خارطة الطريق إلى الديمقراطية .. جديد مجلة آفاق سياسية

السبت 12/يوليو/2014 - 01:19 م
طباعة خارطة الطريق إلى
 
في العدد السابع "يوليو 2014"، تناولت مجلة "آفاق سياسية" الصادرة عن المركز العربي للبحوث والدراسات، عددًا من القراءات والرؤى والدراسات حول الواقع السياسي الراهن، عبر مجموعةٍ من العناوين المهمة التي تمثلت في قراءة متعمقة لخارطة الطريق إلى الديمقراطية الأصلية لـ"السيد ياسين"، وتقييم أداء الإعلام في الانتخابات الرئاسية، وتقييم أداء اللجنة العليا والتقارير المتابعة، وتحديدات الأمن القومي أمام الرئيس الجديد، والتحديات الاقتصادية التي تواجه الرئيس، ومستقبل عملية التحول الديمقراطي في ضوء الانتخابات الرئاسية.
السيد ياسين
السيد ياسين
تناول السيد ياسين المفكر الكبير ورئيس تحرير المجلة في مقدمته التي جاءت تحت عنوان "خارطة الطريق إلى الديمقراطية الأصيلة"، والتي أكد فيها على أنه سيسجل تاريخ مصر المعاصر أن الانتخابات الرئاسية التي أعلنت نتائجها في 4 يونيو والتي فاز فيها عبد الفتاح السيسي تعد أهم وأخطر انتخابات رئاسية تمت حتى الآن؛ وذلك لأنها تأتي تنفيذا لخارطة الطريق التي أعلنها المشير في 3 يونيو، ودعم القوات المسلحة إلى الانقلاب الشعبي الذي قاده حركة تمرد في 30 يونيو، والذي ترتب عليه عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي وإسقاط الحكم الديكتاتوري لجماعة الإخوان المسلمين الإرهابية.
ومما لا شك فيه أن الصعود السياسي غير المسبوق لها بعد ثورة 25 يناير ونجاحها الفائق في سرقة الثورة، مستغلة في ذلك آليات الديمقراطية، ومتجاهلة قيامها- كان البداية الحقيقية لتنفيذ المخطط الإخواني لتفكيك الدولة المصرية، وقد فشل هذا المشروع فشلا ذريعا؛ نتيجة الإفلاس الفكري للجماعة والعجز السياسي مع المؤسسات الرئاسية في الدولة "القوات المسلحة- الشرطة- القضاء"؛ وذلك لأن هذه المؤسسات منذ نشأتها في مصر الحديثة تقوم على قيم راسخة، أهمها على الإطلاق الحفاظ على الكيان الرئاسي للدولة مهما تغيرت النظم السياسية، وتضع نصب أعينها الحفاظ على ثوابت الأمن القومي المصري، وعدم المساس بالبنية الأساسية للدولة؛ ولذلك فشلت جماعة الإخوان المسلمين فشلا ذريعًا، في اقتحام هذه المؤسسات وأخونتها، وكان من الطبيعي أن تهتم وتخصص مجلة "آفاق سياسية" هذا العدد للتحليل المتعمد لهذه الانتخابات الرئاسية التاريخية من خلال ثلاثية متعمقة هي تحليل البيئة الانتخابية، ورصد التحديات التي تواجه الرئيس الجديد في مجال الأمن القومي والتحديات الاقتصادية والثقافية، بالإضافة إلى أزمة الطاقة، وأخيرا نصل لبحث دلالات النتائج من خلال استشراق مستقبل عملية التحول الديمقراطي في ضوء الانتخابات الرئاسية.
الانتخابات الرئاسية الجسر بين الشرعية الثورية والشرعية الدستورية
وفى متابعة للمشهد السياسي والوضع السياسي الراهن ومرحلة ما بعد الانتخابات الرئاسية ما بعد قيام ثورة 25 يناير 2011 وملحقها في 30 يونيو، يرى الدكتور ضياء الدين زاهر في دراسته أن الأوضاع المتردية إلى تفاقم مشكلات اجتماعية حادة، قادت إلى ظهور سلوكيات مناهضة للقيم الاجتماعية التي كانت سائدة آنذاك، وأن المشهد الانتخابي اتسم بتزايد العنف المتوارث من جماعة الإخوان الإرهابية؛ ظنا منهم أنهم سيحققون هدفهم وأنهم من الخطأ اعتبار طول الطوابير وتكدس المواطنين أمام اللجان معيارا لقياس نسبة المشاركة، حيث إنه لم يكن هناك مبرر للتكدس مع كثرة عدد اللجان عن الانتخابات السابقة وهي غياب وسائل الحشد غير الشرعية، ليختتم دراسته بالتأكيد على أن على الرئيس أن يتبنى إستراتيجية مستقبلية مصرية تقوي العمل النهضوي والتنموي وتدعم شرعية سلطة الدولة وهيبتها؛ لتحقيق الأمن بكل أبعاده، وتقوية البعد الاجتماعي، وغرس قيم الديمقراطية والشفافية، وتنفيذ مشاريع قومية حضارية.
قراءة في نتائج المحافظات الحدودية والوجه القبلي
تناول الدكتور أحمد موسى بدوي في هذه الدراسة نتائج المحافظات الحدودية والوجه القبلي وحجم الكتل التصويتية في هذه المحافظات ونسب مشاركتها في الاستفتاء على دستوري 2012 و2014 والانتخابات الرئاسية، ويكشف خلالها عن أن المحافظات التي بدأت تميل إلى دعم خارطة الطريق بعد 30 يونيو يمكن ترتيبها كالتالي وهي جنوب سيناء- أسوان- الأقصر- الوادي الجديد- البحر الأحمر- قنا- بينما تميل 6 محافظات أخرى معارضة لخارطة الطريق ورتبها كالتالي: شمال سيناء- أسيوط- بني سويف- المنيا- مرسى مطروح- الفيوم، وتبقى محافظة سوهاج في منتصف الترتيب، ويؤكد على أن الرئيس السيسي يجب أن يحافظ على رصيد الثقة التي حازها من الغالبية العظمى من المصريين، وأن يقدم رؤى إبداعية وحلولا غير تقليدية لمنع تدهور هذه الثقة.
تقييم أداء الإعلام في الانتخابات الرئاسية
وتناول الدكتور شريف درويش اللبان في هذه الدراسة تقييما لأداء الإعلام في الانتخابات الرئاسية، حيث يؤكد على أن الإنترنت كان هو كلمة السر في هذه الانتخابات (2014)، وأن القائمين على تلك الحملتين "السيسي- صباحي" أدركا أن هناك علاقة بين وسائل الإعلام الجديد ورأس المال الانتخابي، وعرفت هذه الانتخابات للمرة الأولى ما يعرف بحروب "الهشتاج"، حيث قامت حملة السيسي بتدشين "هشتاج" تحيا مصر، أما حملة صباحي فدشنت "هشتاج" هنكمل حلمنا، ولاقت الحملتان اهتماما كبيرا من المرشحين؛ نظرا لصعوبة الأوضاع الأمنية والاقتصادية، ووصلت هذه الحملات إلى درجة الألعاب الإلكترونية، حيث ظهرت لعبة سوبر سيسي، ولعبة حمدين صباح، باسم دوس على حمدين تكسب، واختتم دراسته بالتشديد على أن الانتخابات الرئاسية الأخيرة جرت بشفافية ونزاهة، ولم يعكر صفوها سوى أداء الإعلام المنحاز الذي أضر بالعملية السياسية، وأضر بالمرشح الذي انحاز له أكثر ممن وقف بجانبه، ربما عن قصد أو غير قصد، وهذا ما يستلزم وقفة جادة مع الإعلام من خلال تفعيل المواد الخاصة في الإعلام لدستور 2014 وإقرار ميثاق الشرف الإعلامي.
جدلية المدركات السياسية لخلفية الرئيس
 ويتناول بشير عبد الفتاح، في دراسته رؤية مختلفة عن جدلية الرئيس عسكري الخلفية التي اعتبرها من الأساطير العديدة التي ظلت تحلق في أبواء الانتخابات الرئاسية الأخيرة، ولكن بنظرة تحليلية علمية وموضوعية نجد أن الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي قد أنهى رسميا ونهائيا علاقته بالقوات المسلحة، وخلع ملابسه العسكرية بعد تقدم استقالته من وزارة الدفاع، وصار شخصا مدنيا، معتبرا أن الادعاء بأن غالبية الجيوش في دول العالم الثالث معزولة كليا عن الحياة المدنية والتفاعلات السياسية- أمر غير صحيح، وأن القوات المسلحة لعبت دورا محوريا في عملية التنمية وحفظ الاستقرار المجتمعي؛ مما يعزز دورها في العملية الديمقراطية.
 واختتم دراسته بأن مصر في أمس الحاجة إلى تكاتف كل القوى الوطنية والسياسية، مع الرئيس السابع عبد الفتاح السيسي؛ من أجل إرساء دعائم الجمهورية الثالثة، التي نتطلع جميعا إلى نجاتها من السقوط في براثن الدولة العسكرية أو الوقوع في فخاخ الدولة الدينية. 
تقييم أداء اللجنة العليا والتقارير المتابعة
ويتناول المستشار عبد الغفار سليمان تطور إنشاء لجنة الانتخابات الرئاسية منذ عام 2005 وحتى الآن، وما شهده مشروع قانون الانتخابات الرئاسية من خلافات حول طبيعة قرارات اللجنة، وهل تحمل الطابع الإدراي أو الطابع القضائي، مع ما يترتب على ذلك من إجازة الطعن في قراراتها أمام مجلس الدولة من عدمه.
واعتبر أن اللجنة استفادت إلى حد كبير من الأخطاء التي شابت الانتخابات والاستفتاءات السابقة، وأن من أبرز السلبيات لهذه اللجنة هي عدم التزامها بالجدول الزمني، وعدم دقة تقديرات اللجنة، والتناقض في قراراتها والتصريحات المعبرة عنها.
واختتم دراسته بالتأكيد على أن تلك السلبيات من شأنها أن لا تؤثر في نتيجة الانتخابات بأي حال من الأحوال، وتظل انتخابات 2014 مشهودا لها بالنزاهة والشفافية، ولا أحد يستطيع أن يدعي بوجود وقائع تزوير أو تلاعب في النتائج.
التحديات التي تواجه الرئيس
 تتناول الدكتورة نورهان الشيخ، في هذه الدراسة الوقوف على أبرز التحديات التي تواجه الأمن القومي المصري، من واقع تحليل رؤية مرشحي الرئاسة لقضايا السياسة الخارجية والأمن القومي، من خلال الاعتماد على برنامج حمدين صباحي واللقاءات التي أجراها الرئيس عبد الفتاح السيسي، والتقارير المختلفة في أجهزة الإعلام، وتمثلت هذه التحديات في التهديدات على الحدود المصرية، والتحديات النابعة من التغير في البيئة الإقليمية، وتأييد الحل السلمي في سوريا، وأن أمن واستقرار مصر خط أحمر، والعلاقة مع إيران ودعم القضايا الفلسطينية كدور مصر في بناء مشروع نهضوي عربي.
وأكدت على أن المشير السيسي شدد على أن مصر لن تقف مكتوفة الأيدي، ضد أي أخطار تتعلق بأمنها القومي، وأن الإرهاب على الحدود الشرقية والغربية خطر يهدد مصر، فيما رأى صباحي أن الأمن القومي المصري يشمل أمن سيناء والحدود الشرقية وحوض النيل والقرن الإفريقي، وأمن الخليج، وأمن حزام الصحراء الإفريقية؛ مما يعكس اهتمام المرشحين بقضية الأمن القومي.
التحديات الاقتصادية التي تواجه الرئيس
ويرى إبراهيم نوار في دارسته أن الأمن والاقتصاد هما أهم التحديات التي تواجه الرئيس المنتخب عبد الفتاح السيسي، وأن الحرب على الإرهاب تحتاج إلى قوات منظمة تنظيما يختلف عن تنظيمات الشرطة، من حيث التدريب والتسليح والتشكيلات والأداء وهيكل القيادة، وقواعد الاشتباك التي تختلف جوهريا في حال مواجهة الإرهاب، وأن الهدف الأسمى للأمن هو توفير الشروط المثلى للتنمية والتغيير، معتبرا أن هناك 4 إشكاليات تتمثل في الحاجة إلى تأسيسي علاقة واضحة مع الأمن، والحرية والرغبة في التنمية والحاجة إلى التوازن المالي، بالإضافة إلى تحقيق العدالة الاجتماعية والبحث عن الصيغة الملائمة للتواصل مع الشباب وتحقيق دمجهم في المجتمع، مختتما دراسته بالتأكيد على أن هذه الإشكاليات الأربع عناوين التحديات التي تواجه الرئيس عبد الفتاح السيسي، ولا بد أن يعمل على حلها من خلال الأفكار الجريئة والحوار والعمل.
ملف أزمة الطاقة 
تتناول هذه الدراسة للدكتور نبيل حنفي محمود، أزمة الطاقة وما شهده المصريون من طوابير طويلة في انتظار البنزين، والحديث عن استخدام الفحم مرة أخرى والاتهامات الموجهة من الدولة لمافيا تهريب الوقود إلى قطاع غزة، والعبث في استهلاك الطاقة الكهربائية، مقدمًا مجموعة من الحلول تتمثل في ضرورة ترشيد صارم لاستهلاك الطاقة، وتنمية مصادر الوقود الحفري وتنوعيها، والتوسع في استخدام الطاقات المتجددة، وإحياء مشروع محطة الضبعة النووية.
التحديات الثقافية وسيادة القانون
تناول صبري السعيد في هذه الدراسة الثقافة ودورها في حياة البشر، واعتبرها مدخلا لحل مشكلة الديمقراطية، وأن إعادة إنتاج الثقافة هي أبنية الحاضر، وأنها عملية متصلة لا تنقطع بغض النظر عن الزاوية التي نقيس منها مدى تطور الثقافة في لحظات الزمن، ويجب على القانون أن يحمي الثقافة من الطغيان والتحيز.
واختتم دراسته بالحديث على أنه يجب تفعيل وتدعيم الثقافة في العلاقة بين الأحزاب، وترسيخ المواطنة والمساواة أمام القانون، والانحياز للتنمية عبر الاستخدام الأمثل للمواد الوطنية، بما يحقق العدالة ووضع المصلحة الوطنية في المقام الأول.
مستقبل عملية التحول الديمقراطي في ضوء الانتخابات الرئاسية
ويتحدث نبيل عبد الفتاح في هذه الدراسة عن مستقبل عملية التحول الديمقراطي في ضوء الانتخابات الرئاسية، من خلال عدة عناصر أساسية، تتمثل في تحفظات حول المستقبل الديمقراطي، في ظل نجاح رئيس ذي خلفية عسكرية إلى سدة الرئاسة المصرية، وفق عدة اعتبارات، أهمها طابع السيولة والاضطراب السياسي الموجود حاليا وأولويات الرئيس في تحقيق الاستقرار الأمني وتحفيز الاقتصاد المصري المتأزم بالعديد من المشاكل، مشددا على أن هناك حالة من التشرزم في الحياة الحزبية المصرية القديمة والجديدة، وعجزها عن أداء الوظائف المنوطة بها في تجميع المصالح الاجتماعية والسياسية، والتعبير والدفاع عنها في ظل غياب أطر تنظيمية فاعلة في القطر الشمالية السائدة في المدن، واعتبر أن هناك إشكاليات وتحديات في عمليات التحول الديمقراطي، وأثرها يتمثل في ثورة التوقعات الاقتصادية لدى العديد من الشرائح الاجتماعية الفقيرة والوسطى، والتي تمثل ضغطا على الرئيس القادم.
ورصد في دراسته ثلاثة سيناريوهات تحدد مستقبل عملية التحول الديمقراطي في مصر، تتمثل في: 
1- سيناريو عودة النظام السابق وقواعده الاجتماعية. 
2- سيناريو استمرارية التركيبة الاجتماعية الاقتصادية، مع تغيير في الوجوه والأجيال. 
3- سيناريو تغيير واسع في وجوه الحكم ومستشاري الرئيس، مع وجوه النظام القديم في الحزب الوطني ولجنة السياسيات ومعهم بعض رجال الأعمال.
واختتم دراسته بالقول بأن هذه السيناريوهات السابقة هي المطروحة في أفق تطور عملية الانتقال من التسلطية السياسية إلى ما بعدها، ومن ثم يؤدي إلى تفكيك أجهزة التسلطية النظامية والإدارية ثم تتوجه بعد ذلك لإعادة بناء الدولة والنظام السياسي، ثم نظام قانوني داعم للحريات العامة والشخصية وحقوق الإنسان، واستيعاب طموحات الأجيال الجديدة، وقواعد اجتماعية تطمح في العدالة الاجتماعية، ولا تؤدي إلى استبعاد أو التضييق على رجال أعمال مشاركين في التنمية المستدامة، ورقابة المؤسسات التمثيلية، والإعلام والرأي العام كلها مقدمات قد تؤدي في النهاية إلى تحول ديمقراطي في المستقبل البعيد.

شارك