اشتعال اليمن .. جبهة أخرى من الصراع الطائفي بالمنطقة
السبت 12/يوليو/2014 - 08:34 ص
طباعة

جاء سقوط «اللواء 310 مدرع» تحت سيطرة جماعة الحوثي المسلحة، في اليمن، ليعيد مجددًا صراع السعودية وإيران في المنطقة، ولكن في جبهة أخرى غير العراق وسوريا ولبنان.
فقد نشر موقع «أنصار الله» على شبكة الإنترنت، خبر سقوط معسكر قيادة اللواء 310 بعمران، واستسلام جميع المواقع العسكرية للواء. وقال الموقع: إن المواجهات استمرت لأكثر من ثلاثة أيام داخل مدينة عمران، تمكنوا فيها مغرب اليوم من دخول اللواء بعد استسلام منتسبي اللواء المتمركزين بداخله.

عبد الملك الحوثي زعيم الحوثيين
ومع تنامي قوة الحوثيين في شمال اليمن، تحول اليمن على خلفية النزاع الذي نشب بين الحوثيين والقوات اليمنية من جهة ومع الجيش السعودي من جهة أخرى، إلى منطقة صراع غير مباشر بين إيران التي تبحث عن نفوذ أكبر في الخليج والسعودية التي تحاول مواجهة المد الإيراني في المنطقة.
السعودية حلفاء الأمس.. أعداء اليوم

حميد الدين مع الملك سعود آل سعود
قبل حوالي 50 عامًا، خاضت اليمن حرباً أهلية دارت بين حكومة صنعاء المدعومة من مصر ضد أبناء الحوثي المسلحين المدعومين من المملكة العربية السعودية وكادرها من المرتزقة الأوروبيين، وبعد ست سنوات من الحرب الدامية، وانتصرت الحكومة اليمنية في النهاية، ولكن بعد أن فقدت مصر 26 ألفاً من جنودها.
فالحوثيون زيديون، وكان الزيديون حلفاء للسعوديين منذ الستينيات؛ بسبب الموقف الطائفي الجديد والحاد الذي تصاعد في السنوات الأخيرة، وأدى إلى تراجع الدعم السعودي للحوثيين.
واليوم، تختلف الخطوط العريضة للصراع الدائر في اليمن، فالمتمردون الحوثيون (الذين يتبعون المذهب الزيدي الشيعي) يتواجدون بصنعاء في الشمال، وهو الأمر بالنسبة للانفصاليين السُنة الفقراء في الجنوب، وتنظيم «القاعدة» الذي يتحدى الحكومة في عدة أماكن من البلاد، وعلى الرغم من وجود كيانات جديدة تلعب أدوارها على الساحة اليمنية، تعرض الجولة الحالية من القتال ملامح بعض التشابه مع سابقتها، ومن أكثرها إثارة للدهشة أن اليمن تحول مرة أخرى إلى "حرب بالوكالة".
وهناك اتهامات دائمة للحوثيين بأنهم ورقة وذراع لإيران لتطويق المملكة العربية السعودية من الجنوب، كما تهدف إلى تطويها من الشمال والغرب، فقد تحالف النظام الايراني مع قوى في اليمن تسعى إلى زعزعة استقرار الحكومة المركزية، والآن تدعم المملكة النظام اليمني الحالي لمواجهة حلفاء الماضي أبناء العائلة المتوكلية الحاكمة المدعومين إيرانيًا.
اليمن: إيران تدخل وتدعم التمرد

عبد ربه منصور- حسن روحاني
عبّر الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، عن الغُصة من التدخلات الإيرانية في اليمن قائلًا: «لقد حذرنا مرارًا من التدخل في شئون اليمن الداخلية وقلناها من قبل: إن دعم أي جماعة أو حركة انفصالية يعتبر من التدخلات السافرة في الشئون الداخلية، ولن نسمح بهذا التدخل»، بهذه الاتهامات الصريحة، والتي كشف عنها في اجتماع موسع بكبار قيادات الدولة بعد يوم من التوقيع على اتفاق لوقف إطلاق النار في محافظة عمران، شمالي اليمن، بين القوات الحكومية وبين جماعة الحوثي المسلحة المدعومة من إيران.
ولم تكن هذه المرة الأولى التي يعلن الرئيس اليمني فيها انزعاجه من التدخلات الإيرانية في اليمن، كما أنه لم يكن الرئيس الأول الذي عبر عن ذلك، حيث كان سلفه الرئيس السابق علي عبد الله صالح كثير الاتهام واللوم لإيران على تدخلاتها، عبر لافتة جماعة الحوثي التي تأسست بأدوات يمنية لتحقيق غايات محلية وخدمة أهداف إيرانية.
السعودية والقلق من الجنوب

تعيش كل من السعودية واليمن منذ عدة أيام حالة تأهب قصوى؛ بسبب النزاع الحدودي الذي نشب بين متمردين حوثيين يتخذون من شمال اليمن مقرًا لهم، والقوات العسكرية السعودية، وهذه ليست المرة الأولى التي تقع فيها مثل هذه المواجهات الدامية، وتخشى الرياض ودول المنطقة أن تكون بداية صراع عسكري وجيوسياسي غير مباشر مع إيران، التي يقول المحللون إنها تساند الحوثيين بصورة غير مباشرة.
ويضاف إلى قلق السعودية من الحوثيين، تعرض أحد المعابر الحدودية لهجوم إرهابي على الحدود اليمنية السعودية، فقد قامت عناصر تنتمي لـ"تنظيم القاعدة" بشن هجوم خاطف على معبر الوديعة الحدودي مع المملكة العربية السعودية، وهو ما يعتبر خطرا يواجه المملكة خلال في المرحلة المقبلة ضمن لعبة الصراعات بين طهران والرياض.

ويرى مراقبون أن ما يجري في اليمن، ما هو إلا صراع سياسي وأيديولوجي بين إيران والسعودية، وأن السعودية لا ترغب في الحقيقة في يمن مستقر، خوفًا من أن ينافسها في المجال الاقتصادي، كما أن المملكة في الوقت ذاته لا تريد يمنًا هش الوضع؛ لأن هذا سيجلب لها المخدرات والعنف والقاعدة، إضافة إلى مشاكل الهجرة غير الشرعية.
وأوضح المراقبون: أما إيران "فمرادها هو إيجاد نفوذ جديدة لبسط سيطرتها على المنطقة، كما اعتادت القيام به في منطقة الشرق الأوسط عبر تأييد حركة حماس في الأراضي الفلسطينية وحزب الله في لبنان".
صراع على جميع الجبهات

الملك عبد الله بن عبد العزيز- حسن روحاني
لا يكاد ملف من الملفات يخلو بمنطقة الشرق الأوسط، أو العالم الإسلامي من حضور السعودية وإيران، فالصراع بينهما محتدم في سوريا ولبنان واليمن والبحرين، واختارت إيران أن تنقله إلى الأردن من خلال لقاء سفيرها بالأردن بأعيان عشائر أردنية.
ويقول مراقبون: إن إيران تريد أن تستغل حاجة الأردن إلى إطلاق سراح أبنائه المسجونين بالعراق لتدخل إلى الساحة الأردنية التي استحال عليها سابقا أن تجد فيها موطئ قدم..
ويشير المراقبون إلى أن تحركات السفير الإيراني بعمان تدخل في سياق محاولات بلاده لتطويق السعودية من الجهات المختلفة، وأن استقباله وجهاء ورجال أعمال من مدينة معان (على حدود الأردن مع السعودية) يهدف إلى تحقيق اختراق في العلاقات القوية بين عمان والرياض سواء أكان اختراقا استخباراتيا أو اقتصاديا.
وكانت إيران ركّزت جهودها خلال السنوات الأخيرة على الإحاطة بالسعودية خاصة في اليمن والبحرين، من خلال اللعب بالورقة الطائفية وضخ استثمارات كبيرة لفائدة ممثلي الطائفة الشيعية في البلدين.
ونوعت طهران من دعمها للحوثيين الذين تخلوا عن المذهب الزيدي المعتدل والتحقوا بالمذهب الاثني عشري إرضاء للمراجع الإيرانية، وبدأ الدعم من خلال الجوانب الإنسانية، ثم مر بالسرعة القصوى إلى تشجيع نزعة الانفصال لديهم ودفعهم إلى إقامة دويلة على حدود السعودية تكون كالشوكة في خاصرتها.
وأرسل الإيرانيون شحنات عديدة من الأسلحة المتطورة للحوثيين، بعضها وصلت إليهم بالفعل، وبعضها ألقت السلطات القبض عليها، وتحتوي هذه الأسلحة على مصانع أسلحة مفككة وأجهزة تنصت وأدوات اغتيالات ومراقبة، فضلا عن أدوات التجسس التي تم تفكيكها في أكثر من مرة.
المشهد الحالي

أصبح الصراع بين ايران والسعودية مفتوحا بالمنطقة، ولكن الصراع دائما يكون على أرض ثالثة، وليس بشكل مباشر بين الطرفين، وقد تتصاعد الأمور بين السعوديين والإيرانيين إلى معركة تكسير عظام، ولكن ليس على أراضي أي منهما رغم معاناة الحكومة السعودية من مظاهرات في المنطقة الشرقية، التي تشهد من وقت لآخر مظاهرات للشيعة، واتهامات ايرانية للسعودية باللعب في الحديقة الخلفية لها عبر دعم جماعات متشددة من أهل السنة في إقليم بلوشستان ودعم تنظيمات مسلحة مثل جماعة جند الله، وجيش العدل.
واذا استمر الصراع رغم دعوات الزيارات المتبادلة بين الرياض وطهران فإن نيران المعارك قد تصل إلى كلا الطرفين ويخسر في معركة تتبدل بطريقة أو أخرى.