسب تقرير نشره موقع قناة «الحرة» الأمريكية، وحدّد «مكاويل» عددًا من الخيارات للتعامل مع الوضع في العراق، موضحًا أنها تتركز على توجيه ضربات عسكرية ضد التنظيم، والضغط باتجاه مصالحة وطنية بين السنة والشيعة.
وقال: «أعتقد أن علينا النظر في أمرين، الأول: توجيه ضربات جوية محددة الأهداف ضد داعش، دون وقوع خسائر على السنة، وثانيا: مصالحة سياسية ودبلوماسية مع السنة والشيعة، وهذا ليس بالأمر السهل.
وتشكل هذه الخطوة تحديًا مباشرًا للقيادة المركزية لتنظيم «القاعدة»، الذي أعلن تبرؤه من تنظيم «داعش» وتحديا للأسر الحاكمة في الخليج.
وأكد رئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام في إيران هاشمي رفسنجاني، ضرورة صون وترسيخ الوحدة بين الشيعة والسنة، وحذرت إيران من مغبة "تفكيك العراق" وذلك في رد على دعوة إسرائيل لاستقلال إقليم كردستان.
أكد قاسم عطا، المتحدث باسم الجيش العراقي،الاثنين، أن إعلان جماعة مسلحة الخلافة الإسلامية في المناطق التي سيطرت عليها هذا الشهر في العراق وسوريا رسالة بأن الجماعة أصبحت تمثل تهديداً لجميع الدول.
وقال المتحدث إن هذا الإعلان رسالة من الدولة الإسلامية بأنها ليست في العراق وسوريا فقط لكنها في المنطقة والعالم.
إعلان "الخلافة".. بداية النهاية
داعش اعلان الدولة.. بداية النهاية
يرى العديد من المراقبين أن إعلان "داعش" الخلافة الإسلامية هو بداية النهاية للتنظيم الذي تمدد بصورة كبيرة خلال عام، وأصبح خطرًا على دول المنطقة كلها.
وقد أكدت صحيفة «ديلي بيست» البريطانية أن تنظيم الدولة الإسلامية في الشام والعراق، بعد أشهر من الحصول على الأراضي، والأسلحة، والنقود، يضع مصداقيته على المحك العالمي في «لعبة» يمكن أن تأتي بنتائج عكسية بشكل كبير، وذلك في إشارة إلي إعلان التنظيم إقامة «الخلافة الإسلامية»، ووصفت الصحيفة ما حدث بأنه «الخطوة الأجرأ» من قبل الجماعة التي غيرت اسمها ببساطة إلي «الدولة الإسلامية»، معتبرة أن «داعش» ليس حذراً بالقدر الكافي، وهو توقيت يمكن أن يهدر فيه المكاسب التي تحققت في العراق وسوريا.
واعتبرت الصحيفة إعلان الخلافة «مجازفة كبيرة» يمكن أن تضع الكثير من المكاسب في خطر، على الرغم من وجود منافع محتملة أيضاً.
وأضافت الصحيفة أن هناك خطرًا من انشقاقات تحدث في صفوف تنظيم «القاعدة» لصالح «داعش»، خاصة في شمال إفريقيا واليمن، إلا أن المسلمين حول العالم بشكل عام سيتصدون لإعلان الخلافة.
وذكرت الصحيفة أن إعلان الخلافة سيولد تيارات جديدة من جمع الأموال وتجنيد المقاتلين، حتى ولو كان على حساب الجماعات الجهادية الأخرى، مشيرة إلي أن النتائج طويلة المدى ما زالت غير واضحة، لكن الكثير قد يتوقف على ما سيحدث لاحقاً في العراق.
وأوضحت الصحيفة أن «داعش» حققت مكاسبها في العراق كجزء من تحالف مع السنة ضد ظلم حكومة رئيس الوزراء الشيعي، نوري المالكي، مشيرة إلى أن الجماعات السنية وجدت ميزة مؤقتة في التحالف مع «داعش»، إلا أن إعلان الخلافة يعطي «رسالة واضحة» لشركاء «داعش» العراقيين أنهم مجرد «جزء فرعي» داخل التنظيم.
"داعش" و تجربة طالبان الافغانية
إمارة أفغانستان الإسلامية
ليست المرة الأولى التي يسيطر فيها تنظيم متشدد أو صاحب فكر ينتمي لتنظيم القاعدة، علي بلد بقارة آسيا ويعلن قيام دولته، فقد أعلنت حركة طالبان الأفغانية ذات الفكر السلفي الجهادي، والمدعومة بتنظيم القاعدة وعلي رأسه مؤسس التننظيم أسامة بن لادن السيطرة على أفغانستان، ففي شتاء 1995 حاصرت طالبان العاصمة "كابول"، وأطلقت الصواريخ على المدينة وقطعت الطرق التجارية المؤدية إلى مدينة كابول، ما استدعى من كل من رئيسي أفغانستان برهان الدين رباني وقلب الدين حكمتيار المتناحرين التوقف عن القتال فيما بينهما وتوحيد الصفوف في مواجهة العدو المشترك طالبان، في 26 سبتمبر من عام 1996، ترك حكمتيار ورباني كابول العاصمة واتجها شمالا وتخليا عنها لتقع في يد طالبان التي تسلمت مقاليد الأمور في العاصمة وأنشأت إمارة أفغانستان الإسلامية.
وفي أحسن الأحوال، اعترفت باكستان بحركة طالبان كحكومة شرعية في أفغانستان وتلتها المملكة العربية السعودية في اليوم التالي وآخر المعترفين في حركة طالبان كممثل شرعي في أفغانستان كانت الإمارات العربية المتحدة، وكانت طالبان تتحكم بالسواد الأعظم من أفغانستان باستثناء الجزء الشمالي الشرقي الذي فرضت قوات "التحالف الشمالي" سيطرتها عليه، لم يعترف باقي العالم بحركة طالبان كممثل شرعي في أفغانستان إلا الدول الثلاث آنفة الذكر و لم تعترف منظمة الأمم المتحدة بحركة طالبان كممثل شرعي، وكانت لا تزال تعد "رباني" رئيسًا لأفغانستان رغم علم المنظمة بقلة حيلة رباني في السيطرة على زمام الأمور.
وفي أكتوبر 2001 شنت أمريكا وبلدان أخرى حربًا على أفغانستان، وفي 13 نوفمبر 2001 سقطت العاصمة كابل في يد تحالف قوات الشمال، ولم ينته هذا الشهر حتى سقطت مدن أفغانستان من يد حركة طالبان، وقد وقع الكثير من عناصر طالبان في الأسر، وبعدها أصبحت طالبان حركة معارضة مسلحة تسبب إزعاجًا كبيرًا لقوات التحالف بقيادة أمريكا وحكومة الرئيس الأفغاني السابق حامد كرزاي.
تجربة "داعش" الآن تختلف عن "طالبان"، فلا يوجد دولة واحدة تعترف بالتنظيم، بل إن جميع دول الجوار للعراق وسوريا يعتبرون "داعش" خطرًا يهدد الأمن القومي لهذه البلاد، ما قد يؤدي إلى تحرك إقليمي للقضاء على قوة "داعش المتصاعدة.
المشهد الحالي
خريطة دولة داعش "المزعومة
قد يستمر تنظيم "داعش" في العراق وسوريا بعض الوقت، خاصةً في ظل ضعف الحكومة المركزية في بغداد، وتردد التدخل الأجنبي الحاسم أو التدخل على استحياء أو بطريقة طائفية تكون إيران طرفًا رئيسًا بها.
غير أن الشواهد تقول إن استمرار "داعش" بذات القوة التي أعلن بها عن نفسه وعن ما سُمي "بتنظيم دولة الخلافة الإسلامية"، يُعدُ أمرًا غير واقعي، بالأخص بعد نشر خريطة دولته "المزعومة"، والتي شملت الكويت وسوريا والأردن وجزءًا من الأراضي السعودية، إضافةً للعراق.. ما يؤدي حتمًا إلى استفزاز هذه الدول للتنسيق فيما بينها لمواجهة هذا الخطر.
كما تمثل الفصائل الإسلامية المسلحة التي تنتهج أيدلوجية قريبة من "داعش"، منافسًا للتنظيم في المنطقة، وأحد المخاطر المهددة لبقائه في ظل حالة الصراعات المستمرة والتحالفات المتغيرة، وتأتي هذه المخاطر خاصةً أن "داعش" ليس تنظيمًا منتميًا لعرق واحد أو طائفة واحدة، بينما يمثل خليطًا من الجنسيات المختلفة.