"دويتشه فيله": الخطاب المتطرف على مواقع التواصل الاجتماعي جزء من الواقع
الثلاثاء 23/يونيو/2015 - 04:45 م
طباعة
يزداد استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لتكون منصة للتطرف وخطاب العنف. كما تستخدمها تنظيمات إرهابية لبث دعايتها واجتذاب المقاتلين. منتدى دويتشه فيله الإعلامي يناقش الأمر ويلقي الضوء على دور وسائل الإعلام في التعامل مع خطاب التطرف.
تلعب وسائل التواصل الاجتماعي دورا هاما في ربط الشباب، بل وفي تنظيمهم وجعلهم يتحركون بفعل جماعي على أرض الواقع. وأظهرت السنوات القليلة الماضية تطورات دراماتيكية فاجأت العالم. نقطة الانطلاق لتلك التطورات كانت وسائل التواصل الاجتماعي، مثل فيسبوك. فالجميع يتذكر كيف انطلقت شرارة ثورات ما يعرف بـ"الربيع العربي"، التي بدأت كفكرة إلكترونية ثم انتقلت إلى أرض الواقع. ومن الأمثلة الأخرى احتجاجات "احتلوا وول ستريت" في نيويورك، والحركة الاحتجاجية من أجل الديمقراطية في هونغ كونغ.
استخدام مواقع التواصل لم يقتصر على تنظيم المبادرات التي قام بها مواطنون، ولكن تحولت تلك المواقع إلى أداة تستخدمها منظمات متطرفة من أجل بث دعايتها، هذا من جهة، ومن جهة أخرى باتت مواقع، مثل فيسبوك وتويتر، ساحة تجنّد من خلالها التنظيمات الجهادية مقاتلين من شتى أنحاء العالم.
هذا الأمر يوازيه أيضا ظاهرة سلبية أخرى باتت ملحوظة على مواقع التواصل، وهي الخطاب العنيف والمتطرف، والمطالبة أحيانا بقتل الخصم وإعدامه، لمجرد كونه مختلف سياسيا.
الدعاية والتجنيد
تتابع التنظيمات الإرهابية، مثل تنظيم الدولة "داعش"، استقطابها للمقاتلين المنحدرين من شتى أنحاء العالم، وذلك على الرغم من كل الجهود التي تبذلها الحكومات والمنظمات الدولية. ومن الوسائل الرئيسية التي يركز عليها التنظيم (المعروف إعلاميا بـ داعش") في استقطابهم هي وسائل التواصل الاجتماعي. ويبرع التنظيم في استخدام موقع تويتر خصوصا لبث دعايته. كما يعتمد أيضا على نشر وتوزيع مقاطع فيديو مرعبة.
فقبل عدة أسابيع مثلا صُدم الكثيرون حول العالم بفيديو يُظهر تدمير مسلحين من "داعش" لمحتويات من متحف الموصل، وفيديوهات أخرى تظهر إزالة مدينة الحضر الأثرية.
هذه الطريقة "الصادمة" التي يستخدمها تنظيم "الدولة الإسلامية" هي "استراتيجية متعمدة من أجل الحصول على اهتمام عالمي، يلفت الأنظار إليه، فيسهل عليه جذب انتباه بعض الشباب"، كما يقول باكاري ماشومو، مدير التحرير في مؤسسة مونانشي التنزانية المشارك في منتدى الإعلام العالمي الذي تنظمه مؤسسة دويتشه فيله.ا
واستغل التنظيم أحداثا هامة في العالم ليبث دعايته، هذا الأمر لاحظه المتابعون لكأس العالم في البرازيل. يومها كان التنظيم يبث تغريدات بعدة لغات عبر موقع تويتر، ويذيلها بأبرز الهاشتاغات المتداولة بخصوص كأس العالم.
وفي يونيه 2014 أطلق "داعش" مؤسسة إعلامية اسمها "الحياة ميديا" باللغة الإنكليزية، تشرف على حملة الدعاية للتنظيم، وتتضمن: عدة حسابات على موقع تويتر بمختلف اللغات، وأيضا مجلة "دابق" باللغة الإنكليزية، التي تصدر بشكل شهري. ومؤخرا أطلق التنظيم "وكالة أعماق" الإخبارية.
كل هذه الطرق في الدعاية ساهمت في اجتذاب حوالي 16 ألف مقاتل انضموا لداعش من 90 دولة، حتى نهاية عام 2014، وفق التقرير السنوي حول الإرهاب الذي تصدره الخارجية الأمريكية.
خطاب "التطرف الإلكتروني"
ومن الظواهر المقلقة أيضا ما تشهده وسائل التواصل الاجتماعي من خطاب متطرف ودعوات للعنف ضد الآخر المختلف سياسيا أو دينيا. هذا الأمر يراه فتحي أبو حطب، المدير العام لمؤسسة المصري اليوم، "يعكس الواقع، والخطاب المتطرف الموجود حاليا والذي يدعو إلى العنف هو خطاب موجود في الواقع".
ويقول أبو حطب: "هناك عنف لفظي. وهناك دعوات صريحة للعنف. كصفحة على فيسبوك أو حساب على تويتر يدعو إلى القتل أو الحرق". ويضيف "هناك عنصرية على شبكات التواصل تدعو للاضطهاد أو للتمييز ضد أقليات دينية أو ضد المرأة أو ضد غير المحجبات، هذا من جهة، وفي المقابل هناك دعوات للتمييز والعنف ضد الإسلاميين أيضا".
ومع زيادة الانقسام السياسي في العالم العربي عموما، برزت ظاهرة "الميليشيات الإلكترونية"، كما يقول فتحي أبو حطب، المشارك في منتدى الإعلام العالمي في بون. ويؤكد أبو حطب على أنه من واجب الحكومات ملاحقة تلك "الحملات المنظمة"، وهناك وسائل إلكترونية تمكّن من ملاحقتها والتصدي لها "عن طريق معرفة عنوان الآي بي (بروتوكول الإنترنت) مثلا".
وتلعب وسائل الإعلام الكبرى دورا هاما في "التصدي لخطاب العنف ويجب عليها العمل على تفكيك هذا الخطاب، من خلال الرصد، فهو مهم جدا. ثم النقاش"، برأي أبو حطب. ومن الملاحظ أن وسائل الإعلام صارت تبث وتنشر أخبارا مستقاة من وسائل التواصل الاجتماعي، و"هذا الأمر مهم في حال تعزيزه بتحقيقات استقصائية لتوضيح خطورة خطاب التطرف للناس".