اليمن.. الجيش يخوض حرب مفتوحة ضد تنظيم " القاعدة".. وسط أوضاع بائسة

السبت 05/يوليو/2014 - 06:45 م
طباعة الرئيس اليمني ومحاربة الرئيس اليمني ومحاربة القاعدة
 
عناصر من قوات الجيش
عناصر من قوات الجيش اليمني
تتصاعد وتيرة الهجمات الثأرية لتنظيم القاعدة، ضد المقار والدوريات الأمنية والعسكرية في عدة مناطق يمنية منها العاصمة صنعاء خلفت عددا من القتلى والجرحى.
فقد واصل الجيش اليمني حربه ضد تنظيم القاعدة في اليمن، والتي تستمر منذ سنوات طويلة لم تنتهي حتى الآن، فقد أحبط الجيش اليمني هجوما شنه فجر السبت عدد من عناصر تنظيم القاعدة على مستشفى الباطنة في منطقة العبر بمحافظة حضرموت شرق البلاد.
وأوضح الناطق الرسمي للقوات المسلحة العميد الركن سعيد محمد الفقيه لوكالة الأنباء اليمنية (سبأ): "عناصر اللواء 73 مدرع تصدوا للهجوم الإرهابي الغادر وأبلوا بلاء حسنا من خلال اشتباكهم مع الإرهابيين في معركة بطولية استمرت ساعة كاملة".
عناصر من الجيش اليمني
عناصر من الجيش اليمني
وأضاف: "أربعة إرهابيين قتلوا فيما شوهدت مجاميع إرهابية وهي تجلي عددا آخر من قتلاها وجرحاها من أرض المعركة، وتلوذ بالفرار تحت وابل من نيران وضربات من أفراد الموقع، الذين تم تعزيزهم بقوة من قيادة المعسكر لملاحقة العناصر الإرهابية الفارة وتمشيط المنطقة التي فروا إليها". وتابع أن عنصرين من اللواء 73 لقوا حتفهم وأصيب ثلاثة آخرون في القتال ضد عناصر القاعدة.
الأمور لم تتوقف عند الشأن الداخلي بل توجهت القاعدة إلى المناطق الحدودية لليمن مع السعودية، في إنذار إلى توسع تنظيم القاعدة من عملياته داخل أراضي المملكة، فقد قال مصدر يمني رسمي: إن عدداً من السيارات، إحداها مفخخة يقودها انتحاري، انفجرت بالقرب من منفذ الوديعة الحدودي بين السعودية واليمن في محافظة حضرموت (شرق)؛ ما أدى إلى مقتل جندي يمني وجرح آخر. وأضاف المصدر، في تصريح نقله موقع وزارة الدفاع اليمنية، أن قوة من "اللواء 23 مدرع" تحركت لتمشيط المنطقة والبحث عن عناصر إرهابية ضالعة في تنفيذ الهجوم. وأشار إلى أن "الوضع في المنفذ تحت السيطرة وما زالت وحدات من المنطقة العسكرية الأولى تطارد سيارتين أخريين للإرهابيين حيث تمكنتا من الفرار باتجاه الصحراء بعد تصدي المقاتلين لهما".
وتعدّ هذه العملية هي الأولى التي ينفذها مسلحو تنظيم "القاعدة" قرب منفذ حدودي بين اليمن والسعودية، وتعتبر المملكة حدودها مع اليمن، التي تمتد لمسافة 1400 كيلو متر، تحدياً أمنياً رئيسياً، ما دعاها للشروع في بناء سياج حدودي مع اليمن منذ عام 2003 لمنع التسلل إلى أراضيها.

توحد القاعدة

لقاعدة في اليمن تنتشر
لقاعدة في اليمن تنتشر وتتوغل وتهدد.
توحّد فرعا تنظيم القاعدة في اليمن والسعودية مطلع عام 2009 تحت مسمى "تنظيم قاعدة الجهاد في جزيرة العرب"، تحت إمرة اليمني ناصر الوحيشي، وينوب عنه السعودي سعيد الشهري، الذي توفي متأثراً بإصابة عام 2013، بعدما أصيب في غارة أمريكية عام 2012.
وبينما يتجادل السياسيون لا يزال تنظيم القاعدة في جزيرة العرب يشن الهجمات على قوات الأمن والمنشآت النفطية، ويمثل تهديداً خطيراً للحكومة والمصالح الغربية، وسيطر التنظيم على بعض الأجزاء في جنوب اليمن عام 2011 ويدخل الجيش اليمني في مواجهات شرسة مع تنظيم القاعدة.
وأطلق محللون سياسيون وباحثون متخصصون في شئون القاعدة تحذيرات من احتمال انتقال القيادة المركزية لتنظيم القاعدة من منطقة الحدود بين باكستان وأفغانستان إلى اليمن؛ بسبب عدة عوامل جاذبة أهمها طبيعة اليمن الجغرافية والمجتمعية القبلية.
أما الباحث المتخصص في شئون القاعدة، محمد الغابري، فاعتبر أن "تنظيم القاعدة يستفيد من الاختلافات المذهبية ليجد لنفسه مدخل إقناع إلى عقول الشباب وهذا ما فعله في اليمن ويستفيد الآن من الاختلافات السياسية الموجودة لغرس ثقافة العنف وإعادة ترتيب نفسه".
ولفت إلى أنه إذا نجح فرع القاعدة في اليمن في تنفيذ عمليات إرهابية، فهذا سيسهم في "تسليط الضوء عليه ونقل القيادة المركزية إلى اليمن؛ مستفيدا من التركيبة الجغرافية والقبلية هناك".
وقال الغابري إن قوة القبيلة وقوة الانتماء للقبيلة التي تفوق سلطتها سلطة الدولة بالنسبة لأفرادها يعتبر عامل قوة للقاعدة، حيث وفرت القبائل في السابق ملاذا لأبنائها المنتمين للقاعدة، داعيا الدولة إلى خلق نظام مجتمعي يجعل ولاء الدولة فوق أي ولاء بحيث يخلق بيئة مضادة للقاعدة.

صراع الجيش اليمني في مواجهة القاعدة

الجيش اليمني
الجيش اليمني
ويرى مراقبون بأن سيناريوهات المعركة مفتوحة بين الجيش اليمني وتنظم القاعدة على كل الاحتمالات بينما يذهب آخرون إلى أن المعركة أخفت أهدافا سياسية تجلت من خلال توقيت الحملة العسكرية وإداراتها إعلاميا، والذي أشعل حربا سياسية متزامنة مع الحرب الدائرة في جنوب اليمن.
يقوم الجيش اليمني بجهد كبير لمواجهة تنظيم القاعدة في اليمن في ظل الصراعات الأهلية التي تحدث بين الحوثيين والإخوان من جانب أو الحوثيين والدولة من جانب آخر، فقد أعلنت وزارة الدفاع اليمنية عن مصرع ثلاثة من عناصره، في عملياتها خلال مايو الماضي على رأسهم قيادي يعرف بلقب "بيكاسو" ويوصف بأنه "سفاح القاعدة."
وقالت وزارة الدفاع اليمنية: "لقي سفاح تنظيم القاعدة المعروف باسم بيكاسو مصرعه، متأثرا بجراحه التي أصيب بها قبل أيام في محافظة البيضاء، كما أكدت مقتل القيادي في التنظيم، ناصر عاطف، وشقيقه أحمد المكنى بـ"أبو سالم" خلال المعارك في شبوة.
هادي أثناء اجتماع
هادي أثناء اجتماع مع قادة الجيش
وأكد الجيش اليمني أنه تمكن مع اللجان الشعبية من دخول مدينة المحفد، بعد أن "وجه ضربات ساحقة وألحق هزيمة نكراء بقيادات وعناصر الإرهاب". وأعلن مصدر عسكري يمني مسئول في منطقة أبين العسكرية عن مصرع القيادي في تنظيم القاعدة أبو إسلام الشيشاني في منطقة المعجلة بمحافظة أبين.
أكدت وزارة الداخلية اليمنية أن نهاية تنظيم القاعدة في البلاد ليست بعيدة، مشيرة إلى أن التنظيم أصيب بحالة من الهستيريا، في أعقاب قتل وجرح المئات من عناصره في المعارك التي يخوضها عناصر الجيش والأمن ومعهم مقاتلو القوات الشعبية ضد عناصر التنظيم في محافظتي أبين وشبوة.
وأوضحت الوزارة على موقعها الإلكتروني أن الخسائر الكبيرة التي لحقت بتنظيم القاعدة ستدفع به إلى الإقدام على تصرفات هستيرية يائسة، ومنها استنفار أنصاره وخلاياه النائمة لاستهداف ضباط من الأمن والجيش، وكذلك وضع العبوات الناسفة والمتفجرات في عدد من المحافظات؛ بهدف إرباك الدولة والمجتمع وثني القوات المسلحة والأمن عن إكمال عمليتهم لاستئصال التنظيم والإرهاب والقضاء عليه بصورة نهائية.
ووفقا لاحصائيات غير رسمية بلغ عدد شهداء القوات اليمنية ما يقرب من 900 جندي وضابط منذ بدء العمليات العسكرية ضد تنظيم القاعدة.

المجتمع الدولي: تنظيم "القاعدة" في اليمن يشكل تحديًا للمرحلة الانتقالية

الامم المتحدة
الامم المتحدة
فقد أجمعت هيئات مجلس الأمن المعنية باليمن ومكافحة الإرهاب أن تنظيم "قاعدة جزيرة العرب" في اليمن ما يزال يشكل تحديًا كبيرًا للمرحلة الانتقالية السلمية التي تشهدها البلاد.
وأعلنت اللجان المتخصصة بالوضع اليمني في مجلس الأمن أن تنظيم «القاعدة في جزيرة العرب»، لا يزال يمثل تحدياً جدياً للمرحلة الانتقالية السلمية في اليمن، إضافة إلى حديثها عن بحث «العلاقات المحتملة بين المعرقلين للعملية السياسية وعناصر القاعدة»، إضافة إلى إعلانها اعتزامها البحث في مصادر «تمويلهما». ترافق ذلك مع إعلان تنظيم «القاعدة في شبه الجزيرة العربية» بدء ما سماها «معركة كسر الحدود» على غرار تلك التي اطلقها «داعش» في العراق وسوريا، في خطوة تؤشر إلى وجود التكامل التنظيمي والفكري بين الفريقين.
وأوضحت اللجان أن تنظيم "القاعدة" في اليمن ما يزال يشكل تحديًا كبيرًا للمرحلة الانتقالية السلمية الجارية في اليمن، مؤكدين على ضرورة توجيه الدعم الدولي لمساعدة اليمن في مكافحة الإرهاب.
وتنال اليمن دعم قوي من الولايات المتحدة الأمريكية، فقد قالت السفيرة الأمريكية السابقة في اليمن باربرا بودين، بأن جهود الحكومة اليمنية تتضافر مع جهود أمريكا لطرد القاعدة من معاقلها. وبأن هذه العملية تتم بدعم من السعوديين أيضاً، والذين ركزوا على العمليات الاستخباراتية واسعة النطاق عند جيرانهم اليمنيين.
ولكن السفيرة السابقة شككت في فعالية العمليات العسكرية ضد عناصر التنظيم، وخصوصاً عندما يتم استخدام الطائرات بدون طيار، والتي هي أكثر تكلفة بالنسبة لحكومة الولايات المتحدة. وتضيف بودين "يحتاج الأمر إلى البرامج التي من شأنها تجنيد أشخاص موثوقين وقادرين على إعطائنا المعلومات الصحيحة قبل القيام بأي هجوم. عندما نضرب الهدف الخطأ، يبدأ الناس برؤيتنا كجانب غير قادر وغير كفء".

المشهد الحالي

الرئيس اليممني  مع
الرئيس اليممني مع قادة الجيش
يعتبر حرب الجيش اليمنى مع " تنظيم القاعدة في جزيرة العرب" حال من يراقص الثعابين السامة، بعد أن ظن أنه نجح في ترويضها، بل واستغلالها في الهجوم على خصومه، إلا إن تلك الثعابين تظل تبحث عن مزيد من الضحايا بما فيهم الراقص نفسه".
منذ أواخر شهر أبريل الماضي، تشن القوات المسلحة اليمنية حملة مداهمات ضد تنظيم القاعدة المتمركزة في جنوب اليمن، وبالأخص في داخل خبايا الجبال وكهوفها في محافظتى شبوة وأبين، وتعتبر الحملة هي الخطوة الأولى من نوعها، بعد أن تم تدمير قواعد كاملة وتوجيه ضربات موجعة للتنظيم، مع أن الضربات الموجعة تلك أدت إلى انتشار التنظيم في أكثر من مكان، وإعادة الانتشار بين البين البيضاء ومأرب وحضرموت، باعتبار هذه الأماكن الملاجئ القريبة لهم.
وانتصار اليمن على القاعدة يحتاج وقتا طويلا وتكافتا داخليا في توحد أطياف الشعب اليمني من حوثيين وحراك جنوبي وسلفيين وأبناء صالح وتوحد القبائل في مواجهة هذا التنظيم الذي يجد من يدعمه داخل اليمن، لتحقيق مصالحه، بالإضافة إلى الدعم الخارجي من دول مجلس التعاون الخليجي والدول العربية ذات الخبرات في مواجة الإرهاب، والدولة الصديقة لليمن لأنه يحتاج إلى إمكانيات قوية لمواجهة هذا التنظيم المنتشي بانتصارات تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام" داعش" ويسعى إلى تكرار التجربة في اليمن المبتلى.

شارك