داعش تتوسع.. وجبهة النصرة على أعتاب الانهيار

الجمعة 04/يوليو/2014 - 01:30 م
طباعة داعش تتوسع.. وجبهة
 
داعش تتوسع.. وجبهة
بعد سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام، "داعش"، على عدد كبير من البلدان  في شرق سوريا، تواجه "جبهة النصرة" صدامًا مؤكدًا وانهيارا قادم، وصدرت تلميحات أمريكية بأن قوات الأمن العراقية لن تستطيع استعادة الأراضي التي خسرتها لصالح متشددين إسلاميين دون مساعدة.
ويبدو من المشهد أن الصدام بين جبهة النصرة وداعش، بدأ مع بدء القتال في مدينة الرقة هو "لواء ثوار الرقة" الذي كان لم يمض على مبايعته "جبهة النصرة - تنظيم قاعدة الجهاد في بلاد الشام" أياما معدودة، وكانت الرقة المكان الذي دخلت فيه "جبهة النصرة" في صدام عسكري مع "داعش"، لكن ما لبثت إلا وأن تبرأت "جبهة النصرة" من داعش.
داعش تتوسع.. وجبهة
وبعد فشل الجماعات المسلحة بمختلف توجهاتها في التغلب على "داعش" حيث انحصر خروج مقاتليها من الساحل ومن غرب وشمال محافظة حلب ومن المدينة نفسها، استمر قتال "داعش" في مناطق الشرق السوري التي تعتبر المعقل الأساسي و"الخزان البشري" لجبهة النصرة.
وذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان، وهو هيئة معارضة مقرها لندن، أن تنظيم "داعش" سيطر على ريف دير الزور الشرقي بشكل كامل، بعد أن اقتحم مدينة الميادين وهي أكبر مدن الريف الشرقي، عقب انسحاب "جبهة النصرة" منها، ليسيطر التنظيم للمرة الأولى على المناطق الممتدة من مدينة البوكمال الاستراتيجية، والواقعة على الحدود السورية - العراقية، إلى أطراف مدينة حلب الشمالية الشرقية، ومن الحدود السورية – التركية شمالاً، وصولاً إلى مناطق في البادية السورية.
وبحسب المرصد، فإن تلك الأراضي باتت متصلة جغرافياً مع مناطق تسيطر عليها "الدولة الإسلامية" في العراق، بينما بقيت مدينة دير الزور وقرى في ريفها الغربي جنوب نهر الفرات خارج سيطرتها حتى اللحظة .
وقال المرصد، إن تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام "داعش" سيطر داخل سوريا على مناطق تعادل بمساحتها خمسة أضعاف مساحة لبنان، في حين أعلنت فصائل مسلحة التوقف عن قتال التنظيم، بالترافق مع دعوة من "لواء التوحيد" للاستنفار العام بمواجهة اقتراب داعش من حلب.
وأكد المرصد السوري أن التنظيم الذي أعلن مؤخرًا تأسيس "دولة الخلافة الاسلامية" على الأراضي التي يسيطر عليها في كل من العراق وسوريا قد بسط سيطرته على منطقة حقل العمر النفطي قرب الحدود العراقية السورية.
وقال المرصد إن مقاتلين من فصائل اسلامية أخرى انسحبوا أمام مقاتلي الدولة الاسلامية من المنطقة.
داعش تتوسع.. وجبهة
ويرى خبراء أن ذلك لا يوضح فقط أن الدولة الاسلامية تقوم بتوسيع نفوذها وزيادة مواردها الاقتصادية، ولكن ايضاً الاسلوب الذي تخضع بواسطته الجماعات الاسلامية الاخرى لسلطة الدولة.
وظهر شريط مصور بثه نشطاء على شبكة الانترنت شخصًا، قال إنه ينتمي الى جبهة النصرة في مدينة الشحيل يتلو بيانًا يقول فيه "نعلن مبايعتنا وولاءنا للدولة الاسلامية ولخليفة المسلمين أبو بكر البغدادي".
كما اظهر شريط آخر ما يبدو أنه مجموعة من المقاتلين في منطقة أخرى في سوريا يعلنون أنهم توقفوا عن القتال ضد عناصر الدولة الاسلامية.
وعرض المرصد السوري تسجيلاً مصوراً يظهر فيه من قالوا إنهم يمثلون "جبهة النصرة" وعدة فصائل إسلامية أخرى في ريف دير الزور الشرقي، يعلنون "توبتهم من مقاتلة الدولة الإسلامية"، وشمل البيان القوى الموجودة في المنطقة من "لواء بشائر النصر" و"جبهة النصرة" و"أحرار الشام"، كما أكد المرصد سيطرة داعش على أكبر حقل نفطي في سوريا‎ وهو "حقل العمر" القريب من مدينة الميادين، وتبلغ طاقته الإنتاجية اليومية 75 ألف برميل.
وقد بايع مقاتلون منشقون عن "جبهة النصرة" في مدينة البوكمال تنظيم "داعش" الذي كانوا يقاتلونه قبل أيام قليلة.
وقالت مصادر معارضة إن فصيلاً من جبهة النصرة في البوكمال أو ما يعرف بـ"جنود الحق" بايعوا "داعش"، مشيرة إلى أن الاتفاق تم في منطقة ربيعة الحدودية مع العراق.
وأوضحت المصادر أن هذه الخطوة بين التنظيمين اللذين يتقاتلان في سورية منذ يناير، تسمح لـ"داعش" بأن تكون موجودة على جانبي الحدود السورية العراقية.
من جهته قال المتحدث باسم ما يسمى "الجيش الحر" في دير الزور عمر أبو ليلى إن البوكمال خط أحمر، مضيفاً إن "الجيش الحر" سيقاتل "داعش" إذا اجتازت الحدود من العراق.
فيما أعلنت مجموعات مقاتلة ضمن المعارضة المسلحة بسوريا في بلدة الشحيل، التي تعتبر معقلا لـ"جبهة النصرة" بشرق سوريا، مبايعتها لـ"الدولة الاسلامية" ولزعيمها "أبو بكر البغدادي"، والتبرؤ من "الائتلاف" المعارض و"الجيش الحر"، بحسب ما جاء في شريط مصور نشر على موقع :يوتيوب".
ولم يصدر أي تعليق على البيان عن "جبهة النصرة" التي يتحدر عدد من قيادييها من بلدة الشحيل.
مارتن ديمبسي
مارتن ديمبسي
وأبرز الفصائل التي أعلنت المبايعة "جيش الاسلام" الذي يقاتل في عدة مناطق من سوريا، واقتصرت المبايعة على الشحيل، وأعلن مقاتلون وقياديون تحت لواء "جيش الاسلام" على حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي رفضهم للمصالحة.
وبدأ في الشريط المصور عدد من الرجال، معظمهم بلباس الإسلاميين المتشددين، ملتفين حول رجل تلا بيانا أعلن فيه باسم "أهالي مدينة الشحيل والحريجي والنملية" و"جيش الإسلام" و"حركة طالبان الإسلامية" وفصائل أخرى، "براءتنا إلى الله سبحانه وتعالى وتوبتنا إليه من التنظيمات التي قاتلت الدولة وناصبتها العداء".
‫من جانبه، دعا "لواء التوحيد" أحد أكبر القوى العسكرية المعارضة الموجودة في مدينة حلب، إلى الاستنفار لمواجهة تقدم تنظيم داعش، وقال قائده العسكري، "أبو توفيق" عبر صفحته بموقع فيسبوك: "إلى جميع الفصائل على الأرض وجميع الغرف، نعلن الاستنفار الكامل في حلب والريف والشمال السوري ضد الدولتين والتعبئة العامة.. ولتكن حرباً فاصلة ولنُرِهم حلب ورجالاتها، ونطلب النصرة من أهلنا في إدلب وحماة وحمص والمؤازرة."‬‬
وتابع "أبوتوفيق": "لا بقيت لنا باقية إن أبقيناهم يعيثون فساداً في شامنا ويستبيحون شعبنا، وأي متخلف عن الأمر سيُعرض للمحاسبة ويكتب في لائحة الخذلان والعار .. ونقول لمن منع عنّا السلاح: عندنا سلاحنا أقوى من مكركم وابتزازاتكم.. الآن وقت الحسم ووقت رجالات الشام رجالات الاسلام أن تقول كلمتها."
فيما قال رئيس هيئة الأركان الأمريكية المشتركة الجنرال مارتن ديمبسي، إن قوات الأمن العراقية لن تستطيع على الأرجح استعادة الأراضي التي خسرتها لصالح متشددين اسلاميين دون مساعدة.
وقال ديمبسي إن المستشارين الأمريكيين الموجودين حالياً في العراق يرسلون تقارير تفيد بأن الجيش العراقي "قادر على الدفاع عن بغداد لكنه سيلاقي صعوبات -لوجستية غالباً- في حالة قيامه بشن هجوم."
ويتعرض العراق لهجوم واسع من جانب متشددين سنة من تنظيم الدولة الاسلامية المنشق عن تنظيم القاعدة، الذي استولى على مناطق واسعة في شمال وغرب البلاد ويهدد بالزحف إلى العاصمة بغداد.
وتمكن المتشددون من الاستيلاء على معظم الأراضي بسبب فرار قوات رئيس الوزراء الشيعي نوري المالكي من مواقعهم في مواجهة التقدم الخاطف للمسلحين الشهر الماضي.
وتبحث الولايات المتحدة التي ركزت معظم جهودها في أعقاب غزو العراق عام 2003 على بناء قوات الأمن العراقية الآن سبل مساعدة الجيش العراقي على صد أولئك المسلحين.
داعش تتوسع.. وجبهة
ومن جهته، قال وزير الدفاع الأمريكي تشاك هاجل إن القوات الأميركية أقامت ثاني مركز عمليات عراقي أميركي مشترك في العراق. 
وسيكمل المركز الذي أقيم في اربيل عاصمة إقليم كردستان العراق شبه المستقل العمل الذي يقوم به المركز الأول في بغداد.
وقال هاجل إن القوات الأمريكية لديها أيضا ست فرق تقييم ينتشرون على الأراضي العراقية. ويستهدف الوجود العسكري الأميركي تقييم الوضع الحالي للجيش العراقي وتحديد أفضل السبل التي تمكن القوات الأميركية من مساعدة الحكومة على التصدي لمتشددي الدولة الاسلامية.
والجدير بالذكر أن  داعش قد أكمل انتصاره بسيطرته على حقل العمر النفطي في دير الزور، وهو أكبر حقل للنفط في سورية، بعدما فر منه مقاتلو النصرة تاركين وراءهم أسلحتهم وعتادهم. 
ويُمثّل انتصار داعش على النصرة في دير الزور هزيمة لا يُستهان بها لقيادة تنظيم القاعدة في وزيرستان بقيادة أيمن الظواهري الذي ساند أمير النصرة أبو محمد الجولاني في صراعه مع البغدادي عندما مد الأخير نفوذ تنظيمه الدولة الإسلامية في العراق إلى سورية وغيّر اسم التنظيم إلى الدولة الإسلامية في العراق والشام داعش. 
ورفض البغدادي مراراً طلبات الظواهري له بالعودة إلى العراق وترك الجولاني ليقود الجهاديين في سورية تحت مسمى جبهة النصرة، قائلاً إن ذلك سيعني قبوله بحدود سايكس بيكو وفصل العراق عن سورية وهو ما لا يقبل به.
 وذهب أبو محمد العدناني، أحد أبرز قادة داعش في سورية، إلى حد الهجوم المباشر على الظواهري، ودعاه إلى رفض البيعة التي أعلنها الجولاني لزعيم القاعدة بحجة أنه نقض بيعته الأساسية التي أعلنها للبغدادي عندما كان يقاتل ضمن صفوفه في العراق.
من الواضح أن التوتر بين "الدولة الإسلامية" و"جبهة النصرة" يعود أيضا لبيعة عدد من أمراء وجنود "جبهة النصرة" لـ"الدولة الإسلامية في العراق والشام" لدى الإعلان عنها وهم كانوا متمركزين في عدد من المصافي النفطية التي أرادت الجبهة استردادها.
 ومع شدة الصراع وصل الأمر إلى عدة تجاوزات وإعدامات ميدانية من كلا الطرفين، كما أن شرعيي "جبهة النصرة" وأمراءها هددوا بنقل القتال إلى العراق عبر إعادة إحياء فرع للقاعدة في بلاد الرافدين. لكن تقدم "الدولة الإسلامية" السريع على طرفي الحدود ومبايعة عدد كبير من جنود وأمراء وشرعيو فصيل "أنصار الإسلام" الذي كان يعول عليه لهذه المهمة قطع الطريق على هذا المسعى أقله حتى الساعة، فضلا عن أن النجاحات التي حققتها "الدولة الإسلامية" في المناطق الشرقية وفي الرقة هي التي فتحت لها باب العراق واسعا وليس العكس. 

شارك